تواصل القيادة المصرية جهودها لتقريب وجهات النظر وإنهاء حالة الانقسام بين الأطراف الليبية وذلك لحل الأزمة التي تؤرق الشعب الليبي، ومن بين هذه الجهود استقبال أطراف الشعب الليبي وعقد لقاءات معهم، حيث أكد خبراء سياسيون أن زيارة وفد الجنوب الليبي للقاهرة تأتي في هذا الإطار، في ظل موقف مصر الرافض لأي تدخلات أجنبية في الشأن الداخلي الليبي وحرصها على إنهاء حالة الصراع ولم شمل الليبيين.
كان قد استقبل مطار القاهرة الدولي، في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، وفدًا يضم 75 من شيوخ وأعيان ونُخب الجنوب الليبي، حيث يضم الوفد عشرات الشخصيات من مدن الجنوب الليبي "إقليم فزان"، وتستمر هذه الزيارة لمدة 4 أيام لمناقشة سبل التوصل إلى حلول سياسية تضمن لم شمل الشعب الليبي والحفاظ على وحدته ووحدة أراضيه.
وتأتي هذه الزيارة في إطار جهود مصر للتواصل مع جميع الأطراف الليبية؛ سعيًا لتقريب وجهات النظر بين الأشقاء الليبيين في إطار من الحيادية والوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف.
كانت مدينة الغردقة، قد استضافت اجتماعات للجنة العسكرية الليبية المشاركة، برعاية الأمم المتحدة، بهدف تثبيت وقف إطلاق النار، وذلك في إطار التحركات التى تقودها القاهرة على المستوى الإقليمى والدولى لحل الأزمة الليبية بكافة السبل السياسية.
رفض أي تدخلات خارجية
وفي هذا السياق، قال الدكتور إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية، إن القاهرة تبذل جهودًا كبيرة لحل الأزمة الليبية، وتستضيف بشكل مستمر وفودا من القادة وكافة الأطراف الليبية، من بينها الوفد الذي يزور مصر حاليا والمكون من 75 من شيوخ وأعيان ونُخب الجنوب الليبي، مضيفا أنه خلال الأشهر القليلة الماضية زار القاهرة وفدا من شيوخ ليبيا، وعقدوا لقاء مع الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأوضح في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذا يرجع إلى اهتمام مصر بكل ما يحدث في ليبيا من تطورات لارتباط أمن واستقرار ليبيا بالأمن القومي المصري، مضيفا أن مصر بذلت جهودا كبيرا للتوصل لحلول سلمية للأزمة الليبية، حيث ترتكز وجهة النظر المصرية على مبادئ محددة وهي الحفاظ على مؤسسات الدولة الوطنية ووحدة ليبيا وشعبها وثرواتها.
وأكد أن مصر أيضا ترفض وجود أي تدخلات خارجية إقليمية أو دولية في الشأن الداخلي الليبي، لأن هذه التدخلات تهدد أمن واستقرار الداخل الليبي، فضلا عن أنها تؤدي إلى تعقيد الموقف في ليبيا، مضيفا أن اللقاءات التي تعقدها الأطراف الليبية مع الجهات المعنية في مصر تأتي في إطار المشاروات المستمرة بين مصر والمسئولين في ليبيا.
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن مصر أعلنت مبادرة في يونيو الماضي تحت عنوان "إعلان القاهرة"، والتي كانت بمثابة خارطة طريق لحل الأزمة الليبية، أعلنها الرئيس السيسي عقب لقائه مع المشير خليفة حفتر ورئيس البرلمان الليبي المستشار عقيلة صالح، مضيفا أن الإعلان استهدف حل الأزمة الليبية حلا سياسيا بين الأطراف المختلفة داخليا.
إنهاء حالة الصراع
ومن جانبه، قال الدكتور محمد الزبيدي، أستاذ القانون الدولي والمحلل السياسي الليبي، إن زيارة وفد الجنوبي الليبي للقاهرة تأتي في إطار دعم القيادة المصرية لحل الأزمة الليبية عبر التشاور مع كل الأطراف الليبية، واستئناف الحوار السياسي، موضحًا أن القيادة المصرية تدرك أهمية القبائل كركيزة أساسية في بنية المجتمع الليبي، لأنه مجتمع قبلي بالأساس، حيث تقوم تركيبته الاجتماعية على هذه القبائل.
وأكد في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن الأشقاء في مصر يسعون إلى لململة الشتات على الأرض من خلال لقاء كافة الأطراف الليبية وتقريب وجهات النظر، مشيرًا إلى أن مصر تسعى لجمع الليبين على كلمة واحدة والعبور بليبيا من حالة الصراع والانشقاق بين القبائل إلى الاتفاق وتوحيد الرؤى، لذلك تحرص على لقاء كل الجنوب الليبي لتوحيد الكلمة بينهم.
وأشار إلى أن الهدف من الزيارة هو استكمال المساعي الحميدة التي بدأتها مصر للتوسط بين الأطراف الليبية والبحث عن سبل إخراج ليبيا من أزمتها، مضيفًا أن هذه اللقاءات تسهم في تقريب وجهات النظر وإزالة الخلافات تدريجيًا بين الأطراف الليبية، لأن العلاج يبدأ عبر التأكيد على المكون القبلي والعشائري للمجتمع والشعب الليبي وإنهاء الصراعات والفرقة والانقسام القائمة بينه.
ولفت الزبيدي إلى أن توحيد الصف الليبي يتحقق عبر الوصول إلى الركيزة الأساسية للشعب الليبي، وهي القبائل والعشائر كخطوة مبدئية وأساسية تأخرت إلى حد ما في سبيل حل الأزمة والصراعات التي تعصف بليبيا منذ سنوات.