أكدت الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية حرص الدولة من خلال الإصلاحات التشريعية والمؤسسية وكذلك تطوير البنية التحتية على تحفيز دور القطاع الخاص باعتباره شريكًا رئيسيًا في تحقيق المستهدفات التنموية، سواء من خلال خلق فرص العمل اللائق والمنتج أو تحقيق النمو الشامل والمستدام، مشيرة إلى أن مصر جاءت في المرتبة الأولى على مستوى شمال أفريقيا في جذب تدفقات الاستثمار الأجنبي في عام 2019 بواقع 9 مليارات دولار أمريكي، وفقاً لتقرير الاستثمار العالمي الصادر عن مُؤتمر الأمم الـمُتحدة للتجارة والتنمية (UNCTAD) في عام 2020.
وجاء ذلك فى كلمتها اليوم خلال مشاركتها –عبر الفيديو كونفرانس- في فعاليات مؤتمر حابي السنوي في دورته الثالثة والذي جاء بعنوان "استثمار التعافي: ما بعد صمود الاقتصاد المصري في مواجهة كورونا".
وقالت السعيد إنه كان لجهود الدولة التنموية المكثفة في السنوات الأخيرة دور كبير في الصمود أمام جائجة فيروس كورونا، فعلى الرغم من الانخفاض النسبي في بعض المؤشرات الاقتصادية نتيجة للجائحة، إلا أن الجهود الجادة للإصلاح وما نفذته الدولة من إصلاحات تشريعية ومؤسسية وتكثيف الاستثمارات العامة لقطاعات البنية الأساسية والتي وصلت إلى 1.7 تريليون جنيه خلال آخر ستة أعوام، وما تحقق من نتائج إيجابية نتيجة لهذه الجهود، انعكست على تحقيق معدل نمو بلغ 5,6 % في النصف الأول من العام المالي 2019 / 2020 (قبل بداية أزمة كورونا)، بالإضافة إلى ما يتميز به الاقتصاد المصري من تنوع في القطاعات.
وأضافت السعيد أن كل ذلك قد ساهم في أن يصبح الاقتصاد المصري أكثر مرونة ولديه قدرة على استيعاب الصدمات الاقتصادية وأزمة كوفيد 19، حيث جاءت مصر ضمن عددٍ محدودٍ من دول العالم التي حقّقت نموًا موجبًا في ظل الجائحة، وحظيت بإشادة العديد من المؤسسات الدولية.
وأشارت إلى أنه من المؤشرات الإيجابية كذلك، اقتران هذا النمو بانخفاض معدلات البطالة إلى 7.2% في الربع الثاني من (2020 / 2021)، بالإضافة إلى تراجع ملموس في معدل التضخّم والذي بلغ 4.8% في يناير 2021، وهو أدنى مستوى له في 14 عامًا.
ولفتت السعيد إلى تبني الدولة مجموعة من السياسات الاستباقية التي تستهدف التعامل مع الجائحة في إطار الحرص على تحقيق التوازن بين الحفاظ على صحة المواطن واستمرار عجلة النشاط الاقتصادي، مؤكدة اعتماد الدولة خطة واضحة ومدروسة تستهدف كافة الفئات والقطاعات الاجتماعية، لاسيما الفئات الأكثر تأثراً بالجائحة، من أجل التخفيف من تداعيات الركود الاقتصادي على المواطنين من جرّاء جائحة كورونا، هذا إلى جانب تبني الدولة إجراءات فورية لدعم الفئات والقطاعات المتضررة، وتعليق مدفوعات خدمة الديون للأفراد والمنشآت، بالإضافة إلى اهتمام الحكومة بشبكات الحماية الاجتماعية وخلق فرص العمل، من خلال التوسع في عدد المستفيدين من برنامج تكافل وكرامة، والتوسع في تنفيذ مبادرتي "حياة كريمة" للقرى الاكثر احتياجًا، و"مراكب النجاة" باعتبارها أبرز الأدوات لتعزيز مظلة الحماية الاجتماعية.
وتابعت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن من المؤشرات التي تدلل على نجاح مبادرة "حياة كريمة"، مساهمتها الفاعلة في خفض معدلات الفقر وتوفير الخدمات في القرى التي تغطيها المبادرة، وهي نتائج تعزز جهود تحقيق أهداف التنمية المستدامة سواء الوطنية أو الأممية، وقد تكلل هذا النجاح بإدراج الأمم المتحدة مبادرة "حياة كريمة" ضمن أفضل الممارسات الدولية.
ونوهت السعيد بأن الخطوات التي اتخذتها الدولة لتنشيط الاقتصاد من خلال زيادة الدخول والاستثمارات العامة في القطاعات الواعدة التي تمثل ركيزة أساسية لدفع النمو في المرحلة المقبلة، وبما يعكس الأولويات التي فرضتها أزمة كورونا، مثل قطاعات الخدمات الصحية والمستلزمات الطبية، الزراعة، الصناعات الغذائية، والتشييد والبناء والصناعات التحويلية، مؤكدة إيلاء الدولة أهمية قصوى كذلك لقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبنية التحتية للرقمنة في إطار تعزيز التوجه نحو التحول الرقمي.
وحول مرحلة الإصلاحات الهيكلية؛ قالت السعيد إن الدولة تلتزم بتنفيذ البرنامج الذي يعتبر المرحلة الثانية من برنامج الإصلاح الاقتصادي، مشيرة إلى أن الإصلاحات الهيكلية تستهدف تنويع هيكل الاقتصاد المصري وزيادة مرونته، ورفع القدرة على امتصاص الصدمات الخارجية والداخلية، وتحويل مسار الاقتصاد المصري ليصبح اقتصاداً إنتاجياً يرتكز على المعرفة ويتمتع بقدرات تنافسية في الاقتصاد العالمي، بالإضافة إلى الاهتمام بالتعليم الفني الذي يحتاجه سوق العمل وذلك من أجل تشجيع النمو الاحتوائي وخلق فرص عمل لائقة ومُنتِجة، وتنويع وتطوير أنماط الإنتاج وتحسين مناخ الاستثمار وبيئة الأعمال، وتوطين الصناعة المحلية وزيادة تنافسية الصادرات المصرية، وتعزيز الشمول المالي والاهتمام بالتطوير المؤسسي.
وأوضحت السعيد أنه استكمالًا لجهود تحقيق التنمية المستدامة، يأتي ضمن الأولويات اهتمام الدولة المصرية بتوطين التنمية، أو ما نطلق عليه "التوطين المحلي لأهداف التنمية المستدامة،" بهدف تحقيق مفهوم «النمو الاحتوائيInclusive Growth والمستدام والتنمية الإقليمية المتوازنة»، كأحد الركائز الأساسية لرؤية مصر 2030، لتعظيم الاستفادة من المزايا النسبية للمحافظات وتوجيه الاستثمارات العامة للدولة بشكل أكثر كفاءة وفاعلية، مع إصدار تقارير لتوطين التنمية في كافة محافظات الجمهورية، وإعداد مؤشرات تنافسية في هذه المحافظات.
وأشارت الوزيرة إلى أن الحكومة المصرية تولي أولوية لقضايا الاقتصاد الأخضر (والتعافي الأخضر) ومعايير الاستدامة البيئية، وفقاً لرؤية 2030، حيث تتبنى الحكومة استراتيجية وطنية للانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، وجاري العمل على تحقيق 30% من المشروعات الاستثمارية بخطط الدولة لمفاهيم الاستدامة البيئية والاقتصاد الأخضر ترتفع النسبة لتصبـح 50% في الأعوام الثلاثة القادمة.