الخميس 20 مارس 2025

تحقيقات

ثقافة الاستهلاك لدى المصريين.. الأعمال الخيرية أصبحت تباهى وتظاهر.. البطة الراعى الرسمى فى رمضان

  • 11-4-2021 | 23:45

شهر مضان

طباعة
  • مرنا سامي

يطل شهر رمضان  لينير قلوب المصريين بالصلاة والعبادة والتقرب من الله سبحانه وتعالى، ليأتي إلينا حاملا الفرحة والبهجة ليعم خيره الوفير على جميع المواطنين، ولكن هناك بعض المصريين يجعلون هذا الشهر للتباهي والتظاهر بشراء السلع الاستهلاكية شراسة كبيرة تقضي على المنتجات، بهدف التنوع في الغذاء والتظاهر أمام الأقارب بما عندهم من طعام وسلع استهلاكية،  كما أن الغريب والمحير بالأمر أن هناك  فئات وطبقات لدية عجز أو توفير سلع استهلاكية أخرى، ولكن خلال قدوم شهر رمضان يتغير فكر المواطن في ليلة وضحاها تدفعه لشراء كميات كبيرة ومكلفة من السلع الغذائية التي من الممكن يتفضل منها بعد انتهاء الشهر الكريم أو يرمى منها يوميا في  سلة المهملات.

 

ويحتل الإنفاق على الطعام خلال شهر رمضان أولويات الأسر المصرية التى تقتطع النسبة الأكبر من دخلها لشراء السلع الغذائية خلال الشهر الفضيل.

 

مساوئ السوشيال ميديا فى رمضان

وفي هذا السياق، قال وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، إن السلوك الاستهلاكي يثار السؤال عنه بشكل دائم، لأن حجم استهلاك المصريين من الأكلات والمشروبات في العام الرمضاني الماضي 2020 يصل إلى 672 مليار جنية وهو ما يعادل 50 مليار جنيه في الشهر، علما أن هذا المعدل لا يقف عند ذلك الحد بل يرتفع في شهر رمضان من 80 إلى 100 مليار جنية نظرا لإحصائيات وزارة التموين المصرية، موضحا أن المواطن المصري ينفق حوالي 3 مليار جنيه للسلع الغذائية.

 

 

وأوضح، هندي، في تصريحات خاصة، لـ«دار الهلال»، أن هناك 39% من طعام المصريين يذهب إلى القمامة، وذلك حسب الإحصائيات المصرية، علما أن الاستهلاك الشرائي لا يتوقف في شهر رمضان عن شراء السلع الغذائية بل شمل استهلاكات أخرى منها: فوانيس وزينات يتم استيرادها من الخارج ابتهاجا بالشهر الكريم ولكن هذا الاستهلاك يتعارض تماما مع الشهر الفضيل، موضحا الأسباب التي تجعل الأشخاص يتصرفون بهذه الطريقة الجشعة في الاستهلاك سواء بالسلع الرمضانية أو الترفيهية، وذلك يأتي في إطار يسمى بالخواء الروحي لتفريغ شهر رمضان من فواحا الروحية والقيمية، وتصوير الطعام وعرضه على "السوشيال ميديا، وفيسبوك، وإنستجرام".

 

وأضاف، أن الأكلات والمشروبات التي تعرض على السوشيال ميديا وبرامج التلفزيون تعطي شعور للناس للتجويد في الطعام وعرضه مثل أصحاب السوشيال ميديا، ما يثير غرائز ودوافع المواطن في شراء سلع جديد للابتكار في طبخ الطعام والواجبات كما يحدث في برامج التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي، كما أن في الماضي  "الدجاجة تطبخ بطريقة معينة بالبيئة المصرية، ولكن من خلال متابعة البرامج ومواقع التواصل، جعلت الدجاجة تطبخ أكثر من طريقة ووصفة"، ما جعل الناس يشترون الكثير من البهارات والأشياء التي تصنع أكثر من وصفة من خلال طعام واحد.

 

العادات السيئة لدى المصريين برمضان 

وأشار، هندي، إلى في هذا الشهر تبدأ عادات سيئة لإعلاء قيم التفاخر والتباهي، والخلط في المفاهيم بين الكرم وسفه السلوك بالأنفاق، وياتي ذلك السلوك في إطار التباهي بأنواع وأشكال الطعام أمام الضيوف، علما أن ما يجعل الأنسان ينفق الكثير من الأموال في شهر رمضان هو ما لدية من انخفاض في مخزون الموجودات، محاولة لتعويضه النفسي في نظر الناس إليه بنظرة تضخمية، موضحا أن ارتفاع نسبة الدعاية للمطاعم والمصانع مثل: « جنة جنة أه جنة»، ما يدفع المواطن إلى شراء السلع الإعلانية.

 

وأردف أن في بعض الأحيان تكون شراء السلع هو الغيرة من المقربين، مثل غيرة الزوجة أو الزوج من الكميات الرهيبة التي توجد عند الأقارب والجيران، فيبدأ الشخص يغير من هذه الرفاهية ليبدء هو أيضا في شراء بكميات كبيرة، علما أن هناك أعمال خيرية رمضانية تقلب إلى تظاهر وتباهي في حالة الغيرة من الآخرين لعمل موائد رحمان لإطعام الفقراء ليقوم الشخص بأفضل ما عنده في تقديم الأعمال الخيرية والتي تجعله في سباق مع هذه الاشخاص.

 

حجم الاستهلاك برمضان 

وأكد، أن  الاستهلاك الشهري سواء في «الكهرباء، الصحة، المواصلات،...»، لا يضاهي حجم الاستهلاك الغذائي الذي يقدر بـ15% من حجم الاستهلاكات الشهرية واليومية ليرتفع إلى 80% بـ شهر رمضان الكريم، دون الاستهلاكات الضرورية مثل المواصلات، موضحا قيمة أنفاق اللحوم بشهر رمضان التي تتجاوز 30 ألف طن وهو يعتبر زيادة 70% عن حجم الاستهلاك الطبيعي.

 

واختتم، أن السكر يستهلك 175 ألف طن في الشهر، ليرتفع إلى 250 ألف في شهر رمضان، كما أن الزيوت تستهلك 65 ألف طن لترتفع إلى 75 ألف طن، ولا تتخيل أن المصريون يستهلكون الكثير من رغيف العيش والذي يصل استهلاكه إلى 35 مليار جنية رغيف، موضحا أن هناك 85% من الأسر المصرية تغير من عاداتها الغذائية في شهر رمضان لتكون عادات استهلاكية من «لحوم ودواجن ومشروبات، وحلويات وياميش»، موضحا أن "البطة هي الراعي الرسمي للمواطن المصري وكأنها طقوس في شهر رمضان "، موضحا أن الاستهلاك الرمضاني تجاوز الحد الطبيعي لدرجة تناولت مواقع التواصل الاجتماعي في الشهر الماضي فاتورة لأحد الأشخاص الذي كان يتناول السحور في  أحد الفنادق لتصل ألف جنيه، ولكن ليس الغريب بأن الفاتورة 1000 جنية فقط ولكن الغريب أن الحجز كومبليت.

 

الصرف بدون عقل

قالت، سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إن معظم المواطنين المصريين لديهم مرض يسمى "الصرف بدون تعقل"، وذلك يأتي نتيجة الأعلام الذي يعرض برامج الطبخ الشهية بالشهر الكريم بدون التفكير في الحالة المادية لمتابعين هذه القنوات، والتي تدفع المواطن بعدم التفكير في احتياجاته الاساسية والذهاب سريعا بدون عقل لشراء السلع والمنتجات المكلفة بكميات رهيبة وكبيرة للتنوع في الطعام خلال شهر رمضان.

 

وأوضحت، خضر، في تصريحات خاصة، لـ«دار الهلال»، أن المواطن الهوس الشرائي في رمضان بل يستمر حتى في الأعياد، لشراء الكثير من الملابس وكميات من الحلويات العيد مثل: "الكحك، والبتيفور، والبسكويت"، موضحة أن كميات هذه الحلويات لا تستمر لمدة 4 أيام ولكن تستمر لشهر كامل وفي آخر الآمر يكون مكانها في سلة المهملات، موضحة أن هذه الكميات من الطعام تجعل الشخص يعاني نفسيا من الاكتئاب بعد الانتهاء من الشهر الكريم والسبب في ذلك هو زيادة الوزن الذي يدفع بعض الأشخاص في الذهاب إلى أطباء السمنة والتغذية لعمل عمليات أو صرف العديد من الأموال على علاجات نقص الوزن الذي يدفع المواطن في استهلاك الكثير من الأموال نتيجة التنوع الرهيب في الطعام خلال الشهر الكريم.

 

وأضاف، أن، يجب على الأزهر ووزارة الأفتاء في توعية الشعب المصري من الحد في شراء السلع، وأن هذا السلوك ليس صحيحا وتوضيح كيفية استخدام هذا الشهر بشكل صحيح للتقرب من الله سبحانه وتعالى، ويجب عليهم ضبط أنفسهم وعدم اللجوء إلى الشهوات الغذائية لأن هذا الشهر جعله الله لأحساس بالفقير والمحتاج وليس الفرح بالطعام بعد الاستغناء عنه لمدة من الوقت.

 

مساوئ فيروس كورونا

وأشارت، أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس، إلى غلق المحلات مبكرا خلال أزمة فيروس كورونا بث الرعب في قلوب المواطنين لتخزين الكثير من السلع الغذائية تخوفا من دخول الموجة الثالثة على مصر وتجعل الدولة في الإغلاق مرة أخرى.  

أخبار الساعة