الثلاثاء 1 اكتوبر 2024

اليونسكو تحيي غدا اليوم الدولي لإلغاء الرق

تحقيقات1-12-2019 | 08:47

تحيي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" غدا اليوم الدولي لإلغاء الرق، فقد تطور الرق وتجلى بأساليب مختلفة عبر التاريخ. وفي وقتنا هذا، ما زالت بعض أشكال الرق التقليدية القديمة قائمة على نحو ما كانت عليه في الماضي، وتحول بعض منها إلى أشكال جديدة.


وتوثق التقارير التي كتبتها هيئات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، استمرار وجود الأشكال القديمة من الرق المجسدة في المعتقدات والأعراف التقليدية، ونتجت هذه الأشكال من الرق عن التمييز القائم منذ عهد طويل ضد أكثر الفئات استضعافا في المجتمعات مثل : أولئك الذين ينظر إليهم على أنهم من طبقة اجتماعية دنيا، والأقليات القبلية والسكان الأصليين.


وتبين البحوث التي تجريها منظمة العمل الدولية أن العمل القسري يمثل مشكلة عالمية، ولا يوجد أي بلد محصن ضدها. وقد تكون الأزمنة والحقائق تغيرت ولكن الجوهر الأساسي للرق ظل قائما. وإلى جانب الأشكال التقليدية من العمل القسري مثل السخرة والعمل لسداد الدين. كما يوجد الآن مزيد من الأشكال المعاصرة للعمل القسري مثل العمال المهاجرين الذي جرى الإتجار بهم بغرض الاستغلال الاقتصادي بجميع أنواعه في الاقتصاد العالمي مثل : العمل في مجالات الاستعباد المنزلي، وصناعة البناء، وصناعة الأغذية والملابس، والقطاع الزراعي، والدعارة القسرية، وعمل الأطفال.


ويمثل اليوم الدولي لإلغاء الرق 2 ديسمبر، تاريخ اعتماد الجمعية العامة لاتفاقية الأمم المتحدة لقمع الإتجار بالأشخاص واستغلال بغاء الغير قرار 317(IV) في 2 ديسمبر 1949. وينصب التركيز في هذا اليوم على القضاء على أشكال الرق المعاصرة مثل الإتجار بالأشخاص والاستغلال الجنسي وأسوأ أشكال عمل الأطفال والزواج القسري والتجنيد القسري للأطفال لاستخدامهم في النزاعات المسلحة.


إن العبودية ليست مجرد بقايا تاريخية. وفقا لمنظمة العمل الدولية، فإن أكثر من 40 مليون شخص في جميع أنحاء العالم هم ضحايا للرق الحديث. وعلى الرغم من أن الاسترقاق الحديث غير معرف في القانون، فإنه يستخدم كمصطلح شامل يشمل ممارسات من قبيل العمل الجبري، واستعباد المدين، والزواج القسري، والإتجار بالبشر. وهي تشير أساسا إلى حالات الاستغلال التي لا يمكن للشخص أن يرفضها أو يغادرها بسبب التهديدات والعنف والإكراه والخداع و/ أو إساءة استعمال السلطة. وبالإضافة إلى ذلك، يتعرض أكثر من 150 مليون طفل لعمل الأطفال، وهو ما يمثل قرابة 1 من كل 10 أطفال في جميع أنحاء العالم.


وقد أظهرت دراسة أعدتها مجموعة منظمات عالمية، خاصة بما أسمته "العبودية العصرية"، وهي أشكال متنوعة من الاستغلال حول العالم، أرقاما ضخمة لضحايا العبودية العصرية حول العالم. والدراسة التي أجرتها مؤسسة "ووك فري" العالمية للبحوث، ومنظمة الهجرة الدولية، ومنظمة العمل الدولية أظهرت أنه يوجد أكثر من 40 مليون ضحية للعبودية العصرية، وذلك بخصوص مؤشرات الرق لعام 2018. وأشار التقرير إلى نحو 71% من العبيد هم من النساء والفتيات، والباقي من الذكور، حيث بلغ عدد المتزوجات بالإكراه 15.4 مليون امرأة، وعدد العاملين قسرا 24.9 مليون شخص، بموجب العبودية الحديثة.


