الأربعاء 27 نوفمبر 2024

«عيد التحرير» يتوج ثلاث حروب !!

  • 25-4-2017 | 14:26

طباعة

بقلم: حمدى الكنيسى

أعتقد أن «الخامس والعشرين من أبريل» يمثل التتويج العملى الرائع لنتائج ثلاث معارك أو للدقة ثلاث حروب خاضتها مصربتفوق جعل إسرائيل تعترف فى النهاية بأنها فقدت «أسطورة القوة» التى كانت تتغنى بها ويرددها معها حلفاؤها المعروفون للقاصى والدانى، وكان الإلحاح بالحديث عن تلك الأسطورة يستهدف ضرب الروح المعنوية لنا: «مقاتلين ومواطنين عاديين» حتى نستسلم ونقبل مرغمين أهداف «نكسة ٦٧» التى واجهنا فيها مؤامرة كبرى كان «جيش الدفاع الإسرائيلى» واجهتها وأداتها، بالرغم من أنه لم يدخل فى مواجهة مباشرة مع جيشنا.

وكان من الطبيعى أن تنتفض مصر لتدافع عن أرضها وكرامتها وتاريخها وبدأت - بأسرع ما يمكن ثلاث معارك - أو قل «ثلاث حروب» فاجأت إسرائيل والمنحازين لها وهى:

١- حرب الاستنزاف:

بدأت هذه الحرب بعد أيام قليلة من وقوع النكسة، حيث شهدت «رأس العش» أول مواجهة حقيقية مع قوات إسرائيلية اندحرت وفشلت فى تحقيق هدفها، الذى كان من أبعاده «استعراض القوة وتأكيد احتلال سيناء، ثم تتابعت المواجهات، التى خاضها أبطال الصاعقة، وبلغت حرب الاستنزاف ذروتها بنجاح مصر فى بناء حائط الصواريخ، وسقوط عشرات الطائرات الإسرائيلية لتعيش إسرائيل «السبت الحزين»، كما قالت صحفها، كما عاشت أيام حزن أخيرة مثل ضرب إيلات جعلتها تسعى إلى وقف هذه الحرب باتفاق عسكرى قبلته مصر لاستكمال حوائط الصواريخ، وتحديث القوات الجوية وغيرها.

٢- حرب أكتوبر:

حققت مصر فى هذه الحرب المجيدة انتصارات متتالية حيث هزم «فريق العقول المصرى» الفريق الإسرائيلى المقابل، بوضع أعظم خطط الخداع والتمويه والتغلب على الموانع الطبيعية والصناعية بما فيها قناة السويس والساتر الترابى، الذى أقامته إسرائيل على الشاطئ الشرقى للقناة، ومواسير النابالم المتربصة والمتحفزة لتحويل القناة إلى نار جهنم، وخط بارليف، الذى اعتبروه مقتل المصريين لو اقتربوا منه، إلى جانب ذراع إسرائيل الطويلة، التى جعلت «موشيه دايان» يقول: إن «قواتهم الجوية» مستعدة لضرب أبعد الأهداف فى أبعد الدول، بالإضافة إلى مدرعاتهم وبقية أسلحتهم الحديثة جدًا.

ثم كان «التنفيذ الدقيق»، الذى جسد أعظم آيات الشجاعة والبطولات.. ليسقط جنود وضباط جيش الدفاع قتلى وأسرى، وجرحى، ولولا الجسر الجوى الأمريكى، الذى حمل لهم أحدث الطائرات والمدرعات ليستغلوا ما نقله لهم القمر الصناعى الأمريكى عن ثغرة فيما بين قواتنا لكانت الهزيمة الساحقة الماحقة التى أكدت انهيار أسطورة جيش الدفاع إلى جانب بقية الأساطير الإسرائيلية، التى تحدث عنها الخبير العسكرى البريطانى الكبير «إدجار أو بلانس» فى دراسة هامة قائلًا: إن حرب أكتوبر بددت عددا من الأساطير والأوهام الإسرائيلية، نذكر نحن منها: أسطورة «الأمر الواقع»، التى تصورت إسرائيل أنها تفرض بها احتلال سيناء إلى الأبد !»وأسطورة «الحدود الآمنة» وأسطورة القوة الإسرائيلية الغاشمة، وأسطورة «أن العرب لا يفهمون إلا لغة القوة ولم يخلقوا للحرب»، وأسطورة «المهم ما يفعله اليهود».

والمؤكد أن نتائج حرب أكتوبر هى التى دفعت إسرائيل إلى القبول باتفاق السلام، كما عرضه الرئيس أنور السادات، وهذا ما سجلته أنا شخصيًا فى كتابى «الحرب طريق السلام»، الذى نال جائزة أحسن الدراسات الاستراتيجية، لما أوضحته فيه عن جوانب وأبعاد ونتائج حربنا الأكتوبرية المجيدة، وكيف أيقنت إسرائيل فشل وعقم نظريتها الأمنية، التى اجتاحها طوفان أكتوبر، وهكذا شهد يناير من عام ١٩٧٨ توقيع اتفاق كامب ديفيد، وفى مارس ١٩٧٩ عقدت معاهدة السلام ثم اكتمل الانسحاب الإسرائيلى باستعادة مصر لآخر شبر من أرض سيناء.

٣- الحرب القانونية والدبلوماسية:

فى أواخر عام ١٩٨١الذى كان يتم خلاله تنفيذ المرحلة الأخيرة من مراحل الانسحاب، سعت إسرائيل - كعادتها- لافتعال أزمة تعرقل هذه المرحلة فقامت بإثارة مشكلات حول وضع “١٤ علامة حدودية» أهمها العلامة «رقم ٩١ فى طابا»، الأمر الذى أدى إلى إبرام اتفاق فى ٢٥ أبريل ١٩٨١ الخاص بالإجراء المؤقت لحل مسائل الحدود، الذى نص على عدم إقامة إسرائيل لأى إنشاءات، مع حظر مظاهر السيادة، على أن يتم الفصل النهائى فى مسائل وضع الحدود المختلف عليها بالمفاوضات أو بالتحكيم الدولى، وهنا يبرز اكتساح الفريق القانونى والدبلوماسى المصرى للفريق الإسرائيلى فى هذه الحرب، حيث صدر فى ١٣ مايو ١٩٨٥ قرار مجلس الوزراء بتشكيل «اللجنة القومية لطابا» برئاسة د. عصمت عبدالمجيد وعضوية “١٤ خبيرًا» منهم “٩ خبراء قانونيين، إلى جانب خبراء فى الجغرافيا والتاريخ، وكبار الدبلوماسيين والعسكريين وخبراء المساحة العسكرية. ومع احترامنا وتقديرنا لهذه الكتيبة القانونية والدبلوماسية والعسكرية.. نذكر منهم الدكتور نبيل العربى، الدكتور مفيد شهاب، يونان لبيب رزق، كمال حسن على، قوات مسلحة، عبدالفتاح محسن قوات مسلحة السفير عبدالحليم بدوى، الدكتور وحيد رأفت، الدكتور حامد سلطان، السفير حسن عيسى، وهكذا تم فى ٢٥ أبريل تتويج معاركنا أو «حروبنا» الثلاث، ولعل هذا اليوم المجيد «الخامس والعشرون من أبريل» يشهد فى عامنا هذا وبفضل ثورتينا «يناير ويونيه» معركة أخرى بالغة الأهمية وهى تنمية «أرض الفيروز» من خلال المشروعات الكبرى، التى تنطلق بالإرادة السياسية، وبروح يناير ويونيه، وأيضًا بروح أكتوبر العظيمة.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة