السبت 23 نوفمبر 2024

أخرى

الوسيلة الوحيدة لإعادة الهوية المصرية!

  • 3-12-2020 | 12:28
طباعة

بداية موجة "التحجيب" في مصر، والتي تبلورت بشكل أو آخر في نهاية السبعينات وبداية الثمانيات، وعلى بعدها الديني، الذي فيه قيل وقال، بين الفقهاء، كانت وراءها أجندات بعيدة عن الدين نهائيا، بل كانت تنفذ أجندات ما، لضرب الهوية المصرية، ومستمرة حتى الآن، ومنها في تصوري الظهور الغامض للإخوانية "بسنت نور الدين" في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي، وما هذا إلا مجرد مثال عابر، ولا يعنى هذا إنني مؤيد للعرى!

الجانب الأخطر هو الأجهزة الأجنبية، والتي وقفت وراء نشر الأزياء ذات الطابع الديني، وشوهت الأدمغة المصرية، في سبيل تغيير هوية المجتمع، والسيطرة على ولاءاته، وتحويلها من اتجاه لآخر، وتفاقم الأمر أكثر وأكثر مع نشر الأزياء غير المصرية من عباءات وبالطوهات وأنواع حجابات وخمارات ونقابات من مختلف الجنسيات الإسلامية، وبدلا من التأثير الاعتيادى التاريخى المصري عليهم، تأثر مجتمعنا تماما، وأصبح مسخا مجمعا من هذه الهويات، بين السعودية والتركية وحتى الماليزية.

 فأصبح الشارع المصري كرنڤالي الطابع، بلا شكل معين، وتفاقمت أزمة غياب الهوية وتشويش الصورة الذهنية المصرية، بانتشار مفاهيم وقيم غير مصرية مليئة بالتطرف والأصولية، مع تراجع المستوى التعليمي المصري واختراق المؤسسات المصرية الموجهة من متأسلمين وشخصيات ذوي انتماءات متخبطة، وظهرت مؤثرات إعلامية جديدة غير مصرية لها أجنداتها الجديدة، شاركت في هذا التشويش والتشويه.

الأغلبية تعلق الأمر على محور سفر العمالة والموظفين والكفاءات المصرية للخليج، لكن القصة في تصوري أعقد من ذلك، لأنه كان وراءها خطط منظمة بتمويلات ضخمة وتوجهات مرصودة، والدولة المصرية للأسف كانت منشغلة ومتخبطة بعدة ملفات، واستغل الأصدقاء قبل الأعداء فترة تبلور الدولة والمجتمع ما بعد الخروج من الحرب، فحتى لو كنت منتصرا، هناك فاتورة تدفع، وكان للانفتاح غير المحسوب ويلاته المختلفة، لكن هذا جانب واحد فقط من جوانب انتهت بنا إلى هذا المصير.

الكل يعرف موقفي من الزعيم المحرر الشهيد السادات، لكن له سقطاته في الملف المتأسلم، الذي استغله الأصدقاء والأعداء في هذا الإطار وغيره، وهو نفسه دفع الثمن باغتياله على أيدي هؤلاء الإرهابيين وحلفائهم.

البعض، خاصة المتطرفين الذين يتربحون من وراء هذا التشويش، وغير العارفين المستثارين دائما، سيصل بهم الأمر أن يتهمونني بالمجون والسفور، وغيرها من الاتهامات المعلبة ضد أي طرح مستنير للنقاش، وسيرددون على مسامعي جمل من نوعية، يعنى إنتا مراتك وأخواتك مش محجبات؟!.. وأنا مضطر للتأكيد إني لا أتكلم في ملف الحجاب في حد ذاته، ولست مع حملات "تخليع" الحجاب التي تقودها بعض الأسماء المستفزة، وهذا نفسه يظهر مدى سوءات الإجبار عن جهل، واعتيادية الحدث بلا فهم أو معرفة.. أنا أتحدث عن اللعب على تقربنا للدين، والإصرار على أن يكون بطريقة غير مصرية.. هذا فقط هدفي، حتى لا ينشغل البعض بأي فهم آخر.

المفارقة إن من شارك بالتخطيط والتمويل في تغيير هوية المجتمع المصري، هو نفسه يتغير الآن، ويركن الوهابية جانبا، وسنرى شكلا جديدا له مع الوقت، وتركوا لنا المرض العضال باقيا بيننا، فمتى نصحو من غفلتنا، ونحن لنا تراثنا الديني والثقافي السمح الغني، ومهما كانت الضربات المنوعة التي توجه لنا، يجب أن نعود ونقف على أرجلنا من جديد، ونعيد روحنا التي سحبوها، ومن المفرح لي شخصيا، أني علمت أن الدولة المصرية تقود مشروعا قوميا ثقافيا له عدة محاور، كانت بدايته مسحا غير معلن لتحديد الأولويات، والاطلاع على تفاصيل التغييرات، ومواجهة التحولات السلبية، وسيكون للمثقفين بحق، لا المصطنعين الموجهين.. والأئمة المستنيرين، لا أصحاب الأدمغة المنغلقة، دورا كبيرا في هذا المشروع، الذي أعتبره الأمل الكبير للعودة المصرية.

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة