الجمعة 31 مايو 2024

أسرار في حياة قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت

9-5-2017 | 17:12

أيام قليلة ويهل علينا شهر رمضان المبارك ، ومع قدومه كل عام نتذكر قيثارة السماء الشيخ محمد رفعت ، فهو من علامات شهر رمضان ،وارتبط صوته بروحانيات وروائح الشهر الكريم .. وتحل اليوم 9 مايو ذكرى رحيله ،ومن العجيب أيضًا أن يوافق يوم رحيله نفس يوم مولده 9 مايو 1882.
 

ولد الشيخ محمد رفعت بحي المغربلين وبعد عامين من طفولته أصيب بمرض نادر في عينيه أدى إلى فقدانه البصر ، وروى المقربون منه أن المرض أتاه  جراء حسد السيدات لجمال عينيه.

وألحقه والده عند سن الخامسة بكتاب مسجد فاضل بدرب الجماميز بالسيدة زينب، حتى أتم حفظ القرآن كاملاً ، وعند سن الخامسة عشر تولى القراءة في نفس المسجد وأصبح المسجد يضيق بالمصلين الذين جذبهم روعة وجمال صوته وذاعت شهرته .

وعند افتتاح الإذاعة المصرية عام 1934 تم الإستعانة به ليفتتح الإذاعة بتلاوته لسورة الفتح .. ومن خلال عدة شواهد تبين أن الشيخ محمد رفعت كان حافظاً أميناً لكتاب الله فقد كان يعتصم به ولا يسترزق منه وكان متردداً ومستشيراً للأئمة عندما يطلب لتلاوة القرآن، وبعد أن افتتح الإذاعة المصرية ذاع صيته وطلبت منه الإذاعة البريطانية أن يسجل لها عدة سور بتلاوته ، إلا أنه تردد وسأل الإمام المراغي فأفتاه بأن التلاوة لهم غير حرام ، فسجل لهم الشيخ رفعت سورة مريم.

 

تلقى الشيخ محمد رفعت دعوة من الهند للسفر لتلاوة القرآن في حيدر أباد ، وذلك من خلال عدة سهرات يتلو فيها القرآن مقابل 15 ألف جنيهًا ، ولكنه رفض السفر وعز عليه أن يتخذ القرآن وسيلة للكسب ، وعندما علم المطرب محمد عبد الوهاب بالواقعة دعاه إلى بيت أمير الشعراء أحمد شوقي وبعد أن سحرهم بتلاوته عرض عليه “عبد الوهاب” أن يسافر معه إلى الهند حتى لا يضيع هذا العرض السخي إلا أنه رفض مرة أخرى.

و دعاه فؤاد الأول ملك مصر ليحيي ليلة دينية بالقصر الملكي ، وعزم الشيخ ألا يتقاضى أي مبلغ نظير تلاوته ، إلا أنه خشي أن يغضب الملك فؤاد وإرضاءً له أخذ ما أعطاه له وهو 150 جنيهاً .. وبعد رحيل الملك فؤاد دعاه الملك فاروق كي يحيي ذكراه إلا أنه رفض أن يتلو القرآن في السرادق الذي يضم الساسة والوزراء وكبار الدولة ، خشية أن يظنه أحداً بأنه يحاول التقرب منهم ، فطلب من فاروق أن يلتو القرآن داخل القصر بين أفراد العائلة ووافق فاروق على طلبه .. حتى إن علم بمرض الشيخ في سنواته الأخيرة فأرسل له نفقات للعلاج مع عرض من الملك بتكفل كامل النفقات إلأ أن الشيخ محمد رفعت رفض .

وبدأ المرض يداهمه في سنواته الأخيرة ، فأصيب بضغط دم عنيف وشفي منه إلا أنه أصيب بالتهاب رئوي وبينما كان يقترب من الشفاء أصابه مرض عجز الأطباء فيه وهو الزغطة المستمرة .. وقد أبعده المرض عن تلاوة القرآن فبدأت حاجته إلى المال ، وكان يمتلك بيتاً من ثلاثة أدوار ، اضطر في أول الأمر أن يؤجر الدور الأرضي وبعدها قام بتأجير الدور الثاني .. وقد علمت مجلة المصور بما آل إليه الشيخ من مرض وتجاهل المسئولون له ونكران دوره ، وأنه قد رفض مساعدات أصحابه ، فكتب عنه محرر المصور مقالاً فسارع الناس إلى مواساة ذلك الرجل العظيم وبدأوا يتوافدون بكثرة لزيارته ، ومنهم من أخرج أمواله ليسدد به بعض الدين ، بالإضافة إلى رسائل القراء المقرونة بالمال وتذاكر الدواء ، هذا غير دعوات من الأطباء لسرعة علاج الشيخ بدون نفقات ، وقد ذهب له محرر مجلة المصور حاملاً إليه الرسائل بما فيها من نقود وتذاكر الدواء وعروض الأطباء ، لكن الشيخ رفض النقود ورفض تذاكر الدواء وقال أنه في امتحان من الله سبحانه وتعالى ورفض أيضاً زيارة الأطباء له قائلاً أنه لا يجب أن يهرب من امتحان الله له.

كما ذهبت كريمته إليه عندما اشتد عليه المرض وطلبت منه أن يذهب معها إلى بيتها في المطرية ، لعل تغيير الجو ينعش روحه ويخفف من آلامه ، واستجاب لها بعد إلحاح وذهب معها هو وزوجته ، فهي لم تكن تدرى أنها أخرجته ليودعهم بعد ساعات .. فقد نام الشيخ عند ابنته في ذلك المساء ، وعند الخامسة صباحاً همت زوجته  توقظه كعادته كي يصلي الفجر بالطريقة التي تعود أن يصلي بها منذ أن أصابه المرض ، فإذا به آثر أن يصلي الفجر بجوار عرش الرحمن .