الخميس 28 نوفمبر 2024

فن

فرصة مصر التاريخية

  • 20-10-2020 | 15:32

طباعة

الشعوب الناضجة تستعيد تاريخها وتجارب حياتها لكي تعينها على اقتحام المستقبل. وأزعم أن مصر تواجه ظروفا وتحديات داخلية وخارجية  غير مسبوقة . وأزعم أيضا  أن مستقبل مصر وزعامتها سيتحدد على ضوء إجاباتها وردود أفعالها تجاه هذه التحديات التالية :

أولا  : هل ينجح الإرهاب المسلح .. المدعوم من قوى خارجية  في السيطرة على سيناء أم سيتم طرده نهائيا وإعادة سيناء لسيطرة الدولة الوطنية .. ونجاح  الجيش المصري على بسط سلطانه على كل شبر من أراضي سيناء وتطهيرها بالكامل من كل أنواع الإرهاب .. وتأمين حدودنا الشرقية برا وبحرا .

ثانيا  :   قدرة  مصر  على  استشراف  خريطة  القوى الجديدة  البازغة  في العالم  .. وموقعها في هذا العالم الجديد .

فبعد مؤتمر  باندونج  عام  1955 .. نجحت مصر في تلمس طريقها .. واكتشاف خريطة القوى الصاعدة  والمشاركة الفعالة في إنشاء تكتل سياسي واقتصادي مع الصين وروسيا والهند .

والسؤال : هل ستبقى مصر رد فعل للأحداث .. أم ستكون لها استراتيجية نشطة ومبادرة وهجومية لحماية مصالحها .. وانتهاز الفرصة التاريخية لقيام تكتل جديد .. مشابه لتكتل عدم الانحياز الذي كانت أحد أقطابه وبناته .

هذه التحديات تجعلنا  نطرح تصورا  لمصر في محيطها   مشتبكا  مع كل الأحداث التي مرت بها المنطقة العربية  فيما يعرف " بالربيع العربي " .

مصر وليبيا

التطورات التي سينجم عنها الوضع في ليبيا سيكون لها أثر مباشر على تطورات الأوضاع في مصر ومستقبلها التنموي .

من هنا يبدو لنا أنه يجب تغيير النظرة التي سادت رؤيتنا في مصر تجاه الجارة ليبيا .

فمنذ عهد الرئيس السادات .. تميزت العلاقة بين النظامين  بنزعة الشك والتوتر والعداء الصريح .. وصلت الأمور إلى حد استخدام القوة المسلحة بين البلدين !!

وعلى الرغم من تطور العلاقة في زمن الرئيس مبارك .. إلا  أنها ظلت محكومة  بالشكوك والهواجس المكتومة بين مصر مبارك وليبيا القذافي . لكن التطورات التي حدثت في مصر وليبيا بعد سقوط مبارك والقذافي .. بعد ما سميّ بالربيع العربي .. ثم سيطرة جماعة الإخوان الإرهابية والميليشيات التكفيرية الإرهابية على كل الأراضي الليبية .. جعلت كلها من مصير مصر وليبيا .. وربما للمرة الأولى ..  مصيراً واحدا يتجاوز حدود التقسيم الحدودي التقليدي لسايكس بيكو .

فلأول مرة ..  في تاريخ البلدين .. تصبح هناك حالة من  السيولة في عبور الجماعات  والميليشيات  الإرهابية  بين البلدين .. فضلا عن عمليات تهريب الأسلحة  من كل نوع ..  بعد سقوط الرئيس القذافي ونظامه وانهيار الجيش الليبي .

وهنا نلاحظ أن تطورات المعارك التي يقوم بها الجيش العربي الليبي يجب النظر إليها باعتبارها امتدادا طبيعيا واستراتيجياً لجهود الجيش المصري في تطهير الأراضي المصرية من الجماعات الإرهابية .

