الإثنين 17 يونيو 2024

يوسف جوهر.. روائي بصبغة قانونية: الحياة مأسى رغم الابتسامة

فن12-12-2020 | 12:07

عاشق الوجبات الرومانسية الدسمة، بين الحب والانتقام ولم يبتعد عن الكوميديا، لكن الحب والدراما جذباه إلى عالمهما، لذلك قد يصدم القارئ عندما يعرف أنه أحد روائي وكتاب سيناريو لأفلام تعد علامات في تاريخ السينما المصرية، وبالطبع هو أيضا علامة فارقة ما بين دعاء الكروان، ودراما الحب والقهر وبين الحب الضائع ودراما خيانة الصديق لصديقه.

ورغم أن بدايته كانت تراجيدية حينما كتب قصة فيلم المتهمة والتي كانت تتناول فكرة الانتقام عام 1942، ثم مر إلى أن وصل إلي قسمة ونصيب والذي أنتج عام 1950 بمشاركة كوكبة من كبار النجوم يحيي شاهين تحية كاريوكا محسن سرحان وزوز ماضي وشكري سرحان حيث يتعثر الحب في أحلام الثراء، ثم يعود إلى الانتقام مرة أخرى من خلال فيلم أمير الانتقام إنتاج عام 1950 وبطولة أنور وجدي وفريد شوقي وسامية جمال ومحمود المليجي وكمال الشناوي ومديحة يسري، ويصل  إلى الأرض الطيبة إنتاج 1954 وغيرها من النصوص التي كانت باكورة أعمال الراحل يوسف جوهر.



حياة يوسف جوهر


ولد يوسف جوهر في 12 ديسمبر 1912 ورحل قبل أن يتم عامه الـ 88 عاما، وتحديداً يوم 11 ديسمبر 2001، هو ابن مدينة قوص بمحافظة قنا.

تخرج يوسف جوهر فى كلية الحقوق عام ١٩٣٥ من جامعة الملك فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً)، عمل بالمحاماة فى مدينة طنطا، ولكنه رفض إكمال مشواره فى هذه المهنة، حتي جاء إلى القاهرة ليتحول بعدها إلى  دنيا الفن والأدب،  بعد أن التقى بالأساتذة عطية الإبراشى، ومحمود تيمور، والدكتور هيكل، وأحمد حسن الزيات، ومحمد فريد أبوحديد، وأحمد الصاوى محمد، وأحتفلوا به جميعهم، وفتحوا له قلوبهم وتعهدوا موهبته الناشئة بالرعاية والتشجيع.

وكانت بداية طريقه مع الكتابة عبر مسرحيته الوحيدة "كلنا كده" والتي كتبها بالتعاون مع سليمان نجيب وتحولت بعد ذلك إلى أول تجربة سينمائية له ، لينتقل منها إلى الكتابات السينمائية التي كانت محل إبهاره الأول .




بزغ نجم  يوسف جوهر فى مجال الكتابة  الأدبية عام 1940 على صفحات «آخر ساعة»، و«الرسالة»، و«الثقافة»، ثم «أخبار اليوم» التى اختصها بإنتاجه لسنوات طويلة، وفى عام ١٩٤٥ فاز يوسف جوهر بأول جائزة من مجمع اللغة عن روايته «عودة القافلة»، وكانت هذه الجائزة بمثابة الأعتراف بيوسف جوهر كروائى من أساتذة كان هو شخصيًا يدين لهم فى تشجيعه ورعايته فى مقتبل حياته الأدبية ، ونالت المقالات جانبا من أبداع جوهر حتي خصصت له جريدة الأهرام مقالا أسبوعيا شهيرا، واستمر عطائه حتي نال جائزة الدولة التقديرية في الأدب عام 1984.



وتعد أبرز أعمال جوهر السينمائية على سبيل المثال لا الحصر" مصطفى كامل، أيام و ليالي، طريق الأمل، الرباط المقدس ، أمهات في المنفين، يوم من عمري، قاهر الظلام،  الأيدي الناعمة ، الرجل الثاني، الرجال الثالث ، البيه البواب، سواق الهانم، وإجمالي ما كتب 95 عملا فنياً ما بين قصة سينمائية وسيناريو وحوار و كذلك ما بين أفلام و مسلسلات تليفزيونية.



