وجه رئيس حكومة
تصريف الأعمال في لبنان سعد الحريري، نداء للمتظاهرين بضرورة التزام سلمية الاحتجاج
وعدم الاعتداء على الجيش والقوى الأمنية، فيما لم يشهد موقف الكتل النيابية التي شاركت
في القسم الأول (الصباحي) من المشاورات النيابية التي يجريها رئيس الوزراء المكلف حسان
دياب، ثمة مفاجآت، حيث أعلن تيار المستقبل عدم المشاركة في الحكومة الجديدة.
وانحصرت مواقف
الكتل النيابية التي شاركت في الجلسة الصباحية للاستشارات النيابية لتأليف الحكومة
الجديدة، في موقفين أساسيين بين تأكيد الدعم من القوى السياسية التي نجحت في تكليف
الدكتور حسان دياب برئاسة الوزراء (قوى الثامن من آذار وفي مقدمتها حزب الله وحركة
أمل) ومطالبتهم إياه بالعمل على مكافحة الفساد وتحقيق النهوض الاقتصادي، فيما دعت الكتل
النيابية من الجهة الأخرى (فريق 14 آذار) إلى تشكيل حكومة إنقاذ مصغرة قوامها وزراء
تكنوقراط من المستقلين سياسيا.
وكان رئيس الوزراء
المكلف قد استهل المشاورات النيابية، بلقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري والذي قال إنه
بحث مع "دياب" في الإطار الحكومي من حيث العدد وتوزع الحقائب الوزارية والبرنامج،
لاسيما فيما يتعلق بمحاربة الفساد والنهوض الاقتصادي والمالي، معربا عن تطلعه أن تتمثل
جميع الشرائح البرلمانية في الحكومة وأن يكون هناك ممثلون عن الانتفاضة الشعبية.
من جانبه، قال
الحريري عقب اللقاء مع رئيس الوزراء المكلف، إن حق التظاهر والاحتجاج مكفول للجميع
شريطة التزام الطرق السلمية وحدها، مشددا على أن الجيش وجهاز قوى الأمن الداخلي هما
لجميع اللبنانيين.
وأضاف الحريري
تعقيبا على أحداث العنف والمصادمات التي وقعت بالأمس بين المتظاهرين والقوى الأمنية
والعسكرية: "نحن حينما استشهد رفيق الحريري لم نلق بحجر واحد على أحد.. تذكروا
هذا الشيء جيدا، ومن يريد أن يعبر عن مشاعره أو غضبه فليتفضل وهذا حقه، ولكن ما أطلبه
من الجميع التزام التعبير السلمي عن المواقف وعدم التعرض للجيش وقوى الأمن".
من جهته، وصف رئيس
الوزراء السابق تمام سلام الوضع في لبنان بأنه "غير مريح".. مشيرا إلى أن
المصادمات والمواجهات التي شهدها لبنان بالأمس (الاشتباكات بين الرافضين لتولي حسان
دياب رئاسة الوزراء مع الجيش والأمن) لا تجوز على وجه الإطلاق.
وأعرب سلام عن
تطلعه لنجاح جهود إيقاف التدهور الاقتصادي وسوء الإدارة للبلاد، والوصول إلى حكومة
تكون قادرة وعلى مستوى ما يتمناه اللبنانيون، مؤكدا أنه لا يزال يتمسك بموقفه أن عملية
تكليف "دياب" جرت في ضوء تدبير أعد مسبقا من جانب قوى سياسية بعينها، لافتا
إلى أنه من جهته لا يعرقل عملية التأليف الحكومي.
من ناحيته، دعا
نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، إلى تغليب المصلحة الوطنية، مشيرا إلى أنه أخبر
رئيس الوزراء المكلف بأن قضية محاربة الفساد يجب أن تكون مسألة أساسية لدى الحكومة
المقبلة.
من جهته، أكد النائب
أنور الخليل أن كتلة التنمية والتحرير (الكتلة النيابية لحركة أمل) أخبرت رئيس الوزراء
المكلف أنها ليست لديها أي مطالب خاصة في الحكومة الجديدة، وأنهم أخبروه بضرورة العمل
على تشكيل حكومة "طوارىء اقتصادية" لتجاوز الأزمة الخانقة التي تشكل خطورة
بالغة على لبنان، وأن تكون حكومة جامعة من كل الأطراف السياسية وكذلك "الحراك
الشعبي" والعمل على مكافحة الفساد.
من جانبه، أكد
النائب سمير الجسر أن الكتلة النيابية لتيار المستقبل، أبلغت رئيس الوزراء المكلف أنها
لن تشارك في الحكومة سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وأنها حثته على أن يكون التأليف
الحكومي من الاختصاصيين (تكنوقراط) المستقلين عن الأحزاب والقوى السياسية على نحو من
شأنه أن يعيد بناء جسور ثقة بين الناس والسلطة، مشددا على أن تيار المستقبل لا يعرقل
تشكيل الحكومة مطلقا.
وقال الجسر:
"طلبنا أن يُسرع في التشكيل الحكومي لأن البلاد لا تتحمل المزيد من الوقت في ظل
التدهور الراهن، لاسيما وأنها ستكون حكومة مدعومة من لون سياسي واحد، على غرار عملية
تكليفه برئاسة الوزراء والتي كانت أيضا من فريق واحد، ومن ثم فليس هناك من سبب لتأخير
عملية التأليف الحكومي، لأن هذا التأخير يكون عادة في الحكومات الائتلافية التي تضم
قوى سياسية متباينة".
من ناحيته، ذكر
النائب محمد رعد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة (الكتلة النيابية لحزب الله) أنهم لم يطرحوا
أي جديد على رئيس الوزراء المكلف، وأنهم تحدثوا عن "عناصر نجاح الحكومة الجديدة"
عبر التمثيل السياسي الواسع لتحقيق الإنجاز.
وأضاف رعد:
"الحكومة المقبلة ليست حكومة مواجهة، ولا حكومة تحد لأحد، ولن تكون حكومة لون
سياسي واحد".. مشيرا إلى أنها يجب أن تستجيب لأوجاع المواطنين اللبنانيين، والعمل
على معالجة الفقر ومكافحة الفساد.
من جهته، قال النائب
نقولا نحاس عن كتلة الوسط المستقل (الكتلة النيابية لتيار العزم برئاسة رئيس الحكومة
الأسبق نجيب ميقاتي) إنهم طالبوا رئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومة مصغرة قدر الإمكان
من فريق عمل وزاري متخصص ومستقلين يكون بإمكانهم تحقيق الإصلاحات الأساسية اللازمة
لإنقاذ لبنان وفق جدول زمني محدد، وتستطيع أن تستعيد ثقة المواطن اللبناني.
من ناحيته، قال
النائب أسعد حردان عن الكتلة النيابية للحزب السوري القومي الاجتماعي، إنهم طالبوا
بحكومة طوارىء اقتصادية معيشية للتعامل مع الأزمات المالية والاقتصادية التي يشهدها
للبنان، وأن تكون قادرة على إعطاء "إشارات إيجابية" للشعب اللبناني ومن ثم
استعادة ثقة المواطنين في الدولة.
من جانبه، أكد
النائب سامي الجميل رئيس الكتلة النيابية لحزب الكتائب اللبنانية، أن هناك "هوة
وقطيعة كاملة" بين الشعب اللبناني المنتفض والقوى السياسية، الأمر الذي يتطلب
إجراء انتخابات نيابية مبكرة.
وقال الجميل:
"حينما انتفض اللبنانيون لم يطالبوا برحيل سعد الحريري وحده، وإنما كافة الطبقة
السياسية الحاكمة، وهو الأمر الذي لا يتحقق إلا عبر انتخابات نيابية مبكرة"..
مشيرا إلى أن نواب الحزب يرفضون المسار السياسي الراهن الذي يقوم على "منطق المحاصصة
والتسويات والغرف المغلقة" على حد تعبيره.
من جهته، ذكر النائب
جهاد الصمد عن كتلة اللقاء التشاوري (نواب الطائفة السُنّية حلفاء حزب الله) أنهم طالبوا
رئيس الوزراء المكلف بتشكيل حكومة إنقاذ تستعيد ثقة اللبنانيين، مشيرا إلى أنه في حالة
تشكيل حكومة من "لون سياسي واحد" فإنهم لن يمنحوا الثقة النيابية للحكومة.
وتستمر استشارات
تشكيل الحكومة الجديدة التي يجريها رئيس الوزراء المكلف حسان دياب مع أعضاء المجلس
النيابي من الكتل النيابية والنواب المستقلين، حتى مساء اليوم.
ويقوم رئيس الوزراء
المكلف بموجب هذه الاستشارات - والتي لا تحمل صفة الإلزام له خلال عملية تشكيله للحكومة
الجديدة، على عكس الاستشارات النيابية الملزمة لتسميته رئيسا للوزراء – باستطلاع آراء
النواب والوقوف على مطالبهم في شأن مسار تشكيل الحكومة الجديدة وآليات التمثيل الوزاري
داخلها وجدول أعمالها والأولويات الحكومية التي ينبغي أن تُتبع.