السبت 18 مايو 2024

حماس.. أنا مش إخوان!

10-5-2017 | 12:30

إن تابت حماس عرضت من التعريض السياسى، والإخوانى لايتوب عن إخوانيته ولو علقوا فى رقبته فانوس، والتقية منهاج إخواني، يسمونه المعاريض من التعريض، أى الكذب ( المساوى ) الذى هو أحيانا مقنع أكثر من الصدق ( المنعكش)،، وحماس مفطورة على الكذب السياسى، لذا لم يصدقها العارفون بخبايا صناعة القرار السياسى داخل الحركة الكذوب.

 

ابتداء ومنذ وصول ترامب إلى السلطة فى واشنطن وحماس تنفخ فى الزبادى، وتتحسب لما تأتى بها الرياح الترامبية التى تهب على المنطقة عاصفة، وتيقنت أن الرياح حتما ستاتى بما لاتشتهى سفنها الشاحطة فى شاطئ غزة الصخرى، وكان عليها استباق الرياح، واللحاق بأ بومازن الذى أبحر إلى واشنطن بدعوة من ترامب، كيف تتأخر حماس عن اللقاء التاريخى، وسارعت لوضع أوراقها على طاولة اللقاء، حتى لاينفرد أبو مازن بالقضية، وتخرج حماس من الحسابات التى تتقرر على الأرض.

أصدرت وثيقة متقعرة لغويا، ومرتبكة سياسيا، ومهترئة مواقفيا، خلاصته لن تضع حماس العصا فى العجلات، فقط مقعد فى قطار التسوية السياسية التى يتجهز للانطلاق بقوة دفع ترامبية هائلة، ترامب قادم إلى إنجاز تسوية سياسية يراهن عليها فى رفع أسهمه فى الداخل الأمريكى، ويرسم نفسه بطلا تاريخيا لإسرائيل أن جنبها صراعا محتدما مع العرب منذ وعد بلفور، أخشى ان يكون أبو مازن تلقى وعدا، وعد ترامب بحل الدولتين فى أضعف حالات العرب سياسيا، سيفرض شروطه وينفذ وعده ولو على الرقاب، ترامب يبحث عن مجد شخصى غاب عن الرؤساء الأمريكيين منذ وعد بلفور المشئوم، وكلما اقترب رئيس من حل القضية فشل واندحر، الرهان على حل القضية كالبناء على الرمال المتحركة تجرف الرؤساء الأمريكيين.

 قبل ان يسيل المداد ترحيبا أو تنديدا بالتحولات فى مانيفاستو حركة حماس، يبقى الموقف المصرى من القضية الفلسطينية هو الثابت الوحيد فى مجمل التحولات العربية والفلسطينية، وما اتاحه السادات فى محادثات الكامب الشهيرة، ومقعد عرفات الخالى فى مينا هاوس، يتقاتلون عليه الان فلسطينيا، ويتسابقون اليه الان عربيا، وفلسطينيا كل يرشح نفسه للجلوس على المقعد، وتتهيأ  دويلات مافتئت تستلب الدور المصرى للقيام بدور الوسيط الذى انكروه على السادات واستباحوا دمه لاقترابه من حل القضية التى يتنازلون الان عنها، حلم دولة من البحر الى النهر يتهاوى كحلم ليلة صيف، استيقظوا جميعا على الحقيقة التى اعلنها السادات لا حل بدون المرور بواشنطن، والامريكان يملكون ٩٩ فى المائة من اوراق حل القضية الفلسطينية.

مصر تترقب الرياح، وتتحسب لهبوبها، وتتجهز لما يتأتى به الرياح، وتمسك بتلابيب حل الدولتين حتى لا تضيع الارض فى ظل احتراب الأخوة الأعداء فى الارض المحتلة، وتنافسهما المذل على إرضاء العم ترامب على حساب القضية التى ضحت من اجلها مصر طويلا ودفعت ثمنها دما، وجاء وقت يتهمون المصريون والتفريط وهم ساقطون فى العمالة والقواعد الامريكية فى أراضيهم تخزق العيون.

كمن يتولى يوم الزحف، حماس تولت عن المقاومة ويممت وجهها أخيرا شطر واشنطن، الاخوان قبلتهم البيت الابيض، ويرتدون رابطات عنق بالوان العلم الامريكى، ولا عزاء للمقاومين فى فنادق الدوحة القطرية، ورضت حماس بالقسمة، قسمة ضيزى، وبدلت وثيقتها، وأعلنت على العالم سلميتها، ورفعت المنديل الابيض، وتزايد على ابو مازن الذى ذهب الى واشنطن يسعى الى حل الدولتين، رضت بدولة على حدود ٦٧، سبحانه مغير الأحوال، علام كنتم تلومون القاهرة وقد اجتهدت فى هذا الحل ورسخته على الارض، وكان خيارا سلميا يوفر للفلسطينيين دولة  قبل مايزيد عن ربع قرن من الزمان، بدلا من الشتات الموزع بين رام الله وغزة، اخذتهم ساعتئذ العزة بالاثم، وهاهم ينكصون على اعقابهم، ويصكوا فى الدوحة وثيقة حتفهم، اعتقد ان حماس اعلنت وفاتها كحركة مقاومة فى الدوحة، بضعتها قطر بضاعة بثمن بخس.