أخلص يوسف جوهر لفن القصة، فكتب عددًا كبيرًا منها، خمس مجموعات «الحياة قصص - سميرة هانم - نار ورماد»، وإذا كانت القصة القصيرة قد استأثرت بالكاتب لحقبة كبيرة من حياته، فإن السينما قد وجدت فى هذه القصص مادة صالحة لأفلامها فظهرت قصصه فى عديد من الأفلام شجعته على أن يقدم أعمال توفيق الحكيم، وطه حسين فى أفلام سينمائية.


 يعد تأسيس معهد السينما أحد المشروعات التي شارك فيها ، بجانب مشاركته في وضع لائحة اتحاد الكتاب.




أبرز تصريحات يوسف جوهر


تحدث يوسف جوهر عن حياته الكتابية ، قائلا إلى أن الكتابات السينمائية هي الأصعب ، لأن السيناريو يحتاج بناء المحتوى الذى يعرض على الجمهور بدراسة متأنية و إحكام ، ولكن أمتعها على ما أعتقد القصة القصيرة، لأن الكاتب يشعر فيها بأنه يعبر عن نفسه، ويسيطر على أفكاره، ولم يكن هناك تدخل من عناصر أخرى، كما يحدث أحيانًا فى السينما.


وكشف جوهر في أحد الأحاديث للإذاعة المصرية إلى أن السينما  شكل من أشكال التعبير، ولغتها الصورة التى لا بد أن تكون نصب عين الكاتب والمخرج فى إظهار العمل الفنى، وكلما كانت الصورة مباشرة وقريبة من أذهان الناس ومن تفهمهم لها كان هذا العمل ناجحًا.




وتابع خلال الحوار : «السينما هى التى تساعدنى أكثر فى توصيل الكلمة للناس، لأن السينما هى الكلمة الجديدة فى حياتنا الحاضرة، ففى مصر هناك نسبة من الأميين، وبالسينما نستطيع أن نوصل الكلمة والصورة لقطاع كبير منهم، ففى القاهرة مثلًا فى العروض الأولى للسينما دخلها مليون ونصف المليون متفرج، ولم يكن بمصر فى ذلك الوقت مليون ونصف المليون قارئ.


وبسؤاله عن سبب ظهور الروايات التى تكتب للسينما بشكل أقل جودة بحيث إن القارئ الذى قرأ الرواية بعد مشاهدتها فى السينما سيجد فارقًا كبيرًا بين الرواية والفيلم، قال: هذا طبيعى لأن الكاتب فى روايته هو المسئول، وهو سيد كتابته فيبدع ويظهر مواطن الجمال فى كتاباته، أما السينما فيظهر بها عوامل كثيرة تتحكم فى الرواية، منها كاتب السيناريو والمخرج والمنتج والممثل وأيضًا المصور، والسينما مظلومة فى ذلك الاتجاه لأن من يصدر الحكم على عدم جودة الفيلم هم القراء المثقفون، الذين قرأوا الرواية، ويستطيعون أن يميزوا الأعمال، الجيد منها والفقير.


وعند سؤاله عن أنه من الملاحظ فى كل قصصه أنه يحاول أن يبتسم، ولكن فى معظم الأوقات ابتسامته تغلب عليها المرارة.. ما سبب ذلك؟ قال إنه بجانب الابتسامة هناك الدمعة والمأساة، وبحكم عملى كمحامٍ التصقت  بالناس والطبقات المطحونة، ورأيت آلامهم وحصيلة معرفتى بالناس أن النهايات لم تكن سعيدة دائمًا، وأن المآسى غالبة حتى لو حاول الناس أن يخفوها بالابتسامة.


قام يوسف جوهر بكتابة السيناريو الخاص ببعض الروائيين الكبار ، والتى منها «الرباط المقدس» و«الأيدى الناعمة» لتوفيق الحكيم، و«دعاء الكروان» لطه حسين.


 وقد عمل جوهر رئيسًا للمركز الفنى للصور المرئية، وعضوًا فى لجنتى القصة والسينما بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، وشغل منصب عضو مجلس إدارة معهد السينما، و أستاذا للسيناريو فى هذا المعهد.