الخميس 28 نوفمبر 2024

فن

الظاهر بيبرس

  • 11-10-2020 | 21:43

طباعة

يقول المؤرخ الأمريكي جأن أوستن بيرد أن أحد أهم دروس التاريخ التي تعلمها عبر أربعة عقود  مؤرخا لأحداث التاريخ:أن أبطال التاريخ لا يصنعون أنفسهم ولكن الأحداث العظيمة هي التي تصنع الأبطال.


 بيبرس رابع سلاطين الدولة المملوكية ومؤسسها الحقيقي هو أحد هؤلاء الأبطال الذين صنعتهم أحداث التاريخ، بدأ مملوكاً يباع, ويشترى وانتهى به الأمر ليصبح أحد أعظم السلاطين في العصر الإسلامي الوسيط, وقد حقق خلال حياته العديد من الانتصارات, والإنجازات .


أصله ونشأته


تذكر معظم المصادر التاريخية أنه تركي واسمه بيبرس اسم تركي مؤلف من "بي" أي أمير و"برس" أي فهد.

بيع عدة مرات حتىانتقل إلى خدمة السلطان الأيوبي الصالح نجم الدين أيوبالذي أعتقه ومنحه الإمارة فصار أميراً. 

بطولاته في معركة المنصورة


شن الصليبيون هجوماً مباغتاً على الجيش المصري مما تسبب بمقتل قائد الجيش، وارتبك الجيش إلا أنبيبرس قاد الهجوم المعاكس في تلك المعركة ضد الصليبيين، وتمكن من هزيمتهم في المنصورةالمعركة التي أسر فيها الملك الفرنسي لويس التاسع وحبسه في دار ابن لقمان.


بطولاته في عين جالوت


أرسل هولاكو رسلا لقطز يحملون كتابا فيه تهديد ووعيد إن لم يخضعوا له فعقد قطز اجتماعا مع وجهاء الدولة وعلمائها وتم الاتفاق على التوجه لقتال المغول. وقد اختلى قطز ببيبرس الذي كان أمير الأمراء واستشاره في الموضوع. فأشار عليه بأن: اقتل الرسل، وأن نذهب إلى كتبغا متضامنين. فاستصوب قطز هذا الكلام، وقام بقتل رسل المغول,وقام بتقسيم جيشه لمقدمة بقيادة بيبرس وبقية الجيش يختبئ بين التلال وفي الوديان المجاورة كقوات دعم أو لتنفيذ هجوم معاكس. فقامت مقدمة الجيش بقيادة بيبرس بهجوم سريع ثم انسحبت متظاهرة بالانهزام لسحب خيالة المغول إلى الكمين، وانطلت الحيلة على كتبغا فحمل بكل قواه على مقدمة جيش المسلمين واخترقه وبدأت المقدمة بالتراجع إلى داخل الكمين، وفي تلك الأثناء خرج قطز وبقية مشاة وفرسان الجيش وعملوا على تطويق ومحاصرة قوات كتبغا، فعندئذ استعر القتال ولم يمض كثير من الوقت حتى هزم الجيش المغولي وقتل معظمهم بمن فيهم قائدهم كتبغا، ويعد بيبرس المهندس العسكري لمعركة عين جالوت.


مقتل قطز


بعد انتصار قطز على المغول في عين جالوت، قامبتحرير باقي مدن الشام، فتحررت دمشق وحماة وحمص وأرسل بيبرس ليطرد التتار من حلب ويتسلمها ووعده بنيابتها، فلما طردهم منها وتسلمها المسلمون، وضع عليها غيره، وكان ذلك سبب الوحشة التي وقعت بينهما فقرر قتل قطز بعد عودته من معركة عين جالوت منتصرا قاصدا مصر.


وبعد قتله لقطز بويعملكا على مصر أواخر ذي القعدة سنة 658 هـ، ودخل قلعة الجبل, ولقب نفسه الملك الظاهر.


سياسته في  الداخل


 تمكن من القضاء على الاضطرابات الداخلية، وتصفية معارضيه الذين احتجوا على مقتل قطز.


كما تمكن الظاهر بيبرس أيضا من القضاء على التمردات الفاطمية في القاهرة, وبهذا انتهت جميع محاولات الفاطميين للتمرد والعودة إلى سدة الحكم.


أراد بيبرس أن يضفي إلى دولته الفتية نوعا من الشرعية عمد إلى إحياء الخلافة العباسية للمرة الثانية في القاهرة، غير أن الخلافة لم تتدخل في الشؤون المملوكية، وظلت السلطة الفعلية بيد الظاهر بيبرس, والمماليك من بعده.


اتجه بيبرس إلى تأمين وصول قواته إلى بلاد الشام بالسيطرة على كل المدن والقلاع الممتدة على الطريق بين مصر والشام وجعلها تابعة له,وتحصين الأطراف والثغور وعمارة القلاع التي خربها المغول في الشام, وأخذ يزودها بالرجال والسلاح من مصر وبعض مدن الشام القوية, وعمل على تقوية الأسطولوالجيش، وأشرف بنفسه على بناء السفن الحربية, ولم يكتف بهذا العمل، بل عمد أيضا إلى التحالف مع بعض القوى الخارجية ليتفرغ للصليبيين.


شهد عهده نهضة معمارية وتعليمية كبيرة حيث عمل على إنشاء العديد من المدارس في مصر ودمشق، ومنها المدرسة الظاهرية في دمشق, وضمت المدارس مكتبات ضخمة كالمكتبة الظاهرية، كما أنشأ جامعا عرف باسمه إلى اليوم في مدينة القاهرة وهو جامع الظاهر بيبرس والذي ما زال قائماً إلى اليوم، وتعرف المنطقة حوله باسم حي الظاهر وأنشأ مسجدا آخر أيضا باسمه في مدينة قليوب، ولا يزال المسجد موجودًا حتى الآن ويسمى الميدان الموجود فيه "ميدان بيبرس" بمدينة قليوب البلد. كما عمل بيبرس على إنشاء الجسور والقناطر والأسوار، وحفر الترع والخلجان، وأنشأ مقياسا للنيل وقام بتنظيم البريد، وبنى كثيرا من العمائر.


كما اهتم بيبرس بتجديد الجامع الأزهر فأعاد له رونقه وقام بترميمه حتى عاد له جماله ومكانته مرة أخرى، وأعاد خطبة الجمعة والدراسة إلى الجامع الأزهر، ونصب أربعة قضاة شرعيين، واحدا من كل مذهب من مذاهب السنة الأربعة بعد أن كان القضاء مقتصرا على قاضي قضاة شافعي. وفي خارج مصر قام بعدد من الإصلاحات في الحرم النبوي بالمدينة المنورة، وقام بتجديد مسجد إبراهيم في الخليل، وزار بيت المقدس وقام بتجديد ماقد تهدم من قبة الصخرة، وجدد قبة السلسلة, وغيرها الكثير من الإصلاحات في مصر والشام.


بطولاته الخارجية


أراد بيبرس معاقبة الصليبيين الذين ساعدوا المغول في عين جالوت خاصة بوهيموند السادس أمير أنطاكية، فوجه جيشا تمركز في حلب لشن غارات على أنطاكية.


