في أعقاب الاجتماع الثلاثي بين مصر والأردن والعراق في 13 أكتوبر في القاهرة، قال وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي إن الأمن المائي جزء من الأمن العربي والأردن يقف إلى جانب مصر في جميع خطواتها تجاه سد النهضة الإثيوبي الكبير.
وأضاف: "اتخذت مصر موقفًا عقلانيًّا يهدف إلى حل توافقي لسد النهضة يحفظ حقوق جميع الأطراف ويستند إلى القانون الدولي".
وجاءت هذه التصريحات في الوقت الذي تعتمد فيه مصر على الدعم العربي في مفاوضات سد النهضة إذ دعا وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال اجتماع وزراء خارجية جامعة الدول العربية المنعقد في 4 مارس، جامعة الدول العربية إلى دعم مشروع القرار المصري المعروض على مجلس الأمن الدولي. وقال "إن مثل هذا الدعم سيظهر لإثيوبيا أن الدول العربية تدعم مواقف مصر والسودان".
وفي جلسة استثنائية أخرى لمجلس جامعة الدول العربية، عقدت بناء على طلب مصر في 23 يونيو، دعا شكري "جميع الدول العربية الشقيقة إلى دعم تحركات مصر في هذه القضية الحيوية التي تؤثر على قدرات أكثر من 150 مليون مواطن يعيشون. على ضفاف نهر النيل في كل من مصر والسودان".
وتعثرت مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا والسودان تحت رعاية الاتحاد الأفريقي منذ فشل الأطراف المتفاوضة في التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم لتشغيل وملء سد النهضة خلال جلسة المفاوضات الأخيرة في 28 أغسطس.
وقال محمد حجازي، مساعد وزير الخارجية المصري السابق، لصحيفة "المونيتور" البريطانية: إن موقف الأردن الداعم لمصر في أزمة سد النهضة يتماشى مع الدبلوماسية العربية العامة في هذه المرحلة.
ومثلما أعربت جامعة الدول العربية بوضوح عن دعمها للموقف المصري، فقد أيد الأردن الموقف المصري الساعي لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية بما يخدم مصالح الدول الثلاث: إثيوبيا بضمان حقها في توليد الكهرباء من الدول العربية، فضلًا عن دفع التنمية، في مصر والسودان من خلال الحفاظ على حقوقهم غير القابلة للتصرف؛ لأنهم دول المصب وشركاء في النهر الدولي.
وأصدر مجلس جامعة الدول العربية، في 23 يونيو، عدة بيانات تتعلق بأزمة سد النهضة، مؤكدا أن الأمن المائي لكل من مصر والسودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربي، مؤكدا ضرورة امتناع جميع الأطراف عن الإجراءات الأحادية الجانب، بما في ذلك الملء، وتشغيل السد؛ حيث سيكون انتهاكًا صريحًا لإعلان المبادئ الذي وقعته الدول الثلاث في الخرطوم في 23 مارس 2015.
وأضاف حجازي: "ربما تدفع هذه المواقف الإقليمية والدولية الجانب الإثيوبي إلى إدراك أهمية التعاون والاستقرار والعدالة في استخدام المياه بما يحقق التنمية ويحافظ على حصة مصر من المياه".
وأشار إلى أن الولايات المتحدة فرضت عقوبات بقطع مساعدات قيمتها 100 مليون دولار بسبب "موقفها المتشدد" بشأن سد النهضة ، بحسب تقرير لرويترز في 2 سبتمبر.
وبحسب حجازي، فإن العقوبات الأمريكية وقرارات جامعة الدول العربية تظهر أن هذه الدول تدرك العقبات الرئيسية أمام قضية سد النهضة ومفاوضاتها.
وقال إن مصر أعربت عن تقديرها للدعم المتوقع من الدول العربية الشقيقة، الأمر الذي سيشكل ضغوطا على إثيوبيا ويشجع الرأي العام على رفض الموقف الإثيوبي.
وتشعر مصر، التي تعاني بالفعل من ندرة المياه، بالقلق من تأثير السد على حصتها من النيل البالغة 55.5 مليار متر مكعب من المياه.
وكانت إثيوبيا قد بدأت في بناء سد النهضة عام 2011 على الحدود الإثيوبية السودانية، بتكلفة تقدر بحوالي 4.6 مليار دولار وبسعة قصوى 74 مليار متر مكعب.
وسيؤثر سد النهضة على الزراعة في السودان من خلال الاحتفاظ بالرواسب، وسيؤثر انخفاض منسوب المياه على مصايد الأسماك عند المصب، بينما تصر إثيوبيا على أن السد مهم لتطورها الاقتصادي؛ لأنه سيوفر لها وللبلدان المجاورة كميات كبيرة من الكهرباء.
ومن جانبه قال كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، لـ"المونيتور"، عبر الهاتف، إن "الحكومة الجديدة في الأردن" تدعم مصر سياسياً وأخلاقياً.
وقال: إن الجامعة العربية اتخذت بالفعل قرارا لدعم مصر في هذا الخلاف، وموقف الأردن هو تأييد لما تم الاتفاق عليه في الجامعة العربية رغم أن عمان لا تمارس أي نفوذ على إثيوبيا.
وأشار السيد إلى أن "التطور الرئيسي هنا كان في المكالمة الهاتفية التي تمت يوم 14 أكتوبر بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، رئيس الاتحاد الأفريقي، والذي رعى مفاوضات سد النهضة الحالية.
وشدد رامافوزا خلال المكالمة على ضرورة حل الوضع الحالي والتوصل إلى اتفاق متوازن وعادل لهذه القضية الحيوية، وجدد السيسي موقف مصر من سد النهضة والحق في مياه النيل.
فيما قال أحمد فؤاد أباظة، عضو لجنة الشؤون العربية في البرلمان المصري، لـ"المونيتور": "إن الدعم الذي أظهره الأردن لمصر يأتي في إطار العلاقات القوية التي طالما تمتع بها البلدان، وكجزء من الرؤية التي يشاركونها في العديد من القضايا".
وتتمتع مصر والأردن بعلاقات قوية على مختلف المستويات، ويتشاركان في عدة رؤى وأهداف سياسية، أهمها القضية الفلسطينية التي يلعب فيها الطرفان دوراً بارزاً، إضافة إلى محاربة الإرهاب.