رأت صحيفة ”فايننشال تايمز“ البريطانية، أن الرئيس المنتخب جو بايدن يواجه تحديا صعبا لإصلاح سمعة الولايات المتحدة على الساحة العالمية، لكن بعد اقتحام مبنى الكابيتول الأمريكي من جانب المسلحين، الأربعاء الماضي، بات التحدي أصعب بكثير.
وجاء في مقال افتتاحي نشر بالصحيفة، أن ”رئاسة بايدن المقبلة هي الضحية المقصودة بمهاجمة الكابيتول، التي من شأنها أن تزيد من صعوبة وصول بايدن لأهدافه، حيث سخرت الحكومات المناهضة للديمقراطية في مختلف أنحاء العالم من الولايات المتحدة، ودعت جميع الأحزاب إلى التحلي بضبط النفس والاحترام المتبادل“.
ومن المتوقع أن تستمر وسائل الإعلام في تداول صور ولقطات مشهد تعرض مبنى الكابيتول من جانب غوغاء محرضين من البيت الأبيض لسنوات قادمة، خلال مناقشات التشكيك في حكمة الديمقراطية الدستورية، وحتى بعد فترة طويلة من تركه منصبه، سوف يستمر دونالد ترامب في تعزيز حجج منتقدي الولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن ”أهداف بايدن للسياسة الخارجية تتضمن إنشاء قمة للديمقراطيات، التي ستعقد في أقرب وقت في ربيع هذا العام، لكن ذلك يمكن أن يؤدي لنتائج عكسية الآن، لذلك من الأفضل تأجيل القمة إلى أن يحرز بايدن إصلاحا بالديمقراطية الأمريكية“.
وقالت الصحيفة، إن ”الجانب الإيجابي لمهزلة الأربعاء الخطيرة هي أن النظام قد صمد، واجتمع المشرعون من جديد بعد أن تم تنظيف مبنى الكابيتول وصدقوا على فوز بايدن، في الساعات الأولى لصباح يوم الخميس“.
وفي ظل حالة الكراهية الواضحة، تلا ترامب بيانا تعهد فيه بالنقل السلمي للسلطة في 20 يناير، وتبخرت أصوات العديد من الجمهوريين الذين انضموا إلى الجهود المتهورة لتأجيل أو منع التصديق على إجراء انتخابات حرة ونزيهة، بعد أن أظهرت المهزلة أن ثمن دعم ترامب قد ارتفع بشكل حاد، وهكذا تقدم أحداث 6 يناير فرصة لتجديد الولايات المتحدة.
ومع ذلك، تشير الصحيفة إلى أن هناك مشكلتين مباشرتين أخريين تستدعيان القلق، الأولى هي أن ترامب لا يزال لديه 12 يوما في منصبه، وعلى الرغم من تعهده بالمغادرة في الوقت المحدد، لا يزال ترامب متمسكا بمزاعم سرقة الانتخابات منه، وأعلن عن أنه لن يحضر حفل تنصيب بايدن، وهي خطوة من شأنها أن تكون الأولى في التاريخ الأمريكي، منذ القرن التاسع عشر، باستثناء ريتشارد نيكسون.
أما المشكلة الثانية، هي أن هناك الملايين من الأمريكيين الذين لا يزالون يؤمنون برواية ترامب، وتعرضه لخيانة عظمى، حيث حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي، منذ سنوات، من أن أكبر تهديد إرهابي في الولايات المتحدة يأتي من جماعات اليمين المتطرف المحلية، ومن المستبعد الآن أن يعودوا لضبط النفس.
وذكرت الصحيفة بأن صحة الديمقراطية في الولايات المتحدة تعتمد على المدى الطويل على تنصل الجمهوريين من ترامب وأساليبه، وهي مهمة لن تكون سهلة، وقدم ميتش ماكونيل، زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، درس هذا الأسبوع، حول كيفية تصرف السياسي المحافظ الذي يحترم الدستور، وأظهر أنه ينبغي التعاون مع بايدن حيثما كان ذلك ممكنا.
ونظرا لأن العديد من نقاط قوة الشعبوية اقتصادية، يجب على الجمهوريين دعم الاستثمار في القوى العاملة والبنية التحتية؛ الأمر الذي من شأنه تقليل استياء قاعدة ترامب، كما سيخاطر ماكونيل بتعرضه لتحديات من خلفاء ترامب المحتملين، مثل تيد كروز من تكساس وجوش هاولي من ميسوري، والذين تضرر موقفهم بشدة بعد كارثة يوم الأربعاء، ولأنه من المستبعد أن يعترفوا بالمسؤولية فيما حدث، قد يمنح ذلك الجمهوريين ذوي المبادئ، بمن فيهم ميت رومني، فرصة للتأكيد على أهمية النزاهة في الحياة العامة.
واختتمت الصحيفة مقالها محذرة من أنه ”في حين لا تزال الجمهورية الأمريكية سليمة، إلا أن الخطر لم يمر، وأفضل طريقة لاستعراض بايدن لقوة الديمقراطية هي إظهار أن الحكومة قادرة على العمل، لكنه لا يستطيع أن يفعل ذلك وحده، ويجب على الجمهوريين التخلي عن عدائهم لتحقيق التعاون بين الحزبين، وما لم يتغيروا، فمن المرجح أن يفشل بايدن والولايات المتحدة“.