السبت 1 يونيو 2024

«كل واحد ينام على البوست اللي يريحه».. فصل جديد من كتاب «السيبراني»

فن20-10-2020 | 12:29

تنشر بوابة «الهلال اليوم» الفصل الثاني من كتاب السيبراني للكاتب أكرم القصاص، والذي يحمل عنوان "كل واحد ينام على البوست «اللي يريحه»".


مولد وصاحبه ليس غائبًا

يمكنك كمواطن عالمي أن تمتلك حسابًا على فيس بوك أو تويتر أو إنستجرام، تتابع يوتيوب وتشدك العناوين والأخبار تشارك باللايك أو التعليق أو تكتفي بالفرجة، حولك خبراء في السياسة والطب والعفاريت وعلم النفس وتربية الأطفال، والبط وعالم النبات، والثورة والأزياء والطبيخ.. قد ترى نفسك فاعلاً كبيرًا وصاحب رأي أو مجرد مواطن متواضع تريد شيئًا وتجد شيئًا آخر.. أحيانا تكتب «بوست» أو مقالا قصيرا يشد انتباه البعض بالتعليق والإعجاب، تشعر بوجودك أو تواجه أعضاء آخرين يعلقون على كلامك بشكل يكشف سوء فهم أو معارضة واختلاف غير واضح.

قد تمتلك من التواضع ما يجعلك تطرح أسئلة وتبحث عن إجابات، أما إذا كنت من هؤلاء الذين يعتبرون أنفسهم الفاهمين العالمين فسوف ترى نفسك كذلك، أمام أي كلمة تكتبها ستجد من يشاركك الهم أو الضحك أو الفكرة، أو لن تجد وتندفع في تيار يأخذك إلى حيث يريد هؤلاء الذين يصعب القول إنهم يعرفون ما يريدون.

سوف تنشغل بأي شيء لكنك كل لحظة أو دقيقة سوف تعيد التحديث بلمسة لموبايلك، يصلك بالعالم كله، بأخباره ومناقشاته وشائعاته والآراء المختلفة التي ليس لك أى قدرة على التحكم فيها أو تحديدها.. هناك المكتئب الكئيب والمتفائل المنفرج والمزدنهش المتورق الفاهم والعاكف حول ذاته.

مسكين وسعيد مواطن الإنترنت، خاضع لأكبر عمليات بث وتشيير ونشر، مثل موجات من الحر والبرد والرياح والرطوبة في وقت واحد، هو أمام الشاشة يواجه زحامًا من كل الاتجاهات، كل واحد في هذا الزحام يريد أن يشعر بالتميز، الآخرون يبثون فيه وعليه، ويشعر البعض بشعور العالم ببواطن الأمور، وظواهرها، وأن يصرخ مع الجموع «أنا هنا أنا أعرف».

 

الانسحاب الواقعي والازدواج الافتراضي

«تعبت جدًّا من ممارسة السياسة، وأفكر في الاعتزال لأن الحال غير مناسب»، لفت نظري بوست لصديق أعرفه، ومعلوماتي أنه لم يكن يومًا ممن يمارسون السياسة، ولم يسبق له الانضمام لأي حملة، وليس عضوًا في حزب أو تنظيم أو ائتلاف.. وغالبًا ما كان يسخر من كل من يفعلون ذلك، ولهذا سألته: هل تمارس السياسة من ورائنا وتعتزل من ورائنا؟ أعرف أنك لست عضوا في أى نشاط سياسى؟!

رد باندهاش: «إزاي أنت مش متابعني وعارف أنى من سنين بقيت سياسي على فيس بوك وتويتر، أنا عندي متابعين كتير وطلبات صداقة وبعمل بوستات «تهد» الدنيا، وبتاخد شير وريتويت بالعبيط». قلت له: «فعلا بالعبيط، ومن حقك تعتزل أكيد بتتعب من كتر الريتويت والشير والرد على اللايكات».

كان يحدثنى بجدية، وأنا أيضًا تذكرت مرات كثيرة كان يبدو منتشيًا تملؤه مشاعر الفخر، وهو يشير إلى حجم التفاعلات مع بوستاته وتويتاته، وتحليلاته التي ليس لها علاقة ببعضها، وذكرني بطبيب نابه في مجاله كنت أزوره في عيادته للكشف ولم يكن له أي رأي فيما يتعلق بالشأن العام، لكنه فجأة بعد 25 يناير أظهر اهتمامًا كبيرًا بالسياسة والشأن العام، وظهر نشيطًا على صفحات «فيس بوك» يكتب «بوست» كل عشر دقائق، وترشح في أول انتخابات وخسر لأنه لم يكن صاحب سوابق فيما يتعلق بالسياسة، وخرج من تجربته ناقمًا وواصل كتابة بوستات انفعالية لا تشير إلى موقف محدد.

تذكرت هذا النموذج وأنا أشاهد الفريند يفكر في اعتزال سياسة لم يمارسها، خاصة وأنني رأيت نماذج متعددة ولدت وترعرعت في عالم السوشيال ميديا، وبعضهم وقع ضحية لصيادي السياسة المتربصين ممن كانوا ينصبون شباكهم في مواقع التواصل لاصطياد أشخاص طموحين لديهم بعض الاستقرار المادي ويمكنهم الدفع للحصول على مواقع حزبية وسياسية.

طوال سنوات كان هناك نماذج لنشطاء مع كل انتخابات برلمانية أو رئاسية يطالبون بالانسحاب والمقاطعة، ولم أرهم مرة مع المشاركة في أي حاجة، أحدهم اختفى لفترة وعاد ليتحدث عن مقاطعة، فداعبته قائلا: «ماشافهومش وهما بيترشحوا شافوهم وهما بينسحبوا».

ومن السياسة للتسالي، فقد كتب صديق آخر يشكو من تراجع مستواه في لعبة كرة القدم في البلاي ستيشن، وكيف فقد قدرته على اللعب والتهديف، ولم يكن يسخر بل كان يتحدث بنفس جدية صديقنا السياسى الافتراضي الذي يريد اعتزال سياسة لم يمارسها.

كل هذا يدخل في سياقات الحالة « كأنه» التي أصبحت تفرض نفسها، وفيما يبدو أن تنبؤات المفكرين والأدباء ستتحقق ويصل الأمر لأن يتلقى الإنسأن إشارات بأنه أكل فيشعر بالشبع، ومعها كبسولة مواد حيوية، وهى حالة تسقط الحواجز بين الواقع والافتراض.

ليس هذا فقط، بل هناك حالة من الازدواجية تصيب كثيرين، فإذا بهم يعلنون على فيسهم وتويترهم آراء تتناقض مع آرائهم الشخصية، وهم من وصفتهم بحالة «أنت مش أنت على فيس بوك»، ومنهم صديق كتب «بوست» يعلن فيه تأييده بالصورة والموقف لأحد السياسيين الجدد، بينما رأيه الحقيقي على العكس، قبل أيام كان يسخر من الزعيم الافتراضي بأنه مرتزق وتافه، ولكنه على فيس بوك بين «الفريند والجمهور الافتراضي» يعلن عكس قناعاته، انتظارًا للايكات والريتويتات، وأن يبدو مختلفًا وصاحب مواقف عميقة.

 

سلطة الهاشتاج.. نلتقي بعد «اللايك»

في ظل التطورات المتسارعة والانشغالات المتتابعة، تتداخل العلاقات الحقيقية بالافتراضية، وتسود التهاني الجاهزة والمحفوظة والمجمدة.. صور جاهزة لرمضان وعيد الميلاد ورأس السنة وشم النسيم وعيد الفطر ومولد النبي.

في البدء حلت التليفونات مكان الزيارات، والرسائل القصيرة محل الاتصالات، ثم الصور الجاهزة والفيديوهات المتحركة، ويتسع نشاط الإنسان الجالس ليمارس حياته الاجتماعية من خلف شاشته وحيدًا مع وحيدين.

حتى في السياسة، أصبحت البوستات مكان النشاط السياسي، وإعلان الموقف يتم بالبوست، والهاشتاج، مع صور وتعبيرات وكوميكس ساخر أو حزين، صحيح أن مواقع التواصل هي بالفعل أدوات اتصال وإعلام، توفر الأفلام وتفتح باب المناقشات، لكنها في الأصل عوامل مساعدة، والأصل هو الممارسة السياسية والمؤتمرات والمساعي والاستطلاعات الحية، وليس مجرد الاكتفاء باللايكات أو الريتويت.. خلال سبع سنوات تطورت المشاركة السياسية مثلما تطورت المشاركة الاجتماعية، أصبحت أكثر افتراضية، واستبدل بالخطبة والبيان، البوست، وبالمؤتمر، اللايك والريتويت.

وأصبح هناك شعور لدى البعض بإمكانية تغيير الواقع على الأرض بتكثيف الهاشتاجات على تويتر، ورأينا هاشتاجات تنادي بالتظاهر أو الاعتراض، أو البقاء لسياسي أو زعيم، وهي ظاهرة نشأت مع 25 يناير في مصر، و«الربيع العربي»، ونجحت في تسهيل مظاهرات انتهت بتنحٍّ وخلع، وتطورت إلى قتل وحروب بالوكالة في سوريا وليبيا واليمن، وتراجعت قدرة أدوات التواصل على التأثير أمام تحركات على الأرض بدت أكبر من مجرد بوست فيس بوك أو هاشتاج على تويتر.

حتى هؤلاء الذين كنا نشاركهم المناقشات والحوارات حول السياسة والمستقبل، أصبحنا نتعامل معهم كما نتعامل مع العزاءات والتهاني، «لايك أو دسلايك»، وأقصى أماني السياسي الافتراضي أن يحصل بوسته على «شيرات ولايكات وقلوب حمراء» وتحصل تويتته على مئات « الريتويت» واللايك، وتحول بعض الأصدقاء إلى مجرد «فريند»، ومن خلال كل هؤلاء الأفراد المعزولين كلٌّ في مكانه، تتكون المواقف وتنتهي، ويشعر البعض بأنه أدى ما عليه تمامًا، وحتى هؤلاء الذين ليس لهم في السياسة و«دوشتها»، أصبحوا سياسيين «افتراضيين»، وأحيانًا زعماء «يملك الواحد منهم آلاف الفريندز ومئات الآلاف من الفلورز، يمارسون حالة «كأنها» سياسة، تكفى أحيانا لإرضاء الغرور.

والأمر ليس مقصورا علينا نحن، لكنه ظاهرة عالمية، حيث تتقلص نسبة المشاركة الحقيقية، وتنتشر نسبة الحالة «كأنه».

 

كل واحد ينام على البوست «اللي يريحه»

لايكاد الواحد يفلت من «مورستان» التحليلات السياسية حتى يجد نفسه أمام صورة سيلفي بخلفية الكعبة ووجه باسم للخاشع الكبير وهو يؤدي العمرة ويطلب من زملائه أن يرسلوا له الدعوات المطلوبة لأنفسهم ومن يحبون على واتس آب، ليدعو لهم بالاسم، ويرفع لافتة عليها أسماء ناس دعا لهم عند الكعبة، ويبدو لافتًا أن المعتمر وجد وقتًا ليتصور سيلفي ويؤكد لأصدقائه أنه يعيش حالة من الخشوع الفائق والشعور بالإيمان العميق في خشوع العمرة.

ما إن تنتهى لتقلب في بوستات الفريندز حتى تجد «فريند» رابعًا يختلف في موقفه وآرائه عن السابق، ولا يقل عنه ثقة بالنفس وشعور بالـ»عمق» التحليلي، ينتقل المتابع ليجد نفسه أمام تعبيرات يريدها أصحابها عميقة حول أحداث لا يبدو أنه يستوعبها، وأراد- أو أرادت- أن يدلي بدلوه.

أنت واحد من هؤلاء أو متابع لهم، وكل منهم يرى نفسه حرًّا، فهو يكتب هذا وينشره على صفحته الشخصية، وبالتالي فأنت أيضا حر أن تتفاعل أو تتفرج أو تنشر أو تعلق أو تشارك بخبر حادث غريب، أو تشك في شائعة، أو تصحح معلومة، أو تصمت وتكتفي بالفرجة.. لكنك في كل الأحوال جزء من هذا العالم تغرق فيه تمامًا أو تحاول التحرر، لكن تظل الأمور نسبية.

هناك أغلبية تمثل جمهور التواصل الطبيعي، يتفرجون ويعيشون ويشعرون أحيانًا بمعرفة وأحيانًا بجهل، ومنهم من يعرف لكنه لا يجد سبيلاً للمزاحمة مع هؤلاء المشاهير الذين يكتسبون شهرتهم من الإلحاح وكثرة المتابعين واللايكات والإشادات بالعمق والتفهم، حتى لو كان ما يكتبونه مجرد منقولات من أفلام أو كتب لا يعرفها هؤلاء الذين يصفقون لهم ويلعبون دور الجمهور في عالم مزدحم.. وفى عالم فيس بوك وتويتر لا يمكن منع أحد، وعلى كل عابر أو داخل أن يتعامل مع واقع يمثله العيان والمفجوع والتافه والعميق.. وكل واحد ينام على البوست اللي يريحه.

 

مليونيرات الفلورز.. متابعون وهميون

«في ناس لو عطست على الفيس تلاقي 300 ألف تعليق، وفي ناس تكتب كلام مهم ويجب مناقشته ولكن لا حياة لمن تنادي.نقول إيه؟ أرزاق». بوست للكاتبة صفاء عبد المنعم، وضعته على صفحتها تعبيرًا عن واقع يفرضه عالم فيس بوك وتويتر، حيث تسود ظاهرة الاحتفاء ببعض البوستات الفارغة والخالية من أي محتوى، وبعض التفاعلات الكبيرة تكون لنجوم أو مشاهير وأخرى تكون بلا مضمون، مثل واحدة تكتب «ماذا، أو هذا، أو ليت، لعل»، فإذا بها تتلقى الكثير من الشير واللايك، بينما بوستات أو حكم لكنها لا تأتي بأي تفاعل.

حتى عالم المشاهير المؤثرين ممن يمتلك الواحد منهم مئات الآلاف وربما ملايين من المتابعين على تويتر أو اللايكات لصفحته على فيس بوك، بالطبع هناك حالة اللايك الجماعي والمتابعة الجماعية، حيث تنهال المتابعة على من يمتلكون عددًا كبيرًا من المتابعين، باعتبارهم مشاهير ومن يدخل عليهم فهو ربما يلتقط بعضًا من تأثيرهم، وهناك طرق وحيل معروفة يعرفها الفنيون والمتخصصون، يمكنهم تسويق الحساب بطرق بعضها صحيح والبعض الآخر وهمي، بصنع وجود وهمي، ولهذا راجت فكرة مستشار «السوشيال ميديا» وهي وظيفة ظهرت في عصر التواصل، وهي نفس وظيفة التسويق لكنها في التسويق الافتراضي، وبالتالي فإن بعض المشاهير لا يمتلك مئات الآلاف من المتابعين لكونه مهمًّا، بل إن بعضهم يحصل على كل جمهور افتراضي غير موجود في الواقع، بالشراء.. وهناك شركات ومواقع تبيع متابعين ضمن حزم تجارة الافتراضي، ومثلما تحصل بعض المواقع على الترافيك الوهمي فإن الأفراد حصلوا على هذه الأرقام بنفس الطريقة، وفى يوليو 2018 أجرى موقع تويتر حركة بسيطة كشفت عن بعض تفاصيل العالم الوهمي لحسابات بعض المشاهير، واتضح أن بعضهم يمتلك نوعًا من الشعبية البلاستيكية الافتراضية، وربما لو مدت مواقع التواصل الخيط لآخره لكشفت عن المزيد من المتابعين الأشباح والوهميين لعدد كبير من كبار المؤثرين والمشهورين في عالم تويتر وإخوته من مواقع التواصل الاجتماعي.

موقع «تويتر» قرر أن يجري عملية تنظيم للحسابات على تويتر، وأن يتخلص من الحسابات المقفلة والوهمية والمريبة، وأشارت شركة تويتر إلى أن معظم المستخدمين العاديين قد يفقدون عدة متابعين، أما أصحاب الفلورز بمئات الآلاف أو الملايين فقد يفقدون أعدادا أكبر من المتابعين القادمين من المجهول.

وكشفت هذه الحركة عن أن العديد من المشاهير والسياسيين المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي فقدوا عشرات الآلاف من المتابعين، والبعض فقد مئات الآلاف وفقد الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» 300 ألف متابع، بينما الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما فقد أكثر من 400 ألف متابع، وفقد حساب أمير قطر تميم بن حمد أكثر من مليوني متابع، وبعد أن كان متابعوه 2.6 مليون أصبح لديه 232 ألف متابع فقط، فيما بدا نوعًا من كشف الخداع الكبير، وفي مصر والعالم العربى اختفت مئات الآلاف من الحسابات الوهمية من سجلات المتابعين.

وبعد أن كان المشاهير يتباهون بعدد متابعيهم على منصات التواصل الاجتماعي، وأن شعبيتهم وأفكارهم وآراءهم الكبرى وراء إقبال المستخدمين على متابعتهم والاهتمام بما ينشرونه حتى لو كان مجرد هراء، كشفت عملية التنقية البسيطة للحسابات المقفلة والوهمية أن ملايين الحسابات تم إطلاقها فقط من أجل البيع والشراء، وأن عددًا من المشاهير لم يحصلوا على أي متابعين، وإنما اشتروها من جهات وهمية لزوم الفشخرة الافتراضية، ومن أجل زيادة رقم المتابعين «الفلورز» يشترون متابعين وهميين أو حسابات آلية تديرها روبوتات تضخ «فلورز» غير موجودين في الواقع، وإنما فقط مجرد أرقام تصنع شكلاً للشهرة لأشخاص غير مؤثرين ولا وجود لهم.

وبالطبع فإن تويتر قام بعملية تنظيم بسيطة وإذا مد الخيط عن آخره فربما لا يتبقى لبعض المشاهير ما يسترهم من فلورز، خاصة أن الموقع نفسه ربما يفقد الكثير من تأثيره في حالة تدمير الصورة الوهمية لآلاف المشاهير الذين يصنعون منظرًا مهيبًا حتى ولو كان يقوم على فراغ.

وقد انعكست عملية المتابعين الوهميين على عدد كبير من المشاهير عندنا، ممن يمتلك بعضهم حسابات مليونية، بينما ليس لدى أغلبهم تأثير أو منشورات تبرر هذه الثروة من الفلورز.

ومعروف أن مواقع التواصل ومنها «تويتر» كانت في البداية تضخ متابعين لفنانين وسياسيين مشاهير بهدف صنع صورة ذهنية تشجع المستخدم العادي على الاشتراك، وفي سبيل ذلك نشأت الكذبة الافتراضية الكبرى.

اللافت للنظر أن بعض المشاهير عندنا ممن سخروا من فقدان بعض الكبار للمتابعين بمئات الآلاف هم أنفسهم فقدوا متابعين بنفس الأرقام وربما أقل و«مفيش حد أحسن من حد»، وتظل حركات تويتر مجرد نقطة في بحار الكذب الافتراضي للكبار.

وبجانب عمليات الشراء والبيع الوهمية للمتابعين، فإن مشاهير السياسيين والزعماء لديهم إدارات تدير حساباتهم، ويتخذ بعض مشاهير النجوم مستشارين من شركات صغيرة تدير حساباتهم وتحمل مسؤولية عمليات التحديث للحسابات، وربما لهذا كثيرا ما تتزين حسابات نجوم السينما والسياسيين العرب بحكم ومقولات وتحليلات تحمل رائحة أفكار صحفيين وخبراء رأي عام يعملون بالأجر لدى هؤلاء المشاهير، وهناك شركات متخصصة تقدم هذه الخدمات نظير مقابل مادي منتظم لكل حساب.

وبالتالي فإن الكثير من الأفكار التي تنسب لأصحاب الحسابات من النجوم، إنما أنتجها متخصصون في الدعاية والإعلان والتسويق، مثلما يقومون بتصميم أفكار إعلانات مبهرة.

ويستند أصحاب الحسابات المليونية على أن المليون الأولى تكون كفيلة بجذب المزيد من المتابعين باعتبار أن المستخدم العادي لا تشده حسابات بها عشرات المتابعين ويميل للمشهور صاحب الملايين من المتابعين، وهو ما يدخل في سياسة بيع الوهم العام كجزء من عملية شبكية من الصعب كشفها ما لم تحدث خطوات تنقية الحسابات التي يقوم بها موقع تويتر أو «فيس بوك»، وهي عملية لاتتم للنهاية؛ لأنها قد تُفقِد الموقع نفسه ملايين المتابعين هو بحاجة إليها للتسويق والبقاء في المقدمة.