وعرفت المنظمات العبودية العصرية بأنها عدم قدرة الأفراد على مواجهة العوامل التي تؤدي لتعرضهم للاستغلال مثل التهديدات، والعنف، والإكراه، والخداع، واستغلال الطاقات الجسدية.


وتظهر العبودية العصرية في مجالات متعددة حول العالم: أبرزها، تصنيع الملابس الجاهزة، والتعدين، والزراعة، وصيد الأسماك. وعلى سبيل المثال، يمكن مشاهدة حالات العبودية العصرية في مجال صيد الأسماك في تايلاند، وقطاع المعادن في كوريا الشمالية، وإنتاج الكاكاو في كوت ديفوار، ومزارع المواشي في البرازيل، فضلا عن منازل الدبلوماسيين في استراليا، ومجال غسيل السيارات في بريطانيا.


وجاء في التقرير أيضا، أن أكثر من 400 ألف شخص في الولايات المتحدة يعيشون في ظل "عبودية حديثة"، ونحو 136 ألفا آخرين يعيشون في بريطانيا. وأكد التقرير أن الولايات المتحدة تسهم في زيادة أعداد المستعبدين في العالم عبر الاستيراد الكبير لبعض المنتجات التي يخضع عمالها للعمل القسري في عدة مناطق من العالم. وذكر أمثلة عن المنتجات التي تساهم في العبودية الحديثة أثناء إنتاجها كالفحم الحجري والقطن والخشب. وأشار التقرير إلى أن عدد المستعبدين في العالم ازداد بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة في عدة دول مثل كوريا الشمالية والولايات المتحدة وأستراليا وفرنسا.


وقال "أندرو فورست" مؤسس مؤسسة "ووك فري" العالمية للبحوث، إن هذه الأرقام صادمة وتدفع إلى التفكير بأهمية حل هذه القضية على المستوى العالمي. وأضاف فورست، أن ثلث الضحايا أي حوالي 15 مليون شخص يعيشون العبودية كنتيجة للزواج القسري، وما يصحبه من استغلال جنسي ومالي. وأوصى كذلك بأهمية جعل الزواج القسري وخاصة للقاصرات غير قانوني من أجل حماية الفتيات والنساء من العبودية.


وذكر فورست أنه لا يوجد حل سريع لهذه المشكلة ولكن يجب على الحكومات والمستهلكين على حد سواء إدراك مدى تأثير سلوكهم في الموضوع إذا كانوا يريدون حقا المساهمة في معالجة هذه الظاهرة غير المقبولة.. وتشمل العبودية العصرية أيضا "العمل قسرا" و"الإجبار على الزواج" و"الاستغلال الجسدي".


وتأتي القارة الأفريقية في المقدمة من حيث معدلات العبودية العصرية، حيث تبلغ 7.6 بالألف، تليها منطقة آسيا والمحيط الهادي بمعدل 6.1 بالألف، ثم أوروبا وآسيا الوسطى بنسبة 3.9 بالألف، تليها الدول العربية بـ 3.3 بالألف، ثم أمريكا الشمالية والجنوبية بمعدل 1.9 بالألف.


وتضم منطقة آسيا والمحيط الهادي أفقر الدول حول العالم، كما أنها تعد من أكثر المناطق التي تنتشر فيها العبودية العصرية بكثافة، حيث تبلغ أعداد العبيد العصريين فيها حوالي 25 مليون شخص، ما يعادل 62% من إجمالي عدد العبيد في أرجاء العالم.


وتأتي الدول العشر الأكثر انتشارا للرق الحديث وهي كل من: كوريا الشمالية ، حيث تستحوذ على أعلى معدل من العبودية الحديثة في العالم، بحوالي 2.6 مليون يعيشون في عبودية، ويجبر معظمهم على العمل من أجل الدولة، وتأتي بعدها أفغانستان، باكستان، إريتريا، بورندي، جمهورية أفريقيا الوسطى، موريتانيا، جنوب السودان، كمبوديا، وإيران في المقدمة من حيث الانتشار، في حين تعتبر أعداد العبيد هي الأعلى في دول ذات كثافة سكانية عالية مثل الهند، الصين، وباكستان.


