كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، تفاصيل تتبع جهاز الاستخبارات الإسرائيلي "الموساد" لرئيس المشروع النووي الإيران محسن فخري زاده على مدار ثلاثة عقود...جاء ذلك في مقال لمحلل الشؤون الاستخباراتية في الصحيفة رونن برجمان، أورد فيه ما وصفه بـ"ملف فخري زاده" لدى الموساد.
وشددت الصحيفة على أنه "لا يوجد أي اعتراف رسمي إسرائيلي بالقيام بالعملية"، رغم اعترافها بأن اسم محسن فخري زاده، بدأ بالورود في تقارير أجهزتها الاستخباراتية، منذ ما يقارب ثلاثة عقود.
وبحسب الصحيفة فإن أول ظهور لاسم فخري زاده لدى الأجهزة الاستخباراتية الإسرائيلية جاء في عام 1993 وقت بدايات منظومات التخصيب الإيرانية، التي حصلت على معلومات كثيرة وأجهزة من أب المشروع النووي، الباكستاني عبد القادر خان. وفي خضم كمية المعلومات الهائلة التي كانت تصل حينها إلى إسرائيل، تكرر اسم عالم صغير، وهو محسن فخري زاده.
في البداية، أقامت إيران مجمعاً صغيراً لأجهزة الطرد المركزي في محافظة دماوند، وبعد وقت قصير فهم الإيرانيون أن الولايات المتحدة وإسرائيل، قامتا باكتشاف المكان، وقاموا بنقل المشروع إلى مكان آخر سري وضخم، قاموا ببنائه في نطنز، وقاموا هناك ببناء مشروع سري أطلقوا عليه اسم "آماد".
بالنسبة للإيرانيين، كان من المهم أن يتم تعيين عالم موهوب إلى أبعد درجة، وصاحب علم ومعرفة جمة، ولكن في الوقت نفسه يدين بالولاء للنظام الإيراني، وكان محسن فخري زاده، الذي انضم إلى صفوف "الحرس الثوري" الإيراني في عام 1979، هو "الرجل الصحيح في المكان الصحيح".
وعلى حد قول المحلل الاستخباراتي برجمان فإن "الاستخبارات الإسرائيلية بنت على مدار ثلاثة عقود، ملفاً مفصلاً عن فخري زاده"، مؤكداً أن "المواد شملت تسجيلات سرية تشمل معلومات بصوت فخري زاده، تتحدث عن بناء خمس رؤوس تفجيرية نووية"، بالإضافة إلى أن وثائق نووية بخط يده، تم الحصول عليها، بعد اقتحام الأرشيف النووي في طهران .
وكشف تسجيل صوتي لمحسن فخري زاده عن تفاصيل دقيقة عن مشروع حياته "تطوير سلاح نووي إيراني"، ولكنه اشتكى من عدم تحويل ميزانيات كافية لدفع هذا المشروع، وشمل التسجيل مقاطع يشكو فيها رئيس المشروع النووي الإيراني السابق من المسؤولين الإيرانيين، قائلاً: "من جهة يريدون خمسة رؤوس (المقصود خمس قنابل نووية)، ومن جهة أخرى لا يعطوننا إمكانية العمل".
وأشار المحلل، إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت، صادق على عملية لاغتيال فخري زاده، بعدما قام الموساد بوضع لائحة بأسماء علماء ذرة إيرانيين، يعملون في المشروع العسكري النووي الإيراني، إلا أن عملية الاغتيال لم تنفذ بعدما قام مسؤول في الموساد، بإقناع أولمرت بإلغائها، خشية انكشاف خلية الاغتيال.
وطُرح اغتيال فخري زاده مرة أخرى خلال فترة المفاوضات بين إيران والدول الأوروبية الخمس والولايات المتحدة، إبان ولاية الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في عام 2015، إلا أن "الموساد" حذّر من القيام بتنفيذ العملية، بسبب التوقيت الحساس المرافق للمفاوضات، وتبعات العملية عليها وعلى علاقات الولايات المتحدة وإسرائيل.
وشيعت إيران، يوم الاثنين 30 نوفمبر الماضي، جثمان فخري زاده، الذي تم اغتياله، الجمعة الماضي، بعد أن تم استهداف سيارته قرب العاصمة طهران، واتهمت الحكومة الإيرانية إسرائيل بتنفيذ عملية الاغتيال.