الخميس 16 مايو 2024

مصر تواجه الإرهاب

فن20-10-2020 | 20:27

تحمل مصر حضارة عريقة ، تفاعلت معها كل الحضارات والشعوب في العالم، كما قدمت مصر للإنسانية أقدم نظام سياسي في العالم. وعلى ضفاف النيل قامت أول دولة مركزية موحدة في تاريخ البشرية، وكان لمصر السبق في تجسيد ذلك في أطر مؤسسية كان لها الدور الهام في صياغة حياة الشعوب وحماية قيم الحرية الديمقراطية. فيها كما كانت مصر الحضارة أول من عرف الدستور في الحكم.. وظلت مصر على امتداد تاريخها دولة تؤمن بالسلام والحضارة الذي ظلت تشعه على اقليمها وعالمها بعيداً عن العنف والاعتداء.


واجهت مصر استهداف القوى الكارهة التي تستخدم اساليب حروب الجيل الرابع التي تركز في جوهرها على الضغوط "السياسية والامنية والاقتصادية والاجتماعية والحرب النفسية" التي تستثمر خصائص المجتمعات وتعمل على التأثير على تماسكها وتفجير التناقضات الكائنة بها بما فيها الخصائص والمشاكل العرقية، وكذا استخدام الشائعات التي تحتم التكاتف الوطني مع تفجير الإرادة الوطنية والعزيمة القومية للأمة وأبنائها (والتي تجعل دائماً المستحيل ممكناً.. ولعل حرب أكتوبر خير مثال على ذلك).


وترفع مصر شعار "يد تبني ويد تحمل السلاح", ضد من يريدون أن تتحول مصر لدولة فاشلة أو يؤثرون على أمن شعبها واستقراره، ولقد حشدت مصر كل قواها حتى تستعيد استقرارها, ولتعود لدورها الإقليمي والعالمي، وتأمين بناء مصر الحديثة التي تتطلب جهود كل قوى مصر الشاملة.


عمليات حق الشهيد:


أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية بدء العملية الشاملة لمواجهة الإرهاب في سيناء (حق الشهيد) في سبتمبر 2015، بمناطق (رفح - الشيخ زويد – العريش)، للقضاء على العناصر الإرهابية بتلك المناطق.. ومما لاشك فيه أن اختيار هذا المسمى يعكس تقدير قواتنا المسلحة لتضحيات الشهداء الأبرار من أبنائها، ويؤكد أيضا إصرارها على اقتلاع الإرهاب والقضاء على الفلول الباقية منه وتشكل عملية «حق الشهيد» تحولا نوعيا فى استراتيجية مكافحة الإرهاب عبر استخدام استراتيجية تقوم على المبادأة، والعمل على تدمير قوى الإرهاب بشكل تام.


المرحلة الأولى (حق الشهيد 1): 


أصدرت القيادة العامة للقوات المسلحة في سبتمبر 2015، بيانا قالت فيه إنه تم تحقيق الأهداف الرئيسية من المرحلة الأولى من العملية، مع التأكيد على استمرارها في تنفيذ المرحلة الثانية تمهيدا لبدء عمليات التنمية الشاملة بسيناء، وقد جاءت نتائج العملية بتدمير المراكز الرئيسية التى تنطلق منها الجماعات الإرهابية والتكفيرية .. كما تم القضاء على جزء كبير من مخازن الاسلحة والذخائر التى كانت تحت سيطرة الجماعات الإرهابية..بما ادى إلى السيطرة على جميع الطرق الرئيسية والفرعية التى تؤدى إلى مدن شمال سيناء.


المرحلة الثانية (حق الشهيد 2) : 


 انطلقت المرحلة الثانية من عملية «حق الشهيد»  فى يناير 2016 ، لاستكمال تطهير سيناء من الإرهاب، ووجهت قوات الجيش والشرطة المشاركة فى الحملة عدة ضربات موجعة لتنظيم «بيت المقدس» الإرهابى، وشنت قوات الأمن حملات موسعة على بؤر الإرهاب ، فى مدن (العريش ورفح والشيخ زويد).


وقد جاءت عملية حق (الشهيد 2 ) بنتائج كبيرة وملموسة بسبب المعلومات المسبقة عن العناصر الإرهابية، والتى تعاون فيها أهالى سيناء الشرفاء تعاوناً كاملاً مع القوات المسلحة لرغبتهم فى القضاء على الإرهاب، وذلك نتيجة للضربات الاستباقية الناجحة للقوات المسلحة، والشرطة المدنية، وكل الأجهزة المختصة بمكافحة الإرهاب.

