الجمعة 27 سبتمبر 2024

معركة «الثلاثاء الكبير» تُشعل الانتخابات الأمريكية في السباق نحو البيت الأبيض

3-3-2020 | 09:39

يتوجه الناخبون الأمريكيون اليوم الثلاثاء إلى صناديق الاقتراع للمشاركة فيما يُعرف بـ"الثلاثاء الكبير"، الذي يشكل الاختبار الحقيقي الأول لقدرة المرشح الديمقراطي الذي يطمح للفوز بماراثون التنافس على رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم الآمال العريضة لمعركة الثلاثاء الثالث من مارس، إلا أنها لن تبقى الأخيرة الحاكمة لهوية المنافس الديمقراطي في مواجهة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب. 


وشهدت ولاية ساوث كارولاينا، المحطة الرابعة والمهمة من الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين، زخماً تنافسياً بعد فوز جو بايدن نائب الرئيس السابق بفارق كبير عن سائر منافسيه، فيما انسحب الملياردير الديمقراطي توم ستاير بعد نتائج مخيبة للآمال.


جاء فوز بايدن، بمساندة قوية من الناخبين السود، لينعش آماله بالتقدم بقوة في الانتخابات التمهيدية، في طريق السباق الرئاسي، بعد 3 هزائم متتالية في ولايات آيوا ونيوهامشير ونيفادا، حيث حل فيها الرابع ثم الخامس ثم الثاني على الترتيب.


وحصل نائب الرئيس الأمريكي السابق على نحو 49% من أصوات الناخبين في ساوث كارولاينا، بفارق كبير عن أقرب منافسيه السيناتور الاشتراكي بيرني ساندرز الذي حصل على 20%، بينما جاء الملياردير توم ستاير ثالثاً بـ11%، وبعده العمدة بيت بوتيجيج بـ8%، ثم السيناتور إليزابيث وارن في المركز الخامس بـ7%، بينما تراجعت إيمي كلوباتشر إلى المركز السادس بحصولها على 3% فقط من الأصوات.


وبذلك تلقى بايدن دفعة قوية قبيل انتخابات اليوم "الثلاثاء الكبير" التي تشهدها 14 ولاية، حيث حصل من خلال فوزه في ساوث كارولاينا على أصوات 33 مندوباً، بينما لم يحصل ساندرز إلا على نحو 11 صوتاً من المندوبين الذين سوف يختارون المرشح الديمقراطي المنتظر أن ينافس المرشح الجمهوري وهو الأرجح الرئيس دونالد ترمب.


ويحتاج المتنافس على ترشيح الحزب الديمقراطي لتأييد أغلبية لا تقل عن 1991 من بين 3979 مندوبا من كافة الولايات لاختيار مرشح الحزب.


نبذة تاريخية


تعود تسمية "الثلاثاء الكبير" إلى عام 1976 حين حاولت الولايات زيادة نفوذها في التأثير على عملية الترشيح، وكان أحد الأساليب هو إنشاء كتل جغرافية لتشجيع المرشحين لمنصب الرئاسة على تنظيم حملاتهم، وتمضية بعض الوقت في تلك الولايات. 


ووفقاً لخبراء في الشأن الأمريكي، فإن "الثلاثاء الكبير" جاء نتيجة رغبة الديمقراطيين خلال عقد الثمانينيات في ترشيح مرشح أكثر اعتدالاً، ولذا رشحوا عام 1984 والتر مونديل، لكنه هُزم أمام الرئيس رونالد ريجان، وفي انتخابات عام 1988، نقل الحزب الديمقراطي في الولايات الجنوبية الانتخابات التمهيدية بشكل جماعي إلى شهر مارس، ورشح الديمقراطيون مايكل دوكاكيس حاكم ولاية ماساتشوستس آنذاك، ولكنه خسر أمام المرشح الجمهوري جورج بوش (الأب).


وفي الآونة الحالية بات "الثلاثاء الكبير" أكثر تنوعاً جغرافياً، لذا تسعى كل ولاية لأن تكون لها الكلمة في السباق الرئاسي نحو عملية صنع القرار.


