يمثل الحراك الجمعي المصحوب بتأييد شعبي واسع حالة استثنائية خاصة في تاريخ الشعوب والأمم تستدعي حشد طاقات وتوافر ممكنات ذات طبيعة خاصة لا تتوافر للأمم إلا في حالات شديدة الخصوصية تستدعي إحاطتها بهالة وإفراد صفحات متفردة لها في التاريخ الإنساني من منطلق أن تكرارها أمر يمكن الطموح له، لكن لا يمكن تحديد موعده مطلقا ومن هنا تأتي الاستثنائية والانبهار بالحالة المصرية التي تصر دوما على تعليم البشرية والإنسانية معنى أن تكون مصريا.
إن ما فعله الشعب المصري وما حققه في موجته الثورية الثانية من إنجاز رآه البعض مستحيلا سواء الخروج بهذا العدد أو مواجهة تنظيم وراءه تنظيمات وأعوان ومصالح داخلية وخارجية وممكنات عنف يجري التلويح بها في كل لحظة ليخلع حاكما دكتاتوريا ويزيح جماعته وإخوانه ويكون عنوان المشهد (متكررا) بحرق مقر جماعة الإخوان واستباحته من المتظاهرين في تكرار متطابق لمشهد حرق مقر الحزب الوطني واستباحته في الموجة الثورية الأولى في درس مهم وقاس لكل من يفكر في الإقدام لتولي المسئولية وشغل مقاعد تمثيل السلطة الشعبية مستقبلا دون أن يكون مؤهلا لها.
والواقع أن مرسي بتصرفاته ومواقفه ساهم ربما بجهد وفير وإصرار حثيث في نجاح خروج الناس عليه بمعاندته ومواقفه التي هبطت بشعبيته بقوة لدى فئات مجتمعية عدة بدأها بأزمة القسم الذي أصر ألا يكون أمام المحكمة الدستورية العليا التي لم يخف كراهيته لها ولأحكامها فقرر أن يكون قسمه أقساما عدة، أولها كان في ميدان التحرير وثانيها أمام المحكمة الدستورية وثالثها أمام قيادات الجماعة في جامعة القاهرة ما أشاع حالة من التوجس تجاه ما هو قادم منه وهو ما أكده بقراره الغريب بعودة مجلس الشعب المنحل بحكم المحكمة الدستورية ببطلانه في ١٤ يونيو ٢٠١٢، وهو القرار الرئاسي الذي ألغاه القضاء المصري لتستمر مسيرة الفشل والصراع الرئاسي المجتمعي بمشاهد عدة من أحداث الاتحادية إلى خطابات التكفير والعزلة باستاد القاهرة، ومن الصدام مع القضاء إلى الصدام مع القوات المسلحة ومن رفض القوى السياسية للحوار معه إلى رفض جموع الشعب لإعلاناته التي سماها بالدستورية ومن الاستقالات في مؤسسة الرئاسة إلى اعتذارات السياسيين عن العمل تحت سلطته.
وتشير المؤشرات الاقتصادية الدولية إلى مدى تدهور أوضاع مصر تحت حكم الرئيس المنتخب الذي رآه البعض مُنفذ أكثر منه صاحب القرار فتم تخفيض التصنيف الائتماني لمصر للمرة الرابعة بما يعطيه ذلك من دلالة على عدم الاستقرار وتراجع سعر صرف العملة المصرية أمام العملة الأجنبية بواقع ١٦ ٪ ، وأعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن نسبة الفقراء في مصر ارتفعت إلى ٢٥,٢ ٪ وأن معدل البطالة ارتفع إلى ١٣,٢ ٪ وأشار بنك الطعام المصري إلى أن أكثر من ٤٢ ٪ من الشعب المصري أصبحوا تحت خط الفقر كما قال تقرير للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء بأن الدين الخارجي ارتفع في عهد مرسي من ٣٤,٤ مليار دولار إلى ٤٥,٥ مليار دولار كما ارتفع الدين الداخلي من ١١٤٠ مليار جنيه إلى ١٤٦٥ مليار جنيه وزاد معدل التضخم لأكثر من ١٧,٥ ٪ من المؤشرات الرسمية.
إن قراءة المشهد قراءة متأنية وتحليل متراكباته لفهمها (بعد٧سنوات) أمر يتبدى شديد الأهمية كدرس للتاريخ وتوثيق الحدث كما أنه يفتح الباب لفهم أوضح للحدث وآليات الحراك والتفاعل مع الجماهير لمعرفة متطلباتها واحتياجاتها .
كارثية الأداء الرئاسي خلال عام
منذ اللحظة التي أعلن فيها رئيس اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية نتيجة جولة الإعادة لصالح الدكتور محمد مرسي بفارق يقل عن ٢٪ عن منافسه ونحن أمام حالة التباس واضحة في المواقف والانحيازات بل والقرارات وهو ما تبدى جليا في عملية حلف اليمين التي كررها الرئيس عدة مرات من ميدان التحرير إلى المحكمة الدستورية إلى جامعة القاهرة ومن الحلف أمام شباب التحرير إلى تكراره أمام قيادات جماعته وتنظيمه ليظهر مرسي رئيسا مرتبكا وشخصا منفذا للإملاءات أكثر مما هو قادر على اتخاذ القرار والذي تظهر دلالاته في رصد وتحليل العديد من المواقف التالية .
أولا : فوضي القرارات الرئاسية
(شخصية عتريس يستحوذ علي المشهد)
القرارات التي اتخذها الرئيس المخلوع خلال عامه الأول والأخير كانت لها السمات التالية:
أولًا: غياب مبادئ المشاركة في صناعة واتخاذ القرار الرئاسي (الانفراد بالقرار) حيث عكست قرارات الرئاسة المصرية حالة من الانفراد التام للجماعة عبر الرئيس والحزب بصناعة القرار الرئاسي دون مشاورة أو مشاركة أية قوى سياسية أو حزبية أو حتي مؤسسات الدولة غير المسيطر عليها من قبل الجماعة.