وتشير التوقعات إلى أن أعداد العبيد الجدد في أفريقيا حوالي 9 ملايين و240 ألفا، ما يعادل 23% من إجمالي أعداد العبيد حول العالم. وتنتشر العبودية العصرية على وجه الخصوص في كل من أريتريا، بوروندي، وجمهورية أفريقيا الوسطى.


أما في القارتين الأمريكيتين الشمالية والجنوبية، فتشير التوقعات إلى أنها تحتوي على مليوني شخص من العبيد العصريين، ما معدله حوالي 5% من إجمالي العدد حول العالم. وتنتشر بكثافة في كل من فنزويلا، والدومينيكان، بينما تأتي الولايات المتحدة، والبرازيل، والمكسيك في المراتب الأولى من حيث أعداد العبيد.


وفي أوروبا وآسيا الوسطى، تبلغ أعداد العبيد العصريين حوالي 3.5 مليون فرد، ما يعادل 9% من إجمالي العدد حول العالم. وتأتي كل من بيلاروسيا، وتركمانستان، ومقدونيا في المراتب الأولى من حيث نسب انتشار العبودية العصرية.


أما في الدول العربية.. فتبلغ أعداد العبيد بالمفهوم العصري حوالي 529 ألف فرد، بمعدل 1% من إجمالي عدد العبيد حول العالم. وينتشر العبيد في 11 دولة عربية أبرزها سوريا، اليمن، السودان، موريتانيا، .. حيث يخضع 67% منهم للعمل بالإكراه، ونحو 33% للزواج جبرا. ومن جانب آخر، تحتضن الدول التي تعاني من حروب ونزاعات مثل سوريا، العراق، اليمن، ما معدله حوالي 76% من إجمالي أعداد العبيد في الدول العربية.


وفي الوقت نفسه.. كشفت تقارير الأمم المتحدة، أن هناك 5.4 ضحايا للرق الحديث لكل 1000 شخص في العالم؛ وأن واحدا من بين كل 4 ضحايا للرق الحديث هم من الأطفال؛ وأن من بين الـ 24.9 مليون شخص المحاصرين في العمل الجبري، يتم استغلال 16 مليون شخص في القطاع الخاص مثل العمل المنزلي أو البناء أو الزراعة؛ و 4.8 مليون شخص في الاستغلال الجنسي القسري؛ و 4 ملايين شخص في السخرة التي تفرضها سلطات الدولة. وتتأثر النساء والفتيات بصورة غير متناسبة بالعمل الجبري، إذ يمثلن 99 % من الضحايا في صناعة الجنس التجاري، و 58 % في القطاعات الأخرى.


وذكر التقرير أنه لا يوجد سوى معلومات محدودة تم تجميعها على الصعيد العالمي حول الإتجار بالأشخاص بغرض إزالة الأعضاء، فمن الممكن الحصول على بعض المعلومات من خلال النظر في الإحصاءات الأوسع حول عمليات زرع الأعضاء، حيث تم إجراء 126.670 عملية زراعة أعضاء صلبة في جميع أنحاء العالم عام 2015.


وتقدر منظمة الصحة العالمية بشكل متحفظ أن تجارة الأعضاء غير المشروعة تشكل حوالي 10% من نشاط زرع الأعضاء على المستوى العالمي. وكذلك تقدر إيرادات الإتجار غير المشروع بما يتراوح بين 840 مليون دولار أمريكي و 1.7 مليار دولار أمريكي.

وقد تم توثيق تجارة الأعضاء في السوق السوداء في بلدان متنوعة مثل الهند وباكستان وكوسوفو والفلبين. ومن المؤكد أن المتجرين والوسطاء عديمي الضمير يستهدفون الفئات الضعيفة، بما في ذلك المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين أثناء التنقل.

ويمثل الفقر والفساد عاملان أساسيان في الإتجار بالأعضاء. ويتخلى البائعون عن أعضائهم بدافع الضرورة الاقتصادية، وبالنسبة لمعظم المشترين، الذين ربما كانوا ينتظرون قوائم زرع مشروعة لعدة أشهر، عادة ما يدفعهم اليأس والإحباط إلى ارتكاب الفعل غير القانوني.

