تنشر بوابة «الهلال اليوم»، قصة "على قيد الحب"، للكاتبة أسماء حسين، من مجموعتها القصصية "فسحة بويكا" الصادرة عن دار فصلة للنشر والتوزيع في طبعتها الأولى يناير 2018.
على قيد الحب
متى بدأ بنقش جدار بيته؟ لا أحد يعلم، متى ينتهي؟ لا أحد يعلم أيضًا، هل يسكن معه أحد؟ لا.
بابه المفتوح وحقيقة عمله اليومي غير معروفة.
آخر إشاعة صدرت عنه قبل ستة أشهر أنه كان يواعد إحداهن، وأنها طلبت منه نقش الحناء على يدها قبل أن تهجره، وأنه نقل بيته إلى طرف المدينة، واستمر بنقشه على أمل عودتها.
"غبي وأخرق" هكذا يقولون. لا يغادر بيته إلا لمامًا حين ينفذ منه لون ما، فيهيم على وجهه بثوبه المشع بياضًا..ليعود بالقليل من الطعام ولون واحد لا يزيد، خشية أن يضطهد من بقية ألوان ألفت يديه.
لا ينام.
هو لا ينام، يخاف إن أغمض عينيه الخيانة من جدرانه، ونقوش جدرانه، وألوان جدرانه، وحتى نفسه !! حتى عندما مرض لم يتوقف، قال يخاف أن تعود.
قال أنها على بعد ميلين من المدينة تشم رائحة أصباغه.
قال أنها تحلم به ينقش يدها يوميًّا، وأنها سترحل حين يتوقف.
قال أنها لا زالت على قيد الحب، وهو لا زال على قيدها.
قال، وقال، وقال.. حتى قلنا ليته سكت.
وبعدها سكت!
المرة الوحيدة التي سمعوا فيها صوته حين تمتم باكيًا: "كفاكِ غيابًا، عودي".
ماحيًا رسومه، معيدًا إياها من جديد في حزن.