الثلاثاء 18 يونيو 2024

سناء السعيد تكتب: ملحمة لا تُنسى... بددت أهداف إسرائيل

تحقيقات7-10-2020 | 21:46

حلت بالأمس السادس من أكتوبر الذكرى السابعة والأربعون لحرب أكتوبر المجيدة في ١٩٧٣ والتي تستدعى معها الرئيس البطل محمد أنور السادات الذى أقدم على اتخاذ قرار مصيري ألا وهو قرار الحرب ضد الكيان الصهيوني الغاصب، فكان أن قاد السادات مصر إلى أول انتصار عسكري باهر على إسرائيل استحق معه بجدارة اللقب الذي أطلق عليه وهو بطل الحرب والسلام دون منازع. ولقد كان لانتصاره في هذه الحرب وقع المفاجأة في المنطقة والعالم أجمع. حيث كان لانتصار أكتوبر انعكاسات وضاءة بالنسبة لمصر في الداخل والخارج معا.


فى لندن تحديدا حيث كنت أقيم بها وقتئذ سادت موجة فرح غامرة شعر بها كل مصري في عاصمة الضباب.


 يومها تفقدت رأي ساسة بريطانيا حولها وكان من بينهم اللورد” كارينجتون” وزير الدفاع البريطاني وقتئذ الذي كان مبهوراً بالإنجاز حيث ظهر الرئيس السادات قامة كبرى يتمتع بثقل سياسي وعسكري ، فهو الزعيم الذي فرض نفسه كسياسي محترف، عركته التجربة وسطعت كفاءته في إدارة شئون مصر. أخذ كل شيء على عاتقه وسيطر على عجلة الأحداث الدائرة في الشرق الأوسط. وكان أن فاجأ العالم بشخصيته القوية وحنكته السياسية عندما اتخذ قرار الحرب في أكتوبر ٧٣ .


حالفني الحظ لأجري مع الرئيس السادات أول لقاء لهيئة الإذاعة البريطانية في ٧٤ ليجيب عن أسئلتي في تؤدة وعمق وإيمان أصيل لا يتزعزع. يومها تحدث عن إنجازات حرب أكتوبر والتي تجلت في الوحدة العربية، فالتكاتف على الصعيد العربى كان يعنى وحدة الموقف في أجمل معانيها وهو ما قاله لي السادات يومها:( لقد حدثت المعجزة بتكاتف الأشقاء العرب في وقت الشدة فواجهنا مصيرنا معاً. كانت وحدة موقف أصيلة اتحدت فيها كلمة العرب لأول مرة منذ عقود). إنها حرب أكتوبر التي شكلت علامة فارقة في تاريخ المنطقة وسجلت بحروف من ذهب معارك جسورة خاضتها القوات المسلحة المصرية مع القوات السورية. إنها الحرب التي قالت عنها “ جولدا مائير”رئيسة وزراء إسرائيل وقتئذ: (ليس هناك شك من الوجهة الاستراتيجية والسياسية في أن مصر قد كسبت الحرب).، وقال عنها “ موشى ديان” وزير الدفاع: ( إن حرب أكتوبر كانت بمثابة زلزال تعرضت له إسرائيل، وأن ما حدث في هذه الحرب قد أزال الغبار عن العيون وأظهر لنا ما لم نكن نراه قبلها، وأدى كل ذلك إلى تغيير عقلية القادة الإسرائيليين).، وقال عنها “ أبا إيبان” وزير الخارجية: ( لا شك أن العرب خرجوا من الحرب منتصرين.

 بينما نحن من ناحية الصورة والاحساس قد خرجنا ممزقين وضعفاء). وهكذا شهد شاهد من أهلها، فهؤلاء حكام إسرائيل في تلك الفترة، وقد جاءت شهادتهم لتوثق ما الذي كانت تعنيه حرب أكتوبر ٧٣ بالنسبة لمصر والعرب وبالنسبة لإسرائيل.


