الأربعاء 15 مايو 2024

صلاح عبد الصبور.. ربيب الألم

فن22-10-2020 | 12:07

الليل ثوبنا، خباؤنا رتبتنا

شارتنا التي بها يعرفنا أصحابنا

 لا يعرف الليل سوى من فقد النهار

 هذا شعارنا

 لا تبكنا يا أيّها المستمع السعيد

 فنحن مزهوون بانهزامنا

 لم يكن صلاح عبد الصبور منهزما، لكنه كان حزينا ومتألما، وذلك لأن الكون لم يكن يعجبه، ولأنه كان يحمل بين جوانحه شهوة لإصلاح العالم، وقد اجتهد في إصلاحه قدر استطاعته، وكانت وسيلته المتاحة بحثه عن الحق والعدل والحرية والجمال، وقد اشتط في بحثه حتى أنه كان يريد أن يرى النظام في الفوضى وأن يرى الجمال في النظام، لكن مهمة إصلاح الكون تليق بالأنبياء أولي العزم والبأس، وأكبر من أن تتحملها أكتاف الشعراء أولي الحلم والقلب الموجوع، لكن صلاح عبد الصبور ركب الصعب، تاركا العمل الصحفي في روزاليوسف ليلتحق بوزارة الثقافة ظنا منه أنه يستطيع أن يصلح جزءا نخبويا في هذا الكون الكبير، بالرغم من أن الصحافة ربما تكون أكثر رحمة من العمل المؤسسي في ظل نظام شمولي يسعي لتوظيف العمل الثقافي لخدمة أغراضه، وقد تعرض صلاح عبد الصبور في وزارة الثقافة لمحنتين كبيرتين، أورثته الأولى مرارة ظل يعاني منه طول حياته، ويتلقف انتقادا وتأنيبا وسبابا كثيرا، أما الثانية فقضت عليه تماما. 

مذبحة المنابر اليسارية 

 المحنة الأولى كانت في النصف الثاني من سبعينيات القرن العشرين، عندما وافق صلاح عبد الصبور على رئاسة تحرير مجلة "الكاتب" بعد استبعاد رئيس تحريرها أحمد عباس صالح ورفيقيه عبد العزيز الأهواني و عبد المحسن طه بدر، تلك المجلة التي تعد المنبر الأكثر شهرة والأعلى دلالة على الفكر اليساري، وقد عد المثقفون المصريون قبوله لهذا المنصب، قدوما على جثث كتاب اليسار المنزاحين، وإرضاء للسلطة القامعة، التي كان من الواضح أنها تنفذ خطة بقيادة يوسف السباعي وزير الثقافة وقتها، للقضاء تماما على جميع المنابر اليسارية، وقصف الأقلام الحداثية، وكانت أجنحة "يوسف السباعي" التي يستخدمها في هجاء كتاب اليسار كثيرة جدا.

 

وفي منابر عديدة، مثل دار الهلال والأخبار، اللتين شنت إصداراتهما هجوما ضاريا ضد كتاب اليسار في الجمهورية والكاتب والطليعة، وكان "صالح جودت" و "فكري أباظة" و "علي أمين" أبرز أقلام الهلال والأخبار التي سنت أقلامها للذبح، أما "صلاح عبد الصبور" فقد وصلت اتهامات كتاب اليسار له إلى حدود الخيانة لتاريخه الإبداعي المشرف، وقد أصدر كتاب اليسار بيانا شديد اللهجة ضده، شارك في صياغته الشاعر "محمد عفيفي مطر" و الكاتب "صلاح عيسى" و الناقد "غالي شكري"، ونشروه في مجلة الطليعة، هذه المجلة التي لم تنج هي الأخرى من المذبحة، إذ سرعان ما أغلقها بعد ذلك "يوسف السباعي"، بالحجج نفسها.

وعندما نشر "محمد عفيفي مطر" قصيدة أغنية الكعكة الحجرية" للشاعر "أمل دنقل" في مجلة سنابل، تلك القصيدة التي كتبها الشاعر عن مظاهرات طلاب جامعة القاهرة في ميدان التحرير حول نصب الكعكة الحجرية عام 1972، احتجاجا على اعتقال أكثر من ألف وخمسمائة طالب من زملائهم الذين احتجوا على سياسة الرئيس "السادات"، الذي انتهج ما اصطلح على تسميته سياسيا بحالة اللا سلم واللا حرب، كان الظلاب، بل وجميع طوائف الشعب المصري، تستعجل الأخذ بثأر الهزيمة، ومجلة سنابل مجلة إقليمية تصدر في كفر الشيخ، وكانت بعيدة عن سلطة "يوسف السباعي" إلا أن أذرع "يوسف السباعي" لم تكن قصيرة، حيث أجرى اتصلاته بـ "إبراهيم البغدادي" محافظ كفر الشيخ وقتها، وكانت النتيجة إغلاق آخر منبر يساري يصدر في مصر.

     أيها الواقفون على حافة المذبحة

     أشهروا أسلحتكم

     سقط الموت وانفرط القلب كالمسبحة

     والدم انساب فوق الوشاح

     المنازل أضرحة

     والزنازن أضرحة

     والمدي أضرحة

     فارفعوا الأسلحة

     واتبعوني

     أنا ندم الغد والبارحة

     رايتي: عظمتان وجمجمة

     وشعاري الصباح 

إسرائيل في معرض الكتاب 

 إذا كانت المحنة الأولى التي تعرض لها صلاح عبد الصبور نتيجة اختياراته، فإن المحنة الثانية كانت نتيجة اختيارات رئيس الدولة الأسبق "محمد أنور السادات" الذي كان قد انتهى للتو من توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع الكيان الصهيوني، هذه الاتفاقية التي من تبعاتها تبادل التطبيع الثقافي بين مصر وإسرائيل، ولم يكن يخطر في بال السلطة السياسية آنئذ، هذا الرفض المدوي من قبل المثقفين المصريين، ليس فقط للتطبيع الثقافي، بل للاتفاقية كلها، وكان من سوء حظ "صلاح عبد الصبور" أنه رقي رئيسا لهيئة الكتاب المنظمة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، الذي شهد مشاركة الجناح الإسرائيلي، تنفيذا لبنود الاتفاقية، وحمل وحده وزر هذه المشاركة، وكأنه هو الداعي لها، حتى أن روايات المثقفين الذين تظاهروا أمام الجناح الإسرائيلي، وحرقوا العلم الإسرائيلي، ورفعوا العلم الفلسطيني، وفروا من الملاحقة الأمنية لهم إلى مكتبه بأرض المعارض بالجزيرة، تؤكد أنه بسط حمايته لهم، ووقف بجوارهم، إلا أن الوزر ظل لصيقا به، والتهمة ظلت ملاحقة له، وقد بذل محاولات مضنية للإفراج عن المتظاهرين المعتقلين، لكن محاولاته كلها باءت بالفشل، وقد وضع اسمه على رأس قوائم المقاطعة العربية، ونال من السباب والهجاء من لجان هذه المقاطعة، عربيا ومحليا، ما من شأنه أن يحطم عشرين رجلا، لا رجلا واحدًا.

ثورة المثقفين في معرض الكتاب، نبهت النظام السياسي وقتها إلى خطورة الأمر، فصدر قرار سيادي بنقل معرض الكتاب من مكانه المعهود منذ اثني عشر عاما في الجزيرة، المكان الذي فيه الأوبرا الآن، إلى صحراء مدينة نصر، البعيدة تماما، في ذلك الوقت، عن العمران، والتي تحيطها الثكنات العسكرية من الجهات كلها.

 وبالرغم من أن صلاح عبد الصبور" قد سبق وأن قال:

  الناس في بلادي جارحون كالصقور

     إلا أنه لم يعد قادرا على احتمال انقضاض كل هذا الكم من الصقور على كتفيه، فقتلته كلمة قالها له الفنان "بهجت عثمان":

     (انت بعت نفسك بملاليم). 

وقائع موت الفارس 

     كان الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي قد وجه الدعوة لعدد قليل جدا من أصدقائه للاحتفال بعيد ميلاد ابنته "مها" الرابع عشر، في شقته بالطابق الخامس بالعمارة رقم 95 شارع الحجاز، النزهة، بمصر الجديدة، كانت الدعوة قاصرة على الشعراء والنقاد وزوجاتهم، "صلاح عبد الصبور" وزوجته السيدة "سميحة غالب"، "أمل دنقل" وزوجته السيدة "عبلة الرويني"، الدكتور "جابر عصفور" وزوجته الدكتورة "ثريا الجندي"، لكن "صلاح عبد الصبور" اقترح على "أحمد عبد المعطي حجازي" اسم صديقهما المشترك الرسام "بهجت عثمان"، غرابة الأمر أن الدكتورة "سهير عبد الفتاح" زوجة "أحمد عبد المعطي حجازي" اعترضت على حضور "أمل دنقل"، بسبب ما هو شائع عنه من حدة في النقاش، لكن زوجها الذي يعرف صديقه جيدا، طمأنها، وقد سارت الليلة سيرا هادئا، حيث ظلوا يتحدثون فيها عن الشعر والفن التشكيلي والموسيقا، ويستعيدون الذكريات، ووجوه أصحابهم الذين ارتحلوا، يأكلون اللحوم المشوبة، ويشربون الخمور الفرنسية، يغنون ويرقصون، وقد غني "أحمد عبد المعطي حجازي" أغاني "محمد عبد الوهاب" القديمة، وعندما طلب "صلاح عبد الصبور" من "أمل دنقل" أن يسمعهم قصيدته (لا تصالح)، اعتذر الشاعر الذي خشيت الدكتور "سهير عبد الفتاح" من حدته،  خجلا من أن يقرأ شعرا له في حضرة أستاذيه "صلاح" و "حجازي"، وآثر أن يقرأ قصيدة (أحلام الفارس القديم) لـ "صلاح عبد الصبور"، وهي القصيدة التي يحبها "أمل دنقل"، ويحفظها رغم طولها:

     يا من يدلُّ خطوتي على طريقِ الدمعةِ البريئه!

     يا من يدلُّ خطوتي على طريقِ الضحكةِ البريئه!

     لكَ السلامْ

     لكَ السلامْ

     أُعطيكَ ما أعطتنيَ الدنيا من التجريب والمهاره

     لقاءَ يومٍ واحدٍ من البكاره

     لا، ليس غيرَ أنتِ من يُعيدُني للفارسِ القديمْ

     دونَ ثمنْ

     دون حسابِ الربحِ والخساره

 كان الرسام بهجت عثمان قد ثمل جدا، لأنه لم يستطع أن يمسك كأس الخمر في يده دون اهتزاز، فقال هذه الكلمة القاسية.

كانت الكلمة جارحة كفعل الصقور، فوقف "صلاح عبد الصبور"، كان من الواضح أنه مقبل على الموت بالفعل، وواجه صديقه الذي لم يكن أصلا ضمن المدعوين، لكنه هو الذي اقترحه، وقال له بصوت متهدج أسيف:

     ما الذي حصلت عليه لكي أتهم بالخيانة؟، وما الذي بعته بالتحديد؟.

     الرفاق نهضوا من مقاعدهم، وحاولوا تهدئة "صلاح عبد الصبور"، كان "أحمد عبد المعطي حجازي" أكثرهم حرجا، فهو صاحب البيت، وصاحب الدعوة، ولم يجد أمام هذا الموقف المتأزم، إلا أن يقوم بطرد "بهجت عثمان"، وتولى "أمل دنقل" إيصاله لباب البيت.

تأزم الموقف جدا، بعد خروج "بهجت عثمان" لكن "صلاح عبد الصبور" شعر باختناق في التنفس، وطلب أن يخرج للشارع لاستنشاق بعض الهواء المنعش، ونزل معه "أحمد عبد المعطي حجازي"، وما إن بدآ يسيران في الشارع، حتى اشتدت الأزمة على "صلاح عبد الصبور"، وبدا عليه أنه غير قادر على التنفس، فأوقف "أحمد عبد المعطي حجازي" سيارة، متجها به إلى مستشفى هيليويليس، القريب جدا من بيته، ولم تمض غير خمس دقائق على دخولهما المستشفى، إلا وكان "صلاح عبد الصبور" قد مات، مات وعيناه حزينتان جدا، وقلبه يعتصره الأسى، مات بين يدي صديقه "أحمد عبد المعطي حجازي"، ولم يكن صديقه يملك أي حيلة:

     ما حيلتي؟ وخطاي أقصر من خطاك

     تروح مستبقًا، فتسبقني، وتنأى،

     ثم لا ألقاك إلا في نهايات الطريق

     وعليك من ذكر المغامرة افتضاحٌ فاتنٌ،

     وعليك أصوات، وألوان،

     قطوف من بواكير الخليقة،

     أو رؤىً مما تزخرف فيك ألسنة الحريق!

     وأنت تبعث من رمادك طيبا

     وتعود للمقهى،

     فتشرب كأسنا، وتموت،

     هل هو موتك المنشود،

     أم موت القصيدة مشتهاك؟

     وكلاكما متبرجٌ لرفيقه

     وكلاكما ذاوٍ، ومنطفئٌ على طرف السرير،

     وأنت تبحث في صباها، دون جدوى،

     عن صباك!

الأزمة التي فاجأت "صلاح عبد الصبور"، سبق له أن جربها من قبل في منزل صديقه "فاروق خورشيد" لكنها هذه المرة جاءته في منزل صديقه "أحمد عبد المعطي حجازي" وكأنه قد عقد اتفاقا سريا بينه وبينها ألا تأتيه إلا وهو في منزل واحد من صحابته، حتى إذا ما فعلت فعلتها، يكون متحدثا أو سامعا كما قال في شعره، وقد فعلت فعلتها هذه المرة، ومات بالفعل بين يدي صديقه "أحمد عبد المعطي حجازي".

يقول "أمل دنقل" عن موت "صلاح عبد الصبور" في هذه الليلة:

 أعتقد أن الكلمة التي أطلقها الرسام "بهجت عثمان" في وجه "صلاح عبد الصبور"، لم تكن هي القاتلة، بل كانت فقط القشة التي قصمت ظهر البعير، فليس سهلًا على شاعر في حجم "صلاح عبد الصبور" وفي موهبته، أن يكون مطيةً لنظام ليس وطنيًا وليس قوميًا، ولا يعطي الثقافة كبير احترام، فكأن "صلاح عبد الصبور" كان يطلب النجاة من هذا المأزق التاريخي الذي وجد نفسه فيه.

المتألم الحزين 

     وهكذا عاش صلاح عبد الصبور حزينا متألما، ومات حزينا متألما، وكان قوسا حياته لا يضمان غير خمسين عاما فقط، لكنها كانت كافية لخلق حياة طويلة، أو كأنها طويلة، وعيوننا تحتفظ بصور له، نسترجعها، فإذا هي لرجل كبير السن، منتفخ الأوداج، فضي الشعر، لا يمكن أن تكون لرجل في الخمسين، هو نفسه كان يكتب (على مشارف الخمسين) ظنا منه أنه كبر وعمر، وكأنه يكتب على مشارف السبعين أو الثمانين، ويبدو أن الشاعر يعيش حصته كاملة من الفرح والحزن والألم والسعادة والمجد، خلال ما هو مصروف له من سنوات عمره، أيا كان عددها، فنحن نتعامل مع "طرفة بن العبد" و "أبي القاسم الشابي" و "بدر شاكر السياب" و "أمل دنقل" كما نتعامل مع "عمرو بن كلثوم" و "خليل مطران" و "نازك الملائكة" و "محمد عفيفي مطر"، رغم قصر عمر شعراء الفريق الأول، بالقياس لشعراء الفريق الثاني، وكلا الفريقين دخل المتن الأساسي لديوان الشعر العربي.

