الأحد 5 مايو 2024

التصوف.. معراج السالكين إلى الله حج دائم إلى السماء

فن26-10-2020 | 22:01

ابن الفارض


أبيات ابن الفارض، هذه زينت غلاف كتاب "التصوف.. معراج السالكين إلى الله"، للمؤلف حسين غباش، وهو الكتاب الصادر عن دار الفارابى، ويقع الكتاب فى عدد ٢٢٤ صفحة من الحجم المتوسط، مقاس 14*21 سم.

الدكتور حسين غباش، هو كاتب وباحث إماراتي وأستاذ بجامعة القديس يوسف ببيروت، و دبلوماسي سابق.

ولحسين غباش، العديد من المؤلفات منها، محمد صلى الله عليه وسلم.. قراءة حديثة فى سيرة رسول النور والسلام، وفلسطين- حقوق الإنسان وحدود المنطق الصهيوني، عُمان الديمقراطية الإسلامية (تقاليد الإمامة والتاريخ السياسي الحديث)، والجذور الثقافية للديمقراطية فى الخليج (الكويت والبحرين).


وينطوى كتاب "التصوف.. معراج السالكين إلى الله"، على أربعة فصول تم توزيع موضوعاتها، فى أبواب مستقلة ولكنها غاية فى الترابط، وتعكس بشكل واضح مسار السالك ومعراجه المتدرج فى تسلسل بديع وشيق، يفضى كل باب إلى الباب الذى يتبعه وفق التدرج الطبيعي للسالك وانتقاله من مقام لآخر فى تسلسل مُحكم و سهل وبديع وغاية فى الروعة.


ويلقى الفصل الأول الضوء على موضوعات عدة منها، الجذور، والتعريف، والإحسان، والحال والمقام، والهجرة إلى الله، ومقام العزلة، وهى موضوعات تهدف لتعريف التصوف وموضوعاته، حيث يعرف المؤلف التصوف بأنه "سلوك روحى إسلامي، فيه كل ما يمكن أن يتصف به المؤمن الحقيقي من التقوى والورع وتزكية النفس".


ثم ينتقل فى الفصل الثانى إلى مفاهيم صوفية ذات أهمية كبيرة يرتبط بعضها ببعض وهى، مراتب النفس، وتزكية النفس، وتطهير القلب، ثم يعرج إلى الذكر والمعرفة.. ونأتى للفصل الثالث، الذي ينطوى على الزهد، والقدوة، والمُثل العليا، وقصة الْعَالَمِينَ، ونماذج مع زهد الورع.


ثم نأتى للفصل الرابع والأخير، والذي انطوى على الحب الإلهى، ثم يعرض لنموذجين صوفيين هما، رابعة العدوية، أو كما سُمّيت شهيدة العشق الإلهى، والحلاج.. شهيد التصوف.


إن التأمل فى علوم التصوف سفر غنى وممتع فى روح الإسلام لسبر غور المعنى الإسلامى؛ الرسالي، والنصي، والعبادى.


ومن الجلي أن لكل شيء ظاهرا وباطنا، و للإسلام كما للأديان السماوية الأخرى جناحان يُحلق بهما فى فضاء الوجود، الجناح العبادي، الطقوسي، وهو ما يعرف بظاهر الدين، والجناح الروحي، أى إسلام الحقيقة والاتصال الواعى الذوقي بالله، والجوهر غالبًا ما يكون محجوبًا عن التعاطى التبسيطى والابتذال ومتساميًا بنفس القدر.


لذا يرى المؤلف أن "التصوف علم مميز على أكثر من صعيد أيا كان ذلك فيما يتعلق بطبيعة فهم أصل التصوف الأصيل للحقيقة والدين والعبادات، أم فيما يرتبط برؤيتهم إلى الحقيقة والوجود، والأهم بمعرفتهم الخاصة بخالقهم"؛ وهو الأمر الذى سعى المؤلف حسين غباش من خلال "التصوف.. معراج السالكين إلى الله" لتأكيده من خلال التجول فى التراث الروحى العظيم للتصوف وإشراقاته النورانية والجمالية انطلاقا من حقيقة أن التأمل فى علوم التصوف سفر غنى وغاية فى الإمتاع.


وسعى المؤلف من خلال هذا الكتاب إلى "التعرف إلى عالم التصوف كمدرسة إسلامية أصيلة لها قواعدها وأحكامها الدينية والفكرية، والأهم أنه علم يتكفل بإيصال السالك إلى ربه سالماً غانماً".


كما عمد المؤلف من خلال كتابه إلى إلقاء الضوء على جوانب هذا التراث الإسلامى الروحى الغنى والممتع وممثليه الربانيين، متتبعاً مسار السالك ومعراجه إلى مولاه عبر الأحوال والمقامات التى يسلكها الصوفي للارتقاء المعرفي؛ الدينى والروحى.


وسعى المؤلف أيضا من خلال كتابه، لشرح الفضاء الروحى للعالم غير المنظور الذى يستهدفه التصوف وكذلك مجمل منتج المتصوفة من أدب بديع وممتع، و يستهدف بنفس القدر الطرق والأساليب التى اتبعها التصوف فى البحث عن الحقيقة.


ومن الأمور ذات الأهمية أيضا فى هذا الكتاب، أن المؤلف كان مهتماً بشكل واضح بتفنيد وإزالة المفاهيم والدلالات والأفكار المغلوطة والتى ارتبطت عبر الزمن بالتصوف، وهى التى أساءت كثيرا إليه ومنها، اختزال التصوف فى مشهد ذلك الدرويش الذى يرتدى خرقة بالية أو مزركشة، ويأتى بحركات غير مفهومة، وهو التنميط الذى يكتفى وينطوى بشكل أساسي على الشكل دون الجوهر والمضمون، وهو ما يراه المؤلف فى قوله" إن التصوف ليس لَبس الخرق الملونة والعمائم الكبيرة والمسابح الطويلة، بل حياة القلب مع الله .. التصوف هو حج دائم إلى السماء، وكل معراج الصوفي إلى الله معراج تطهير وتزكية للوصول إلى حالة الكمال الأخلاقي والدينى ".