المرحلة الثالثة (حق الشهيد 3):


بدأت المرحلة الثالثة من عملية (حق الشهيد3) في مايو 2016 ، بعملية موسعة فى مناطق سيناء ، والتى تأوى بعض العناصر الإرهابية شديدة الخطورة.. وقد جاءت عملية حق (الشهيد 3 ) بالعديد من النتائج التي كان من اهمها:


تركيز جهود المكافحة على 3 محاور رئيسية أولها يقوم على الرصد والتتبع لشبكات الإرهاب وتفكيك قواعد الدعم وتجفيف منابع التمويل وتأمين الحدود على كافة الاتجاهات الاستراتيجية بالتعاون مع الوزارات والأجهزة المعنية بالدولة، وثانيها تنفيذ حملات ومداهمات بالتنسيق مع الشرطة وأهالى سيناء الشرفاء تحت مسمى «حق الشهيد لاقتلاع جذور الإرهاب»، وثالثًا بدء مشروعات التنمية الشاملة بسيناء للارتقاء بالأوضاع المعيشية للقضاء على البيئة والمناخ الذى يغذى الإرهاب..  جديراً بالذكر أن العملية (حق الشهيد بمراحلها الثلاثة ) شارك فيها مجموعات الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة ( البرية .. البحرية .. الجوية .. حرس الحدود ) مما ادى إلى نجاح القوات المشاركة إلى حد كبير في القضاء على المئات من مسلحي التنظيم وتطهير رفح والشيخ زويد بشكل شبه كامل من المسلحين.


العملية سيناء 2018


أعلنت القوات المسلحة المصرية انطلاق العملية الشاملة سيناء في فبراير  2018،  حيث تم القضاء على أغلب قيادات تنظيم داعش الإرهابي، واستعادت الهدوء والاستقرار في شمال سيناء المصرية، مما أدى إلى انخفاض ملحوظ في العمليات الإرهابية واستئناف خطط التنمية".. هكذا تجني مصر ثمار العملية الشاملة سيناء 2018 وما زالت مستمرة حتى إشعار آخر. .كما سجلت منظومة الأمن المصري من جيش وشرطة نجاحات أمنية يومية ضد الإرهاب، على جميع المحاور الاستراتيجية، وبالتوازي نفذت الدولة كماً ضخماً من خُطط التنمية في شمال سيناء، وهي الشق الثاني الأساسي في العملية.


الشق الأمني في حصاد العملية الشاملة :


وفقاً للبيانات الرسمية فإن الشق الأول من العملية الشاملة سيناء 2018 ركز في الجهود الأمنية للجش المصري في الحرب على الإرهاب على الاتجاهات الاستراتيجية الثلاثة، (الشمال الشرقي، والغربي، والجنوبي) أما على الاتجاه الاستراتيجي (الشمال الشرقي)، فقد تم استهداف قيادات التنظيم الإرهابي بشمال ووسط سيناء وتدمير كل البؤر الإرهابية المكتشفة والقضاء والقبض على أعداد كبيرة من العناصر الإرهابية والإجرامية والمطلوبة جنائياً أو المشتبه في دعمهم للعناصر التكفيرية.. أما في الاتجاهين (الغربي والجنوبي)، فقد تم اكتشاف وتدمير وضبط أعداد كبيرة من العربات المحملة بالأسلحة والذخائر وكميات كبيرة من المواد المخدرة، وكذلك ضبط أعداد كبيرة من الأفراد أثناء محاولات التسلل والهجرة غير الشرعية من وإلى البلاد، بالإضافة إلى ملاحقة العناصر العاملة في التنقيب عن الذهب والتهريب وزراعة المواد المخدرة، والتي تستخدم في تمويل الإرهاب والتطرف، كما نجحت القوات في فرض السيطرة المستمرة على مناطق النشاط الإرهابي وحصار العناصر الإرهابية وتدمير البنية التحتية لهم.


منذ بـدء العملية العسكرية الشاملة (سيناء 2018) ، تم القضاء على عدد كبير من الجماعات الإرهابية، وتم القبض على ما يتجاوز الألف عنصر ما بين مشتبه بهم وعناصر إرهابية، وتدمير أكثر من 600 وكر ومخبأ تستخدمه عناصر الإرهاب للاختباء بها وإخفاء أسلحتهم. تتوالى العمليات ضد خوارج العصر للدفاع عن أرض مصر وكرامة شعبها وتطهير سيناء الحبيبة من الإرهاب ودعم الأمن والاستقرار بها.