بدأ بيبرس حربه بمهاجمته إقليم الجليل، فنهب الناصرة ثم شن هجوما مفاجئا على عكا وحاول اقتحام أبوابها, ولكنه لم يتمكن لحصانتها وكثرة من بها من الصليبيين, ثم نزل بقوات ضخمة إلى غزة ومن هناك إلى قيسارية ففتحها, ثم تقدم صوب يافا فدخلها بغير قتال، لأن الصليبيين فروا منها هاربين. ثم سار نحو عثليث وحررها، ثم اتجه صوب أرسوف وضرب عليها حصارا شديدا استسلمت بعده المدينة، وعاد إلى مصر، ليعاود الكرة على الصليبيين بعد انتهاء الشتاء، وبدأ عمله أوائل صيف 664 هـ. حيث بدأ بمدينة صفد, وتمكن من تحريرها، وسقطت العديد من المدن الأخرى، وبذلك تمت السيطرة على الطريق المؤدي إلى طرابلس.


نتيجة لتلك الانتصارات ضعفت معنويات الصليبيين في الشام وسارع البعض إليه يطلبون وده ورضاه.


شجع ضعف الصليبيين الظاهر بيبرس للانتقام من العناصر والدول التي ساعدت المغول في قتل المسلمين وتدمير بلادهم، خاصة بعد موت وكأن على رأس تلك الدول مملكة أرمينيا الصغرى، وذلك أن ملكهم تحالف مع المغول بشكل مباشر وأمدهم بفرقة من قواته لحرب المسلمين بالشام.


دارت معركة رهيبة في 21 ذو القعدة 664 هـ، أنزل بالأرمن هزيمة منكرة عند حصن دربساك، ثم أعقب نصره بهجوم كاسح على المدن الرئيسية في قيليقية واستولى على كل ما كانبها، واستولوا على قلعة للداوية، ثم دخلوا سيس عاصمة المملكة، وقضىبذلك على المملكة,وقد خسرت دورها في الشرق الأدنى عقب تلك الأحداث، ولم تقم لها قائمة بعد ذلك.


 كمابدأت الحملة لاسترداد أنطاكية من الصليبيين، فوصل بجيوشه إليها يوم الثلاثاء 1 رمضان 666 هـ، وهناك قسم جيوشه إلى ثلاث فرق وزعها حول المدينة ليحكم حصارها ويمنع وصول المدد إليها من البر والبحر.


 ولم يستطع الصليبيون المدافعون من المقاومة، بسبب شدة الحصار وقوة المهاجمين، ففتحت المدينة وتمكنت جيوش بيبرس من دخولها وغنموا غنائم كبيرة لا تعد ولا تحصى من الأموال والأسرى.وقد كان سقوط تلك الإمارة الصليبية حدثا مهما في تاريخ الحروب الصليبية، فقد انقطعت صلة الصليبيين في طرابلس وعكا بأرمينية الصغرى، وبذلك غدت مصالح الصليبيين في الشام مهددة بشكل مباشر وقد وافق بيبرس على الهدنة لكي يعطي قواته قسطا من الراحة، خاصة وأن فصل الشتاء قادم، ويتطلب منه العودة إلى مصر ليدير بعضا من شؤونها الداخلية.


كما حقق انتصارات عديدة على المغول، ورد هجماتهم المتتابعة على بلاده، إلى أن قضى عليهم عند بلدة أبلستين وذلك في عام 675 هـ، وبذلك حقق بيبرس ما كان يبتغيه من تأمين لجبهته الخارجية وحدود دولته.

وفاته


توفي الظاهر بيبرس يوم الخميس 27محرم676هجرية بعد حكم دام 17 سنة.


صفاته


كان بيبرس أحد الأبطال الذين تصدوا لتحديات عظيمة ساعده على التغلب عليها ما كان يتصف به بيبرس من: الشجاعة, والإقدام والدهاء والقوة، والكرم, وحب الخير, والإحسان إلى الفقراء, وإكرام العلماء وسماع نصائحهم.


وصف بأنه كان يتنقل في ممالكه فلا يكاد يشعر به عسكره إلا وهو بينهم, وقيل عنه أنه ما كان يتوقف عن شيء إلا بعد بلوغ غايته, وكان نجاحه يعتمد على تنظيمه وسرعته وشجاعته اللامتناهية.


    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة