رحل مساء اليوم الأحد، 13 ديسمبر الجاري، الكاتب الدكتور بهاء عبدالمجيد متأثرًا بإصابته فيروس كورونا، عبد المجيد، روائي وقاص، وهو أيضا أستاذ الأدب الإنجليزى بجامعة عين شمس، وعمل أستاذا زائرا للأدب بجامعة "ترينيتي كوليدج" و"جامعة أكسفورد".
صدر له عدد من الأعمال الأدبية منها: المجموعة القصصية "البيانو الأسود"، رواية "سانت تريزا" 2001، "النوم مع الغرباء" و"جبل الزينة" في عام2005، "خمارة المعبد" 2011 ، بالإضافة إلى المجموعات القصصية "ورق الجنة" 2012 ، و"طقوس الصعود" 2016، وقد ترجمت ونشرت أعماله "سانت تريزا"، "النوم مع الغرباء" و"خمارة المعبد" إلى اللغة الإنجليزية.
حصل "عبدالمجيد فى عام 1996 على الماجستير في الأدب الإنجليزي بعنوان "موضوع العنف في شعر تيد هيوز عن الحيوان" من قسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية – جامعة عين شمس، وفى عام 2000 حصل على درجة الدكتوراة أيضًا من قسم اللغة الإنجليزية بكلية التربية- جامعة عين شمس، وكان موضوع الأطروحة يدور حول " تطور التيمات الأدبية في أعمال شيمس هيني الشعرية".
وعن نبأ وفاته الذى سبب صدمة كبير لمحبيه فى الوسط الثقافي، صرح القاص والروائي الشاب، وسام جنيدى عن صدمته للخبر، وقال أن الدكتور بهاء عبد المجيد كان كاتبًا مميزًا ذا حس عالٍ، يستطيع أن يخاطب الإنسان ومشكلاته ببراعة شديدة.
ويرى جنيدى أن الراحل شخصية بديعة قلما أن تتكرر، فهو من مواليد حى شبرا، وحازت أعماله على صدى كبير فى الوسط الثقافى، وتم ترجمة العديد من أعماله الأدبية إلى عدة لغات، كما أبدى إعجابه الشديد بروايته "خمارة المعبد"، والتى تدور أحداثها حول تأمل بطلها "معتز" لفكرة الانتحار، ورغبته الملحة للتخلص من حياته.
وفي "خمارة المعبد" يرتبط معتز بعلاقة عاطفية بصديقته سهام التي تمارس الكتابة والتمثيل، ولكن حبه لها من طرف واحد، ولا يستطيع البوح به بسبب تردده وفقره، حيث تتخطاه فى الطبقة الاجتماعية والطموح، وأيضًا لزواجها من آخر، تتطرق الرواية لرحلة معتز إلى دبلن بأيرلندا، التى كانت بالنسبة له فرصة لكشف الذات وكتابة مسيرة حياة، حيث ذهب معتز لدراسة الدكتوراة في الشعر الأيرالندي، وهناك يتعلم الكثير عن تاريخ أيرلندا، المرير مع المستعمر الإنجليزى ودائما ما يقارن بين وضع أيرلندا السياسي، ووضع مصر فى بداية القرن العشرين والوقت الحاضر.
وقد أعرب الكاتب القدير فتحي إمبابي، عن حزنه في وفاة الدكتور بهاء عبدالمجيد، وأعرب عن صدمته فى هذا الخبر، خاصة بعد عدة أيام من استغاثته على صفحته الشخصية بموقع التواصل الإجتماعى فيس بوك، فهو يرى الكاتب الراحل صاحب شخصية مميزة تتسم بالبساطة، ذو ثقافة واسعة، وأحد أعلام الوسط الثقافى الذي جمع بين العمل الأكاديمي وحقق فيه نجاحا كبيرا، وبين إسهاماته فى مجال الأدب والترجمة والنقد التى حازت على قبول كبير بين القراء والنقاد والمثقفين.