ثالثاً: المواجهة الفكرية  للإرهاب


إيماناً من الدولة ان مواجهة الإرهاب تتم بصورة شاملة فقد تم انشاء المجلس القومي لمواجهة الإرهاب والتطرف بقرار جمهوري رقم 355 /2017، والذي يهدف إلى حشد الطاقات المؤسسية والمجتمعية للحد من مسببات الإرهاب ومعالجة آثاره.


يُشكل المجلس الأعلى لمواجهة الإرهاب والتطرف برئاسة رئيس الجمهورية وعضوية كل من (رئيس مجلس النواب – رئيس مجلس الوزراء – شيخ الازهر الشريف- بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية – القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي – وزير الأوقاف – الوزير المختص بشئون الشباب والرياضة – الوزير المختص بشئون التضامن الاجتماعي – وزير الخارجية – وزير الداخلية – الوزير المختص بشئون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات – وزير العدل- الوزير المختص بشئون الثقافة – الوزير المختص بشئون التربية والتعليم – الوزير المختص بشئون التعليم العالي والبحث العلمي – رئيس جهاز المخابرات العام – رئيس هيئة الرقابة الإدارية).


مهام يقوم على تنفيذها المجلس القومي لمكافحة الإرهاب وجاءت كالتالي:


إقرار استراتيجية وطنية شاملة لمواجهة الإرهاب والتطرف داخلياً وخارجياً، وإقرار سياسات وخطط وبرامج جميع اجهزة الدولة المعنية بما يحدد دورها وإلزامها بالإجراءات الواجب اتخاذها لتكامل التنسيق معها وفق جداول زمنية محددة ومتابعة تنفيذ هذه الاستراتيجية.. والتنسيق مع المؤسسات الدينية والاجهزة الأمنية لتمكين الخطاب الديني الوسطي المعتدل ونشر مفاهيم الدين الصحيح بالمجتمع في مواجهة خطاب التشدد بكافة صوره.


وضع الخطط اللازمة لإتاحة فرص عمل بالمجتمع وإنشاء مناطق صناعية به مع دراسة منح قروض ميسرة لمن يثبت من خلال المتابعة أقلاعه عن الفكر المتطرف، ومتابعة تطوير المناطق العشوائية ومنح اولوية للمناطق التي ثبت انتشار التطرف بها بالتنسيق مع مؤسسات الدولة المختلفة.


دراسة أحكام التشريعات المتعلقة بمواجهة الإرهاب داخليا وخارجيا، واقتراح تعديل التشريعات القائمة لمواجهة أوجه القصور في الاجراءات وصولا الي العدالة الناجزة لتذليل المعوقات القانونية.


الارتقاء بمنظومة التنسيق والتعاون بين كافة الأجهزة الأمنية والسياسية مع المجتمع خاصة دول الجوار والعمق الامني والسعي لانشاء كيان إقليمي خاص بين مصر والدول العربية وتنسيق المواقف العربية تجاه قضايا الإرهاب من خلال تشريعات وآليات إعلامية موحدة لمواجهة التطرف والإرهاب.


اقرار الخطط اللازمة لتعريف المجتمع الدولي بحقيقة التنظيم الإرهابي ودور الدول والمنظمات الداعمة للإرهاب ضد الدولة المصرية، والعمل على اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة ضد الأجهزة والدول الداعمة للإرهاب ضد الدولة المصرية وتجاه القنوات المعادية التي تبث من خارج البلاد.


تحديد محور التطوير المطلوب تضمنيها بالمناهج الدراسية بمختلف المراحل التعليمية بما يدعم مبدأ المواطنة وقبول الآخر ونبذ العنف والتطرف..ومتابعة تنفيذ إجراءات التحفظ على اموال للكيانات الإرهابية والإرهابيين ورصد التحويلات المالية للعناصر والتنظيمات الإرهابية تجفيفاً لمصادر تمويل التطرف والإرهاب.


رابعاً المواجهة التشريعية للإرهاب 


وتقف النظم القانونية المختلفة دائما أمام اعتبارين شديدي الصعوبة:


الأول: ضرورة مكافحة منع الجريمة الإرهابية قبل وقوعها والعقاب عليها حال وقوعها.


الثاني: التضييق من دوائر الاشتباه وفاءً بمتطلبات حماية حقوق الإنسان.


وقد نص الدستور المصري في المـادة (237) علـــى أنه "تلتزم الدولـــة بمواجهة الإرهاب، بكافة صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويله، وفق برنامج زمني محدد، باعتباره تهديداً للوطن وللمواطنين، مع ضمان الحقوق والحريات العامة. وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب والتعويض العادل عن الأضرار الناجمة عنه وبسببه".


ويعتمد القانون المصري في سبيل مكافحة الجرائم الإرهابية على عدة مصادر تشريعية؛ أهمها هو قانون العقوبات بالتعديلات التي ادخلت عليه في التسعينات بالقانون رقم 97 لسنة 1992، فضلا عن الاتفاقيات الدولية التي انضمت مصر إلى معظمها كما أن هناك مستجدات تشريعية استحدثت لاستكمال مواجهة الجرائم الإرهابية كالآتي:


قانون تنظيم الادراج على قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين:


في اعقاب ثورة 30 يونيه 2013 شهدت مصر موجة حادة من جرائم العنف والإرهاب مارستها جماعات ومنظمات استهدفت العصف بالأمن والاستقرار في المجتمع، وبناء على هذا التهديد كان لزاماً على الدولة أن تستجيب وأن تسارع بمواجهة هذا الخطر الداهم بإصدار هذا القانون رقم 18 لسنة 2015 في شأن تنظيم الكيانات الإرهابية، ويتكون القانون المشار اليه من 10 مواد.


قانون مكافحة الإرهاب:


نشر القانون رقم 94 لسنة2015 في الجريدة الرسمية في شأن مكافحة الإرهاب، وهو اول قانون مصري متكامل يعالج الأحكام الموضوعية للجريمة الإرهابية وينظم بعض جوانبها الإجرائية، ويقع القانون في 54 مادة من بابين.

قانون رقم 136 لسنة 2014


وجدير بالذكر أن المشرع المصري حرصاً منه على شرعية المواجهة مع الإرهاب والإرهابيين، فقد صدر القرار بقانون رقم 136 لسنة 2014 في شأن تأمين وحماية المنشآت العامة الحيوية، والذي أناط بالقوات المسلحة معاونة أجهزة الشرطة المدنية في تأمين وحماية المنشآت العامة والحيوية وقام بوضع أمثله لها دون حصر، واعتبر ان مشاركة القوات المسلحة في حماية هذا المنشآت موجبا لاختصاص القضاء العسكري لنظر الجرائم الواقعة على هذه المنشآت أو القائمين بتأمينها وحمايتها، فأقر مجلس النواب المصري قانوناً بمد العمل بهذا القانون لمدة خمس سنوات إضافية إلى حين استقرار الأوضاع في البلاد.


قانون رقم 22 لسنة 2018: جاء هذا القانون بتنظيم إجراءات التحفظ والحصر والإدارة والتصرف فى أموال الجماعات الإرهابية والإرهابيين.


خامساً:إجراءات الدولة لامتلاك منظومة المواجهة والردع :


تنطلق الرؤية المصرية في مكافحة الإرهاب من موقف راسخ وثابت تتبناه الدولة المصرية بأن التنظيمات الإرهابية علي اختلافها تمثل تهديدا لأمن مصر لأن جميعها تحض على العنف والقتل وترويع الآمنين. وفي هذا الإطار، تري مصر أن التطرف بشتي أشكاله وصوره هو بمثابة المظلة الفكرية التي تستند إليها التنظيمات الإرهابية في نشر رسائلها الهدامة، واستقطاب المؤيدين عبر تزييف المفاهيم الدينية، لتحقيق أهداف سياسية مما يحتم المواجهة الفعالة له.


وقد حرصت مصر على أن تطور قدرات قواتنا المسلحة بجميع أفرعها باحدث ما وصلت اليه الترسانة العالمية من تحديث، فامتلكت منظومة اسلحة متطور لتؤمن لقواتنا المسلحة آداء مهامها الدفاعية عن امن مصر وشعبها مع امتلاك أسلحة ردع تمكنها من مواجهة التهديدات والتحديات المختلفة على الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة مع إمكانية المواجهة الحاسمة للإرهاب، بما يحقق استقرار الوطن وكل ما يتصل بحياة شعب مصر ، هذا  وتفخر مصر بجيشها  الذي ينبثق أبناؤه من شعب مصر، وتبادل معه الحب والثقة.