تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، انطلقت، اليوم اﻷحد، فعاليات أسبوع القاهرة للمياه في نسخته الثالثة تحت شعار"اﻷمن المائي من أجل السلام والتنمية في المناطق القاحلة - الطريق إلى داكار 2021"، وذلك بحضور الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري، ولوي فوشون رئيس مجلس المياه العالمي، والأميرة سمية بنت الحسن، مبعوث اليونسكو للعلوم والسلام، رئيس الجمعية العلمية الملكية، المملكة الأردنية الهاشمية، وعبدولي سيني المدير التنفيذي للمنتدى التاسع للمياه والعلماء والخبراء وكبار الكتاب والإعلاميين والمهتمين بالشأن المائي، وماسيج بوبوسكي، المدير العام لسياسة الجوار والتوسع (DG NEAR) الاتحاد الأوروبي.
كما حضر الافتتاحية كل من الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، والسفيرة نبيلة مكرم عبيد وزيرة الهجرة، والدكتورة هالة حلمي السعيد وزيرة التخطيط، والفريق كامل الوزير وزير النقل، والدكتور أسامة هيكل وزير الإعلام، والسيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، واللواء خالد عبدالعال عبد الحافظ، والمهندس مهدي رشيد الحمداني- وزير الموارد المائية بدولة العراق، وماناوا بيتر جاثيوث وزير الموارد المائية والري بجنوب السودان.
المياه من أهم ركائز الأمن القومي:
وقد شارك الدكتور مصطفى مدبولي في فعاليات الأسبوع ، بكلمة عبر الفيديو كونفرانس أكد فيها على أن تحقيق الأمن المائي سيكون له بالغ الأثر في تجنيب العالم مخاطر وصراعات دولية ويسهم بشكل كبير في تحقيق السلام ويعمل على تسريع وتيرة التنمية ، كما أن أسبوع القاهرة للمياه في نسخته الثالثة يسهم بشكل كبير في تعزيز رؤية مصر 2030 على المستوى الإقليمي والدولي ، حيث وضعت الدولة هذه الرؤية بهدف جعل مصر في مصاف الدول المتقدمة عالميا من خلال مضاعفة الرقعة العمرانية والاستصلاح الزراعي ومشروعات تحلية مياه البحر ومعالجة مياه الصرف الصحي والزراعي
وأكد الدكتور مدبولي أن محور المياه من أهم ركائز الأمن القومي المصري حيث ترتبط خطط التنمية المستدامة الشاملة في جميع المجالات بقدرة الدولة على توفير الموارد المائية اللازمة لتنفيذ هذه الخطط.. منوهاً إلى سعي الدولة جاهدة للحفاظ على الموارد المائية وتعظيم الاستفادة منها، وتبني برنامجا طموحا لمضاعفة كميات المياه المحلاة لاستخدامها في قطاع مياه الشرب باستثمارات تبلغ 135 مليار جنيه حتى عام 2030، وكذلك إنشاء محطة معالجة مياه مصرف المحسمة بالإسماعيلية لتكون مشروع العام كأفضل عمل إنشائي في العالم عام 2020 تتويجا لجهود الدولة في تبني العديد من مشروعات إعادة الاستخدام والتي تساهم في سد العجز المائي الذي تعاني منه الدولة.
وأفاد الدكتور مدبولي بأن المنافسة على المياه تتصاعد على كافة المستويات عالميا، حيث يعتبر التحدي الأكبر للدول هو الموازنة بلين الإحتياجات المائية والموارد المحدودة إلى جانب التحديات المتعلقة بإدارة الموارد المحدودة على المستويين المحلي والإقليمي وأن الإخفاق في معالجة تلك التحديات سيؤثر بشكل مباشر على السلم والأمن الدولي وأن التعاون هو الطريق الأكثر أماناً وسلماً، وأن الحاجة ماسة إلى إيجاد منصة للتعاون وتبادل الآراء والمشاركة في مناقشات موضوعية للشروع في حلول عادلة ومستدامة لأن العالم يواجه تحديات تتعلق بهذا المورد الأكثر ندرة والأكثر أهمية وأصبحت تلك التحديات تثقل كاهل الحكومات خاصة في ظل التغيرات المناخية.
وأوضح أنه من الضروري أن تستخدم الحكومات على كل المستويات كافة الأدوات التي تسهم في تحقيق الأمن المائي مثل التخطيط المكاني والتخطيط الحضري والتقييم البيئي الاستراتيجي والتخطيط للتكيف مع التغيرات المناخية آخذين في الاعتبار احتياجات وأولويات القطاعات الاقتصادية المختلفة لضمان حياة كريمة مستدامة للأجيال الحالية والحفاظ على الموارد المائية للأجيال القادمة.
وأكد رئيس مجلس الوزراء حرص مصر على تعزيز التعاون معه كافة الدول في كافة المناحي مع إعطاء أولوية خاصة للتعاون مع دول حوض النيل وأفريقيا والدول العربية وكذلك حرص مصر خلال فترة رئاستها للاتحاد الإفريقي وبالمشاركة مع الأشقاء على ترسيخ مبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية حتى يتسنى اعتماد مقاربة شاملة تستهدف إرسال دعائم التنمية بالقارة وإعلاء مصالح الشعوب ويشمل ذلك تعزيز التعاون في إدارة الموارد المائية المشتركة العابرة للحدود ..
وأكد ضرورة تعزيز التعاون في إدارة الموارد المائية المشتركة بين كافة الدول ذات الموارد المائية المشتركة، بما يعود بالنفع على الجميع وفي الوقت نفسه لا يسبب أضراراً لأي من هذه الدول وذلك في إطار احترام مبادئ القانون الدولي المنظم لهذا الأمر، وهذا الأمر ينطبق على سد النهضة حيث أكد دولة رئيس مجلس الوزراء على ضرورة التوصل لاتفاق قانوني ملزم حول قواعد الملء والتشغيل للسد بما يحفظ الحقوق والمصالح المشتركة، مع عدم اتخاذ أية قرارات أحادية من شأنها التأثير سلبا على الاستقرار بالمنطقة ، وأن مصر حريصة كل الحرص على استمرار عملية التفاوض مع كل من السودان وإثيوبيا للوصول إلى ذلك الاتفاق الملزم .
وأشار الدكتور مدبولي إلى تأكيد رئيس الجمهورية في كلمته التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الى أن مصر سعت على مدار عقود الى تعزيز وتعميق أواصر التعاون مع أشقائها من دول الحوض التي ترتبط معهم بعلاقات أزلية .. وأن استمرار التعثر في المفاوضات حول سد النهضة سيكون له انعكاسات سلبية على الاستقرار والتنمية في المنطقة عامة وفي مصر بصفة خاصة، فمع إقرارنا بحق إثيوبيا في التنمية فإن مياه النيل بالنسبة لمصر مسألة حياة وقضية وجود. ودعا رئيس مجلس الوزراء السادة الخبراء والفنيين للخروج بتوصيات يمكن البناء عليها في قضايا المياه المشتركة العابرة للحدود وخاصة أن التصرفات أحادية الجانب لدول المنابع ستؤدي حتما إلى نتائج سلبية تهدد السلم العالمي، حيث نرى الكثير من دول المنابع تحاول أن تبسط هيمنتها على الأحواض المائية لكثير من الأنهار في عالمنا العربي للسيطرة على التدفقات المائية وإلحاق الضرر بدول المصب.
اتفاق عادل بشأن سد النهضة:
من جانبه، أكد الدكتور محمد عبد العاطي وزير الموارد المائية والري بأن المصريين سلكوا درب الآباء والأجداد في الحفاظ على المياه، من خلال الإدارة المتكاملة للموارد المائية والمحافظة عليها لتحقيق اهداف التنمية المستدامة بما يلبي الاحتياجات المختلفة لكل القطاعات في ظل التغيرات المناخية وغيرها من التحديات ، لافتاً بأن مصر تعتبر أكثر دول العالم جفافاً ويواجه قطاع المياه في مصر العديد من التحديات لاسيما مع تنامي الفجوة بين الطلب على المياه ومحدودية مواردنا المائية مما جعل التوازن بين الموارد والاحتياجات تحدى كبير يجب مواجهته خاصة أن الأمر لا يقتصر فقط على كمية الموارد المائية المتاحة بل وطبيعتها أيضاً حيث أن أكثر من 97% من مواردنا المائية تأتى من خارج الحدود في الوقت الذي لا يمكننا فيه التعويل علي المياه الجوفية كونها مورد غير مستدام قابل للنضوب.
وأشار الدكتور عبد العاطي إلى أنه في ظل تنامي العجز في الموارد المائية فإن الدولة تحاول تقليل الفجوة بين الموارد المائية والاحتياجات المتصاعدة من خلال إعادة تدوير المياه والذي يمثل 25% من الاستخدام الحالي ويمثل نحو 33% من الموارد المتجددة، بالإضافة إلى استيراد مياه افتراضية في صورة سلع غذائية لسد باقي العجز، بما يمثل 56% من مواردها المائية حال زراعتها في مصر
وأفاد عبد العاطي بأن التغيرات المناخية تحدياً كبيراً يتمثل في تعرض دلتا نهر النيل شمال مصر إلي التآكل نتيجة ارتفاع منسوب سطح البحر وبما يؤثر سلباً على الزراعة في شمال الدلتا نتيجة تداخل مياه البحر مع المياه الجوفية وتدهور نوعيتها وما لذلك من آثار بيئية واجتماعية واقتصادية جسيمة تتطلب اتخاذ إجراءات للتكيف والتأقلم مع التغيرات المناخية وتنفيذ خطة متكاملة لحماية دلتا النيل حيث أنها من أكثر المناطق هشاشة في العالم.
وأضاف أن التكيف مع تغير المناخ له أهمية بالغة خاصة في البيئات الهشة التي تبرز فيها تأثيرات ذلك التغير على المياه. وخلال السنوات والعقود القادمة، من المتوقع أن يفاقم تغير المناخ من مشكلات الافتقار إلى المياه العذبة. مما يعني أن المناطق الجافة ستصبح أكثر جفافاً مما ستحمل جميعاً تأثيراً مباشراً في استخدام المياه المخصصة للزراعة. لم تعد إدارة الموارد المائية شأن علمي فني فقط، لكنه أصبح أيضا شأن سياسي، وهو مرتبط بالحوكمة وبالقيم المجتمعية.
كما أشار عبد العاطي إلى تحدي الوصول إلى اتفاق عادل بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الاثيوبي، ففي الوقت الذي ندعم فيه حق اثيوبيا في التنمية والاحتياج للطاقة فإننا نطالب أن يكون هناك تفهم اثيوبي للاحتياجات المصرية من المياه التي تمثل الحياه بالنسبة لشعبها دون مبالغة، فلقد سعت مصر منذ توقيع إعلان المبادئ في 23 مارس 2015 في الخرطوم إلى التوصل الى اتفاق متكامل حول ملء وتشغيل السد يراعي شواغل الدول الثلاث، إلا أن المواقف الاثيوبية المتشددة حالت دون ذلك ويمثل التعاون المشترك ضرورة لتقليل التأثيرات السلبية على دول المصب ويمثل الملء والتشغيل الأحادي دون تنسيق مع دو المصب تحديا يسبب أضراراً كبيرة لدولتي المصب وخصوصاً أثناء فترات الجفاف والفيضان المائي.
وفي كلمتها، أكدت الأميرة سمية بنت الحسن، مبعوث اليونسكو للعلوم والسلام، رئيس الجمعية العلمية الملكية، بالمملكة الأردنية الهاشمية – أن مشاركة العلماء والخبراء والمعنيين في هذا المحفل العالمي -أسبوع القاهرة للمياه يؤكد الالتزام المطلق والمسئولية الملقاة على عاتق الجميع من أجل المضي قدما في تأمين موارد مائية مستدامة لجميع شرائح المجتمع وهي مسئولية كبيرة تحتاج إلى عمل وتشارك وجهد كبير ، وأن مخرجات الجلسات الحوارية ستؤدي إلى حلول مستدامة وزيادة منصات التواصل وإعداد برامج التوجيه الدولية لتحقيق الهدف المنشود ومواصلة السعي نحو إحداث الفرق الجوهري في حسن إدارة الموارد المائية. وفي ختام كلمتها وجهت الشكر لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على رعايته لهذا الأسبوع.
مساندة أوروبية لمصر:
وأكد ماسيج بوبوسكي المدير العام لسياسة الجوار والتوسع (DG NEAR) ، الاتحاد الأوروبي في كلمته عن آليات التعاون بين مصر والاتحاد الأوروبي فيما يخص قضايا المياه منذ البداية ، وأن مشاركة الاتحاد الأوربي في فعاليات الاسبوع يدل على مدى التزامهم بالمساهمة في تحقيق التنمية المستدامة التى تعتمد على نعمة المياه الغالية وأن مصر أكبر مثال على أهمية المياه للتنمية حيث أن حصة الفرد من المياه فيها ستقل خلال العقد القادم بحوالي 22 % نتيجة الزيادة السكانية.
وأضاف: لذا فان الاتحاد الأوروبي يتعاون مع الحكومة المصرية في مجال تحسين خدمات المياه للشعب المصري من خلال المشاركة في تنفيذ خدمات مياه الشرب والصرف الصحي وتحسين جودة المياه والاستفادة من المياه المعالجة، فمنذ عام 2007 وحتى الآن أنفق الاتحاد الاوروبي ما يقرب من 500 مليون جنيه كمنحة على قطاع المياه في مصر، حيث يتم توجيه هذه الاموال وغيرها على تنفيذ الاستراتيجية القومية للمياه في مصر من 2017 وحتى 2050، والعمل على تحسين خدمات الصرف الصحي ومياه الشرب، وتنفيذ العديد من المشروعات المائية بمصر في مختلف المحافظات وخاصة بالوجه البحري.
وقال: "نعمل فى المرحلة الثانية على تنفيذ مشروعات مشابهة بمحافظات الوجه القبلي، ولايزال ينبغي بذل مزيد من الجهد لتحقيق رفاهية الشعب المصري، وقد كشف الاتحاد الأوروبي العام الماضي عن أحد أهم أولوياته وهو الاتفاق الأخضر والذى يعمل على الحماية من التغيرات المناخية وتحييد تأثيراتها بحلول عام 2050، مما يؤثر بشكل ايجابي على قطاع المياه، وهذا لأهمية المياه لكل القطاعات وهذا ما أظهرته جائحة كورونا بشكل رئيسي.
وأكد موقف الاتحاد الأوروبي المساند لمصر فى ضرورة استمرار مفاوضات سد النهضة، مع ضرورة وضع الخلافات جانبا للوصول الى صيغة مناسبة ترضى جميع الاطراف.
التنمية المستدامة:
كما تحدث عبدولى سينى المدير التنفيذى للمنتدى التاسع للمياه، معبرا عن سعادته للمشاركة فى فعاليات الأسبوع الذى جاء تحت شعار تحت شعار" اﻷمن المائي من أجل السلام والتنمية في المناطق القاحلة - الطريق إلى داكار 2021" لما للمياه من أهمية خاصة فى الأراضى القاحلة وشبه القاحلة، وقد ظهر هذا العام أهمية المياه للتغلب على فيروس كورونا مما أوضح اهميتها للصحة العامة، مشيرا للدور الذى تلعبه المياه فى تحقيق التنمية المستدامة.
كما قال لوي فوشون – رئيس المجلس العالمي للمياه ان المجلس يشرفه أن يكون شريكًا استراتيجياً لوزارة الموارد المائية والري بجمهورية مصر العربية في أسبوع القاهرة للمياه منذ إنشائه. باعتباره علامة فارقة قيّمة على الطريق إلى المنتدى العالمي للمياه القادم، وأن الموضوع الرئيسي للمؤتمر هو "الأمن المائي من أجل السلام والتنمية في المناطق الجافة"، إنه بالفعل التحدي الحقيقي في منطقة البحر الأبيض المتوسط ، وتجربة مصر الألفية هي موضع تقدير كبير.
وأضاف أن الأمن المائي يُعرَّف بأنه القدرة على توفير الوصول إلى المياه والصرف الصحي لجميع السكان ، بكميات ونوعية مناسبتين لضمان التنمية المستدامة ، بالإضافة إلى تبني نهج “Five Fingers Alliance” لتوفير الوصول الملائم إلى المياه والصرف الصحي والطاقة والصحة والتعليم لنا جميعًا.
وأوضح أنه هدف صعب يحتاج إلى مشاركة مشتركة على جميع مستويات صنع القرار - السياسية والفنية والمجتمع المدني. وأنه يتوقع أن توفر الحلول والعروض والتجارب التي سيتم تقديمها في الجلسات المختلفة لأسبوع المياه الثالث في القاهرة بعضًا من أكثر الاستجابات فائدة للمجتمع الدولي.
يذكر أن أسبوع القاهرة للمياه، يعقد هذا العام خلال الفترة من 18-22 أكتوبر 2020 تحت شعار "الأمن المائي من أجل السلام والتنمية في المناطق القاحلة - الطريق إلى داكار 2021"، ويهدف إلى تعزيز الوعي المائي وتشجيع الابتكارات لمواجهة تحديات المياه والتعرف على التحركات العالمية والجهود المبذولة لمواجهة تلك التحديات بالإضافة إلى تحديد الأدوات الحديثة والتقنيات المستخدمة لإدارة الموارد المائية، اﻷمر الذي جعله محور دعم واهتمام ومحط أنظار كافة الخبراء والمعنيين بالمياه محلياً وإقليمياً ودولياً.