خطة الخداع الاستراتيجى التى تنتهجها حماس فى وثيقتها خلت تماما من حرف يشير الى قطيعة مع جماعة الاخوان الارهابية، لم يكن متوقع عقلا ولا متصور حلما، ان تقطع حماس الحبل السرى مع الجماعة الام وتنظيمها الدولى، وما فاه به رئيس المكتب السياسى خالد مشعل فى مؤتمره الصحفى بين وجوه حماس البائسة، نوعا من ذر الرماد فى العيون الراصدة لعضوية وشمولية هذه العلاقة الإخوانية والتبعية التنظيمية كجناح للجماعة على الحدود المصرية فى غزة، من ناحية ترسل رسالة إلى القاهرة، إنا مش إخوان، وبضاعة يبضعها التنظيم الدولى فى العواصم الأوروبية، حماس مش إخوان حتى اسألوا المصريين.

 مشعل يعلن استقلالا تنظيميا عن الجماعة، ولكنه لا ينكر تبعية  فكرية، هو فيه إخوانى بيتوب عن إخوانيته، عودة إلى المعاريض، انا مش اخوان، التقية السياسية التى تمارسها حماس ( علينا ) لا تخيل إلا على الغفل، ولسنا غفلا ولا عبطا ولا داقين عصافير خضر بتطير، حماس اخوانية ولم تتبرأ من إخوانيتها، ولاتملك قرار التخلى، ولا تتحمل انقطاع الحبل السرى، مولود إخوانى بامتياز، وملتزمة بمانيفاستو التنظيم الدولى، وعضوا فاعلا فى هيئاته، ولم تخرج من عباءته، وبايعت المرشد، ولم تنقض البيعة، ومن يملك دليلا على هذا التخارج يصدق خالد مشعل.

الإخوان فكرة، وهم مواليد هذه الفكرة، ومخلصون لهذه الجماعة، وبينهم رباط غليظ، فك الارتباط التنظيمي يلزمه أفعالا على الأرض، ويظل حديث التنظيم المستقل ضربا من ضروب الخيال السياسى، الإخوانى على دين إخوانه حتى الموت، وإن انشق عنهم يظل وفيا لرسائل أمامهم، ويحفظها فى قلبه، ويحدث بها نفسه، ويلزم نفسه بأوراد الجماعة حتى باب القبر.

ما يعنينا من صياغة « مانيفستو» حماس هو علاقتهم بالقاهرة من الحدود الشرقية، هل ستظل حماس شوكة فى خاصرة مصر، هل ستظل الحدود مصدر الشرور، هل ستظل تحفر الإنفاق تحت أقدام الأمن القومى المصرى، هل ستظل تتظاهر نصرة للإخوان على الشعب المصرى، متى استقامت حماس وابتعدت بمسافة عن الحدود، وضعت حدودا جديدة للعلاقة، وأعتقد فى المباحثات الأمنية مع حماس كلاما صعبا كثيرا قيل قبل التحولات الأخيرة التى تتوقى بها حماس حصارا دوليا مضروبا على غزة، وتعيد رسم صورتها عالميا كتنظيم مقاوم ليست تنظيما إرهابيا.

عانينا كثيرا من تحرشات حماس الحدودية وفى عمق الأمن القومى المصرى، وتمددت حماس فى الحالة المصرية  فى زمن الإخوان، وركب إسماعيل هنية منبر الجامع الأزهر، وحفرت الأنفاق وصلا مع منتسبيها فى سيناء، وكم من عمليات إرهابية تورطت فيها حماس فعليا أو عبر وكلاء لها على الأراضى المصرية، وملفات حماس فى الأجهزة الأمنية المصرية متخمة بالوقائع التى لم تشأ الحكومة المصرية أن تفضحها حفاظا على شعرة معاوية، مصالح الشعب الفلسطينى فى الأخير حاكمة، ومصالح الشعب المحاصر فى غزة فوق الاعتبار، لن يضار فلسطينى بحماس، ونفتح لهم المعبر، هكذا نقرأ الموقف المصرى.

تحولات حماس تلزمها وتلزم الشعب الفلسطينى الصابر، ولكنها لا تلزمنا إلا فى حدود تغير قبلة حماس بعيدا عن الحدود المصرية، وحسنا قطع مشعل بأن الدولة الفلسطينية على أرض دولة فلسطين السليبة، رافضا حديث الوطن البديل، وعليه أن يبرهن على هذا التعهد بمجمل سياسات حماس فى تعاملها مع الدولة المصرية التى تخوض معركة ضارية مع الإخوان فى الداخل وتنظيمها الدولى فى الخارج، هل تخرج حماس من المعادلة المصرية، وتكف عن إنحيازاتها الإخوانية ضد كل ماهو مصرى، أفلح أن صدق وأظنه من الكاذبين، قالوا للإخوانى أحلف قال: أنا مش إخوان !!.  

 

    الاكثر قراءة