إن السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا هنا  في مصر : هل تشكل ليبيا مجرد جارة حدودية تربطنا بها علاقات حدودية عابرة .. أم أنها تشكل معنا وحدة تاريخية قديمة منذ عصر الأسر التي حكمت في مصر القديمة .. وتشكل معنا وحدة سكانية تمتد من مرسى مطروح والسلوم غرباً حتى الواحات المصرية والفيوم .. ترتبط بسكان الشرق الليبي حيث تمتد القبائل الواحدة وتتوزع في البلدين بعلاقات مصاهرة وتزاوج ولهجات وعادات وتقاليد وأزياء واحدة .

فالتحديات التي بدأت في الظهور في مجال التنقيب عن الغاز والبترول في البحر المتوسط ستجعل من الشواطئ المصرية والليبية وحدة جيوسياسية متجانسة ومتداخلة في ترسيم الحدود البحرية الاقتصادية وحمايتها من أي تهديدات بحرية .. سواء من الجماعات الإرهابية أو من بعض الدول الداعمة للإرهاب كـ تركيا.

إن استقرار الأمور في ليبيا من الناحية الأمنية سيلقي .. فيما بعد .. بتبعات تنموية يحتاجها الأشقاء في ليبيا .. وعلى مصر أن تكون مستعدة وجاهزة للوفاء بهذه الاحتياجات ..  خصوصا في مجالات تبادل  الطاقة الكهربائية والغذاء والصناعات التحويلية ومجال الإنشاءات والتعمير .. إلخ .

مصر والسودان

ومثلما تحدثنا عن ليبيا كعمق جغرافي وسكاني طبيعي لمصر .. يجرنا الحديث حول مستقبل العلاقات المصرية السودانية. ومن العبث أن نتصور أن كل ما يجمعنا بالسودان هو  فقط  الجوار على نهر النيل .. فالعلاقات التاريخية والسكانية بين السودان ومصر تتجاوز حدود الجوار .

وشابت العلاقات المصرية السودانية كثير من الشكوك والهواجس القديمة .. وهو ما يحدث داخل العائلة الواحدة .وتعمقت الشروخ وزادت في زمن حكم الرئيس عمر البشير وجماعة الإخوان الإرهابية.

إن نظرتنا للسودان يجب أن يحكمها .. كما ليبيا .. تصور أن مستقبل السودان وتنميته جزء من تنمية مصر .

صحيح أن مصر والسودان وقعتا ..معاً.. عشرات .. وربما مئات من اتفاقيات التكامل والتعاون .. لكن ظلت الشكوك تحكم العلاقة بين البلدين. وهنا يبدو لنا أن مصر مدعوة للنظر للسودان باعتباره عمقا استراتيجياً واعدا في الاستثمار الزراعي والثروة الحيوانية. فمصر التي تعاني معاناة شديدة في توسيع رقعتها الزراعية بما يكفي حاجة سكانها من الغذاء .. تلتقي مع جارتها الجنوبية الراغبة والمتلهفة  على جذب  الاستثمار  في مجال  الزراعة  وتنميتها.

والسؤال الذي يفرض نفسه : هل مصر قادرة على الاستثمار الزراعي في السودان  عبر شركات الدولة والقطاع الخاص؟

 

ومن الطبيعي أن يكون تنفيذ مشروعات بيع الطاقة للسودان في مقابل الغذاء أحد أشكال التعاون الملح والعاجل بين البلدين .. فضلا عن مشروعات النقل والسكة الحديد التي تربط البلدين بخط واحد سريع يمتد من بورسعيد حتى سواحل ومواني السودان .. فهل ننجح في هذا؟

مصر ودول الجوار العربي

لقد عانت مصر  من الانكماش القسري خلال ما يقرب من نصف قرن تقريبا .. الأمر الذي سمح بظهور أقطاب أخرى قوية في المنطقة العربية. ويعترض  قدرة مصر  على خلق مركز سياسي واقتصادي قوي في محيطها العربي  مجموعة من العوائق .. ناجمة عن ظهور الأقطاب الثلاثة من دول الجوار العربي .

