الأربعاء 26 يونيو 2024

"المنصور".. مسرحية تجسد دعم الألماني "هاينه" لمسلمي الأندلس

فن13-12-2020 | 21:28

مسرحية "المنصور" هي تراجيديا ألمانية، نشرت في أوائل القرن التاسع عشر زمن الفترة الرومانسية الألمانية التي كانت متأثرة بالنزاع الشرقي، وهي من تأليف هاينرش هاينه الشاعر الألماني الشهير.

وتدور قصة مسرحية "المنصور" حول رجل وفتاة من الأندلس،  مسلمان وقد تعلقا ببعضهما منذ الطفولة ولما سقطت غرناطة في يد المسيحيين وهاجر من هاجر من مسلمي إسبانيا، هاجر منصور ووالده حفاظا على ديانتهم وبقيت الفتاة التي أحبها. 

وبمرور الزمن عاد منصور مع والده إلى الأندلس ودفعه الشوق للبحث عن حبيبته، حتى وجدها وقد أصبحت مسيحية وعلى وشك الزواج من شاب إسباني مسيحي، تحرك منصور وأوقف العرس وخطف العروس حبيبته وحين هربا سويا، عاد الحب لقلب الفتاة واتفقا على الزواج. 


وفي نفس اللحظة التقى والديهما بعضهما البعض، وتذكروا صداقتهما الماضية وقد اتفقا على مباركة زواج منصور وحبيبته، غير أن الحبيبان ظلا هاربان ظنا منهما أنهما مطاردان، حتى قفزا من فوق صخرة عالية فماتا وأغلق الستار. 


جسدت مسرحية "المنصور" دعم هاينه للشرق العربي، وتحديدا المسلمين بعد سقوط الأندلس حتى اتهامه المسيحيين وقتها بأنهم السبب الأول في مأساتهم، وقد قال أحد الباحثين في هذا الشأن عن هاينه إنه كان ينتمي للشرق اليهودي بسبب ديانته الأولى وديانة أبويه اليهودية، ورأى أن هذه الجذور ربما دفعته للاهتمام بالشرق بشكل أكبر، وربما كانت السبب الأقوى في عدم انسجام هاينه مع الألمان بشكل واضح. 


وفي كتاب "المنصور" الذي ترجمه منير الفندري، وحرره محمد قوبعه، قيل أن هاينه  تعرف في بداية إنتاجه الأدبي على المعلقات لأنها كانت النماذج الراقية للشعر العربي القديم، وقد عاد لينوه بها في بعض أعماله المتأخرة كونها حظيت في بعض المنافسات الشعرية بالفوز فخطت بالذهب على الحرير تكريما، وعلقت على جدار الكعبة المقدسة بمكة. 

واستوعب بفضل ترجمة هارتمان وشروحة المستفيضة خصائص القصيدة العربية القديمة من حيث، الشكل والمضمون، ويمكن أن نرى في افتتاحية مسرحية  "المنصور" حين نشاهد البطل العربي في مناجاة أليمة بين أرجاء منزل متداع ألمه فيما مضى، دفعه إليه شوق عارم وحنين - وكأنها تحاكي عادة "الوقوف على الأطلال". ويلوح تأثير المعلقات، وما قرأ هاينه، واستوعب لدى هارتمان وغیره حول الشعر العربي القديم وخصائص أهله وبيئتهم، على مستوى الخطاب الحواري في المنصور، فنجده يزخر بالاستعارات والصور المجازية، ومن وجهة نظر المؤلف إن كل هذا من شأنه دعم هوية شخصياته الشرقية، العربية الأصيلة . 


وكان هاينه أثناء انكبابه على هذه المسرحية، في نشوة شاعرية وتكيف عاطفي تحت تأثیر عالم بطلة الرومانسي الشيق ومصيره الأندلسي المأساوي، من خلال المصادر المعتمدة والمستوعبة بشغف وحماس.