وجّه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، انتقادا مباشرا لموقف الثنائي الشيعي (حركة أمل وحزب الله) بالإصرار على الاحتفاظ بوزارة المالية في الحكومة اللبنانية الجديدة على نحو يُعطل تشكيلها، داعيا رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب إلى التقيد بالدستور فقط، والمضي قدما في تأليف الحكومة التي ينتظرها الشعب اللبناني والمجتمع الدولي.
وتساءل بطريرك الموارنة - في كلمة له خلال قداس عظة الأحد – "بأي صفة تطالب طائفة بوزارة معينة كأنها ملك لها وتعطل تأليف الحكومة حتى الحصول على مبتغاها، وهي بذلك تتسبب بشلل سياسي وأضرار اقتصادية ومالية ومعيشية.. أين أصبح اتفاق القوى السياسية من أجل الإصلاح بتشكيل حكومة إنقاذ مصغرة – وزراء اختصاصيون مستقلون ذوو خبرة سياسية - المداورة في الحقائب الوزارية".
وأكد أن الدستور اللبناني ينص صراحة على أن تكون وظائف الفئة الأولى في الدولة ومن بينها الوزارات، مناصفة بين المسلمين والمسيحيين دون تخصيص أي منها لأية طائفة مع التقيد بمبدأي الاختصاص والكفاءة. مضيفا: " هل عُدل هذا الأمر، أم يُفرض فرضا بقوة ما أو استقواء؟.. هذا غير مقبول في نظامنا اللبناني الديمقراطي التنوعي".
وشدد البطريرك الماروني على أن الدستور اللبناني لا يجيز احتكار حقيبة وزارية، وأنه يرفض التخصيص والاحتكار من منطلق دستوري وليس طائفيا. متابعا: "الرفض ليس موجها ضد طائفة معينة، بل ضد بدعة تنقض مفهوم المساواة بين الوزارات وبين الطوائف وتمس بالشراكة الوطنية بهدف تثبيت هيمنة فئة مستقوية على دولة فاقدة القرار الوطني السيادي".
وطالب البطريرك من رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب بعدم الخضوع لشروط ولا للتأخير وألا يعتذر عن عدم استكمال مهمته في تشكيل الحكومة، مشددا على أن تحمل المسئولية في الظرف المصيري هو الموقف الوطني الشجاع.
وجدد البطريرك الماروني الطرح الذي كان أعلنه منذ أسابيع، بضرورة حياد لبنان عن التحالف والنزاعات والحروب الإقليمية والدولية، والعمل على تمكين الدولة من ممارسة سيادتها على كامل أراضيها بقواتها المسلحة دون سواها والدفاع عن نفسها بوجه كل اعتداء خارجي، ومن ممارسة سياستها الخارجية.
وتواجه عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة عقبة كبيرة تتمثل في إصرار حركة أمل وحزب الله على الاحتفاظ بوزارة المالية في الحكومة التي كُلف مصطفى أديب بترؤسها وتشكيلها، وذلك عبر تسمية الثنائي للوزير الذي سيشغل الحقيبة، إلى جانب المشاركة في تسمية ممثليهما في الحكومة من خلال تقديم لائحة أسماء لـ "أديب" ليختار منها وزراء الطائفة الشيعية.
وفي المقابل، يتمسك رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب بمبدأ "المداورة" في الحقائب السيادية والأساسية والخدمية بين مختلف الطوائف، إلى جانب تشكيل حكومة مصغرة من الاختصاصيين (الخبراء) المستقلين عن القوى والتيارات والأحزاب السياسية.
وكان القادة والزعماء السياسيون اللبنانيون قد تعهدوا أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار بيروت أول شهر سبتمبر الحالي، أن تتشكل الحكومة الجديدة للبلاد برئاسة "أديب" في غضون فترة وجيزة لا تتجاوز 15 يوما، وأن تتألف هذه الحكومة من وزراء يتسمون بالكفاءة، وأن تحظى بدعم كافة القوى السياسية اللبنانية، إلى جانب موافقتهم على "خريطة الطريق" الفرنسية المقترحة لإنقاذ لبنان والتي تتضمن المداورة في كافة الوزارات وعدم استئثار أي طائفة بأي حقيبة وزارية.