الإثنين 25 نوفمبر 2024

فن

أثرية تعرض تاريخ إنشاء "القاهرة" عبر العصور وتطورها المعماري منذ 1051 عاما

  • 4-7-2020 | 10:37

طباعة

تحتفل محافظة القاهرة بعد غد بعيدها القومي الذي يوافق ذكرى مرور 1051 عاما على إنشائها على يد القائد جوهر الصقلبي فى السادس من يوليو عام 969 م بأمر من الخليفة المعز لدين الله الفاطمي ، وهي العاصمة الرابعة لمصر منذ الفتح الإسلامي لها على يد عمرو بن العاص.


وعن تاريخ إنشاء القاهرة، قالت الباحثة الأثرية نادية عبد الفتاح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم إن حكاية مدينة القاهرة بدأت بعد قضاء الفاطميين على الدولة الإخشيدية،حيث فكر جوهر الصقلي في بناء عاصمة جديدة للخليفة الفاطمي المعز لدين الله ، الذي كان لايزال يقيم في بلاد المغرب ، تمهيدا لانتقاله إلى مصر.


واضافت أنه فى شهر المحرم سنة 358 هـ - 968م جمع المعز لدين الله الفاطمى نحو الف فارس اغلبهم من القبائل البربرية ومن الصقالبه، وأعطى المعز، لجوهر الصقلبى تفويضا كاملا بسلطاته العسكرية والسياسية والمالية، حيث اعد الجيش بعناية فائقة.


وتابعت قائلة إن جوهر الصقلبي خرج على رأس الجيش الفاطمى يوم السبت 14 ربيع الاول 358 هـ / 696 م ، وتسلم مصر يوم 17 شعبان 358 هـ - 969 م، مؤكدة ان الجيش الفاطمى لم يواجه اى مقاومة حقيقية.


واشارت الى ما كتبه المؤرخ المقريزى عن جيش المعز ، والذي قال " إنه لم يطأ الأرض بعد جيش الاسكندر اكثر عددا من جيوش المعز "، ولم يكن دخول الفاطميين مصر مجرد احلال دولة بدولة اخرى بل كان نقلة كاملة من الناحية الدينية والثقافية والاجتماعية .


وأوضحت أن اول عمل قام به جوهر الصقلبى، بعد دخوله مصر ، هو وضع اسس مدينة جديدة لتكون مدينة ملكية وعاصمة للدولة التى تضم معظم الاراضى الاسلامية، حيث اختار مكانا يقع فى منطقة رملية تقع فى الشمال الشرقي من مدينة القطائع. مضيفة أن تلك المنطقة لم يكن بها سوى بستان الاخشيد والمعروف ببستان كافور، ودير للمسيحيين يسمى بدير العظام، وهو موقع جامع الاقمر الان، وحصن صغير يعرف بقصر الشوك والذى بنى على أنقاضه قصر صغير سمى ايضا بقصر الشوك.


وأشارت الى ان جوهر الصقلبي بدأ بناء المدينة ببناء القصر الكبير، والذى أعده لاستقبال الخليفه المعز لدين الله وفى اليوم الذى خط فيه جوهر القاهرة اتخذت كل قبيلة من القبائل التى تكون منها جيشه خطة لتستقر بها، نسبت اليها فيما بعد، ومن ثم احاطها بالاسوار والابواب المحصنة كباب النصر وباب الفتوح وباب زويلة.


وقالت الباحثة الأثرية نادية عبد الفتاح إن القاهرة عرفت في البداية باسم (المنصورية)، تيمنا بمدينة المنصورية التى انشأها المنصور بالله والد المعز، ولكن ما أن وصل المعز الى مصر عام 362 هـ حتى حول اسمها من المنصورية الى القاهرة، وكالعادة وقتذاك ارتبطت القصة بالمنجمين ونبؤاتهم حيث قيل انها قد بنيت وقت ظهور كوكب المريخ، والذى كان يدعى حينها القاهر.


وعن القاهرة في العصر الأيوبي ، اوضحت الأثرية نادية عبد الفتاح أن السلطان صلاح الدين حكم مصر من (دار الوزارة) بالجمالية ، ومكانها حالياً مدرسه قراسنقر وخانقاه بيبرس الجاشنكير ، حيث جعل منها مقرا للحكم، وبنى القلعة وأحاط عواصم مصر جميعاً ( الفسطاط – العسكر – القطائع – القاهرة ) بسور واحد وذلك لرد هجمات الصلبيين وكان هذا الاسلوب الشائع فى الشام،مؤكدة عدم حدوث تطور كبير فى تخطيط شوارع القاهرة خلال العصر الايوبى عما كان عليه فى العصر الفاطمى.


وبالنسبة للعصر المملوكي ،أشارت عبدالفتاح الى انه تم إنشاء شارع الجمالية وهو من اشهر الشوارع الأثرية بالقاهرة وله اسماء محلية منها ( شارع باب النصر او شارع وكالة الصابون – شارع حبس الرحبة – شارع بيت المال – شارع احمد باشا طاهر – شارع المشهد الحسيني) ، ويرجع اسم الشارع بالجمالية الى الأمير جمال الدين محمود الأستادار منشئ مدرسة الجمالية فى عصر السلطان برقوق أول سلاطين المماليك الشراكسة .