إنها معركة أكتوبر الرائعة التي ما زالت تشكل وميض ضوء على الطريق، فلقد كانت نقطة تحول في تاريخ مصر والأمة العربية والعالم أجمع. وهو ما أكده لى الرئيس السادات عندما قال:( لعل أعظم تقدير لهذه المعركة المجيدة هو استلهام معانيها لكي نحرز في مجالات العمل الوطني ما أحرزناه من نجاح في العمل العسكري ). ولا شك أنه بحرب أكتوبر تحطمت أساطير كثيرة، فتحت وقع الأداء الرائع لجيش مصر العظيم الذي يؤمن بمصر وعروبة مصر وبكل أهداف الكفاح العربي أمكنه من خلال ما حققه في حرب أكتوبر من تصحيح وقائع نكبة ٥ يونيو ٦٧ . وفي معرض تعقيب الرئيس السادات حول ما حققته حرب أكتوبر من أهداف قال لى: ( كان الهدف من العبور العظيم في ٦ أكتوبر ٧٣ هو تحدي نظرية الأمن الإسرائيلى وقهرها، وإمعاناً في إثبات فشلها ، وهي النظرية التي كانت تقتضي ألا تحارب إسرائيل على جبهة واحدة وإنما تشتت الجهد العربي بالانتقال من جبهة إلى أخرى معتمدة على أن العالم العربي مشتت. كما أن النظرية كانت تعتمد على نقل المعركة أيضاً خارج أرض إسرائيل وخارج حدودها ، وتعتمد أيضاً على أن تكون الحرب خاطفة وسريعة بحيث لا تزيد في استراتيجيتهم عن أسبوع. ولكن جاءت حرب أكتوبر لتبدد كل ذلك).


لقد صدق الرئيس السادات حيث إن حرب أكتوبر حققت المراد عندما بددت كل الأهداف الإسرائيلية وذلك عندما حارب العرب على جبهتين بعد تشكيل قيادة مشتركة بين مصر وسوريا، كما تبددت آمال إسرائيل في اعتمادها على فرقة العرب، فلأول مرة يحدث إجماع عربي في تاريخهم. ويكفي استخدام البترول على مستوى أذهل العالم إلى حد دفع بمعهد الدراسات الاستراتيجية في لندن إلى القول:( بعد استخدام العرب للقوة العسكرية وسلاح الطاقة أصبح ينظر لهم الآن بوصفهم القوة السادسة في هذا العالم). وهكذا خسرت إسرائيل الرهان على أن تكون الحرب خاطفة لا تزيد على أسبوع ، فلقد دامت المعركة سبعة عشر يوماً بشكل أثار القلق والفزع لدى الكيان الصهيوني. وهكذا تحققت لمصر كل الأهداف الاستراتيجية من هذه الحرب المشرفة التي أدت إلى ضرب أركان نظرية الأمن الإسرائيلي التي يرتكز الكيان الصهيوني عليها في وجوده وفلسفته التي وضعها “ بن جوريون” مؤسس هذا الكيان الغاصب.


إنه الرئيس السادات الذي عود العالم العربي على التخطيط لكل الاحتمالات بالحكمة. لقد حدثني عن أن الإيمان هو أول ما نتعلمه، وأن هذا راجع لارتباطنا بالأرض التي تمثل لنا الخلود. خلود الدولة وخلود تراث هذا الشعب.


 وأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح. وأتذكر الرئيس السادات عندما قال لى:( لم أكن أتصور أنني سأصل لأكون المسؤول الأول في هذا البلد. أما وقد جاءت اللحظة التى توليت فيها هذه المسؤولية ، فأنا أعمل بقدر ما أستطيع، وبقدر ما وهبني الله سبحانه وتعالى من قدرة واحتمال وإيمان). رحم الله الرمز البطل محمد أنور السادات..