الخميس 23 مايو 2024

"علام": "الإفتاء العالمية" تضع استراتيجية متكاملة لإدارة أزمة الرسوم المسيئة

تحقيقات31-10-2020 | 11:14


أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أنه يتم منذ بداية أزمة الرسوم المسيئة لنبي الرحمة، صلى الله عليه وسلم، دراسة الأزمة بجميع جوانبها وتوابعها، لوضع استراتيجية عملية، ومجموعة من المبادرات، التي تسهم في إدارة هذه الأزمة وضمان عدم تكرارها.


وأكد رئيس الأمانة أنَّ الجناب النبوي الشريف مصانٌ إسلاميًّا وإنسانيًّا، لما له من فضل وكرامة عند الله سبحانه وتعالى، وفي نفوس المسلمين في مشارق الأرض، ومغاربها، ولدى المنصفين على اختلاف أديانهم وثقافاتهم.  


وأضاف أنَّ التاريخ طالما أثبت بوار الحملات، التي تهدف للنَّيل من جنابه صلى الله عليه وسلم، وفشلها، بل وانقلابها إلى استشراف العالم الذي يتوق إلى التعرف على النبي صلى الله عليه وسلم ودراسة أخلاقه وسيرته.


وأشار مفتي مصر، إلى أنَّ تاريخ الكراهية، الذي بلغ في بعض العصور أن تكون حربًا باسم الدين، يدعو الإنسانية إلى مواجهة أصول هذه الكراهية، وفروعها، ويلح على العقلاء بتجفيف منابعها.


وأشاد المفتي بالموقف المنضبط للفاتيكان، في نفي تهمة الإرهاب عن الإسلام، وكذلك تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، بالجمعية الوطنية بإعلانه أن الدين والثقافة الإسلامية جزء من التاريخ الفرنسي، لتضع حدًا فاصلًا يمنع التمادي الإرهابي الذي تسعى إليه جماعات العنف، بدعوى نصرة الإسلام.

وأضاف أنَّ التطرف إنما ينطلق من فتوى شاذة، أو توجيه ديني ضال، أو تحيز ثقافي منحرف على اختلاف أطياف المتطرفين.

وتابع فضيلته أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم قد رصدت مبكرًا -خلال الفترة السابقة- الأصولَ الإفتائية لمواقف المتطرفين، وأنشأت منذ أمد مراكزها البحثية لمواجهة كلا الخطرين: الإرهاب، والإسلاموفوبيا على السواء.

كما أبدى د. شوقي علام استنكار الأمانة لمحاولة التلاعب باسم حرية التعبير للعبث بمشاعر المؤمنين بالحرية وجرِّهم إلى إهانة شعور المسلمين في العالم، وكذلك استنكارها لظاهرة الصراخ الغوغائي والاستغلال الخبيث الخالي من الفقه الرشيد والخلق الحميد من طرف جماعات الشر المتطرفة، وكذلك من تلك الدول الممولة لها بهدف إيقاد نيران الفتنة أو تحقيق مكاسب اقتصادية تجارية رخيصة، أو تحقيق مصالح حزبية لصالح هذا الحزب أو ذاك تحت ستار الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم، مع عدم اتخاذ موقف حضاري فاعل لا من الجماعات الإرهابية ولا من الدول المشار إليها لنصرة الرسالة المحمدية.

 

وأضاف فضيلته أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العام، إذ رصدت المواقف المتباينة من الأزمة لتمييز طيبها من خبيثها، فإنها تشيد بالموقف المصري، الذي عبَّرت عنه كلمة الرئي عبد الفتاح السيسي، خلال الاحتفال بالمولد النبوي الشريف.


وأعلن د. شوقي علام، عن عدة مبادرات وخطوات عاجلة لاحتواء الأزمة وإدارتها في جانبها الإفتائي، حيث تمثلت هذه الخطوات في أن الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تعلن تضامنها ودعمها لاستصدار تشريع دولي يدين الإساءة للرموز الدينية وإهانة المقدسات.


وأضاف أن الأمانة ستعمل كذلك على إعادة العمل على مقررات مؤتمرها الدولي الأول: "التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة في العالم"، والذي عُقد خِصِّيصَى لدراسة ظاهرة المراكز الإسلامية في الغرب، ومد يد العون لتأهيل قياداتها وتدريبهم على المنهج الوسطي الذي يوازن بين الالتزام بالثوابت الدينية والتحلي بالمواطنة الصالحة التي تجعل المسلمين عنصرًا فاعلًا في تحقيق الاستقرار المجتمعي في بلاد الغرب.


وأشار إلى أن الأمانة ستعمل على تنفيذ حُزمة من الإجراءات التنفيذية في الفترة القادمة على رأسها التواصل مع الإعلام العالمي -والفرنسي على وجه الخصوص- لنشر مقالات رأي حول الصورة الحقيقية للإسلام ورسالة الرحمة والسلام لنبي الرحمة، وكذلك توضيح وجهة النظر الإسلامية فيما يتعلق بالقضايا ذات الصلة، مثل: حرية التعبير وحدودها، ومن يحق له التحدث باسم الإسلام، والحوار بين الأديان والثقافات.


وأضاف كذلك أن الأمانة ستعقد سلسلة من الندوات الإلكترونية التي يشارك فيها أعضاء الأمانة من مختلف أنحاء العالم؛ لتكوين إجماع علمائي يتعاطى مع الأحداث ويهمِّش الأطراف التي تسعى إلى تأجيج الصراع.


وعلى الجانب الدبلوماسي أشار فضيلته إلى أن الأمانة ستقوم بالتواصل مع سفراء العالم والاتحاد الأوربي على وجه الخصوص، في مصر والدول الأعضاء بالأمانة؛ لاتخاذ مواقف وإجراءات في جانب الوسطية الإفتائية وصيانة المقدسات الدينية.  


هذا فضلًا عن إقامة سلسلة دورات تدريبية إلكترونية للمتصدرين للشأن الديني في فرنسا والاتحاد الأوربي، بالتعاون مع أعضاء الأمانة والقيادات الدينية هناك، بهدف تنمية مهاراتهم الإفتائية والتصدي لخطاب التطرُّف والكراهية.


وفي الجانب الأكاديمي قال د. شوقي علام إن الأمانة ستقوم بتكوين لجنة متخصصة لدراسة صورة الإسلام ونبيه صلى الله عليه وآله وسلم في المناهج الغربية عامة وخاصة الفرنسية، ومحاولة البناء على مبادرات دولية تمت في هذا الصدد لتنقية هذه المناهج من مغالطات تاريخية كثيرة، وهي المغالطات التي ينشأ عليها أطفال الغرب وتقوي نزعة الإسلاموفوبيا لديهم، على غرار مبادرة تبنتها اليونسكو عام 2004.


كذلك ستعمل الأمانة على الإعداد لمؤتمر دولي كبير في إحدى العواصم الأوربية –قد تكون باريس- للتعريف بالنبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويوضع برنامجه بما يتناسب مع العقلية الغربية ولغة خطابها.