     أنا رجل من غمار الموالي

     فقير الأرومة والمنبت

     فلا حسبي ينتمي للسماء

     ولا رفعتني لها ثروتي

     ولدت كآلاف من يولدون بآلاف أيام هذا الوجود

     لأن فقيراً ـ بذات مساء ـ سعي نحو حضن فقيرة

     وأطفأ فيه مرارة أيامه القاسية

     نَمَوْتُ كآلاف من يكبرون

      يقاتون خبز الشموس ويسقون ماء المطر

     وتلقاهم صبية يافعين حزاني علي الطرقات الحزينة

     فتعجب كيف نموا واستطالوا وشبت خطاهم

     وهذي الحياة ضنينة.

يكاد يكون صلاح عبد الصبور هو الشاعر الوحيد الذي دل عليه الموت أكثر مما دلت عليه الحياة، وهو ما يفسر هذا الكم الكبير من قصائد المراثي التي كتبت في رحيله لدرجة أن كل شعراء مصر تقريبا، وكثيرا من شعراء الوطن العربي، قاموا برثائه، حتى أن الدكتور "عبد الغفار مكاوي" أحد أقرب أصدقائه، وضع كتابا كاملا في أكثر من مائتي صفحة بعنوان (بكائية إلى صلاح عبد الصبور)، وهو كتاب أقرب إلى الشعر، وقد استطاع الشاعر "محمد إبراهيم أبوسنة" أن يقف على أهم ملمح من ملامح شخصية "صلاح عبد الصبور" حين قال في رثائه :

 وكنت تصالح بين النقيضين

 ربما لأن "صلاح عبد الصبور" كان فيه ميل دائما للنقيضين، كان رافضا للنظام، لكنه لم يكن معارضا أو ثوريا، وهو في نفس الوقت أحد كبار موظفيه، وكان متعاطفا مع الإخوان المسلمين في صدر شبابه، ثم انحاز كلية للشيوعية، لكنه في الحالتين لم ينخرط تنظيميا في هذا ولا ذاك، وكان محبا للقصيدة العمودية الجميلة وهو أحد كبار رواد الشعر التفعيلي، وكان يهجو "جمال عبد الناصر" ولا يملك جرأة نشر القصيدة في دواوينه حتى بعد رحيل المهجو وتغير المناخ.

 وقد كان من الطبيعي أن يموت صلاح عبد الصبور بين الشعراء والمبدعين، حتى ولو كان موظفا كبيرا في وزارة الثقافة، يقضي جل وقته في إدارة شئون هيئته الكبيرة، المنطق يقول إن الموت قد يأتيه وهو يوقع على الأوراق الرسمية في مكتبه الوثير، لكنه، كشاعر، ما كان يليق به مثل هذا الموت الصغير، الذي يليق به، موت دراماتيكي مثل الذي حدث معه، هو نفسه كان يطلب مثل هذه الميتة، بل كان يتوقعها.

وها هي السنوات تمر على رحيله، ربما كانت كافية لكي يشعر كل من آذوه بالندم ولكي تسقط عن جسده كل قشور التقلبات السياسية، ولا يتبقى غير وجهه الشعري والدرامي والوجودي، كأحد أكبر شعراء العربية في تاريخها كله .

     ينبئني شتاء هذا العام أن داخلي مرتجف بردا

     وأن قلبي ميت منذ الخريف

     فقد ذوى حين ذوت أولُ أوراق الشجر

     ثم هوى حين هوت أول قطرة من المطر

     وأن كل ليلة باردة تزيده بُعدا

     في باطن الحجر

     وأن دفء الصيف إن أتى ليوقظه

     فلن يمد من خلال الثلج أذرعه

     حاملة وردا.

    Dr.Radwa
    Egypt Air