ثانيا: عشوائية وفوضى القرار السياسي حيث لم ترتبط قرارات مؤسسة الرئاسة بأي شكل من الأشكال بالوعود الرئاسية التي تناثرت قبل تولي المنصب أو بالبرنامج الانتخابي أو بخطة استراتيجية ممنهجة ولكنها عكست سيل من قرارات التعيين والتنظيم العشوائي لمؤسسات الدولة.
ثالثا: تجاوز حدود السلطة وإهانة الدستور والقانون حيث مثلت القرارات الرئاسية منذ بداية العام الوحيد لمرسي تصادما واضحا مع السلطة القضائية وغيابا تاما لاحترام أعلى سلطات الدولة حيث بادر بإقرار عدد من الإعلانات الدستورية (المكممة) والتي ألغت حكم المحكمة الدستورية العليا الخاص ببطلان تشكيل مجلس الشعب بعد أيام معدودة من توليه السلطة وثانيهما تمثل في قرار إقالة النائب العام وتعيين نائب عام جديد، أما الإعلان الثالث فقد كان تحصين لقراراته وإعلاناته بشكل فج مثل استهانة كاملة بالمؤسسة القضائية وللقانون والدستور المصري والعهود والمواثيق الدولية تسببت في غضب شعبي متنام أدى لإلغائها والتراجع عنها.
رابعا: استخدام القرارات لتصفية حسابات حزبية وتحقيق مصالح حزب الجماعة الحاكم وهو ما تمثل في صدور قرارات بالعفو الرئاسي عن فصيل كبير من المحكوم عليهم في قضايا الإرهاب والمنتمين لتيار الإسلام السياسي بالإضافة لقرارات تخصيص الأراضي والتعيين وقرارات التمكين في الصراع مع السلطة القضائية والمجتمع المدني لتعطي نموذجا مهما لتوجهات الرئاسة حول تصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين والمدنيين لصالح تحقيق مصالح وأهداف الجماعة الحاكمة.
خامسا: التخبط والعشوائية وإصدار قرارات غير مدروسة اقتصاديا فكانت قرارات الرئاسة وردود الفعل عليها ـ حتى من وزراء السلطة التنفيذية ـ تعكس صورة واضحة افتقادها لأي دراسة أو حسابات فنية تتعلق بضمان تنفيذها وهو ما وضع الحكومة في مأزق ترتب عليه عدم قدرة النظام على تنفيذ العديد من تلك القرارات .
سادسا: غياب احترام حقوق الإنسان بعدما مثلت قرارات فرض الطوارئ وحظر التجوال في محافظات ومدن القناة تحدٍ سافر من قبل المؤسسة الرئاسية للقوانين الوطنية والتشريعات الدولية مع زيادة أعداد الضحايا وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة لتلقي القرارات الرئاسية مزيدا من العبء والانتهاك لحقوق هذا القطاع البالغ الأهمية جغرافيا وبشريا واستراتيجيا الذي دخل في عدائية وتحدي للمؤسسة انتهت بإسقاط تلك القرارات وانعدام أثرها.
سابعا: التحركات الإقليمية والدولية لمؤسسة الرئاسة.
(غريب في القصر الجمهوري)
أجرى مرسي كرئيس للجمهورية عدد من الزيارات والتحركات الدولية والإقليمية بلغت 18 زيارة شملت خمس قارات حيث مثلت الزيارات للقارات الأمريكية والأوروبية ٣٣.٤٪ من حجم الزيارات بواقع ( ٦ ) زيارات بينما تساوت الزيارات التي قام بها لكل من منطقة الخليج والوطن العربي والقارة الأفريقية وأسيا بنسبة ٢٢.٢ ٪ من حجم الزيارات بواقع 4 زيارات لكل منها.
ويمكن مراعاة الملاحظات التالية على التحركات الإقليمية والدولية لرئيس الجمهورية خلال العام وذلك على النحو التالي:
أولا: مثلت بعض الزيارات والتحركات رد فعل لحضور مؤتمرات واجتماعات دولية وإقليمية بالأساس حيث كانت ( ثلاث زيارات من أصل أربع ) قام بها المعزول للدول العربية ومنطقة الخليج استجابة لدعوات بحضور مؤتمرات مثل مؤتمرات القمة الإسلامية والدورة العادية للقمة العربية في حين مثلت ( ثلاث زيارات من أصل أربع ) للمنطقة الأفريقية رد فعل لاجتماعات واحتفالات حيث حضر الرئيس القمة الأفريقية وتجمع البريكس بالإضافة للمشاركة في العيد الـ ٥٠ لاستقلال أوغندا في تحركات تفرضها الأجندة الإقليمية والدولية ولا تعكس أي نجاحات (وإن كانت تعكس العديد من إخفاقات الرئاسة التي أظهرتها تصرفات مرسي).
ثانيا: ركزت كافة الزيارات والاجتماعات على طلب المساعدات الاقتصادية بشكل عكس لكافة دول العالم وضع مصر المزري كما عكس عنها صورة للدولة (المتسولة) حيث كانت البداية مع أولى زيارات الرئيس للسعودية وطلبه مساعدات اقتصادية ثم تصريحات الرئاسة بحصولها على نصف مليار دولار من المساعدات السعودية ومليار كوديعة في شكل كانت تعتبره الرئاسة انتصارا في حين كان الأمر جليا في طلب المساعدات من الصين في صورة عربات الشرطة والملايين التي تبرعت بها الصين لمصر وهكذا كان التسول العلني والواضح هو الشعار المعلن للزيارات الدولية حتى في اللقاءات التي جمعت الرئيس بزعماء وقادة ورؤساء وملوك في المحافل الإقليمية والدولية المختلفة.
ثالثا: مثلت استقبالات رئيس الجمهورية (مرسي) إهانة واضحة لممثل الشعب المصري ورئيس الدولة بعدما كانت استقبالاته تتم من قبل العمد مثلما حدث في روسيا أو وزيرة التعدين في أثيوبيا أو نائب أمير في قطر بينما يستقبل مرسي بنفسه في القاهرة رؤساء أحزاب أو جماعات أو رؤساء جمعيات بشكل وضع المكانة الدبلوماسية لمؤسسة الرئاسة المصرية في مأزق وأهان الشارع والدولة المصرية دون أدنى تحرك تصحيحي من مؤسسة الرئاسة كما عكست خطبة أديس أبابا عدم التزام الرئاسة بأية معايير للخطاب الدبلوماسي بشكل أدى (لأول مرة في التاريخ) لقطع الكلمة عن رئيس مصري في محفل إقليمي أو دولي وهو ما شكل إهانة للمنصب وللدولة.
رابعا: التناقض الواضح بين زيارات الرئيس وبيانات مكتبه الإعلامي حول مدى الاستفادة من تلك الزيارات وبين التناقص في حجم الاستثمارات مع الدول التي زارها حيث كشف البنك المركزي تناقص الاستثمارات من الدول التي زارها الرئيس في الربع الثاني للسنة المالية ٢٠١٢ - ٢٠١٣، وهي دول ( إثيوبيا والسعودية والصين وإيران وإيطاليا وبلجيكا وتركيا وأمريكا وأوغندا ) في شكل يعكس نوعا من التضليل والتناقض بين التصريح والواقع ويكشف عن فشل رئاسي واضح في الملف الاقتصادي.
خامسا: الغياب التام وانعدام الشفافية حول المعلومات التي تعلنها الرئاسة عن البرتوكولات والعقود التي تعلن عقب كل زيارة أنه تم توقيعها حيث لم تنشر المؤسسة الرئاسية أيا من تلك العقود أو البروتوكولات ولم تحدد مواعيد العمل بمعظمها وتركت الأمر للبيان الرئاسي الغائب بشكل يشكك في مصداقية الفعل ويثير حالة من الغموض حول الأداء الرئاسي.
سادسا: بعض الزيارات مثلت ردود أفعالها تهديدا وتوترا للعلاقات مع البلدان التي تمت زيارتها حيث مثلت زيارة الرئيس لروسيا وألمانيا نموذجا واضحا لأزمة حقيقية خلفتها تلك الزيارات فعكست مشكلة القمح الروسي والمعونات الألمانية توترا واضحا في العلاقات خاصة بعد رد فعل الرئاسة بتنفيذ حملة إعلامية كاذبة تماما عن ارتفاع توريدات القمح المصري أما فيما يخص ألمانيا فإن الأخبار المتعلقة بدعمها لأنشطة تستهدف تحجيم تنامي تيار الإسلام السياسي في المنطقة دليل على مدى توتر العلاقات إضافة لتصريحات وزيرة الخارجية اللاذعة حول تقديمها النصائح لمرسي حول كيفية إدارة الدولة.
سابعا: رغم أن الحصول على منح ومعونات اقتصادية كان الهدف الرئيسي المعلن لتلك الزيارات إلا أنها لم تشمل دولا مهمة تحتوي العديد من الأرصدة والحسابات الخاصة بالنظام السابق مثل سويسرا والمملكة المتحدة بينما يذهب مرسي لباكستان وإيران والهند ويتحدث عن منح وعلاقات اقتصادية.
ثامنا: التكلفة المرتفعة لجولات المؤسسة الرئاسية حيث حرص مرسي في أغلب تلك الزيارات على أن يصطحب مجموعة كبيرة من الوزراء والمسئولين بل والأصدقاء (حتى أن الوفد المصري الذي صاحب الرئيس لقطر أثناء مؤتمر القمة كان أكبر من الوفد القطري ذاته وهي الدولة المضيفة في سابقة غير مسبوقة)، وكذلك سبق العديد من الزيارات الرئاسية مجموعة من الزيارات التمهيدية من قبل بعض المسئولين بشكل غير متعارف عليه في الأعراف الدولية ويثير التساؤل حول التكلفة الاقتصادية المرتفعة لتلك الزيارات.
أما تحركات الرئيس الداخلية وزياراته للمحافظات فيمكن إبداء الملاحظات التالية عليها:
أولا: محاولة مؤسسة الرئاسة القفز على أية إنجازات حتى وإن كانت وهمية مثل حملة زيادة محصول القمح وزيارة مرسي لأحد الحقول بمنطقة برج العرب بالإسكندرية، أو أنها لا ترتقي لصفة الإنجاز مثل افتتاح الرئيس لوصلة مرورية ومصنع للمكرونة أو الاحتفاء بإنجازات لم يقم بها بل كانت نتاج اتفاقات مبرمة في عهد الرئيس السابق مثل مشروعات مترو الأنفاق.
ثانيا: التحركات الإقصائية لمرسي (والتي دائما ما كانت لصالح جماعته ومحبيه) بشكل يعكس صورة من صور الدعاية والخطاب الإقصائي أكثر من كونها تحركا له أهداف محددة يرتقى لمنزلة رئيس يخاطب شعب لكنه عوضا عن هذا طبق سياسة الموظف الذي يخاطب جماعته (أهله وعشيرته) وهو ما أظهرته خطاباته في كافة المناسبات مثل خطاب استاد القاهرة الأخير ومن قبلها خطابه وسط أنصاره بالاتحادية .
