الأربعاء 22 مايو 2024

تشريعات الضرورة للعدالة الوقائية والقضائية

مقالات28-4-2021 | 16:03

 

شكلت قضية تحديث واستكمال البنية التشريعية توجها أساسيا للدستور المصرى فى جميع مواده وبنوده، وتبوأت  المواد الخاصة بالعدالة القضائية والعدالة الوقائية مكانة كبيرة فى دستور ٢٠١٤ وتعد تشريعات الضرورة، وأكدت على ضرورة تطوير مختلف التشريعات والقوانين لتواكب حركة التغيير فى المجتمع المصرى فى مختلف المجالات الإقتصادية والسياسية والإجتماعية وسد بعض الثغرات التشريعية لمواجهة قضايا معينة لإنجاح برنامج الإصلاح والتطور والتنمية.
 

ولأن التشريع هو حجر الزاوية فى النظام الديمقراطى، ولأن القانون يحكم كل شئ ويرتفع فوق الأشخاص مهما علا قدرهم وأرتفع شأنهم، فهو الفيصل بين الحق والباطل، والمباح والمحرم،  والمصلحة والضرر والصحيح والباطل، وهو المعيار الذى يصنعه المجتمع على هدى معتقداته وقيمة وتقاليده،  لصيانة حركته للأمام، وحمايته من الفتن ومعاول الهدموالضلال  وهو الأساس الصلب الذى تقوم عليه عملية الإصلاح الإجتماعى فى شتى صورها.
 

ومن ثم يجب أن تعطى عملية سن القوانين أهمية بالغة وينظر إليها بأنها قمة الواجبات الوطنية التى تتطلب بحثا مضنيا ودراسة مستفيضة وتستوجب العمل لوجه الله سبحانه وتعالى  من أجل الوطن، ولتحقيق الاستقرار فى البنيان الاجتماعى والاقتصادى والبعد عن الهوى والغرض، والحكم على نجاح اى عمل تشريعى يقوم على ما يحققه من فائدة حقيقية للشعب ، ومايدفعه من ضرر وما يرسيه من أساس للمستقبل، ولما لهذه التشريعات من أولوية قصوى وضرورة حتمية فكان لزاما على ان يسعى مجلس النواب فى سن مشروعات القوانين التى  تم إعدادها مهيأة لإتخاذ إجراءات استصدارها، وكذلك مشاريع القوانين التى ظلت سنوات قيد الإعداد أو المراجعة رغم جاهزيتها وبالرغم أنها قوانين مكملة لدستور ٢٠١٤، وعلى سبيل المثال لا الحصر، المادة 199 من الدستور والتى تنص على أن الخبراء القضائيين وخبراء الطب الشرعى والأعضاء الفنيون بالشهر العقارى والتوثيق مستقلون فى أداء عملهم ويتمتعون بالضمانات والحماية اللازمة لتأدية أعمالهم على النحو الذى ينظمه القانون، وكذلك مشروع قانون جديد  للسجل العينى يحل محل القانون القائم رقم ١٤٢ لسنة ١٩٦٤ يتلاءم مع أحداث التطورات ويعالج ما كشف عنه تطبيق التشريع الحالى من بعض المثالب والعيوب والغموض الذى اتسمت به بعض أحكامه ، ويسد ما فيه من ثغرات ،ولابد أن يتسم المشروع المعد حاليا وسابقا منذ سنوات بالمرونة اللازمة لتحقيق الأغراض المرجوة منه  بإعادة ترتيب مواده وتغيير ألفاظه وخاصة المادة الخاصة باللجنة القضائية بعد الحكم بعدم دستوريتها مما أدى لسحب المشروع فى الفصل التشريعى الأول، حفاظا على الثروة العقارية المصرية  كما ينبغى، ولا ينقصه سوى ان تجرى عليه مراجعة على ضوء  إنشاء هيئة عامة مستقلة للملكية العقارية يتم من خلالها تعبئة الجهود والموارد ، ويوفر التنسيق بين هيئة المساحة والشهر العقارى وجهاز أراضى الدولة وغيرها من الجهات المتشابكة بما يحقق الإسراع فى تنفيذ تسجيل الأراضى والعقارات. كما حث عليه الدستور، وكما هو معمول به منذ سنوات فى جميع دول العالم.
 

ومن مشروعات القوانين ذات الأهمية ومطلب منذ أكثر من ثلاثين عاما وما زال من وقتها حتى الآن قيد الإعداد أو المراجعة عليها وبيانها مشروع قانون إنشاء أكاديمية القضاء، لتحقيق فكرة تحويل المركز القومى للدراسات القضائية إلى أكاديمية للقضاء تشمل على ثلاثة معاهد أولها للقضاة وثانيها للخبراء والطب الشرعى والشهر العقارى والتوثيق،  وثالثها لأعوان القضاة، وذلك ليكون تعيين رجال القضاء والنيابة العامة وسائر أعضاء الهيئات القضائية، من خريجى هذه الأكاديمية اقتداء بما نهجته الكثير من الدول المتقدمة منذ عشرات السنين ومعظم الدول العربية، وتتمثل أبرز محاور المشروع فى جعل الدراسة مدتها ثمانية عشر شهرا حتى أربع وعشرون شهرا وتكون الدراسة داخلية وتشمل كافة الجوانب النظرية والتطبيقية الميدانية، بحيث لا يجرى تعيين فى أدنى الوظائف القضائية إلامن بين من أجتازوا تلك الدراسة.
 

وهناك العديد من القوانين المنتظر إقرارها وخروجها للنور والمؤجلة من الفصل التشريعى الأول، وتأتى على رأس هذه القوانين ما يرتبط بالإصلاح القضائي، والمتمثلة فى المادة 185 من الدستور بتشكيل المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية ومهامه، والتى نصت على أن "تقوم كل جهة أو هيئة قضائية على شئونها، ويؤخذ رأيها فى مشروعات القوانين المنظمة لها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة، ويعين رئيس الجمهورية رؤساء الجهات والهيئات القضائية من بين أقدم سبعة من نوابهم، وذلك لمدة أربع سنوات، أو للمدة الباقية حتى بلوغه سن التقاعد، أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله، وذلك على النحو الذى ينظمه القانون. ويقوم على شئونها المُشتركة مجلس أعلى للجهات والهيئات القضائية، يرأسه رئيس الجمهورية، وبعضوية رئيس المحكمة الدستورية العليا، ورؤساء الجهات والهيئات القضائية، ورئيس محكمة استئناف القاهرة، والنائب العام، ويكون للمجلس أمين عام، يصدر بتعيينه قرار من رئيس الجمهورية للمدة التى يحددها القانون وبالتناوب بين الجهات أعضاء المجلس.

 

ويحل محل رئيس الجمهورية عند غيابه من يفوضه من رؤساء الجهات والهيئات القضائية. ويختص المجلس بالنظر فى شروط تعيين أعضاء الجهات والهيئات القضائية وترقيتهم وتأديبهم، ويؤخذ رأيه فى مشروعات القوانين المنظمة لشئون هذه الجهات والهيئات، وتصدر قراراته بموافقة أغلبية أعضائه على أن يكون من بينهم رئيس المجلس، ويؤخذ رأى المجلس فى مشروعات القوانين المنظمة لشئون الجهات والهيئات القضائية ويجب على المجلس إبداء رأيه خلال مدة لاتجاوز 30 يوما من تاريخ عرضها عليه.

 

كذلك المادة 196 من الدستور والتى نصت على "أن قضايا الدولة هيئة قضائية مستقلة تنوب عن الدولة فيما يرفع منها أو عليها من دعاوى وفى اقتراح تسويتها وديًا فى أى مرحلة من مراحل التقاضى والإشراف الفنى على إدارات الشئون القانونية بالجهاز الإدارى للدولة بالنسبة للدعاوى التى تباشرها، وتقوم بصياغة مشروعات العقود التى تحال إليها من الجهات الإدارية وتكون الدولة طرفاً فيها، وذلك كله وفقًا لما ينظمه القانون.

ويحدد القانون اختصاصاتها الأخرى ويكون لأعضائها كافة الضمانات والحقوق والواجبات المقررة لأعضاء السلطة القضائية وينظم القانون مساءلتهم تأديبيًا.

 

وكذلك المادة 197: "النيابة الإدارية هيئة قضائية مستقلة تتولى التحقيق فى المخالفات الإدارية والمالية وكذا التى تحال إليها، ويكون لها بالنسبة لهذه المخالفات السلطات المقررة للجنة الإدارية فى توقيع الجزاءات التأديبية، ويكون الطعن فى قراراتها أمام المحكمة التأديبية المختصة بمجلس الدولة، كما تتولى تحريك ومباشرة الدعاوى والطعون التأديبية أمام محاكم مجلس الدولة، وذلك كله وفقًا لما ينظمه القانون.

بالإضافة إلى المادة  198 من الدستور والخاصة بالمحاماة وإنها مهنة حرة تشارك السلطة القضائية فى تحقيق العدالة وسيادة القانون وكفالة حق الدفاع ويمارسها المحامى مستقلاً وكذلك محامو الهيئات وشركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام.

 

ويتمتع المحامون جميعًا أثناء تأدية حق الدفاع أمام المحاكم بالضمانات والحماية التى تقررت لهم فى القانون مع سريانها عليهم أمام جهات التحقيق والاستدلال ويحظر فى غير حالات التلبس القبض على المحامى أو احتجازه أثناء مباشرته حق الدفاع وذلك كله على النحو الذى يحدده القانون.

كل هذه الضمانات الدستورية عن العدالة الوقائية والقضائية  تحتاج إلى تفعيل القانون المنظم لها، من أجل تحقيق الإصلاح القضائى المطلوب بالإضافة إلى قانون الإجراءات الجنائية وغيره ما يرتبط بأروقة العدالة.

خروج هذه القوانين المؤجلة وتفعيلها لإصلاح المنظومة القضائية ومواكبة الحياة بما يتطلبه ضرورة قصوى، بعد أن أصبحت جميع القوانين المنظمة لا تستقيم مع متطلبات وتطلعات المجتمع عامة والمنظومة القضائية

الاكثر قراءة