وهذه الأقطاب  هي : تركيا .. إيران  .. إسرائيل  .. هكذا بترتيب نسب العداء المعلن من كل منها  تجاه  مصر  في الوقت الحالي . وهي الأقطاب المستفيدة من انهيار المنظومة العربية لخلق مناطق نفوذ لها على حساب الدول العربية.

مصر وتركيا

يُعتبر العداء المعلن والصريح للنظام التركي الأكثر ظهوراً في الوقت الحالي .. فهو يجاهر بعدائه للنظام السياسي في مصر  ورغبته في إسقاطه .. ويستضيف أطيافاً مختلفة من المعارضين للنظام السياسي في مصر ويمدهم بكل أنواع الدعم المادي والإعلامي واللوجيستي .

والتهديدات التركية في سوريا وليبيا وشرق البحر المتوسط .. نوع من التهديد المباشر للمصالح المصرية المباشرة في تقليص أخطار الإرهاب على مصر وتأمين مصالحها الاقتصادية في المرور الآمن للتجارة الدولية في البحر الأحمر وقناة السويس .. وتأمين مصالح مصر الاقتصادية في البحث عن البترول والغاز  في مياهها الاقتصادية  في البحر المتوسط والبحر الأحمر .

وإذا أخذنا الحالة التركية .. على سبيل المثال .. سنكتشف حجم التهديد الذي يمثله هذا البلد الذي يتمتع بعلاقات وتحالفات مناوئة لمصر .. فهو في تحالف قوي مع إسرائيل فيما يخص شرق المتوسط .. وفي ذات الوقت تجمعه علاقات تحالف مع إيران وقطر ويمثل الثلاثة حالة من  حالات العداء لمصر في الوقت الحالي.

لكن لحسن الحظ ؛ فقد بدأ  ” النموذج التركي ” في استنزاف إمكانياته الداخلية والخارجية بعد أن كان  يمثل نموذجا ”للإسلام الوسطي المعتدل ” ..وتم الترويج لذلك محليا ودوليا  خلال عقدين من الزمان .

فعلى المستوى الداخلي بات الفشل الاقتصادي أمرًا  واقعا بعد سنوات من الازدهار  المبهر للكثيرين .

إن بيانات الاقتصاد التركي تكشف عن  أزمات خانقة على المستويين  الداخلي والخارجي أبرزها تراجع قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة إلى تركيا، لتصل إلى نحو 6.5 مليار دولار خلال العام 2018، مسجلة أدنى معدل لها منذ 2010. ويتوقع الكثيرون أن تهور أردوغان وتنفيذ خططه في التنقيب عن الغاز في المنطقة التي لا يحق له فيها ذلك بدون التوقيع على اتفاقية ترسيم الحدود قد يعرضه لعقوبات دولية ومقاطعات اقتصادية ستزيد أزمات الاقتصاد التركي تعقيدا على غرار الانتكاسة التي تعيشها إيران حاليا.

وتشير بيانات معهد الإحصاء التركي إلى أن معدل التضخم في تركيا ارتفع بنسبة 1.06% في يناير 2019، على أساس سنوي، ليصل إلى 20.35%.

وقال المعهد، إن التضخم ارتفع بضغط من زيادة بلغت 6.43% في أسعار الأغذية والمشروبات غير الكحولية مقارنة بشهر ديسمبر، ووصل معدل ارتفاع أسعار الأغذية 30.97% مقارنة بنفس الشهر من عام 2018.

وفقدت الليرة التركية 30% من قيمتها في عام 2018 مما أدى إلى رفع أسعار الفائدة إلى 24% . وقالت وكالة بلومبرج: إن الانهيار الذي أصاب الليرة التركية خلال عام 2018 خلّف آثاراً أعمق مما هو شائع، وهو ما يحاول البنك المركزي التركي معالجته عن طريق تعديل لوائح الاحتياطي الإلزامي، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تحريك معدلات الائتمان، والتحوط للركود المتعمق في الاقتصاد.

وأشارت بيانات بلومبرج إلى أن الركود الاقتصادي خلال الربعين الأخيرين من 2018، مستمر خلال 2019 تحت ضغط تداعيات انهيار العملة وارتفاع تكلفة الاقتراض.

تتوالى الانهيارات داخل القطاعات الاقتصادية في تركيا، والتي ألقت بظلالها السلبية على كافة الأنشطة الاقتصادية، حيث تفاقمت أزمة البطالة لتصل إلى مليون عاطل عن العمل خلال الـ 6 أشهر الأخيرة، بخلاف تزايد وتيرة إفلاس شركات كبرى.

وكشف تقارير  متعددة ، أن مؤشر مديري مشتريات الصناعات التحويلية بتركيا تراجع في شهر أبريل الماضي إلى 46.8%.

وحسب ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "ديكَن"، صدر التقرير عن مؤسسة "إي إتش إس ماركت" التي أعدته لصالح غرفة إسطنبول الصناعية التقرير توقع كذلك استمرار التراجع خلال الفترة المقبلة، مرجعاً ذلك إلى عدم استقرار سعر صرف العملة التركية، ما ترتب عليه زيادة أسعار المنتجات وتكاليف الواردات، إلى جانب تباطؤ ورود الطلبات الجدية واستمرار الضغوط التضخمية. من ناحية ثانية يعاني قطاع السياحة في تركيا انكماشاً حاداً .. بعد أن كان من القطاعات الواعدة ذات السمعة المبهرة .

فقد كشفت الأرقام الرسمية الصادرة عن الحكومة التركية، ، عن تراجع الإقبال العربي والعالمي على السياحة في تركيا، وذلك خلافا لما تروجه وسائل إعلام تركية وعربية .

وذكر معهد الإحصاء التركي في أنقرة، وفقا لما أوردته قناة "العربية الحدث"، أن أعداد السياح القادمين إلى تركيا ليست سوى مواطنين أتراك يقيمون في الخارج ، ارتفعت بالفعل خلال الشهور الثلاثة الأولى من العام الحالي بنسبة 8.5%، عما كانت عليه في نفس الفترة من العام الماضي".

وأضاف أن "تلك الأرقام تظهر أن نحو خمس من توافدوا إلى تركيا خلال تلك الفترة، وهم مغتربون عادوا لزيارة عائلاتهم داخل تركيا وليسوا سياحا أجانب أو عرب .

والسؤال الذي يفرض نفسه الآن هو : هل مصر قادرة على "اقتناص " فرصة تحلل النموذج التركي في جذب الاستثمارات الأجنبية العاملة في تركيا باتجاه مصر .. خصوصا في قطاع تصدير السلع الغذائية والصناعات التحويلية في الغزل والنسيج والمنسوجات والسيارات .. وبشكل خاص في قطاع السياحة ..فتتحول لمركز جذب سياحي بديل لتركيا ..وقبل تبدد هذه السياحة في أقطار أخرى؟

 

إن الإجابة عن هذا السؤال تتوقف على مدى قدرة الدولة المصرية على وضع خطط سريعة في تلك المجالات .. وخلق بنية مؤسسية تنظيمية حديثة .. قادرة على تقديم مصر كمركز صناعي وسياحي رخيص ونظيف وجذاب .

فهل ننجح في ذلك؟

 

مصر وإيران

 

تميزت العلاقات المصرية الإيرانية بقدر كبير من التوتر والعداء منذ اندلاع الثورة الإيرانية وبسبب استقبال الرئيس السادات للشاه المخلوع وإعلانه العداء للثورة الإيرانية ووقوف مصر بجانب الرئيس صدام حسين في حربه ضد إيران وبيع مصر لمعظم سلاحها الروسي القديم للعراق .

منذ تلك اللحظة صارت العلاقة مع إيران علاقة عدائية علنية قائمة على الهجوم على مصر من جانب إيران .. وانحياز مصر لدول الخليج العربي في مواجهة إيران .

لكن بعد أربعين عاما من الثورة الإيرانية .. وتقديم إيران لنفسها  .. عربيا وإسلاميا .. باعتبارها " النموذج الثوري الإسلامي " .. تبدو الأمور مختلفة عما كان في السابق .

فمن ناحية ، فقد النموذج الإسلامي  كل جاذبيته وطاقته الثورية بعدما تمخضت الممارسة العملية لهذا النموذج عن ممارسات إرهابية مجرمة .. وصورة لا أخلاقية عن الإسلام .. اختصرته في ممارسات القتل والذبح والعنف وسبي النساء وبيعهن في أسواق للعبيد والنكاح.

فالأجيال  الشابة في ايران لم تعاصر ذلك  النموذج الثوري القديم .. وصارت تطمح لمستوى من الحياة مخالف لما فرضه رجال الدين على المجتمع الإيراني من تضييقات في الحريات الشخصية والحريات السياسية .

ومن  ناحية ثانية  صار  الوضع الاقتصادي في إيران يعاني من صعوبات شديدة وارتفاع في معدلات الإفقار الهائل للسكان. فبعد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو من هذا العام وتوسيع العقوبات الأمريكية على إيران، فقدت العملة الوطنية الإيرانية نصف قيمتها. لكن طلب الولايات المتحدة من جميع الشركات العالمية وقف استيراد النفط الإيراني يهدد بإنزال الضربة الأكبر لاقتصاد البلاد.

يمثل بيع النفط نسبة 64٪ من إجمالي صادرات إيران، ويشكل المصدر الرئيس للعملة الصعبة التي تدخل البلاد - الدولار واليورو. تقريباً .

ويواجه  البنك المركزي الإيراني صعوبات كبيرة في تنفيذ المعاملات المالية حتى داخل البلد، ارتكب أخطاء جسيمة وسوء تقدير لعبت دورا مهما في إدخال الاقتصاد في أزمة.

فقام البنك المركزي الإيراني والبنوك التجارية بأخذ ودائع بنسبة فائدة سنوية

20%  أو حتى 23٪. وعندما فرضت الولايات المتحدة عقوبات، خفضت البنوك معدلات الفائدة إلى 10-15 ٪، فراح سكان إيران، بشكل جماعي، يسحبون ودائعهم ويشترون الدولار واليورو. فتفاقم نقص العملات الأجنبية. لم يساعد إغلاق جميع مكاتب صرف العملات المرخصة، في محاولة  لإنقاذ الوضع.

والآن، يتم تداول العملة في المدن الإيرانية في "السوق السوداء"، والتي تحاول السلطات مكافحتها دون جدوى.

وجعلت  العقوبات الوضع الاقتصادي غير قابل للتنبؤ، وبالتالي فإن السكان باتوا يخشون الاستثمار في العقارات".

أدى انخفاض قيمة الريال الإيراني إلى ارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة بنسبة 100٪ . انخفض نشاط بورصة السلع الإيرانية إلى أدنى حد. وزاد الطين بلة قرار الحكومة رفع رسوم مغادرة البلاد.

وهكذا نرى ..مجددا .. أن حالة الديناميكية العدائية للجارتين إيران وتركيا آخذة في الانكماش والتقلص بعد مرحلة الفوران القومي وأوهام تصدير النموذج.

 

مصر وإسرائيل

 

نأتي للقطب الثالث من أقطاب الجوار العربي .. وهو إسرائيل .

ورغم أن إسرائيل هي القطب الأقل   مجاهرة بالعداء  لمصر على مستوى الخطاب العلني .. إلا أن ذلك لا يعني انتفاء العداء  أو أنها الأقل خطراً  على مصر، فعلى المستوى الرسمي وقعت إسرائيل معاهدات سلام مع مصر والأردن ومنظمة التحرير الفلسطينية ..  أو السلطة الوطنية الفلسطينية.

لكن قادة إسرائيل .. وخاصة بنيامين نتنياهو .. لا يكفون  عن القول إن أمن إسرائيل لا يتوقف على المعاهدات الموقعة مع العرب بقدر ما يعتمد على قوة الجيش الإسرائيلي وتفوقه التسليحي .

ولعل تجربة العصف باتفاقيات أوسلو  الموقعة بين إسرائيل والسلطة الوطنية الفسلطينية منذ ربع قرن تعطي فكرة واضحة عن تصور إسرائيلي للسلام قائم على الإخضاع والعنف والتفوق الإسرائيلي .

وفيما يخص مصر .. فإن  معاهدات السلام بين مصر وإسرائيل تشكل  سلاماً باردا .. أو هدنة طويلة المدى بين الطرفين .. في ظل " اللاءات " الإسرائيلية التي يرفعها بنيامين نتنياهو منذ أول وزارة له عام  1996  .

وما يهمنا هنا هو الآتي : قدرة مصر على مواجهة التسلح الإسرائيلي من جهة ..وتفوقها في مجال  الأبحاث العلمية والاختراعات.

وإذا كانت مصر قد نجحت في إعادة تسليح جيشها بأسلحة متطورة حديثة في كل أفرع الجيش لحماية نفسها ومصالحها في البحرين الأحمر والمتوسط .. لكن تظل الفجوة العلمية بينها وبين إسرائيل في مجال الأبحاث والاختراعات كبيرة تستلزم

الانتباه لها بشدة وإيجاد حلول عملية سريعة لها على المدى المنظور خلال السنوات المقبلة.

 

الخاتمة

 

إن ظروف مصر .. وظروف الإقليم العربي .. خصوصا في سوريا والعراق وليبيا  .. والظروف العالمية توحي ببدايات ظاهرة .. لا تخطئها العين .. عن تشكل قواعد جديدة للنظام الدولي بعد أن انفردت به الولايات المتحدة الأمريكية لعقدين من الزمان  بعد انهيار الاتحاد السوفييتي والكتلة الاشتراكية .. وانكفاء الصين على ذاتها خلال ثلاثة عقود على الأقل.

 

فالحرب السورية أعطت لروسيا والصين أدوارا حاسمة في الأمم المتحدة وفي ميادين القتال .. من  استدعاء الأساطيل والسلاح للموانئ والصحراء السورية.

لقد أصبحت سوريا تطبيقا لنموذج الحرب المحدودة .. الذي تكلمنا عنه في البداية .. والذي يعني الحصول على جوائز مادية ومعنوية على الأرض .. دون الحصول على نصر نهائي للخصم، وأصبحت مصر مدركة أن مآلات الحرب .. ومصائر

البشر في المشرق والمغرب العربيين  أصبحت أكثر ارتباطا بمصيرها في محيطها العربي والمتوسطي والإفريقي.

ولأن التاريخ له منطق .. معروف أو يمكن معرفته .. فالوضع الإنتقالي الحالي في العلاقات الدولية يستلزم دراسة سريعة للمتغيرات .. ويستلزم منا تشكيل رؤيتنا لمستقبلنا بسرعة .. والإقدام على الحركة السريعة  للأمام  دون خوف أو وجل.

ولا شك عندي أن القيادة السياسية المصرية ممثلة فى الرئيس عبد الفتاح السيسي ..تدرك  بشكل حاسم وواضح حجم الأخطار التي تواجه مصر داخليا وخارجيا .

ولا شك عندي أن  الرئيس  عبد الفتاح السيسي  يدرك  بشكل واضح  حاجة مصر للاستقرار السياسي الداخلي   السنوات  المقبلة .. كأهم عنصر في تحقيق نمو اقتصادي سريع يجعل من مصر أحد " النمور الاقتصادية " في منطقتها .

ومن قراءتي للمشهد العام في مصر .. ورغم بعض الظواهر الشاردة .. فأني متفائل بمسار مصر الحالي ، متفائل بعودة  مصر لزعامتها العربية قريبا ..

إن شاء الله.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة