يعتبر التعليم الفني في دول العالم المتقدمة هو المصدر الرئيسي في تنمية الدولة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والصناعية، ولكن هناك مفاهيم خاطئة في المجتمع المصري عن التعليم الفني فالعديد من الناس يتعاملون على أنه درجة ثانية من التعليم بعد التعليم الثانوي، ولكن لا يعرفون أنه الركيزة الأساسية لتقدم أي دولة في العديد من المجالات والتي أهمها النمو الاقتصادي، لذا قامت الدولة بأنشاء مدارس فنية منية مؤهلة لتدريب وتعليم الشباب جميع الحرف الصناعية، والتي تنتج عنها مشروعات صغيرة مختلفة تقضي على البطالة في مصر.
وفي هذا الصدد، كشف خبراء عن أهمية التعليم الفني في مصر وهدفه الرئيسي في زيادة القدرة الإنتاجية للصناعات الجديدة وتصدير منتجات خاصة وفريدة من نوعها لزيادة الاحتياطي النقدي الأجنبي في البلاد، مع القضاء على البطالة وتوفير وتدريب الشباب على المشروعات الصغيرة التي تحتاجها الدول سواء العربية أو الأجنبية.
الأدوات الرئيسية لتحقيق برامج التنمية
وفي هذا السياق، قالت الدكتورة هدى الملاح، مدير المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، إن أحد أهم الأدوات الرئيسية لتحقيق برامج التنمية هو التعليم الصناعي والفني الذي يعتبر قاطرة التنمية في جميع الدول الأوروبية، موضحة أن الدول الأوروبية تحاول دائما تذليل العقبات التي تقف أمام الشباب لتعلم الفني في جميع المجالات الصناعية والتكنولوجيا لصناعة عالم جديد صديق للبيئة والإنسان.
وأوضحت الملاح، في تصريحات خاصة لـ«دار الهلال»، أن الدولة المصرية تبذل جهودها في تطوير وإنشاء مدارس صناعية لدخول مصر عالم الصناعة، كما تحاول الدولة الآن تشجيع جميع الشباب على ترك المجالات التقليدية والتركيز على الدراسة الفنية التي تدعم النمو الاقتصادي، ولكن هناك بعض المعتقدات لدى الشعب المصري على أن هذه المدارس لا تصلح إلا للطالب الفاشل وأن شهادتها شهادة متدانية وتختلف عن شهادات الثانوية العامة، موضحة أن نظرة المجتمع المصري حول التعليم الفني نظرة خاطئة تماما، مع العلم أن هؤلاء التلاميذ ذوي التعليم المهني والفني الصناعي السبب الرئيسي في تقدم الدولة الآن وليس التعليم الثانوي فقط.
المهن الصغيرة والكبيرة
وأضافت، أن المدارس يتخرج منها طلاب يستطيعون المضي في إنشاء مشروعات صناعية وتكنولوجية صغيرة لذا يعتبر تعليم تشجيعي للشباب بعد تخرجهم ومن ضمن هذه المهن هي: «الحداد، كهربائي، سباك، هندسة صيانة»، ولا تشمل المهن الفنية فقط المهن الصغيرة بل تشمل العديد من القطاعات الصناعية في مجالات «صناعة السيارات، والصناعة الغذائية، وغيرها من الصناعات».
وتابعت: أن هناك ركيزة أساسية لإعداد المدربين الأكفاء الذي يحتاج إليها سوق العمل من خلال المدارس المصرية منها: « بي تك، العربي، فولكس فاجن»، موضحة أن هذه المدارس تساهم في تشجيع الشباب على الصناعات سواء الصغيرة أو الكبيرة من خلال توفير لهم بيئة تعليمية حديثة تواكب عصر التكنولوجيا والمعلومات مع تقديم حوافز معنوية ومادية للطلبة المتفوقين.
دعم الوزارات لتعليم الفني
واختتمت مدير المركز الدولي للاستشارات الاقتصادية ودراسات الجدوى، تصريحاتها، بضرورة تكاتف وزارة المالية والصندوق الاجتماعي ووزارة التعليم في تطوير وإدخال مفهوم آليات الصناعة والتعليم الفني في أذهان المجتمع المصري بصورة جيدة وإدراكهم بأنها ركيزة النمو الاقتصادي.
القضاء على البطالة
قالت بسنت فهمي، الخبيرة الاقتصادية، إن التعليم الفني هو القاعدة الكبرى لخدمة برامج التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، وهى عامل رئيسي للقضاء على البطالة من خلال تشجيع الشباب على المشروعات الصناعية والفنية الصغيرة التي تساهم بشكل جيد في النمو الاقتصادي والمادي لدى الشباب لتوفير دخل خاص وقوي لهم.
وأوضحت فهمي، في تصريحات خاصة لـ«دار الهلال»، أن النمو الاقتصادي يعتمد بشكل أكبر على التعليم الفني لارتباطه بعديد من مجالات الصناعة التي تؤثر على الدولة من الناحية الإيجابية، موضحة أن تحقيق القضاء على البطالة يولد قدرة تنافسية صناعية متنوعة في جميع القطاعات، مما ينتج عنها منتجات صناعية جديدة ذات جودة فريدة، خاصة لتصديرها للدول الخارج، مثل صناعة السيارات الكهربائية.
وأشارت إلى أن الدولة في بداية تطورها لصناعة السيارات، حيث تمكنت في هذه الظروف صناعة سيارات كهربائية بنسبة 58% من المكون المحلي، موضحة أنها على وشك أن تنتهي منها، وستبذل جهودها في توفير جميع المكونات الخاصة بها بصناعة مصرية.
المعتقدات الخاطئة عن التعليم الفني
واستكملت الخبيرة الاقتصادية، أن الدولة الآن تتبع إجراءات رصد "التوكتوك" في مصر وحظره من جميع أنحاء الجمهورية، والهدف من ذلك دخول فكرة الصناعة لأذهان الشباب المصري واستخدام السيارات ذات الصناعة المصرية التي سيتم إنتاجها خلال هذا العام الجاري، وتشجيع الشباب على العمل في صناعة هذه السيارات لتكون من ضمن المشروعات الهامة التي لها مكاسب رزقية للشباب.
وأضافت فهمي أن ينبغي أن يكون هناك تعاون مشترك بين القطاع الخاص ووزارة التعليم لتوفير فرص تدريبية للطلاب لتبادل الخبرات والمعلومات القادرة على تنمية الصناعة المصرية، موضحة أهمية التعاون مع وزارة المالية لتوفير قروض لتنفيذ مشروعات خاصة لخريجي التعليم الفني والتي تتمثل في مهن« السباكة، والنجارة، والغزل»، موضحة أن جميع الصناعات سواء في القطاعات الكبيرة أو الصغيرة يمكن تصديرها إلى جميع الدول العربية والأوروبية، لذلك يسمى التعليم الفني العمود الفقري للنمو الاقتصادي في الدولة المصرية.