الأربعاء 27 نوفمبر 2024

أول شركة فى الشرق الأوسط من نوعها .. أسسها طلعت حرب مصر للطيران ٨٥ عاماً.. تحمل اسم الوطن فوق السحاب

  • 10-5-2017 | 13:13

طباعة

تقرير: وليد سمير

احتفلت شركة مصر للطيران في السابع من مايو بعيدها الخامس والثمانين، حيث تم تأسيسها في عام ١٩٣٢، وطوال هذه السنوات ظلت مصر للطيران جزءاً مهماً من تاريخ الوطن يتأثر به ويؤثر فيها. «الخطوط الهوائية المصرية» ، «مصر إيرورك» ، «الطيران العربية المتحدة» ، «مصر للطيران».. أسماء مختلفة لكيان وطنى وُلد عظيمًا، عكست على مدار تاريخه مدى ارتباط هذا الكيان بالوطن مصر، سياسيًا و اقتصاديًا. فمصر للطيران ليست مجرد شركة طيران، بل هى تاريخ و مجهود مشرف لأُناس شغفهم حب الوطن فحاربوا لأجل تحقيق حلم كيان معنى بالطيران المدنى يحمل اسم مصر، و حتى بعد تحقق الحلم و ارتفاع مكانة مصر للطيران بين مصاف شركات الطيران العالمية، ظلت التحديات قائمة، ما بين أحداث سياسية يمر بها العالم او مصر تتأثر بها الشركة فتعمل على تخطيها، ز كيف لا و مصر للطيران جزء من الوطن يحمل اسمه و يجوب به سماء العالم..

و من تاريخ مصر للطيران الملئ بالإشراقات، نستعرض بعض اللمحات فيه، و إن أردنا إفساح المجال لذكر كل صفحة فى تاريخ هذا الصرح لاستعنا بمجلدات قد لا تكفى صفحاتها لذكر جهود بذلها بكل إخلاص أجيال و أجيال لحفر هذا الاسم فى سماء العالمية، منذ نشأته و حتى عامه الخامس و الثمانين الذى نحتفل به اليوم.

بدايات واعدة

لا تُذكر بدايات مصر للطيران كفكرة إلا و ذّكر الأب الروحى و الداعم الأكبر لإنشائها، طلعت حرب باشا الاقتصادى الكبير، الذى حمل على عاتقه تحقيق حلم المحاولات الفردية لبعض الشباب المصري فى ذلك الوقت بتكوين شركة مصرية للطيران المدنى، و كان على رأس تلك المحاولات حلم كمال علوى فى ١٩٢٩ الذى سافر إلى باريس و تعلم فنون الطيران و اشترى طائرة كانت هى الأولى التى يتم تسجيلها في مصر وحملت حروف التسجيل SU-AAA، وقد أهداها بعد ذلك إلى شركة «مصر للطيران»  و تلى ذلك تبنيه لحملة تكوين الشركة إلا أنها لم تحرك المياه الراكدة و لم يستجب لها أعضاء نادى الطيران المصرى الذى أسسه. و لكن مع نجاح وصول محمد صدقى كأول طيار مصري يصل بطائرته «الأميرة فايزة» من برلين إلى القاهرة فى ٢٦ يناير ١٩٣٠ جاءت أول خطوة حقيقة فى طريق تأسيس الشركة.

ورغم أن البداية بالشركة تمثلت فى التدريب و النزاهات فى مطار ألماظة، إلا أنها سرعان ما بدأت بتكوين أول نواة لأسطولها حيث وصلت إلى فى ٣٠ يونيو ١٩٣٣ مطار الماظة أول طائرتين من طراز ديهافيلاند درجون ٨٤ سعة الواحدة أربعة ركاب كنواه للأسطول، وكانت أولى رحلاتها إلى الإسكندرية ومرسى مطروح. 

وبنفس السرعة بدأت الشركة فى إعداد جدول تشغيلها، حيث سيرت رحلاتها إلى الإسكندرية و مرسي مطروح و أسوان، و أيضا فى العام التالى إلى مدينتي اللد و حيفا بفلسطين. في عام ١٩٣٥ قامت الشركة بضخ دماء جديدة في شرايينها بتزويد أسطولها بسبعة طائرات جديدة دفعة واحدة، ضمت طائرتين من طراز دي هافيلاند إكسبريس٨٦ (ذات ٤ محركات، سعة ١٢-١٤ راكباً) و٥ طائرات من طراز دي هافيلاند رابيد٨٩ (ذات محركين، سعة ٧-٨ ركاب).

و جاءت درة أعمال الشركة فى تلك الفترة حين سيرت أول رحلة بين كل من جدة و المدينة المنورة فى ١٩٣٦ فكانت طائرات مصر للطيران أولى الطائرات في العالم التي تهبط في كل من المدينتين.

  الشركة للمصريين

و بعد الحرب العالمية الثانية عام ١٩٣٩ بدأت الشركة مرحلة جديدة فى تاريخها حيث أصبح رأسمالها مصرى بالكامل بعد انسحاب ايروورك البريطانية الشريك الأجنبى وحل المصريون محل البريطانين ليصبح كل شىء فيها مصرى وانتهى عصر الأجانب و تحول اسمها إلى الخطوط الجوية المصرية – Misr Airlines في عام ١٩٤١.

و أثبت هنا المصريون براعتهم و كفاءتهم التى تعلو عن البريطانيين حيث بدأت الورش الفنية في تصنيع طائرات صغيرة لتتدرب عليها أطقم المدفعية البريطانية، و تمكنوا أيضًا من تحويل طائرتين من طرازي أفرو١٩ وأنسون الحربيتين إلى طائرات ركاب مدنية مما اعتبر معجزة بحق أبهرت الجميع بمن فيهم مالك شركة آير وورك نفسه.

 ثورة ١٩٥٢.. دماء جديدة فى شريان الشركة

ثم جاءت ثورة ١٩٥٢ التى أولت اهتمامها بمصر للطيران حيث ساهمت في رأس المال ليرتفع من ٣٠٠ ألف جنيه إلى مليون جنيه، وتمثلت أولى ثمار هذه المساهمة في إضافة ٥ طائرات فايسكاونت ذات المحركات الأربع والمقاعد الاثنين والخمسين.كما استقدمت فيه الشركة أول جهاز محاكي لتدريب طياريها عليه لتصير الأولى والوحيدة في ذلك المجال في هذا الوقت وصار معهد مصر للطيران قبلة المتدربين والدارسين.

 الستينات و ارتباطات سياسية

كما شهدت الستينات العديد من ملامح التطوير أيضًا فى مصر للطيران كان أولها انضمام ثلاث طائرات من طراز دي هافيلاند « كوميت-٤C « المزودة بأربع محركات نفاثة، وتسع أربعة وثمانين راكباً، وتبلغ سرعتها ٨٥٠ كيلومتراً في الساعة. ثم تسيير أطول خطوط الشركة منذ نشأتها وهو خط القاهرة / روما / فرانكفورت / زيوريخ / لندن. 

نجاح و صمود رغم النكسة

بالطبع كان لنكسة يونيو ١٩٦٧ الأثر البالغ على اقتصاديات الشركة، ورغم أجواءها الصعبة، استطاعت الشركة مواصلة صمودها حيث أقلع أول خط مباشر من القاهرة إلى لندن فى ١٦ يوليو ١٩٧٠ كأطول خط آنذاك، وذلك بعد عقد مصر للطيران لأولى صفقاتها مع شركة بوينج العالمية لشراء ٤ طائرات من طراز B٧٠٧-٣٢٠ وبعد انتصار أكتوبر حققت الشركة أيضًا إنجازات تحسب لها مثل استخدام الحاسبات الآلية فى أنشطة الحسابات لخدمة نظم المرتبات وحفظ السجلات والإيرادات وحسابات المخازن والأسواق الحرة و لحجز الركاب، كما تم افتتاح مجمع خدمات الطيران كأحدث وأكبر مجمع للخدمات الجوية في الشرق الأوسط هذا بخلاف التعاقد على إنشاء قرية البضائع.