ففي بعض أجزاء الهند، يستخدم الفقراء كليتهم كضمان لمقرضي الأموال. وقد قام الباحثون بتوثيق حالات الكلى التي يتم الحصول عليها من منطقة "حزام الكلى" في جنوب الهند والتي تباع للعملاء في سريلانكا ودول الخليج والمملكة المتحدة وأمريكا.

وتستقبل الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وكندا واستراليا والمملكة المتحدة أعضاء من معظم الدول النامية في العالم، بما في ذلك الهند والصين والفلبين وباكستان. وتميل عمليات زرع الأعضاء بشكل أكبر في البلدان الغنية بسبب ظروفها الاقتصادية وقدراتها التكنولوجية الأفضل. وبيع الأعضاء غير قانوني في العديد من البلدان النامية، باستثناء إيران التي يسمح فيها بالتبرع المدفوع ولكن يتم تنظيمها بشكل صارم.

أما بخصوص تجنيد الأطفال من قبل القوات المسلحة، فتشير التقارير إلى أنه يرتبط استخدام الأطفال في النزاعات المسلحة بشكل واضح ومباشر بالإتجار بالأطفال وبيعهم، وبالتالي فهو معترف به عالميا كشكل من أشكال العبودية الحديثة. ونظرا للطبيعة الخفية لهذه الجريمة، جادل العلماء في الماضي بأن "العدد الإجمالي للجنود الأطفال في كل بلد، ناهيك عن الرقم العالمي، ليس معروفا. ومن الشروط الأساسية الواضحة التي يتم التغاضي عنها في كثير من الأحيان لإشراك الأطفال في النزاعات المسلحة وجود ومدى الصراع في جميع أنحاء العالم. أي عندما تستمر النزاعات إلى جانب وجود جماعات مسلحة مفتوحة لمشاركة الأطفال، فلا يزال هناك جنود أطفال. وبالإضافة إلى ذلك، فإن التعقيد غير العادي المحيط بالصراعات الحالية في العالم قد ساهم في زيادة عدد الأطفال المعرضين للخطر.

إلى جانب تلك الشروط الضرورية، قد يتورط الأطفال في النزاعات المسلحة لمجموعة من الأسباب المترابطة. فبعض العوامل المحددة التي تؤثر على تورط الأطفال في النزاع تشمل الأمن المادي والغذائي، وشبكات الأسرة والأقران (قد يتأثر الأطفال بشكل كبير بالشبكات الموجودة من قبل) والحوافز المالية، والإكراه، الوضع، والهوية الثقافية والدينية.

وعلى الرغم من عدم وجود تقديرات موثوقة حول عدد الأطفال المشاركين في النزاعات المسلحة، فإن الأمم المتحدة تقدم بعض المعلومات عن الحالات الموثقة للأطفال المتورطين في نزاع مسلح. ففي عام 2016، كان هناك ما لا يقل عن 4000 حالة من حالات تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاعات المسلحة من قبل القوات الحكومية، وأكثر من 11500 حالة من قبل الجماعات المسلحة من غير الدول، لا سيما في أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وهذا يعكس الحالات المسجلة في أفغانستان وجمهورية أفريقيا الوسطى وكولومبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والعراق ولبنان وليبيا ومالي وميانمار ونيجيريا والصومال والسودان وسوريا والفلبين.

ويشير التقرير إلى أن 7 دول من مجموعة الدول العشرين الصناعية الكبرى بالعالم فقط اتخذت إجراءات فعلية لمكافحة تجارة الرقيق والعبودية الحديثة. في حين استوردت بلدان تلك المجموعة ما قيمته 200 مليار دولار في شكل منتجات صناعية وملبوسات تأتي من عمال وعاملات يرزحون تحت نير العبودية الحديثة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وكانت منظمة العمل الدولية قد اعتمدت بروتوكولا جديدا ملزما قانونا يهدف إلى تعزيز الجهود العالمية للقضاء على العمل الجبري، التي دخلت حيز النفاذ في نوفمبر 2016. وهدفت حملة خمسين للحرية إلى إقناع 50 دولة على الأقل بالتصديق على بروتوكول العمل الجبري عام 2018.