الأربعاء 26 يونيو 2024

الرئيس .. ومعركة الوعي

فن2-11-2020 | 17:38

تشهد الساحة الدولية والإقليمية صراعات سياسية كثيرة, تُلقي بظلالها على وطننا الغالي, وتؤثر بشكل كبير على التحديات التي يواجهها الشعب المصري تحت قيادة الرئيس السيسي نحو النهوض بالأمة المصرية؛ لوضع مصر في المكانة الكبرى التي تستحقها.

إن ما حققته الدولة المصرية منذ ثورة 30 يونيو حتى الآن - وما في سبيله إلى التحقق -  بكل المقاييس معجزة، في تلك الفترة الزمنية الوجيزة, شهدت مصر طفرات مذهلة وغير مسبوقة في المجال الاقتصادي والاجتماعي والعسكري، وما كانت تلك الإنجازات الكبرى في ظل الظروف الدولية الصعبة لتتحقق, إلا وفق نظرة الرئيس غير التقليدية أو النمطية إلى الأمن القومي للبلاد, فقد سعى منذ توليه المسئولية إلى اعتبار أن مواجهة الإرهاب وقوى الشر الظلامية في الداخل والخارج, لا ينحصر في المواجهة الأمنية والعسكرية فحسب, إنما جاء وفق نظرة بعيدة المدى تتواكب وتتماشى مع متغيرات العصر الراهن, اعتمد الرئيس فيها على التعامل مع قضايا الأمن القومي للبلاد, بوصفها "معركة وعي الشعب" بأكمله تجاه المخاطر التي تحيط بالوطن من الداخل والخارج, وأن تزييف الحقائق وتغييب الوعي أخطر ما يواجه الأمن القومي وكفيل أن يعيق مسيرة الوطن ويشده إلى الوراء؛ إذ تُنشئ أجهزة الاستخبارات المعادية لدول مثل تركيا وقطر والتي ترعى الكيانات الإرهابية التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية كتائب إلكترونية ممنهجة ومتطورة للغاية تستهدف مصر, وتعمل على صياغة الآراء الخبيثة والأفكار المسمومة, بعرض سلبيات مجافية للواقع وتجريفها من أي إيجابيات, لإحداث حالة الإحباط العام وفقدان الثقة في مؤسسات الدولة والتشكيك في أي إنجاز تقوم به, ومن ثم تشجع على الكراهة المجتمعية, والتحريض على التطرف ونشر بذور الإرهاب؛ ومن هنا جاء تشديد الرئيس الدائم على أنه "نحن نحتاج إلى أن نتحدث مع الشعب باستفاضة في الموضوعات المختلفة ونعطي الفرص للجميع أن يتحدث والكل يسمع وأرجو أن نسير كلنا في هذا الاتجاه".

أولى الرئيس من اللحظة الأولى قضية الوعي - بوصفها معركة - أهمية كبرى , والتأكيد على إدراك الشعب لحقيقة المعركة التي تدور في الظلام ضده وأمنه واستقراره, وتهدف إلى النَيل من تماسك ووحدة وقوة الدولة المصرية , مؤكدًا على أن الشعب المصري يسعى إلى الحفاظ على أمنه القومي بالفطرة.

وحقق النقاش المجتمعي الدائم للرئيس السيسي في خطاباته الموجهة إلى المصريين أهدافه المرجوة، بأن القضايا الكبرى أصبحت في ذهن كل مواطن مصري وتشغله بشكل دائم, وهو الغاية الأسمى بأن تصبح الأهداف الوطنية الكبرى تشاركية بين مؤسسات الدولة وبين كل مواطن مصري, من خلال كشف حساب وطني يتسم بالشفافية الخالصة, بما تم إنجازه وما تبقى وحقيقة وأبعاد المشاكل التي يواجهها الشعب؛ ومن هذا المنطلق صبر المصريون بيقين على الإجراءات الاقتصادية الصعبة التي كانت لابد منها لإنقاذ الاقتصاد القومي والتي جاءت في شكل خطوات جريئة تأخرت عقودًا طويلة أقدم عليها الرئيس بشجاعة, وأتت بثمارها سريعًا وحققت نتائجها المرجوة بشكل كبير، ومن خلال الوعي أيضًا أدرك المصريون أن كل شهيد راح ضحية العمليات الإرهابية الخسيسة, وجاد به كل أب وأم وزوجة وابن, قلة حيلة من قوى الشر في النَيْل من وحدة الشعب ودليل على المضي قُدمًا في الطريق الصحيح, وكذلك الإخفاق في تفريقه الذي هو في الأساس غاية أعداء الوطن الأهم, بل وصار الشعب في لُحمة واحدة عصية على الاختراق, مصفاة كبيرة تفرز خونة الوطن الساعين إلي إسقاطه وتنبذهم, وأصبح المصريون بكافة أطيافهم يعرفون أعداءهم جيدًا في الداخل والخارج ويقاومون مخططاتهم وأفكارهم, ويلفظوهم من دائرة التعامل, بل ودخلوًا معهم في خصومة أبدية, تتعلق بالحفاظ على تماسك الدولة ووحدتها, وانطلاقا من ذلك صار الشعب جنبًا إلى جنب مع الدولة ويؤازر الرئيس في مشروعه النهضوي الكبير, وانبروًا يدافعون عن طموحاتهم, ويسعون إلى تحقيقها للارتقاء بشأن مصر.

الحديث عن الشأن العام في الواقع أمر لا يتجزأ عن الأمن القومي والوعي العام, فمصارحة الرئيس للمصريين بكل ما يتعلق بالشأن العام وطرح مشاكله وتطلعاته وتحدياته, أوجد حالة من الحراك الفكري والحس الوطني والشعور بالقضية الوطنية وهموم الوطن, قهر الإرهاب الذهني وأجهض محاولات تضليل الوعي الحقيقي وإحلال وعي مزيف في العقول؛ ومن ثم فالوعي المنقوص بمثابة العدو الأخطر للأوطان, وأن بناء الوعي التحدي الأكبر, والواقع أنها معركة الوعي لم ولن تنتهي مع الأعداء المتربصين بالوطن, إذ أن استهداف الفكر الخبيث للوعي الجمعي لا يقف عند شكل معين, أو يتخذ نمطًا واحدًا, إنما يتبدل ويتلون كلما فشل بإصرار في أهدافه الحثيثة لاختراق الذهنية الوطنية المصرية، وفي ذلك السياق يؤكد الرئيس السيسي على أن الرهان الأساسي في تماسك الدولة وتقدمها وعي المواطن المصري.

والواقع أن معارك الوعي الجمعي للشعوب, تسمى بحروب الجيل الرابع والخامس والتي تعتمد على التكنولوجيا, باستهداف الجبهة الداخلية للوطن, وتشويه الأفكار عن طريق القذائف التحريضية لمنصات الدعاية الإلكترونية كما أسلفنا، ولعل أخطر ما في تلك الدعوات ليس استهدافها للأفكار والوعي فحسب, إنما اعتبار من يجاهر بها ويستخدمها معارضًا سياسيًا وطنيًا, ووصف مواجهته أنها قمعٌ للحريات, وكأن الترويج للفتنة والأكاذيب بمثابة حقائق وتدخل في نطاق العملية السياسية المشروعة.

معركة الوعي العام, حرب نفسية تستهدف في الأصل وأد دعوات التخريب من منبعها, واستئصال التطرف الفكري من جذوره, لأن الإرهاب إنما منبعه الأفكار المشوهة والخبيثة التي تبث في العقول، وهو ما يتطلب من جميع مؤسسات الدولة الدينية والإعلامية والحكومية التكاتف خلف توجيهات الرئيس السيسي الدائمة لمجابهة الأفكار المغلوطة والخبيثة, بأن يتم الإفصاح بشكل دائم عنها وعن طرق ووسائل مواجهة الأخبار والشائعات, وتتبع مصادرها وتجفيف منابعها .