ووفقاً لتقارير غربية، ثمة أكثر من ثُلث المندوبين في المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي يعملون للفوز بـ "الثلاثاء الكبير"، والنتائج التي يحققها المرشحون فيه ستحدد إلى حد كبير هوية المرشح الذي يمكنه إقناع جمهور الحزب بالشخصية التي ستمثله في مواجهة ترمب. 


ذلك أن الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية التي أجريت في ولايات آيوا ونيوهامبشير ونيفادا، وساوث كارولينا، لم تشكل مؤشراً حقيقياً لتحديد الخاسرين والرابحين لدى الديمقراطيين، لا سيما أن عددهم ما زال كبيراً نسبياً، إذ يستمر في حلبة المنافسة 8 مرشحين يخوضون الماراثون.


واليوم ستجري الانتخابات التمهيدية في 14 ولاية أمريكية، لاختيار ما مجموعه 1357 مندوباً، وتشمل ولايات آلاباما وأركنساس وكولورادو وماساتشوستس ومينيسوتا ونورث كارولينا وأوكلاهوما وتينيسي وتكساس ويوتاه وفيرمونت وفيرجينيا، ومعها إقليم ساموا في المحيط الهادي.


تعود أهمية "الثلاثاء الكبير" هذا العام إلى أن نتائج الانتخابات ستؤدي إلى تحديد 34% من المندوبين لمؤتمر الحزب العام دفعة واحدة، وذلك بعد انضمام ولاية كاليفورنيا، أكبر ولاية أمريكية من حيث عدد السكان، إلى الولايات التي ستشهد انتخاباتها اليوم.


فرص ساندرز وبايدن وبلومبرج


يسعى بايدن بعد فوزه الكبير في ساوث كارولاينا، إلى مواصلة الانتصار في منافسات "الثلاثاء الكبير" وخاصة أمام غريمه الملياردير مايك بلومبرج رغم عدم مشاركته في المحطات السابقة من الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين.


ويتطلع بايدن للفوز بأصوات الناخبين السود في ولايات: ألاباما وأركانساس وفيرجينيا، واستفاد بايدن من تحالفه السابق مع الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في ساوث كارولاينا، وسيكون الاختبار الحقيقي لبايدن اليوم، في الانتخابات التمهيدية التي ستجري في 14 ولاية، ما بين السواحل الشرقية والغربية للولايات المتحدة، ومنها ولايات لها تمثيل كبير من المندوبين مثل كاليفورنيا وتكساس، والتي قد تحمل في مجملها ثلث عدد المندوبين.


وتضع الاستطلاعات الأمريكية الأخيرة في كاليفورنيا بيرني ساندرز، السيناتور عن فرمونت الذي يصف نفسه بأنه اشتراكي، في الصدارة بنسبة 30 في المائة تقريباً، قبل المعتدل جو بايدن والسيناتورة إليزابيث وارن اللذين يتقاربان في النتائج.


ويرى مراقبون أمريكيون أن الخروج بتوقعات دقيقة للمرشح الفائز لمواجهة ترامب، أمر صعب لأن هامش الخطأ يبقى كبيراً والأصوات متقلبة نظراً لارتفاع عدد من لم يحسموا موقفهم بعد، فضلاً عن أن نظام التصويت القائم على النسبية مع قدرة إقصاء من يحصل على نسبة أدنى من 15 في المائة من الأصوات، يساهم أيضاً في خلط الأوراق.


يبقى القول إنه في ظل التنافس الشديد بين المرشحين، من الصعوبة بمكان التكهن بأن ثمة احتمالات أن مرشحا أو اثنين سيتمكنان من تخطي عتبة الـ15 في المائة، ما سيمنح ساندرز العدد الأكبر من المندوبين في كاليفورنيا، ومن ثم تظل الفرص قائمة أمام أبرز المرشحين بايدن وساندرز وبلومبرج للفوز بمواجهة المرشح الجمهوري ترامب.