الأحد 28 ابريل 2024

الاختيار2.. دراما فضائح الإخوان

مقالات6-5-2021 | 21:09

نوع من أنواع الدراما لا غنى عنه في الشاشات فى كل الدول اسمه "الدراما الوطنية"، وهي دراما لا توثِّق الوقائع التاريخية فقط، بل أن دورها أعمق من هذا المفهوم البسيط والمتمثل في تقدم صورة فنية عن الوطن، ذلك لأنها نوع من أنواع الفن الذي يمتزج فيه الواقع بالخيال الخصب، وهو أيضاً نوع من أنواع الفنون التي لا يتذوقها إلا أشخاص عامرة قلوبهم بالحب والانتماء والولاء للوطن، أشخاص أسوياء لا هم مضللين ولا مغيبين ولا مختطفين ذهنياً، نوع كده من الناس اللي حب الوطن بداخلهم هو الأول، ومن بعده أو خلفه تأتي باقي الانتماءات.

 

والدراما الوطنية هي نوع من أنواع الدراما التي لا يتوقف نجاحها على ما تحدثه من اأثر إيجابي فور طرحها، بل اإن لها دور أهم من هذا الدور الأولي، والذى يتمثل في التوثيق ليس للجيل الحالي فقط، بل لأجيال جديدة قادمة، ربما لا تدرك الحقائق والوقائع المطروحة في حينها، ولكنها ستدركها في قادم الأيام بعد أن تكون الحياة والأيام قد صقلت عقولهم بالخبرات والتجارب والرؤي التي تجعلهم مؤهلين للفهم والإدراك والوقوف على أدق التفاصيل التي لم يكونوا ليدركوها في حينها.

لذلك فإن أثر الدراما الوطنية لا يقتصر أثرها على ردود الأفعال الأولية التي تشيد بها، بل يمتد أثرها مع تكرار المشاهدة، بل أن هذا الأثر الإيجابي ينتقل من جيل إلى جيل، وهى واحدة من أهم الخصائص التي تتمتع بها الدراما الوطنية، بل أنه يكسبها خصوصية وتفرد تجعل لها أثر يبقي عشرات السنين بداخل الذاكرة الوطنية سواء للفرد أو للوطن ككل.

الدراما الوطنية ليست مؤرخاً يسجل ما جرى، بل عمل فني يقدم رؤية متكاملة تحاكي التاريخ حيناً والواقع أحيانًا، ولكنها تستهدف المستقبل دائماً ، وهي وسيلة إقناع قوية للجماهير في الداخل والخارج، تثبت صدق مقولة المفكر الأمريكي الشهير جوزيف ناي عن القوة الناعمة للدول، والتي تأتي الدراما في مقدمتها، لأنها تخلق نموذجاً للفهم يقنع المواطن بقضية ما ويقنع الآخرين بما تفعله الدولة، وما تستهدفه الدراما. ومن ثم فالدراما الوطنية قوة ناعمة للإمارات وسلاح للوعي.

والجديد هذا العام والعام الماضي هو الدراما التي جاءت لتوثق لمرحلة من أهم المراحل التي مرت على الدولة المصرية وهي الفترة ما بين يناير 2011 و حتى 3/7/2013، وما تلاها من حراك وتحديات، هي وبحق الأهم ليس في مصر فقط بل في الوطن العربي ككل.

 

إنها يا سادة مرحلة الربيع الغربي، أو مسلسل الفوضى الخلاقة بالمنطقة العربية ككل، ولن أخوض في تفاصيلها، لأننا بالفعل تحدثنا عنها مراراً بمقالات سابقة، ولكن دعونا نقول ببساطة إنها مرحلة شعارها كان إعادة تقسيم الدول وإضعافها وإذكاء النعرات الطائفية والعرقية بها، بما يعزز تحقق مفهوم الدول الفاشلة، والتي تنتشر فيها نار الصراعات الداخلية فتأكلها رويداً رويداً فلا تبقيها ولا حتى آثر لها بعد عين .

 

إلا أن الطرح الأهم هذا العام هو ما تم من خلال مسلسل "الاختيار2"، والذي حقق نجاحا منقطع النظير في جزئه الأول رمضا 2020، وجاء الجزء الثاني منه الاختيار2 (رجال الظل) ليعيد استثمار النجاح الذي حققه الجزء الأول، إلا أن الأمر لا يتوقف عند محطة استثمار نجاح مسلسل فقط، بل إٔنه يرسخ لنوع جديد من الدراما، وهو ما أستطيع تجاوزاً أن أطلق عليه (دراما الفضائح والتجريس). انتا بتقول إيه؟ أيوه يا فندم دراما فضائح وتجريس، وهقولك ليه بسميها كده؟ لأننا أخذنا فترة كبيرة من الوقت نحاول الرد على الأباطيل والافتراءات والأكاذيب، التي برع وتفنن فصيل الإخوان الإرهابي في نشرها أمام العالم كله، وذلك عن طريق طرح وقائع غير حقيقية وإلباسها ثوب الحق، وهو ما أخذ وقتا كبيرا من الدولة المصرية بكل أجهزتها في كشفة والرد عليه، ولا أظن أنه كان مقنعًا بشكل تام للداخل مع بعض من نجحت في إرباك أفكارهم منهجية المظلومية والكربلائية الإخوانية، وغير القادرين على رصد وتحليل المواقف بشكل يضمن لهم الفهم الكامل لحقيقتها، وهنا جاء "الاختيار1 و2" ليزيل حالة الضبابية لدى البعض بالداخل، ويقدم حقائق مدعومة بالوقائع والأسماء والأماكن وأيضاً موثقة بمقاطع فيديو، ويروي قصص تضحيات وبطولات لأشخاص لم نكن لنعلم عنهم شيء، وهنا كانت فكرة فضح أكاذيب الإخوان والتي برعوا في الترويج لها بخبث شديد، فجاءت الدراما الوطنية المصرية الحقيقية المدعومة بالحقائق فقط لا غير كسلاح ردع قوي يدحض أكاذيبهم، بل ليكشف عنه وجوههم القبيحة قناع المظلومية ويكشف عنها وهي تقطر دماً سفكوه بغير حق، وتفضح بل وتجرس أتباع هذا الفصيل الدموي الإرهابي الجبان وتجعلهم محل لعنات ودعوات سلبية بشكل يومي لكل من يشاهد هذا العمل، ويصب عليهم لعنات ودعوات ستظل تلاحقهم لعشرات السنين بإذن الله.

 

ومن هنا كانت أهمية هذا النوع من الدراما الوطنية المستحدثة، والتي تم تطويرها من مجرد دراما توثق أحداثًا تاريخية، وتعيد تقديمها في قالب درامي تشويقي، لتكون دراما تصحح عيوب الإبصار والإدراك لدى البعض منا، وترصد وتوثق وتشهد على إجرام ودموية فصيل غير وطني عاش على أرض هذا الوطن وتنعم في خيراته، بل وتحكي وتمجد تضحيات وفداء نفر من خير نبات هذا الوطن، والذين جادوا بأرواحهم ودمائهم الزكية في سبيل أن يبقي هذا الوطن آمنًا مطمئنًا، راياته خفاقة بعزة وكرامة، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ولما لا وهذا حقها فهي البلد التي خلد الله ذكرها في قرآن يُتلى إلى يوم أن يرث الله الأرض ومن عليها .

Dr.Randa
Dr.Radwa