صدر للكاتب والروائي نصر الله الملا، أحدث أعماله بعنوان "الفن
الثامن"، عن مؤسسة رهف للنشر والتوزيع.
وأهدى "الملا" كتابه إلى كل من يعشق كرة القدم عشقًا
حقيقيًا، وكل من له ذكريات لا تٌنسى في عالم الساحرة المستديرة، معتبرًا أنها تعد
الفن الثامن.
وحول عنوان الكتاب، ولماذا اعتبر الكاتب الروائي، وصاحب سلسلة "ممالك
السماء" -التي صدر منها خمسة أجزاء حتى الآن في عالم فانتازي- أن كرة القدم،
ومتعتها لا أقل عن الدراما والفن التشكيلي والموسيقى والباليه والسينما، المعروفة
بالفن السابع، يقول نصرالله الملا: إن نوعا جديدا من الفنون اجتاح الأرض هو كرة
القدم، ومن أجل هذا الفن فقط، كان هذا الكتاب".
وعن رواد الفن الثامن «عالميًا»، بدأ المؤلف اختياراته بالساحر
البرازيلي بيليه، والذي يعتبره أغلب النقاد أفضل لاعب في تاريخ كرة القدم، ليس لما
قدمه لعشاق الفن الثامن من إبداع وفن فقط، ولكن لأنه اللاعب الوحيد في التاريخ الذي
حقق 3 بطولات كأس عالم متتالية. ثم يأتي القيصربيكنباور، سيد الدفاع في القارة
العجوز.. أحد أعظم لاعبي الدفاع في تاريخ الساحرة المستديرة، يليه يوهان كرويف
«الفتى الطائر».. معجزة الكرة الهولندية، سيد الكرة الشاملة، مايسترو كرة القدم
الذي أبهر العالم بمهاراته وفنه.
ديجو أرماندو ماردونا، الذي رحل قبل أسابيع قليلة، جاء ضمن قائمة
العظماء في كتاب نصر الله الملا، الذي قال عنه: "ديجو!.. ياله من حلم جميل في
الذاكرة! سأحاول أن أكون محايداً قدر استطاعتي حتى لا أُتهم بالتعصب تجاه هذا
اللاعب الفذ، فلو أنني تركت لنفسي العنان لكتبت في وصفه مئات الصفحات، فهو أحد
أسباب كتابة هذا الكتاب"
وفي خضم حديثه عن روماريو، يقول المؤلف: أيتها الساحرة المستديرة،
أستحلفك بألا تنسي هذا اللاعب أبد الدهر، فهو آخر لبنة في اكتمال البناء الكروي،
والذي بدونه يصبح مشوهاً، هو حبة الكريز التي تتزين بها كعكة الساحرة المستديرة..
لن يعرف قدر موهبته إلا من عاش عصره ورأى الكرة تتهادى بين أقدامه وكأنها جزء منه،
هو سيد الكيف والكم معاً.
يقول الكاتب في الفصل الأول من كتابه والذي أفرد صفحاته لأساطين
الساحرة المستديرة: «لكن الفرق الآن ليس كبيرا على أن نصنف زيدان مع مارادونا
وبيليه.. ما هذه الراحة التي يلعب بها وكأنه في كرنفال وليس في نهائي كأس العالم..
فرنسا لا تساوي شيئا بدون زين الدين زيدان.. كم أنت كبير يا ابن الصحراء».
أما رونالدو.. فهو الأقرع الذي يراوغ الفريق المنافس بأكمله، هو الظاهرة، وأحد أفضل المراوغين في تاريخ اللعبة،
غير أن الملا لم ينس بالطبع كريستيانو رونالدو، ابن مدينة فونشال في جزيرة ماديرا،
والأيقونة ليونيل ميسي، المولود في 1987، لعائلة تنحدر من أصول إيطالية.
واختتم اختياراته بالفرعون
المصري محمد صلاح، اللاعب المميز الذي استطاع أن يغير نظرة العالم للاعب المصري
بأدائه الرشيق والراقي داخل المستطيل الأخضر وخارجه.
لماذا الزمالك إذن؟
تبدأ القصة في عام 1993 حينما يجلس طفل لم يكمل عامه العاشر بعد،
أمام التلفاز لا ليشاهد مباراة في كرة القدم، بل ليتابع أخيه الأكبر صاحب الحركات
الأكروباتية العجيبة وهو يشاهد مباراة في الدوري المصري الممتاز.
يبحث الطفل لنفسه عن جهة كروية عبر إحدى القلعتين، متحصنًا بالمعرفة،
بعدما شاهد أعظم لاعبي العالم، ها هو قد فهم جيداً كيف تُلعب ولما تٌعشق.. يتابع
القلعتين عن كثب، يسأل نفسه كل يوم في أي القلعتين سأسكن وإلى أي الحزبين سأنتمي،
ولكنه لم ينتظر الإجابة طويلاً، شيء ما يجذبه إلى هذه الفانلة البيضاء، سحر خفي
مثل ذلك السحر الذي رأه بين أقدام ديجو ومن قبله الساحر (روماريو)، إنها نفس
الطبيعة الكروية، نفس تلك النشوة التي يشعر بها حينما يهيم ويتوه في ربوع مملكة
الفن الثامن، هذا ما كان يبحث عنه، فكرة القدم تُعشق من أجل الفن والإبداع أولاً
ومن بعد ذلك يأتي أي شيء آخر، يقرر أن يختار بقلبه قبل عقله، يقرر أن يستمتع
بالمباراة لا بنتيجة المباراة، يقرر أن يكون حاملاً لفكرة جميلة ومبدأ أجمل، يقرر
أن يكون زملكاوياً.
يري صاحب كتاب الفن الثامن أن لمشجعي النادي الملكي طبيعة خاصة، فهم
عشاق محاربون، لا يهابون السقوط أمام فوهة المعارك من أجل ما يعشقون، فأحدنا قد
يدخل وحده دون مُعين في جدال كروي حاد مع الأصدقاء أصحاب الرايات الحٌمر دون أن
يهاب شيئا، فيشعر كأنه «براد بيت» في فيلمه الشهير (troy) حينما تساقط أمامه الخصوم
مثل أفراخ الدجاج وهو واقف وسط المعركة كالوتد.. فكل شخص زملكاوي هو شخص مقاتل
بطبعه، يعشق التحدي ولا ينهزم من داخله أبداً، فمهما كانت السقطات سيقوم ويقف على
قدميه بل سيعود أقوى مما كان في السابق، فهكذا تعلم من تشجيعه لهذا النادي الملكي،
فقط هم الشجعان الذين يبقون في ساحة المعركة مهما بلغت الخسائر.. تعلمنا هذا من
نادينا العظيم، وستبقى صفة التحدي هي إحدى أهم ثماتنا التي لا نفقدها بمرور الزمن
ما دام في القوس سهم في قلب الشعار.