الثلاثاء 18 يونيو 2024

نساء في الإسلام (13).. أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث آخر زوجة للرسول

السيدة ميمونة بنت الحارث

ثقافة25-4-2021 | 21:05

همت مصطفى

يشهد تاريخ الإسلام شخصيات عاشت وخلدها إيمانها ومواقفها القوية دفاعًا عن ديننا الحنيف ينشدون ثواب الآخرة والهدى للبشرية كلها فتركت هذه الشخصيات أثرًا كبيرًا محفوظًا في ذاكرتنا ووجداننا وهدى وبوصلة لنا في الطريق، ونواصل مع بوابة "دار الهلال" في أيام شهر رمضان الكريم، الانتقال من عالمنا إلى صفحات من التاريخ لنكتب عن بعض الخطوات والمحطات والمواقف في رحلة العديد الشخصيات، واخترنا بهذا العام أن تتمثل في رحلة مع النساء اللاتي أسهموا في دعم الإسلام وانتشاره.

واللقاء اليوم مع شخصية "أم المؤمنين السيدة ميمونة بنت الحارث "رضي الله عنها.


السيدة ميمونة بنت الحارث بن حَزْن الهلالية رضي الله عنها، هي آخر امرأة تزوجها النبي صلّ الله عليه وسلم، وهي إحدى أمهات المؤمنين حيث يطلق على زوجات الرسول كذلك تكريمًا لشأنهنَّ وإعلاءً لقدرهنَّ.


وكانت "ميمونة" رضي الله عنها من سادات قريش، وأختها "لبابة الكبرى" أم الفضل "زوجة العباس بن عبد المطلب"، فهي إذًا خالة عبد الله بن عباس، وأختها الصغرى"لبابة الصغرى" زوجة الوليد بن المغيرة فهي خالة "الصحابي خالد بن الوليد رضي الله عنه، وأخوات السيدة ميمونة لأمها (أسماء بنت عميس، امرأة جعفر بن أبي طالب، وسلمى بنت عميس الخثعمية، زوجة حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه، وسلامة بنت عميس زوجة عبد الله بن كعب بن منبّه الخثعمي)، ولذلك كان رسول الله يقول: «الْأَخَوَاتُ مُؤْمِنَاتٌ، مَيْمُونَةُ زَوْجُ النَّبِيِّ صَلَّ اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، وَأَمُّ الْفَضْلِ بِنْتُ الْـحَارِثِ، وَسُلْمَى امْرَأَةُ حَمْزَةَ، وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ أُخْتُهُنَّ لِأُمِّهِنَّ» رواه النسائي في سننه الكبرى.

وتزوج رسول الله السيدة "ميمونة"بعد فراغه من عمرة القضاء في ذي القعدة من السنة السابعة للهجرة، وذلك عندما قدم عليه جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه من أرض الحبشة، فخطبها لرسول الله فأجابته، وقامت بتوكيل العباس بن عبد المطلب في أمر زواجها، فزوَّجها للنبي صل الله عليه وسلم.

وكان رسول الله بعد أن أنهى عمرته أراد أن يعمل وليمة عرسه في مكَّة، وإنما أراد تأليف قريشٍ بذلك، فأبوا عليه، وبعثوا إليه حويطب بن عبد العزى بعد مضي أربعة أيام يقول له: إنه قد انقضى أجلك فاخرج عنَّا، فأمر رسول الله أبا رافع رضي الله عنه فنادى بالرحيل، فخرج إلى سرف -وهو موضع قرب التنعيم يبعد عن مكة عشرة أميال– وَبَنَى بها، وكان عمرها عندئذٍ 26 عامًا، وعمره صلى الله عليه وآله وسلم 59 عامًا، وقد أولم عليها بأكثر من شاة، وأصدقها أربعمائة درهم، وقيل بخمسمائة درهم.


وكانت السيدة ميمونة "اسمها في السابق بَرَّة، فغيَّره رسول الله إلى ميمونة، شأنها في ذلك شأن أم المؤمنين جويرية رضي الله عنها، والتي كان اسمها "برَّة"، فغيَّره رسول الله إلى جويرية.

وشاركت السيدة "ميمونة" في القتال تنشد أن تنال حظها في الجهاد رضي الله عنها، وفي غزوة تبوك كانت السيدة  ميمونة" في صفوف المجاهدين تسعف الجرحي، وتواسي المرضى وتجاهد في سبيل الله حق الجهاد، ويقال إنها أول امرأة ألفت فرقة نسائية لإسعاف الجرحى والقيام بواجبات المجاهدين في ساحة القتال ولقد أصابها في جهادها سهم من سهام الأعداء وهي تحمل الماء للمصابين فكاد يقتلها غير أنه حفظها الله ورعاها بعنايته، وكانت السيدة ميمونة زاهدة عابدة، وروت عددًا من الأحاديث عن رسول الله كان منها صفة غسله عليه الصلاة والسلام .

وتوفيت السيدة "ميمونة" في الموضع الذي بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم عند زواجه منها، وذلك سنة 51 للهجرة، وكان عمرها إذ ذاك ثمانين سنة، وصلَّى عليها ابن عباس رضي الله عنهما، ودخل قبرها هو ويزيد بن الأصم وعبد الله بن شداد بن الهادي، وهم بنو أخواتها، وعبيد الله الخولاني ،وكان يتيمًا في حجرها.


وكانت السيدة "ميمونة" رضي الله عنها من سادات النساء، مثلاً عاليًا للصلاح ورسوخ الإيمان، وتشهد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها على ذلك بقولها بعد موتها عنها "ذهبت والله ميمونة.. أما أنها كانت من أتقانا لله وأوصلنا للرحم رضي الله عنهما".