ويرى إمبابى، أن أحد أسباب إنزواء العديد من الأدباء الذين يقدمون أعمالا أدبية جيدة، مثل الراحل بهاء عبدالمجيد، الذين لا يحظون بشهرة تماثل حجم أدبهم يعود إلى السلطة النقدية، والتى يعتبر الراحل أحد أعلامها فهو من أهم النقاد الذين يعملون في الحقل الأكاديمي، وقد أصبح النقد الأدبى يهتم بالمعيارية، فقد نفضت السلطة النقدية أيديها على أن تتناول النصوص الأدبية بالنقد والتحقيق، فتبدي رأيها فيما جيد وما هو غث، فأصبح نادرًا الحكم على العمل الأدبي من خلال تقييم مستوى التخييل الروائي، والقيم الجمالية والإنسانية فيه، وهذه النظرة المعيارية للأدب أصبحت شائعة منذ ظهور النقد الأوروبى وتأثرنا به فى بداية القرن الحادى والعشرون، فأصبح الفصل الآن بين الأعمال الأدبية الجيدة يقع على عاتق الإعلام، حيث الجوائز التى تُمنح للكتاب والتى تكون خير دليل على نجاح هذا العمل الأدبى وإمتلاكه مقومات العمل الأدبي الجيد، كذلك البرامج والقراءات النقدية قد أًصبحت الفيصل على رغم من ندرتها الآن.
ويقول إمبابي أنه قديما كانت هناك أعمدة أدبية متخصصة في نقد النصوص الأدبية، وكان يحررها كبار النقاد المصريين مثل "محمد مندور"، "لويس عوض" ، إلا أننا الآن بالرغم من التطور التكنولوجي الحديث الذي أتاح اتساع رؤية الكتابة والنقد نجد صعوبة فى وصول النص الأدبى للعديد من القراء، وبالرغم من ذلك يستطيع النص الأدبى الجيد أن يفرض نفسه بالرغم من المعوقات التى تواجهه.
هذا وقد أعربت الشاعرة والمترجمة، حنان شافعي، عن حزنها الشديد وصدمتها بوفاة الدكتور بهاء عبدالمجيد، خاصة بعد دخوله مستشفى عين شمس التخصصي بمدة قصيرة، فلم تكن تتصور أن حالته الصحية سوف تسوء إلى هذا الحد الذي يجعلنا نفقده، وهو مازل فى سن صغيرة، ولكن لا اعتراض على قضاء الله.
و ترى شافعي، أن الراحل كانت له مكانة مميزة فى الوسط الثقافى، فكان ذو شخصية مهذبة ومعروفًا بعلاقته الجيدة مع زملائه من الوسط الثقافى، وكذلك الأكاديمى فهو مدرس الأدب الإنجليزي في جامعة عين شمس، وأستاذ زائر بجامعة أكسفورد، له العديد من المساهمات الأدبية البارزة وكذلك الأعمال المترجمة.
وأشارت شافعي أن فترة عمله فى الخارج لها بالغ الأثر فى تكوين شخصيته الأدبية وهذا ما كان جليًا وواضحًا فى منجزاته الأدبية.
كما أضافت حنان شافعي، أن الكاتب الراحل الدكتور بهاء عبد المجيد، كان لديه طموح كبير فى مجال كتابة الرواية الأدبية أكثر من عمله الأكاديمي، والذى حقق فيه نجاحا ملحوظا حتى بعد عودته إلى مصر، فقد كان دائم التواصل مع جامعة أوكسفورد، حيث كان حريصًا أن يكون متواجدًا دائمًا بأعمال متنوعة فى الحقل الإبداعي.
ومن أبرز أعمال الكاتب الراحل الدكتور بهاء عبد المجيد، التى ترى شافعي، أنها حققت صدى كبير فى الوسط الثقافى رواية "النوم مع الغرباء"، وكذلك روايته الأخيرة "القطيفة الحمراء".
وأخيرًا ترى الشاعرة حنان شافعي، أن عبد المجيد، لم يحظ بهالة واسعة من الضوء فى ذلك الوسط بالرغم من قيمته الأدبية التي لا يستطيع أحد إنكارها، بالمقارنة إلى تركيزه في عمله الأكاديمي، إلى جانب عمله كمبدع فلم يكن يملك رفاهية حضور حفلات التوقيع لأعماله الأدبية والأمسيات الأدبية والثقافية، ولكن كانت أعماله خير دليل على مكانته وقيمته الأدبية الحقيقة.