 ١٩٨٠: ٢٠٠٢.. عصر الشركة الذهبى

 في عام ١٩٨٠ أصبح المهندس محمد فهيم ريان مفوضًا عامًا لمصر للطيران ثم تولى رئاسة مجلس إدارتها فى ١٩٨١ وحتي عام ٢٠٠٢ شهدت خلالها مصر للطيران أزهي عصور النجاح والتقدم. حيث قام بوضع خطة تطوير قامت على دراسة شاملة لشبكة خطوط الشركة، ومن نتائج هذه الدراسة خلصت الشركة إلى الشكل الأمثل للشبكة، كما حددت الطرز التى تحتاجها من حيث المدى والسعة بناء على ذلك و أيضا بناء على دراسات السوق.

و قد زاد الأسطول بشكل لم تشهده مصر للطيران إلا وقتها، فتم شراء ٨ طائرات آيرباص (A٣٠٠-B٤) لتغطية أسواق أوروبا والشرق الأوسط، ثم  ٣ طائرات بعيدة المدى من طراز بوينج ٧٦٧/٢٠٠، وتلاها شراء طائرتين من طراز بوينج ٧٦٧/٣٠٠ للوفاء بمتطلبات حركة النقل المتزايدة للأسواق البعيدة. تلا ذلك شراء ٧ طائرات جديدة من طراز  آيرباص (A٣٢٠-٢٠٠) ولخدمة مناطق الجذب السياحي في مصر ولنقل الحركة السياحية إليها من الخارج مباشرة، قامت الشركة بشراء ٥ طائرات جديدة من طراز بوينج ٧٣٧/٥٠٠. بالإضافة إلىبشراء ٣ طائرات بوينج ٧٧٧/٢٠٠ و٣ طائرات آيرباص (A٣٤٠-٢٠٠) فائقة المدى لتغطية متطلبات سوقي أمريكا الشمالية واليابان، وتلى ذلك شراء ٤ طائرات آيرباص (A٣٢١-٢٠٠) لخدمة سوق الطيران العارض الجديد والواعد. وبذلك بلغ إجمالي تكاليف عمليات الإحلال والتجديد لأسطول الشركة ما يزيد على ٣,١١٢ مليار دولار.

٢٠٠٢.. هيكلة جديدة.. مستوى عالمى

تم تشكيل أول وزارة للطيران المدنى فى ٢٠٠٢ و أصبحت مؤسسة مصر للطيران شركة قابضة، تتبع مباشرة وزارة الطيران المدني و تم تحويل القطاعات التي كانت موجودة في السابق إلى شركات تابعة بدأت بشركة الخطوط، وشركة الصيانة والأعمال الفنية، وشركة الخدمات الأرضية، وشركة الخدمات الجوية، وشركة الشحن، وشركة السياحة والأسواق الحرة، إضافة إلى شركة الخدمات الطبية. و تمثل أول النجاحات فى الثوب الجديد فى حصول الشركة على شهادة الأيوزا التي تمنحها المنظمة الدولية للنقل الجوي (أياتا) كأول شركة طيران في أفريقيا والمنطقة و السابعة عشر في العالم تحصل على هذه الشهادة و ذلك فى ٢٠٠٤، ثم أُنشأت شركتا إكسبريس للخطوط الداخلية و الصناعات المكملة، ليلي ذلك تلقى مصر للطيران لدعوة من اتحاد ستار العالمى للانضمام إليه و قد انضمت بالفعل فى ٢٠٠٨ لتصبح العضو الحادي والعشرين فى أكبر التحالفات العالمية في مجال صناعة النقل الجوي.

و فى هذا الإطار أيضًا تعاقدت مصر للطيران على صفقة شراء (١٢) طائرة من طراز بوينج ٧٣٧/٨٠٠ وصلت خلال عامى ٢٠٠٨ و ٢٠٠٩ فى إطار تطوير أسطولها بما يواكب التغيرات العالمية فى مجال النقل الجوى. تلا ذلك استلام مصر للطيران في ٢٠١٠ (٩) طائرات من أحدث الطرازات منها أربعة طائرات من طراز البوينج ٧٧٧-٣٠٠ER وطائرة من طراز الآيرباص٣٣٠-٣٠٠ و٤ طائرات من طراز البوينج ٧٣٧-٨٠٠.

 مصر للطيران ما بعد ثورتي ٢٥ يناير و٣٠ يونيو

 كانت لثورة ٢٥ يناير تبعات تأثرت بها الشركة، حيث انخفضت نسبة السياحة بشكل ملحوظ نظرًا لعدم استقرار الأوضاع وتعرضت الشركة لخسائر كبيرة وصلت إجماليها الي ١٠ مليارات جنيه في ٥ سنوات بسبب انخفاض التشغيل والأحداث السياسية والحروب في المنطقة العربية والتي أدت إلي اغلاق بعض الخطوط ، فقامت مصر للطيران بعمل العديد من حملات الترويج السياحى لوفود بعض الدول تنشيطا لحركة السياحة  فى محاولة منها لاستعادة نسبة التشغيل على رحلاتها مرة أخرى، و رغم الفترة التى تلت ذلك من عدم استقرار ، إلا أن الشركة بدأت تتخطى هذه المرحلة فى ٢٠١٣ حين بدأت الشركة فى تطبيق خطتها لتقليل الخسائر و ترشيد النفقات و التى أتت ثمارها فى العام المالى ٢٠١٤-٢٠١٥ حيث تم تخفيض حجم الخسائر بنسبة ٧٥٪ عن العام السابق له .

 و فى عيد مصر للطيران الثالث و الثمانين، تم افتتاح المرحلة الأولى من متحف الشركة ليخلد تاريخها و مجهود ، متضمنَا مجموعة نادرة من الصور التاريخية والنماذج المجسمة لأسطول مصر للطيران منذ نشأتها وصور تاريخية لأبرز الشخصيات في تاريخ الطيران المدني ومصر للطيران والمؤسسين للشركة الوطنية والذين كان لهم علامات بارزة في النهوض بالشركة علي مدي تاريخها كما يضم المعرض صور لسكوك عملات معدنية وطوابع بريد تحمل شعار مصر للطيران في مراحل تاريخية مختلفة وكذلك صور لبعض القادة والزعماء والمشاهير العالميين والمصريين والذي سافروا علي متن رحلات مصر للطيران.

  عام ٢٠١٦ مزيد من النجاح بفضل الاستقرار

  في حفل ساحر أحياه الفنان الموسيقار عمر خيرت وقعت شركة الصيانة والأعمال الفنية مع شركة جنرال إلكتريك إتفاقيةTrueChoiceTM Materials للخدمات الاستشارية في مجال صيانة محركات الطائرات وإصلاحها وفحصها للمساعدة في تطوير إمكانات مصر الطيران لإصلاح محرك الـCFM٥٦-٧B. وتغطي الاتفاقية الشاملة الدعم الفني والخدمات الاستشارية لعمليات صيانة محركات الطائرات وأجزائها وإصلاحها وفحصها، مما يؤكد حرص مصر للطيران على متابعة و تطبيق كل جديد و متوافق مع المعايير و التكنولوجيا العالمية في صناعة النقل الجوى بالتعاون مع كبري الشركات العالمية العاملة في هذا المجال.

وفي خطوة جديدة لشركة الصيانة والأعمال الفنية  تم افتتاح مشروع تطوير هنجر ٧٠٠٠ بهدف زيادة استيعاب هناجر الشركة لعدد أكبر من طائرات العملاء على المستويين المحلي والدولي وأيضا بهدف تقديم خدمات متميزة لعملائها نظرا لكون الأنظمة التي تم إضافتها للهنجر تعد من أحدث الأنظمة التي تساعد على إنجاز أعمال الصيانة بكفاءة عالية وتوفر المناخ المناسب للأطقم الفنية العاملة بالهنجر.

و لعل أكبر إنجاز حققته الشركة خلال تلك الفترة هو إعلانها عن صفقة شرائها ل ٩ طائرات جديدة تنضم لأسطولها من أحدث طرازات البوينج وهي الـ ٨٠٠-٧٣٧ بقيمة تقدر بنحو ٨٦٤ مليون دولار بما يعادل ٩ 
مليار جنيه مصرى تقريبا ،و تم تمويل ثمــــانِ طـــائرات من هذه الصفقة من قبل شــركة دبي لصناعات الطيران Dubai Aerospace Enterprise (DAE) Ltd، والتي يقع مقرها بدبي، الإمارات العربية المتحدة.

واحتفالا بعيد الشركة الخامس والثمانين وصلت الطائرة الثالثة من هذه الصفقة حاملة شعار الاحتفالية «٨٥ عامًا» على أن تصل باقى الطائرات تباعا خلال هذا العام.

 

    الاكثر قراءة