شهدت الجلسة الأولى لمؤتمر "مصر وشرق أوسط متغير"، التي عُقدت بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية بالتعاون مع معهد الشرق الأوسط في واشنطن؛ بحضور عدد كبير من الباحثين المرموقين وجمع من الجالية المصرية والحضور من الأمريكيين أيضا.
وتناقش جلسات المؤتمر الثلاث القضايا التالية "التحولات الجيوسياسية والاستراتيجية في الشرق الأوسط" و"مسار الصراعات الإقليمية والتهديدات الناشئة"، و"مصر في إقليم متغير"، ويهدف المؤتمر من خلال نقاش موضوعي هادئ، إلى بناء فهم أعمق وأكثر تكاملا لواقع الإقليم.
"عكاشة": منطقة الشرق الأوسط تشهد أنماطا غير تقليدية من التهديدات
وافتتح الدكتور خالد عكاشة مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية المؤتمر، مشيرا إلى أن "المرحلة الدقيقة والخطيرة التي يمر بها إقليم الشرق الأوسط، والذي يشهد أنماطا مختلفة وغير تقليدية من التهديدات والتفاعلات الجيوسياسية والاستراتيجية، سواء على مستوى وحدات الإقليم، أو علاقاته الإقليمية، أو في علاقة الإقليم بالقوى الخارجية".
وأشار "عكاشة" إلى أن التعقيدات التي تمر بها المنطقة تهدد الأمن والاستقرار، قائلا: "إلى جانب استمرار ظاهرة الدولة المنهارة والمأزومة، والتي تكرست كجزء من تداعيات ما عُرف بالربيع العربي، والصعوبات العديدة التي لازالت تواجه مشروعات التسوية السياسية في هذه الدول وإعادة وضعها على مسار الدول الطبيعية، فإن تداعيات وتكاليف هذه الظاهرة لم تعد تقف عند الحدود السياسية لهذه الدول. ولازال هناك فاعلين إقليميين يسعون للحفاظ على هذه الحالة بل وتعميقه"ا.
واستطرد قائلا: "إن ظاهرة الإرهاب تمر أيضا بمنعطفات جديدة، فرغم هزيمة "دولة" داعش، لكن "لا يمكن بأي حال من الأحوال الادعاء بانتهاء داعش كتنظيم أو كإيديولوجيا".
وأضاف أن هناك مؤشرات عديدة تؤكد محاولة التنظيم التأقلم مع مرحلة ما بعد "الدولة"، من خلال بناء استراتيجية جديدة، تضمن له البقاء، من ناحية، وتحقيق المزيد من الانتشار على حدود الإقليم، من ناحية أخرى، على نحو يفتح المجال أمام سيناريوهات مختلفة وخطيرة لمرحلة ما بعد "دولة داعش"، من بينها زيادة حالة التماهي والتنسيق بين التنظيمات الإرهابية الكبرى في الإقليم، أو بين التنظيمات الكبرى والتنظيمات الإرهابية المحلية."
تدهور أوضاع المنطقة ضاع من خطورة التهديدات
وقال "عكاشة" إن تدهور أوضاع المنطقة، ضاعفت من خطورة واستقرار مصادر التهديد بالإقليم من خلال سياسات بعض القوى الإقليمية، التي تلعب دورا معلنا في توسيع حجم التفاعلات الصراعية بالإقليم من خلال أدوات عدة، أبرزها الاستثمار -السياسي والمالي والإعلامي- لهذه القوى في الوكلاء المحليين من الفاعلين المسلحين من غير الدول، استنادا إلى ارتباطات طائفية وإيديولوجية.
رئيس معهد الشرق الأوسط: المنطقة تعاني من البحث عن حلول من خارجها
وفي كلمته الإفتتاحية، قال بول سالم رئيس معهد الشرق الأوسط، إن المنطقة تعاني من البحث عن حلول من خارجها أو اعتمادا علي إسرائيل وإيران في حسم الصراعات في المنطقة، مشيرا إلى ضرورة وجود تحالف عربي بين مصر والسعودية على وجه الخصوص من أجل وحسم الإنقسام العربي الداخلي ودون الاعتماد علي اللايات المتحدة.
كما أشار إلي أن تركيا لاعب سياسي ولكنها تمثل إشكالية حيث أن العلاقات المتوترة معها تعمق من كثير من المشكلات، مؤكدا أن استقرار المنطقة لابد أن يشمل وجود إيران وتركيا وإسرائيل.
وقال إن الموقف الحالي في المنطقة يتطلب تعاملا مختلفا وعلى وجه الخصوص سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
عبد المنعم سعيد: تداعيات الربيع العربي جعل التركيز علي الصراع مع الإسرائيلي أقل
من حانبه قال الدكتور عبد المنعم سعيد المستشار الأكاديمي للمركز المصري، إنه بعد عقد من ثورات الربيع العربي ظهرت الدولة الفاشلة والمفككة وهناك الآلاف من القتلي والجرحي والمشردين اليوم، مما جعل التركيز أقل علي الصراع العربي-الإسرائيلي فيما صار للقوي الإقليمية تركيا وإيران وإسرائيل تدخلات "سلبية" في المنطقة.
"السعيد": استعادة الدولة الوطنية أولى خطوات بناء الدول
وأشار الدكتور سعيد إلى أن العقد الأخير شهد تغيرا هيكليا كبيرا مع الظهور القوي لقوي الإسلام الراديكالي، إلا أن تلك القوي لم يعد بإمكانها الوصول إلى السلطة لسببين الأول هو ثورة ٣٠ يونيو في مصر وتراجع دور تلك التنظيمات في مصر والمنطقة، والثاني هو استعادة الدولة الوطنية في دول مثل العراق وسوريا.