الإثنين 24 يونيو 2024

اللواء أيمن سيد: «حائط الصواريخ».. نقطة التحول فى المعركة

29-10-2020 | 11:38

بداية.. كيف استطعنا منع إسرائيل من السيطرة الجوية والوصول للقناة رغم تفوقها الجوية؟

كنت ضابطًا بسلاح الدفاع الجوي (صواريخ سام ٢)، وكانت إسرائيل تطلق على قواتها الجوية «اليد الطولي»، حيث نجحت إسرائيل في تنفيذ غارات جوية في عدة أماكن في مصر مثل البحر الأحمر ونجع حمادي والإسكندرية ودهشور، خصوصًا بعد أن استلمت الطيارات الحديثة «آن ذاك» طراز» فانتوم» من أمريكا، وعلى الجانب الآخر لم يكن الدفاع الجوي المصري يمتلك صواريخ لها القدرة على اعتراض وتدمير تلك الطائرات الحديثة لإسرائيل، وظل هذا الوضع حتى يناير ١٩٦٩، حيث قام الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بزيارة الاتحاد السوفيتي وإبرام صفقه لتقوية وتحديث الدفاع الجوي المصري بصواريخ «سام١، وسام ٢، وسام ٢ المعدلة وسام ٣ ورادارات»، بالإضافة إلى عدد آخر من الطائرات طراز «ميج٢١». وفى منتصف عام ١٩٧٠ بدأنا في بناء حائط الصواريخ الذى ببنائه أصبح لنا تأثير كبير على سلاح الجو الإسرائيلي وعلى صناعة القرار السياسي الإسرائيلي.

وأذكر أنى فى ٣/٨/١٩٧٠ كان أول اشتباك لي مع طائرات العدو الإسرائيلي.

واستمر حائط الصواريخ في الزحف للأمام حتى وصل إلى مسافة ٤٠كم من قناة السويس، لذلك اضطرت إسرائيل لقبول مبادرة «رودجرز» وزير الدفاع الأمريكي آن ذاك لوقف إطلاق النار فى ٨/٨ /١٩٧٠ بعد أن عُرِضت للمرة الأولى فى ديسمبر ١٩٦٩ ورفضتها إسرائيل لضعف سلاح الدفاع الجوي المصري وقتها.

وقد استطاع حائط الصواريخ أن يحيد اليد الطولي لإسرائيل خلال الأيام الأولى لحرب أكتوبر وظل حائط الصواريخ يحمى الجيش أثناء عملها ولم تستطع إسرائيل تدميره بالطيران، لذا لجأت إسرائيل لسلاح المدرعات، وذلك بعد حدوث الثغرة انتهزت المدرعات الفرصة وأصبحت تتدفق داخل الثغرة، وقد كان أهم أهدافها هو تدمير كتائب الصواريخ، حتى تستطيع قواتها الجوية من الوصول للقناة، لذا فيعتبر حائط الصواريخ هو نقطة التحول من الضعف إلى القوة.

وخلال حرب أكتوبر ٧٣ كنت فى بورسعيد، وتمكنت من إسقاط ١٧ طائرة للعدو الإسرائيلي فى بورسعيد، وقد تم توثيق دورنا خلال حرب أكتوبر ٧٣ فى فيلم وثائقي.

ماذا عن المواقف التي أكدت قوة وبسالة المقاتل المصري؟

فى ١٣ من أكتوبر عام ١٩٧٣ تمكن العدو من التأثير على الموقع والتأثير على ٨٥ فى المائة من القدرة التدميرية للموقع، ولكن بالتعاون بين الضباط والجنود استطعنا تحقيق خسائر كبيرة فى العدو، رغم أن قدراتنا كانت لا تتخطى الـ٢٠ فى المائة من القدرة التدميرية الكاملة للكتيبة.

وقد تمكنت من إجبار طيار إسرائيلي على القفز من طائرته دون أن أطلق عليه صواريخ عن طريق الخداع الإلكتروني، حيث قمت بخداع الطيار الإسرائيلي باستخدام جهاز المحاكي للمحطة الخاص بالتدريب، والذى يطلق نفس الإشارات التى تصدرها المحطة الفعلية، وبصدور تلك الإشارات ظهر لرادار الطيار إنه مرصود، وتم إطلاق صاروخ عليه، لذا قام بالقفز من الطائرة، ويرجع الفضل فى ذلك إلى الله أولًا ثم إلى تدريبنا الجيد ودراستنا الجيدة للعدو الإسرائيلي.

بالإضافة إلى الدعم الكامل الذى تلقاه الجيش المصري، وأذكر أنني فى حرب ٦٧ وعند تنفيذ الانسحاب من عيون موسى إلى غرب القناة منطقة الجناين «السويس» وجدت شابًا وفتاة يقوما بتقديم الأكل والشرب للعائدين من الجنود والضباط والصف فوجب علينا رد الاعتبار، لأن شعب مصر أعظم شعوب الأرض يجتمع عند الأزمات ولا يتخلى عن بلده أو قضيته أبدًا.

بعد مرور كل هذه السنوات على حرب أكتوبر... هل تغيرت عقيدة المقاتل المصري من وجهة نظرك؟

بالطبع لا، فعقيدة المقاتل على مر العصور هى حماية الأراضي المصرية داخليًا وحماية أمنها القومي خارجيًا، حتى لو اضطررت لإرسال قوات، فهى عقيدة دفاعية لا تتعدى على أحد.

كيف ترى التطور الذى تشهده القوات المسلحة فى نظم التسليح والقدرات القتالية لها؟ وما مدى أهميته؟

أولًا يجب أن نؤكد على أن تطوير تسليح الجيش المصري يتماشى مع القدرة الاقتصادية الشرائية للدولة، وتتمثل أهميته فى أن الجيش المصري هو الجيش الوحيد فى المنطقة العربية ولا زال -نحمد الله- محافظًا على بلده وعلى مستواه المعهود، لذلك توجب على القيادة السياسية الاهتمام بتطوير تسليح الجيش المصري لمواكبة التحديات المحيطة بنا، وقد ظهر جليًا خلال الأزمة الليبية الأخيرة كيف استطاعت مصر أن تدخل لحل الأزمة ومنع التدخلات الخارجية فى ليبيا.

كيف ترى احتلال الجيش المصري للمرتبة التاسعة عالميًا؟

لا يجب أن نأخذ بالترتيبات المختلفة فى عين الاعتبار، ولكن الأهم هو الوقوف على مستوى تدريب الأفراد وجاهزية السلاح لمواجهة التحديات المحيطة بنا.

كيف نستطيع حماية الأمن القومي المصري فى ظل التحديات المحيطة؟

- توجد دول تسمى «محور الشر» لا يريدون لمصر التقدم أو التلاحم الموجود بين الجيش والشرطة والشعب من خلال زرع الفتن والإشاعات بين المواطنين بأخبار كاذبة عن الجيش المصري أو الشرطة.

رغم أنه بالنظر للواقع المصري نجد أن جيش مصر هو الشعب المصري والشعب المصري هو جيشها بدليل أن الشاب المصري بعد انتهاء مراحله التعليمية يتقدم للتجنيد لتأدية خدمته العسكرية، وهو لازال يُعتبر من ضمن الشعب، وعند قبوله لأداء الخدمة يتحول لجندي من جنود القوات المسلحة المصرية، وبعد انتهاء مدته بالعود مرة أخرى لحياته الملكية كفرد من أفراد الشعب، لذا فإن الشعب والجيش نسيج واحد.

لذلك فإن حماية الأمن القومي المصري تتم عن طريق التوعية وإبراز دور الإعلام فى تنوير عقول المواطنين بالمشكلات والتحديات الموجودة داخليًا، والتطورات الموجودة على الساحة خارجيًا.

هل يمكن أن تتأثر مصر بانهيار العديد من الدول المحيطة؟ وما التحديات التى ستواجه مصر نتيجة لهذه الفوضى؟

- طالما الشعب المصري نسيج واحد ومتماسك ككتلة واحدة فلن يتأثر أبدا أما عن التحديات فتتلخص فى محاولات حماس والعناصر التكفيرية فى زعزعة الاستقرار فى سيناء عبر العمليات الإرهابية التى يتم التصدي للغالبية العظمى منها، وعلى الاتجاه الغربي توجد أطماع تركيا فى التوسع فى ليبيا واستغلال ثرواتها.

* كيف ترى دور الجيش والشرطة فى عملية مواجهة والتصدي للمخططات الإرهابية؟

- يقوم الجيش والشرطة بدور عظيم فى مواجهة الإرهاب، وتوجد العديد من التضحيات التي بُذلت من أجل الدفاع عن أرضه وبلاده، ويجب التوسع فى مجال جمع المعلومات عن تلك العناصر، حتى نتمكن من توجيه ضربات استباقية ناجحة.

أخيرًا.. ما الرسالة التى وجهتها مصر للعالم من خلال حرب أكتوبر ٧٣؟

أن مصر لن تسمح بأن يجتزئ من أرضها أى شبر، بالإضافة إلى أننا أثبتنا للعالم أن مصر ليست دولة عدوانية وأن شعب مصر هو شعب وطني حر له إرادة تتمثل فى الحفاظ عى أمنه القومي ووحدة أراضيه، وأثبتنا للعالم صدق حديث الرسول بأن الجندي المصري خير أجناد الأرض.