الأربعاء 26 يونيو 2024

الأمين العام لمجمع البحوث والدراسات الإسلامية محيى الدين عفيفي: الازهر براء من فكر التفجير

19-4-2017 | 14:20

 

حوار: رحاب فوزى

لا تظلموا الإسلام ولا تتركوه عرضة للهجوم بسبب متطرفين لا يمثلونه هكذا ناشد الدكتور محى الدين عفيفى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، مؤكدًا أن الإسلام بريء من هؤلاء ومن الفكر التفجير ولكن المشكلة أن الفتوى أصبحت مهنة من لا مهنة له

هل يمكن تقنين الفتوى؟ ولما يحدث تضارب بين الأزهر ودار الإفتاء؟

بالطبع يمكن تقنين الفتوى، وأتفق تماما مع ضرورة تقنينها وذلك لقطع الطريق أمام المتربصين، والأزهر يتفق مع أهمية الأمر، لأن هناك من يستغل الموروث الثقافى لمصر لمصالح شخصية، وغيرصحيح ما يشاع حول وجود تضارب فى الفتاوى بين مؤسسة الأزهر ومجمع البحوث الإسلامية ودار الإفتاء، لأن جميعهم فى نسيج واحد، والأمر ليس مفتوحا للاجتهاد.

كيف يمكن إعداد «مفتي» بطريقة صحيحة؟

الطرق نفسها موجودة ومعروفة، فالمؤهلات العلمية للقائمين على الفتوى تشمل ضرورة دراسة مقررات وأصول الفقه الإسلامي، واللجنة الرئيسية تضم حوالى ستين أستاذا جامعيا فى كليات الدعوة والشريعة والفقه أيضا، ويتم العمل فى الإدارات الفرعية واللجان فى المحافظات، ونعمل على تدريب بعض الوعاظ للتعامل مع قضايا المجتمع الحديث المختلفة، والأمور الفقهية التى يمكن أن تستجد.

هل للمجمع دور فى هذه الأمور؟

هناك قضايا شائكة تأتينا عن طريق المحاكم وتعرض على مجمع البحوث الإسلامية، ويخرج بها رأى رسمى بعد مباحثات كبار العلماء، واللجان والإدارات فى المحافظات لا تكون مؤهلة للبت فيها، ولكن توجد إدارة فتوى مختصة فى وزارة الأوقاف، كذلك توجد إدارات.

ما رأيك فيما يحدث من تفجيرات تحت تأثير فتاوى فقهية؟

دار الإفتاء والأزهر ووزارة الأوقاف كلهم براء من الأعمال الإرهابية التى تحدث تحت ستار الدين، وهناك جرائم قتل وتفجير تحدث باسم الفتوى، وهذا يلزم بضرورة نشر الوعى فى كل المحافظات والقرى، وعمل الإدارات الفرعية للفتوى مكمل للجنة الرئيسية, وليس كل واعظ مؤهلا للفتوى.

هل يمكن أن يكون بينهم من ينتسب للأزهر بشكل ما؟

وزارة الأوقاف تستعين بأكثر من ٤٠٠٠ واعظ فى المساجد لتستكمل بهم العجز فى عدد الأئمة، والأزهر يدرس بالفعل إنشاء أكاديمية لتدريب الأئمة والوعاظ من خريجى الأزهر ومن يتخرج من هذه الأكاديمية يكون مصرحا له بالفتوى، لأن الممارسين لعمل الفتوى حاليا يتم تأهيلهم من خلال برامج تدريبية حديثة ودورات نوعية فى مجال الدعوة، وستعتمد الأكاديمية خريجيها الجدد والقدامى من خلال دورات تدريبية واستصدار شهادات موثقة يتم بموجبها العمل فى الفتوى.

هل يصلح الواعظ للفتاوى؟

ليس كل واعظ مؤهلا للفتوى لأن هناك تفاصيل دقيقة تختص بالأئمة ولابد من تدريب الوعاظ عليها قبل العمل بالفتاوى، والأزهر يتعاون مع الأوقاف فى العمل بالمساجد.

لماذا يتزايد الخلاف حول التعامل مع الآخر؟

بعض الناس للأسف يظن أن الإسلام ينفى الآخر، وهذا كلام غير صحيح الإسلام يحترم الآخر ويقر بحقه فى اعتناق أى دين واعتناق أى مذهب واعتناق أى فكر، شريطة المحافظة على النسيج العام للمجتمع، وبالتالى أى خطر يهدد سلامة المجتمع غير مقبول، وهذا يقودنا للحديث عن الحرية التى أقرها الإسلام وهى الحرية المسئولة، والتى تحترم حق الغير فى التعبير عن الآراء، وتقف عند حدود الغير، حينما تبدأ حرية الغير، وبالتالى هناك حرية العقيدة، فلا إكراه فى الدين كما ورد فى كتاب الله الكريم «وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر»، الإسلام يوفر الحرية لأى إنسان فى اعتناق أى عقيدة طالما لا يهدد سلامة وأمن المجتمع.

بعض المتشددين يشيعون أن المجتمع لا يستقيم إلا بأن يكون كله مسلما؟

لو أراد لجعل كل الناس مسلمين، ولو شاء لجعلهم أمة واحدة، إذن الاختلاف قانون إلهى فى كل شىء، فى التفكير والدين أيضا.

لكن حينما تضيق الآفاق وحين لا يفهم معنى الدين يحكم بالإعدام المعنوى والمادى على المخالف.

كيف نستطيع أن نضع قواعد للعصر الحالي؟

الأهم هو أن نفهم أهمية التعاون المشترك بين الأديان، فليس هناك ما يمنع من احترام الغير، بل إن الإسلام على مر التاريخ أعطى المثل الأعلى فى ذلك، ففى عهد الخلفاء الراشدين أو من جاء من بعدهم أمير أو خليفة أو وال أو حاكم كان من جملة من يختصون بالمهام فى عهدهم غير مسلمين، وعلى سبيل المثال مكث المسلمون فى الأندلس سبعة قرون، وكان بين المسئولين غير مسلمين، إذن الإسلام يحترم الآخر، ويقر التعاون المشترك بين المسلمين وغير المسلمين فى إطار الضوابط الإسلامية، حتى التعامل بما يندرج تحت المسمى المجتمعى والأحوال الشخصية بدليل إباحة الزواج من غير المسلمة لعل إشارة القرآن الكريم للنصارى تؤكد على نظرة الإسلام للديانات الأخرى.

كيف يمكن توجيه الناس بصورة صحيحة فى وجود كثير من الفتاوى؟

للأسف الشديد أصبحت الدعوة الآن مهنة من لا مهنة له، بمعنى أنها أصبحت وسيلة للتكسب خاصة فى البرامج وغير ذلك، وأقصد هنا غير المتخصصين الذين يقتحمون المجال ومن لا يملك الأهلية بدعوى أن لغته حديثة، ويتحول الأمر إلى مسألة أداء مصحوب بالتقنيات الحديثة، والتركيز على فترات معينة ومستوى معين وشريحة مجتمعية معينة، ويصاحب ذلك زخم ودعاية إعلامية، ونحن نعيش حالة من التناقض على مستوى الخطاب الدينى أو على مستوى الفتوى، أصبح هناك للأسف برامج على الموبايل كنوع من البزنس للفتاوى يحاط بهالة معينة كنوع من الديكور واستكمال المشهد.

ما هى الخطوات التى يمكن أن نتخذها لصد هذه الأمور؟

الأمر يتم عن طريق منع غير المتخصصين من اقتحام مجالات الفتاوى والإلقاء فى الدين, ويصرح فقط للمعتمدين من الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية، كما أن هناك أصواتا تنادى بتجريم ارتداء الزى الأزهرى لغير خريجى الأزهر، لأن المشاهد العادى حين يرى من يرتدى زى الأزهر يعتقد أنه خريج من الأزهر، ولأن هذا نوع من التدليس يلجأ له البعض لأن الصورة الذهنية والموروث الثقافى لدى الناس أن من يرتدى الزى الأزهرى يكون من علماء الأزهر، ولكن بسبب عدم وضع عقوبة وشروط وضوابط للزى سبب الأمر مشكلة كبيرة تهدد أمن وسلامة المجتمع، لأن التفجير والتكفير يتم باسم الدين، ويقال لهم لو نجوت ستكون من الفائزين، ولو قتلت تكون من الشهداء، ويدغدغون عقول الشباب بحور العين وغير ذلك.

هل ساعد الإعلام فى الأمر؟

الزخم الموجود فى الفضائيات أفسد عقول الشباب والعوام، واختزل الدين فى الحلال والحرام والجنة والنار بعيدا عن قضايا العمل والإنتاج والإخلاص والرحمة والمودة، وأصبح الدين كمن يملك له صكوك الغفران كأنه حصل على وكالة حصرية من الله، علما بأن الله قال «إن أكرمكم عند الله أتقاكم»، ولا يستطيع أى شخص على وجه الأرض أن يتكهن بنهايته، لذلك كان من دعاء الرسول «اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلبى على دينك».