واضافت أن هذا الشارع كان طريقا رئيسيا للقوافل المسافرة إلى السويس وإلى دمياط عبر باب النصر ، وقد وفد على شارع الجمالية فى أواخر القرن الـ 18 شوام سكنوا فى هذا الحي وأنشأوا به معاصر للزيت (سرج) ومعامل للصابون ، ويضم شارع الجمالية مجموعة من الآثار المهمة المسجلة وغير المسجلة.


وحول مدينة القاهرة في العصر العثماني ،أكدت أن العصر العثماني شهد تحولا اجتماعيا وحراكا سكنيا ناتجاً عن النمو الإقتصادي والحرفي لشارع المعز، وكان هذا التحول الإجتماعي، متمثلا في إنتقال مساكن الأمراء والطبقة الحاكمة والطبقة المتوسطة (العلماء وكبار التجار) من القاهرة والمناطق المحيطة بالقلعة إلى شواطئ بركة الفيل والأحياء الواقعة في البر الغربي للخليج.


وأوضحت أنه على الرغم من تحول القاهرة في العصر العثماني من عاصمة للخلافة ومقر للحكم إلى مدينة رئيسية لإحدى الولايات العثمانية، فإنها واصلت نموها التجاري، وكانت مركزا محوريا في التجارة العثمانية الداخلية. وتابعت قائلة إن كل هذه العوامل ساعدت على نمو المناطق التجارية بالشارع الأعظم (المعز)، واتسعت الوكالات التجارية من 58 وكالة في العصر المملوكي إلى 360 وكالة في العصر العثماني.


ولفتت الى أهم الأنشطة التجارية في تلك الفترة، وكانت تجارة الأقمشة في سوق الغوري والفحامين، أما منطقة الصاغة فهي المكان الذي يشتغلون فيها بأعمال المعادن الثمينة، وتجارة البن الدولية التي حلت في القرن17م والتي كانت موزعة على 62 وكالة وخان وسط الشارع الأعظم (المعز).


وأشارت الأثرية نادية عبد الفتاح الى أن القاهرة في عصر محمد علي اشتهرت بالقصور الرائعة التي شارك في بنائها مجموعة من الفنانين والمتخصصين والعمال المهرة من فرنسا وإيطاليا وكان يشترط عملهم هو تعيين أربعة من المصريين لكل فنان أو خبير أجنبي يعملون معهم ليتعلموا منهم المهنة، ومن أشهر قصور تلك الفترة (الجوهرة ، القبة، الحرم، الأزبكية، شبرا، النيل) .


وحول تاريخ القاهرة في عهد الخديو إسماعيل ، اوضحت أنه عندما تولى اسماعيل باشا عرش مصر عام 1863،كانت القاهرة تمتد من القلعة عند سفح المقطم شرقا، وتنتهي حدودها الغربية عند مدافن الأزبكية وميدان العتبة والمناصرة التي يفصلها عن النيل مجموعة من البرك والمستنقعات والمقابر والتلال مما جعل إسماعيل باشا يفكر في ثورة عمرانية لهذا فكر في إعادة تخطيط وإنشاء القاهرة الجديدة.


وقالت عبدالفتاح "عندما سمع الخديو إسماعيل وصف كتاب الغرب للقاهرة بقولهم (خير لك أن تسمع عن القاهرة من أن تراها وأنها عاصمة البعوض ويعيش زائرها طوال العام تحت ناموسية) أثار حماسه، ورد عليهم بقوله " إن القاهرة ستكون قطعة من أوروبا وسوف تكون أجمل من باريس".


واضافت أن إسماعيل وضع تخطيط القاهرة الجديدة لتكون أجمل من مدن أوروبا فأطلق مفكرو الغرب عليها باريس الشرق لإرتباط تخطيطها بالتخطيط الجديد لباريس والذي، وضعه صديقه المهندس الفرنسي "هاوسمان" وكان إسماعيل شغوفا بالهندسة المعمارية، لذا طلب شخصيا من الأمبراطور "نابليون الثالث" أن يقوم "هاوسمان"بتخطيط مدينة القاهرة ، وقد إستغرق إعداد وتصميم القاهرة الجديدة خمس سنوات وكان يُمثل أحد المهام والمشروعات الكبرى بالنسبة للإمكانيات في ذلك الوقت.


وأشارت إلى أنه في عام 1872م إفتتح الخديو إسماعيل شارع محمد علي "القلعة" فيما بين ميدان باب الحديد والقلعة على خط مستقيم، كما شق شارع "كلوت بك" وافتتحه عام 1875م، وأنشأ دار الأوبرا وكوبري قصر النيل (كوبري الخديو إسماعيل)، وكوبري أبو العلا ليصلا القاهرة بجزيرة الزمالك والجيزة .


وأوضحت أن إختراع وسائل النقل الحديثة كان له أثر كبير في نمو ضواحي القاهرة ، وأصبحت بعض الأحياء تقع حول وسط المدينة مثل حي التوفيقية والفجالة وجاردن سيتي، والتي تم تعميرها جميعا فيما بعد كامتداد لمنطقة وسط المدينة، وعلى العكس فإن هناك أحياء لم تنم إلا بعد إنشاء خط سكة حديد كوبري الليمون عام 1889-1890م مثل أحياء حدائق الزيتون والمطرية وعين شمس لربط تلك الأحياء بميدان محطة مصر ،وتكررت هذه الظاهرة مع الترام الذي أُدخل عام 1896م ليربط بين العتبة والعباسية، ثم ربط بين شبرا والقاهرة بالترام عام 1903م.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة