كشفت نتائج انتخابات المرحلة الأولى في
١٤ محافظة أن نسبة المشاركة بلغت نحو ٢٨ في المائة، وهو ما يساوى تقريبا ضعف نسبة المشاركة
في انتخابات مجلس الشيوخ التي بلغت١٤.٢ فى المائة، رغم أن هذه الانتخابات جرت وسط تحذيرات
أكبر من تعرض البلاد لموجة ثانية من هجوم فيروس كورونا الذي لم يعد مستجدا.. ولكن الأغلب
أن زيادة أعداد المرشحين على المقاعد الفردية كان سببا رئيسيا في زيادة نسبة إقبال
الناخبين في انتخابات مجلس النواب، رغم اتساع الدوائر..
فقد بلغ عدد المرشحين على المقاعد الفردية
في ١٤ محافظة (الجيزة والفيوم والمنيا وأسيوط والوادى الجديد وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان
والبحر الأحمر والإسكندرية والبحيرة ومطروح) نحو ١٨٦٢ مرشحا تنافسوا على ١٤٢ مقعدا،
أي بنحو ١٣ متنافسا على المقعد الواحد.. ومن المعروف أن كل مرشح يحشد كل ما يقدر من
الأنصار والمؤيدين ويسعى لجذب ما يستطيع من الناخبين للتصويت له، وهو ما يسهم بشكل
مباشر في زيادة نسبة المشاركة في الانتخابات.. ولذلك فإنه من المتوقع أن تنخفض هذه
النسبة في جولة الإعادة التي ستدور بين ٢٢٠ مرشحا فقط للظفر بنحو ١١٠ مقاعد، وأيضًا
بعد أن حسمت القائمة الوطنية ١٤٢ مقعدا.. وانخفاض نسبة المشاركة في الإعادة عن الجولة
الأولى أمر معتاد في الانتخابات. وإذا كانت نسبة المشاركة في انتخابات الجولة الأولى
لأربع عشرة محافظة قد ارتفعت إلى ضعف نسبة المشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ، إلا أنها
جاءت أقل قليلا من النسبة التي سجلتها نسبة المشاركة في الجولة الأولى لانتخابات مجلس
النواب التي جرت قبل خمس سنوات مضت (٢٠١٥ )، التي سجلت ٢٩.٨ في المائة بينما سجلت انتخابات
المرحلة الأولى في انتخابات هذا العام لمجلس النواب ٢٨ في المائة فقط.. ولكن ثمة فرصة
أن تتحسن هذه النسبة ولو قليلا في انتخابات المرحلة الثانية في بقية المحافظات الأخرى
والتي ستشمل محافظات الوجه البحرى التي تسجل عادة نسبة مشاركة في الانتخابات تزيد عن
نسبة المشاركة الانتخابية في محافظات الصعيد والمحافظات الحدودية.
وحتى لو حدث ذلك فالأغلب أن نسبة المشاركة
لن تصل إلى ما ننشده ونبتغيه، وهو أمر يحتاج أن نتوقف أمامه مليا وأن نبحث أسبابه ونتوصل
إلى علاج لهذه الأسباب، لأن مصر صاحبة الخبرة الانتخابية الأكبر من غيرها يجب أن ترتفع
فيها نسبة المشاركة في الانتخابات عما يسجل الآن في انتخاباتها، ولأنه كلما ارتفعت
نسبة مشاركة الناخبين جاءت الانتخابات بمن هم أكثر تمثيلا لهم ومن يعبرون أكثر عن مطالبهم
ويراعون ذلك سواء وهم يقومون بالتشريع للبلاد أو يمارسون الرقابة على أداء الحكومة.
كما كشفت النتائج التي أعلنتها الهيئة الوطنية
للانتخابات أيضا نسبة ليست بالقليلة للأصوات الباطلة في انتخابات الجولة الأولى للمحافظات
الأربع عشرة، حيث تجاوزت المليون صوت بالنسبة للفردي، وارتفعت إلى مليون وثلاثة أرباع
المليون في القوائم، وكل ذلك من ببن نحو٩.١ مليون ناخب أدلوا بأصواتهم.. وهذا أمر يتعين
أيضا التوقف أمامه قليلا وبحث أسبابه.. صحيح أن هناك من يبطلون أصواتهم عمدا ليقولوا
إنهم لم يجدوا بين المرشحين من يصلح لتمثيلهم، ولكن ارتفاع الأصوات الباطلة في انتخابات
القوائم عن الفردي يشى بأن هناك عددا من الناخبين لا يستوعب العملية الانتخابية، خاصة
في تلك المحافظات التي تزيد فيها نسبة الأمية.. ولذلك لعلنا في مصر من أكثر الدول التي
تزيد فيها الأصوات الباطلة في الانتخابات لدرجة أن ذلك صار مثيرا للتندر مثلما حدث
حينما حصل مرشح في انتخابات رئاسية على أصوات تقل عن عدد الأصوات الباطلة في الانتخابات!
يبقى بعد ذلك القول أن إعلان الهيئة الوطنية
للانتخابات لم يهتم بأن يذكر تفاصيل الشكاوى التي قدمت لها خلال إجراء العملية الانتخابية،
مثلما لم يهتم بأن يذكر نسبة مشاركة المصريين في الخارج، رغم أنه اهتم بأن يذكر تفصيلا
أن الانتخابات جرت في ١٠ آلاف لجنة فرعية و٧١ لجنة عامة وأن هذه الانتخابات راقبتها
٥٦ منظمة محلية و١٤ منظمة أجنبية وثلاث حقوقية وقامت بتغطيتها ومتابعتها ٥١ مؤسسة إعلامية
محلية و٥٣ مؤسسة إعلامية دولية.. فقد اكتفى الإعلان بالقول إن الهيئة وجدت أن هذه الشكاوى
غير مؤثرة في العملية الانتخابية، واكتفى أيضا بالقول إنه قدم للهيئة ٢٨٤ تظلما رفضتها
كلها شكلا وموضوعًا، وأنها أرجأت انتخابات في الدائرة السادسة بدير مواس بالمنيا بعد
أن صدر حكم قضائى بإدراج اسم مرشح في قائمة المرشحين.. وكان الرأى العام ينتظر كلمة
الهيئة الوطنية في الانتخابات فيما أثير خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي وفى الإعلام
حول بعض التجاوزات الانتخابية، وتحديدا حول عملية الدعاية الانتخابية التي مورست من
قبل أنصار مرشحين أمام اللجان الانتخابية، وحول المال السياسي الذي أنفقه بعض المرشحين..
نعرف أن الهيئة ليست جهة تحقيق، غير أن الأمر يدخل في إطار اختصاصها وكان عليها أن
تُمارس هذا الاختصاص حتى تنير الرأى العام وتسهم في حفز الناخبين اكثر على الإدلاء
بأصواتهم كما حرصت على ذلك في نهاية بيانها، خاصة أن هناك انتخابات إعادة مقبلة في
المحافظات الأربع عشرة وانتخابات أخرى للمرحلة الثانية في باقى المحافظات.