ثالثا: الخطابات الرئاسية (كوميديا التشبيهات والحركات)
ظهر المعزول بصورة الأكثر خطابات بل والأطول خطابة بكل تأكيد في تاريخ مصر (وربما) عجزت الذهنية البشرية أن تستدعي صورة رئيس مصري (غيره) ظل يتحدث لمدة (١٥٦) دقيقة متصلة في خطاب واحد أو ردد لفظة واحدة (١٩٨) مرة في خطاب لم يتجاوز (٥٥) دقيقة مثلما فعلها المخلوع في كلمته المتلفزة حول (الشرعية).
فمع عشرات الخطابات الرئاسية التي ألقاها مرسي في محافل عدة والتي كانت أحد أهم جوانب إخفاق المؤسسة الرئاسية وأحد مداخل الانتقادات وأكثرها التي وجهها الشارع المصري (لممثل جماعة وحزبها بالقصر الجمهوري)، وهو ما يمكن أن نرجعه للأسباب التالية:
أولًا: أنها جاءت في معظمها خطابا عاطفيا لا يحمل معان سياسية أو يعبر عن خطط واستراتيجيات وإنما ركزت بالأساس على الجانب العاطفي للمواطن المصري كما حملت تلك الخطب ألفاظا ومصطلحات لا ترتقي للمنصب الرئاسي ومثلت في حد ذاتها إهانة للمنصب و كادت أن تعرض الرئيس لمساءلات قانونية كان أكثرها سخرية وتفزيعا ما قاله في خطابه قبل الأخير عن ( فودة المنصورة وعاشور الشرقية والواد بتاع البنزيمة).
ثانيًا: خلت كل تلك الخطابات من الإعداد المسبق الجيد بشكل جعلها تحمل العديد من التجاوزات والأخبار والمعلومات غير الدقيقة وفي حالات عديدة الكاذبة مثلما جاء فى خطاب الاتحادية وإعلانه عن معرفته الكاملة بالمتهمين والمحرضين وخلافه من معلومات كانت محل تحقيق قضائي خرجت نتائجه بعكس ما صرح به.
كما عكست غالبية الخطب سطحية غير مقبولة لثقافة (الرئيس) على الرغم من درجته العلمية وخبرته العملية المعلنة حيث حملت خطاباته العديد من الأخطاء اللغوية والتراكيب الإنجليزية الغريبة إضافة لمزجه بينهما في تعبيرات ليس لها معنى خلقت استخفافا بقيمة الخطاب الرئاسي كما كانت أخطائه فيما يتعلق بالاستعانة بأبيات الشعر والأدب ومواقف التاريخ وغيرها تمثل سطحية تامة وافتقاد للمعلومات والثقافة بل وكانت خطابات الرئاسة أحد أسباب تغيير صورته لدى منتخبيه بعدما تعددت أخطائه فيما يتعلق باستعانته بآيات من القرآن الكريم حيث اهتزت صورة الرئيس (الحافظ للكتاب المتدين بالفطرة).
ثالثا: خلت خطابات المعزول من ذكر مصادر علمية وأرقام وأدلة وبراهين حيث اعتمد على الاستطراد غير المبني على أية أدلة ولا براهين بل وحملت العديد من الخطابات عبارات التهديد والوعيد للمعارضين لسياسات الجماعة أو للرئاسة بشكل خلق عداء متواصلا بين الحركات والقوى المعارضة وبين الرئاسة.
رابعا: عكس الخطاب الأخير لمرسي والخاص بكشف حساب الإنجازات والإخفاقات الرئاسية في عامها الأول خللا وضعفا رئاسيا واضحا في خطاب استمر لمدة (١٥٦) دقيقة كأحد أطول خطابات الرؤساء المصريين عبر التاريخ رغم أنه تضمن (٩٨) تصفيقة بواقع (٣) تصفيقات كل (٥) دقائق بصورة جعلت منه حوارا من أجل الدعاية الرئاسية والحزبية البحتة وسط أنصاره ومعاونيه كما أعطاه التصفيق الحاد شكلا مقاربا للخطابات الرئاسية للنظام السابق.
خامسًا: حمل خطابات المعزول تناقضات واضحة تمثلت في ثنائية الاعتذار تارة وإلصاق الاتهامات بأطراف أخرى بالتسبب في كافة المشكلات تارة أخرى بشكل يجعل السؤال عن ماهية أسباب الاعتذار في الوقت الذي يرى فيه الرئيس (المعتذر) أنه ليس مخطئ وهو ما ظهر خلال خطابه الكارثي عبر التالي:
ـ أن الشباب المصري نزل في الميادين ليس لفشل الرئيس ولكن لفشل الأحزاب السياسية في احتوائه واحتواء طاقاته وتحويلها لطاقة إيجابية.
ـ أن الجماعة لا تنفرد بالسلطة ولكن المعارضة هي من لا ترغب في الحوار أو التعاون مع الرئاسة وترفض كافة المناصب التي تعرض عليها.
ـ أن المشهد الحالي لا يمثل غضبا على الرئاسة ولكنه يمثل مشهدا عبثي يختلط فيه أعداء الثورة مع الثوار.
ـ رغم أن الجميع يرى الانقسام في الشارع المصري لكن الرئيس يوضح خطأ نظرتهم ويصف الشارع بأنه منقسم فقط بين المؤيد والمعارض وهذا أمر طبيعي في نظرته الخاصة للأمور.
ـ أن أزمات الطاقة مفتعلة وأن النظام السابق والعملاء والمحرضين هم سبب افتعالها وأنه لا توجد أزمة حقيقية.
ـ أن المظاهرات لا تعبر عن مشكلات الشارع وأنها تعبر فقط عن العقبات والخطط المفتعلة لإفشال الرئيس.
ـ استخدام نفس عبارات التخوين والعمالة التي كان يستخدمها النظام السابق في تكريس لسياسة إقصاء المعارضة وتشويه صورتها وإلقاء اللوم عليها.
ـ استخدام خطابا تشهيريا ببعض معارضيه بشكل يعكس حجم الاستهانة بالنظام القانوني للدولة حيث سرد الرئيس مجموعة من الاتهامات لأسماء بعينها من المسئولين السابقين والقضاة وغيرهم وأصحاب القنوات في شكل واضح لاستغلال المنبر الإعلامي الذي وفره المنصب الرئاسي لأغراض انتقامية قد تعرض منصب الرئيس للمساءلة القانونية كما حمل الخطاب جملة من التهديدات للمعارضين وغيرهم بشكل جعله يهدد بالمحاكمة العسكرية لمن يتعدوا عليه مكررا أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة وهو ما يمثل انتكاسة للحريات والحقوق.
ـ استخدام عبارات السخرية والاستهزاء والاتهام بكثرة وبشكل يعكس كبرياء وغطرسة جوفاء لا تستند سوى على الخوف الواضح من الأحداث القادمة ومحاولة الظهور بمظهر القوي في مواجهة معارضيه لكنه استخدمها بشكل نم عن المزيد من الضعف وعدم احترام المنصب الرئاسي وما يتطلبه من احترام لكافة المواطنين والانتماءات والفئات.
ـ مثلت القرارات التي اتخذها الرئيس بنهاية خطابه أزمة في حد ذاتها إذ مثَّل قرارا إنشاء وحدة مكافحة البلطجة وقطع الطرق تحديا واضحا للحق في الإضراب والتظاهر بشكل يعكس محاولته لقمع مخالفيه ولا يعطي أية حلول لمشكلات قطع الطرق التي أضحت ثاني وسيلة احتجاجية يستخدمها المتظاهرون للضغط على الدولة من أجل تحقيق مطالبهم.
ـ مثَّل قرار تفويض المحافظين في إقالة رموز النظام السابق وتفويض الوزير المختص في سحب التراخيص من بعض محطات البنزين تعديا واضحا على القانون بشكل يخالف نص الحكم المبطل لإبعاد رموز الوطني المنحل من العمل السياسي وكذلك تحديا بمنح سلطات للمحافظين تدخل في نطاق صلاحيات السلطة القضائية.
الاحتجاجات الشعبية خلال عام من حكم المعزول (تراكمات الغضب الشعبي)
شهد العام الأول (والأخير) من الفترة الرئاسية الأولى للرئيس المعزول وخلال الفترة من بداية ( يوليو ٢٠١٢ ) وحتى نهاية ( يونيو ٢٠١٣ ) قيام المصريون بالعديد من الاحتجاجات والتي بلغ مجموعها ( ٩٤٢٧ ) احتجاجا في سابقة تاريخية لم تحدث من قبل حيث نفذ الشارع المصري خلال مطلع حكمه يوليو ٢٠١٢ تنفيذ ( ٥٦٦ ) احتجاجا واستمر الوضع على تلك النسبة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام والتي انتهت في يناير ٢٠١٣ بتنفيذ ( ٥٦٤ ) احتجاجا وسط تأرجح في أعداد الاحتجاجات خلال تلك الأشهر ما بين ( ٣٩٧ ) احتجاجا في حدها الأدنى و ( ٦١٥) احتجاجا في حدها الأقصى بينما شهدت الأشهر (الخمسة) الأخيرة لحكمه قفزة نوعية في أعداد الاحتجاجات التي نظمها المصريون حيث شهد فبراير ٢٠١٣ تنفيذ ( ٨٦٤ ) احتجاجا بنسبة ارتفاع قدره ٥٣ ٪ عن شهر يناير من نفس العام ليشهد شهر مارس قفزة أخرى تمثلت في تنظيم الشارع المصري لعدد ( ١٣٥٤) احتجاجا بارتفاع قدره ٥٦.٧ ٪ عن سابقه حتى وصلت الاحتجاجات لذروتها خلال أبريل ٢٠١٣ بعدما نظم المصريون ( ١٤٦٢ ) احتجاجا فيما مثَّل شهري مايو ويوليو امتدادا لما حققته الأشهر التي سبقتها من قفزات احتجاجية حيث سجل مايو ( ١٣٠٠ ) احتجاجا في حين سجل العشرون يوما الأولى من شهر يونيو عدد ( ٨٨٠ ) احتجاجا ينتهي بتنظيم المصريون لأكبر تجمع احتجاجي ضد نظام حاكم شهدته البلاد على مر العصور.
ولإدراك ما تمثله الأرقام السابقة من قيمة في بيان مدى التدهور في أوضاع المجتمع المصري فلنا أن ندرك أن جميع أشكال الاحتجاجات التي قام بها الشعب المصري خلال العام الأخير من عصر مبارك وخلال فترات اشتعال الشارع قبل ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ والتى قدرت بعدد (٢٢١٠) احتجاجا قد نفذها المصريون خلال شهرين فقط من فترة رئاسة (مرسي) بعدما وصل متوسط الأداء الاحتجاجي للمصريين خلال عام ٢٠١٣ لعدد ( ١١٤٠ ) احتجاجا شهريا كما ارتفع متوسط الاحتجاجات الشهرية التي تشهدها الدولة من (١٧٦) احتجاجا خلال عام ٢٠١٠ لعدد (٥٠٠) احتجاجا خلال النصف الثاني من عام ٢٠١٢ وعدد (١١٤٠) احتجاجا خلال ٢٠١٣ بتضاعف يصل لأكثر من ٧٠٠ ٪.
الفئات المحتجة
تعكس الأعداد الضخمة للاحتجاجات التي نُظمت خلال العام توقعات بارتفاع عدد الفئات المحتجة في مصر والتي وبصعوبة بالغة تم حصرها تحت ( ٤٣ ) قطاع أساسي تندرج تحت مظلتهم قطاعات فرعية مختلفة لتتعدى الفئات المحتجة خلال العام الرئاسي عدد 60 فئة في مظهر يعكس غضبا شعبيا واسعا ضد انتهاكات حقوق وحريات المواطن المصري وبشكل لم يسبق له مثيل.
وجاءت المطالب الخاصة بالحق في العمل متصدرة كعادتها الدائمة للحراك الاحتجاجي في مصر والتي ثار من أجلها العشرات من الفئات في كافة الوظائف والمهن والحرف والقطاعات المنظمة حيث تم تنظيم عدد ( ٤٦٠٩) احتجاجا مثلوا تقريبا ٤٩ ٪ من الحراك الاحتجاجي خلال العام كان الأبرز فيها احتجاجات الموظفين بالقطاعين الحكومى والعام بشكل تبدي نموذجا جليا لانقلاب النظام البيروقراطي على نفسه ( والذي يعد واحدا من أضخم النظم البيروقراطية في العالم ) بعدما عجزت الدولة عن سد احتياجاته.
خريطة الاحتجاجات العمالية
أما أهم المطالب الاحتجاجية التي نادى بها المحتجون خلال العام الأسود فقد تنوعت بين ( ١٣٤ ) مجالا للاحتجاج كان أبرزها المستحقات المالية ( ٧٢٦ ) احتجاجا وحقوق العمالة مثل المطالبة بتوفير فرص عمل ( ١٥٨) والنقل التعسفي ( ٧٥ ) والمطالبة بالتثبيت ( ٣١٨ ) والفصل التعسفي ( ٥٩ ) والتعنت وسوء المعاملة ( ٥٨ ) والفساد والمحسوبية (٤٩ ) والمطالبة بإقالة وعزل مسئولين ( ١٥٩) وأزمة الوقود ( ٢١٣ ) ومطالب خاصة بالبيئة الزراعية ( ١٧ ) وتوفير الأسمدة والمستلزمات الزراعية ( ١٣ ) ونقص مياه الري ( ٤٤ ) ورفع أسعار الدقيق ( ٢٩ ) ورداءة نوعيته ( ١٣ ) والاعتداءات على العاملين ( ٤١ ) والممرضات ( ١٣ ) احتجاجا.
أدوات وأشكال الاحتجاج
تمثل الأدوات التي يستخدمها المحتجون وسيلة شديدة الأهمية لمعرفة قيمة وتأثير الاحتجاج حيث استخدم المحتجون خلال العام عدد ( ٦٢ ) وسيلة وشكلا احتجاجيا في إطار يعكس حرص المحتج المصري على الابتكار والتجديد واستخدام كافة الوسائل التي تستطيع أن تعلى من مطالبه وتساعد في إيصال رسالته على أوسع نطاق وانتهج المحتجون سياسة السلمية تارة والعنف تارة أخرى كما كانت سياسة التصعيد معبرة دائما عن كم التجاهل الذي يلاقيه المحتجون من كافل الحق.
جغرافية الأداء الاحتجاجي
مثلت جغرافيا الأداء الاحتجاجي نموذجا بالغ الدلالة في إيضاح ما يمكن اعتباره انتشارا هندسيا للاحتجاجات الشعبية بحيث لم تخل محافظة واحدة من علامات ودلائل الرفض لسياسات الحكم كما عكست مواقع الحراك الاحتجاجي مشهدا تنتفض فيه كافة محافظات الجمهورية ( بشكل لا مركزي ) ينم عن اجتياح ملامح انتهاك الحقوق والغضب بين كافة الأقاليم والقطاعات الجغرافية للجمهورية .
فبالرغم من استمرار تصدر العاصمة للمحافظات المحتجة بعدما شهدت القاهرة (١٥٧٠ ) احتجاجا خلال العام بنسبة ١٦.٧٪ من الاحتجاجات إلا أن تلك النسبة بالمقارنة مع السنوات السابقة تعكس انخفاضا ملحوظا في نسبة الاحتجاجات التي تشهدها العاصمة وهو ما يمكن تفهمه وإعادته إلى اشتعال باقي محافظات الجمهورية بالحراك الاحتجاجي حيث احتلت محافظة الغربية المركز الثاني في المحافظات المحتجة بعدما شهدت (٦٨٤) احتجاجا تلتها محافظة الشرقية مسقط رأس الرئيس الإخواني والتي نفذت ( ٦٢٤ ) احتجاجا في حين جاءت محافظة الإسكندرية في المركز الرابع ( ٦٢٦ ) احتجاجا بينما كانت مرسى مطروح هي المحافظة الأقل في نسبة الاحتجاجات .
تمرد.. من حركة احتجاجية إلى مشروع وطن
ولدت حركة تمرد في ٢٦ من أبريل ٢٠١٣ باعتبارها حركة شبابية أطلقها مجموعة من الصحفيين والنشطاء الشباب تهدف إلى سحب الثقة من رئيس الجمهورية مستخدمين كوسيلة لتحقيق هدفهم استمارات لجمع توقيعات تنص على الرغبة من قبل الموقع في سحب الثقة من الرئيس والدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة وتقوم فلسفتها على أن الشعب المصري الذي اختار مرسي في أول انتخابات رئاسية تُجرى بعد الثورة من حقه أن يسحب الثقة من الرئيس الذي فشل في تحقيق آمال المصريين من خلال جمع توقيعات من أفراد الشعب تؤكد رغبتهم فى ذلك ( وبأعداد تفوق حجم ما حصل عليه من أصوات انتخابية ) .
وجاء في البيان التأسيسي للحملة ( وجب علينا التمرد بعد ما وصلت إليه البلاد من تدهور ملحوظ في الحالة الاقتصادية وسوء الأحوال السياسية بعد وصول جماعة الإخوان المسلمين إلى حكم البلاد برئيسها محمد مرسى الذى أخل بكل موازين العدالة وضرب بالثورة وإرادة الشعب المصري عرض الحائط وكأن الثورة لم تقم ).
يدور تعريف الشرعية على فكرة نسبة القبول العام من قبل مواطني الدولة للحركة بشكل عام أو لمختلف أهدافها وأنشطتها ويستخدم مفهوم الشرعية عادة للدلالة عن الطاعة السياسية ومدى قبول المجتمع للسياسات المطروحة والتزامه بها طواعية وهو ما عكسته التوقيعات والمساهمات التطوعية بالمجهود والتبرع من قبل المواطنين والحركات والأحزاب والقوى المجتمعية والدينية وغيرها من مختلف فئات المجتمع بشكل أضفى جوانب من الشرعية على تمرد .
أما معيار المشروعية فيناقش مدى خضوع هذا النشاط للقوانين الوضعية أي مدى قانونيته من عدمها وما هي الأطر القانونية التي تنظم هذا النشاط أو الحدث وهنا نجد أن الحركة قد التزمت حرفيا بالتشريعات والقوانين الدولية والمحلية في أنشطتها وتحركاتها وفي فارقة نادرة على حالة الالتباس المصري جمعت هذه الحركة بين المشروعية القانونية والشرعية المستندة على التأييد الجماهيري بشكل جعلها الأقوى على الساحة بما يشمله الترتيب من الأسبقية في القوة عن حزب الجماعة الحاكم .
وخلال مدة لا تجاوز شهرين تحولت المبادرة الشبابية إلى حلم مجتمعي استطاع تفجير طاقات هائلة لدى جموع الشعب المصري الذي أقبل بكثافة منقطعة النظير على توقيع الاستمارات وتصويرها وطباعتها واحتضان الشباب في حملاتها بكافة الأماكن إضافة إلى أن الحركة لم تستفد فقط من إيجابيات وعناصر القوة لما سبقها من حركات وتنظيمات ولكنها تجنب كافة السلبيات التي ارتكبتها أو انجرفت إليها الحركات السابقة لها حيث اعتمدت قوة الحركة على النقاط التالية :
ـ أن الحركة انطلقت في توقيت أكثر من ملائم بحيث مثلت طوق النجاة للملايين من المواطنين فاستطاعت تحقيق مبدأ المشاركة المجتمعية وجمع كافة الأطراف تحت لواء واحد وأهداف واضحة ومحددة ومقبولة .
ـ الاعتماد على مجموعة من الشباب البعيد عن الأضواء الإعلامية أو حملات التشويه أو التورط في أية أنشطة أو مواقف يعتبرها الشارع أو القوى السياسية أنها سلبية .
ـ اعتماد الحملة على المجهودات الذاتية والتبرعات البسيطة وعدم التورط في أية شبهات خاصة بالدعم المالي أو التمويل الداخلي أو الخارجي وهو ما رفع من مؤشرات مصداقيتها لدي المواطن .
ـ التزام الحملة بقانونية أنشطتها وحفاظها على حدود جعلتها واحدة من أكثر الحملات والحركات المصرية الملتزمة بالقانون شكلا ومضمونا وهو ما أعطاها المزيد من المساحة والقليل من الملاحقة القضائية .
ـ استفادت الحركة بشكل كبير من الخبرات السياسية لمجموعة كبيرة من الكوادر والنخب دون أن تضع هذا جليا أمام كاميرات النقد حتى لا تخسر أيا من مؤيديها أو تثير أية لبس واكتفت بالاستفادة الكبيرة من تلك الخبرات دون أن تضعهم في مقدمة قطار الحملة .
ـ وضعت الحملة استراتيجيات وأهداف واضحة وبسيطة ويسهل فهمها من قبل الشارع ويسهل الوصول لها والمشاركة في فعالياتها فاعتمدت الحركة على النزول للمواطن والالتحام به بشكل مباشر .
التوتر والعنف في مواجهة تمرد
( الجماعة تستعيد وجهها الحقيقي )
روّع النجاح المفاجئ والمنقطع النظير لحملات جمع التوقيعات من قبل تمرد وانتشارها الجغرافي السريع بمختلف أنحاء مصر دوائر السلطة لدى المخلوع والمتحلقين حولها من قوى وجماعات تمثل في أغلبها قوى التشدد الديني بتاريخها الدموي السابق والتي حاولت بسعي حثيث ودءوب إضعاف تمرد وتفكيك الجموع الشعبية المحتشدة حولها لتتوالى التهديدات من قبل جبهة الأحزاب ذات المرجعية الدينية بشكل يهدف لخلق حالة من التخويف والإرهاب لكل المؤيدين لتمرد أو لدعوات التظاهر في (٣٠ يونيو) حيث استخدم فيه النظام الحاكم عدد من أسلحته التقليدية مثل الفتاوي وإلصاق الاتهامات والتهديد بالقتل وإسالة الدماء أو إحراق الدولة وغيرها من التصريحات والمواقف التي كان أهمها في التالي :
ـ تهديد صفوت حجازى خلال مليونية (لا للعنف ) بقوله ( اللى هيرش مرسي بالماء سنرشه بالدم ).
ـ تهديد طارق الزمر ( ستسحقون جميعًا وسيكون هذا اليوم الضربة القاضية لكل المعارضة).
ـ تهديد عاصم عبدالماجد ( الرئيس لن يتنحى أبدا ومن اعتدى علينا فلا يلومن إلا نفسه وقيادات حركة ( تمرد) مجموعة من الشيوعيين المعادين للإسلام) وأيضا تصريحه خلال المؤتمر الإسلامي الذي عقد بمحافظة المنيا ( أرى رؤوسا قد أينعت وقد حان قطافها ) نهاية بكلمته ( أحذر من حرب أهلية تقضى على كل أشكال الحياة فى الدولة ) كما كررها عبدالماجد أنه ( فى حالة التطاول غدا على الشرعية سيعلن عن تشكيل مجلس قيادة الثورة الإسلامية وإذا كانوا يهددونا بحملة صليبية فنحن لدينا صلاح الدين ) وأضاف الإرهابي العجوز خلال مؤتمر حملة تجرد بمسجد رابعة العدوية أن ( الحرب الآن ليست فى الأعداد الحقيقية التى جمعتها حملتا تمرد وتجرد وإنما الحرب الآن حرب على الأرض حرب على المشروع الإسلامى ) وأشار عبدالماجد إلى أن ( من اقتحم المساجد فى التاريخ هو نابليون بونابرت قائد الحملة الصليبية المعروفة باسم الحملة الفرنسية مشيرا إلى أن من يكره الحجاب والنقاب والمساجد هم المتطرفون الأقباط وأن الحملة الصليبية الجديدة استعانت بأوﻻد ماركسيين ليجمعوا توقيعات تحت اسم تمرد ليبدأوا حربهم على المشروع الإسلامى ).
ـ أفتى الدكتور محمد عبدالمقصود النائب الثانى لرئيس الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح أن ( من يقتل غداً فى تظاهرات ٣٠ يونيو دفاعاً عن الشريعة والشرعية فهو شهيد ) كما علق عبدالمقصود فى تصريح له عبر صفحته الرسمية على شبكة التواصل الاجتماعى فيس بوك رداً على تساؤلات من الشباب الإسلامى حول النزول للاعتصام فى رابعة العدوية قائلاً ( قولوا للإخوة تنزل دفاعاً عن الشريعة والشرعية والأفضل طبعاً أن تنزل الآن وتعتصم مع الإخوة فى رابعة العدوية حتى من عليه دين ومن يقتل دفاعاَ عن الشريعة والشرعية فهو بإذن الله شهيد ).
ـ التدريبات الرياضية التى شهدتها مليونية ( لا للعنف ) وأجراها عدد من شباب جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفى وتركزت التدريبات حول الدفاع عن النفس والتصدى للخصوم وارتدى خلالها عدد من الشباب الخوذات للحماية أثناء التدريب وحمل العشرات منهم الشوم والعصى كما نظم المشاركون استعراضا لألعاب الكاراتيه ورياضات الكونغ فو وكمال الأجسام فى حديقة المسجد مرددين صيحات منها ( قوة ـ عزيمة ـ إيمان ـ مرسى بيضرب فى المليان ).
ـ فتوى الشيخ أشرف عبدالمنعم العضو المؤسس للهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح وعضو الجبهة السلفية المتعلقة بجواز قتل المتظاهرين في ٣٠ يونيو .
ـ مطالبة محمد عباس رئيس حزب الأمة السلفي جميع الإسلاميين بمبايعته ( على الموت حتى القضاء على معارضي الرئيس محمد مرسي الذين سيثورون ضده في ٣٠ يونيو ).
ـ جمال الهلالي أمين عام حزب البناء والتنمية ( يوم ٣٠ يونيو مرسي لن يخرج من القصر وسيظل داخله حتى عام ٢٠١٧ وسننزل في الميادين للشهادة ).
ـ بيان الحزب الإسلامي التابع لتنظيم الجهاد ( فى حال سقوط مرسى سنعلن الدولة الإسلامية بولاية أيمن الظواهرى زعيم تنظيم القاعدة ).
ـ حزب الحرية والعدالة وجماعة الإخوان بالدقهلية ( شباب حركة تمرد هاجموا مسجد النصر بالمنصورة واعتدوا على الشباب والنساء بداخله وخارجه وذلك بعد انتهاء الاحتفالية بذكرى الإسراء والمعراج فى المسجد).
ـ محمد الظواهري القيادي بتنظيم السلفية الجهادية ( لن نشارك كمؤيدين أو معارضين فى المظاهرات ولكن سنتصدى لأي تعد على الإسلام لا بصفتنا جماعة أو تنظيم وإنما بصفتنا مجموع الأمة المسلمة ).
ـ محمد عباس رئيس حزب الراية ( أطالب رئيس الجمهورية باعتقال تحفظي لقيادات جبهة الإنقاذ ومساعديهم وأعوانهم والتحقق من اشتراكهم في مؤامرة أو تلقيهم تمويلا من الخارج وإغلاق قنوات الفتنة ونصف قنوات الدولة في ماسبيرو واعتقال مذيعي وصحافيي الفتنة وبحث مصادر تمويلهم ومحاسبتهم بقانون من أين لك هذا ).
كما أنه في الوقت الذي منعت فيه وزارة الأوقاف الشيخ ياسر برهامى من إلقاء الدروس بمسجد حاتم بالإسكندرية متعللة بأنه تخطى رسالة المسجد الدعوية إلى توظيفه فى السياسية والعمل الحزبى وذكر أشخاص ومواقف بعينها كأحزاب ومؤسسات مدنية وعسكرية ودمج بين الدرس والأمور السياسية فقد تركت مساجد ومنابر محددة لتكفير الخصوم السياسيين وسبهم والنيل من أعراضهم دون تدخل أو منع لا لشيء إلا لكونهم من أنصار الحاكم فاستمرت الدعاية للعنف والتلويح به من قبل قيادات تيارات الإسلام السياسي والتي يمثل الأغلب الأعم منهم عدد من القتلة العجائز الذين قضوا شطرا ليس بالقليل من أعمارهم وراء القضبان تنفيذا لعقوبات تتعلق بجرائمهم الإرهابية .
وكانت النتيجة الطبيعية لهذا التحريض والخطاب الطائفي عديد من ممارسات العنف والجرائم التي ارتكبها أنصار تيارات التأسلم السياسي سواء منساقين بفتاوى كتلك السابقة أو مطمئنين بمساندة ودعم نظام يسيطر عبر نائب عام مطعون في شرعيته على مقدرات إقرار العدالة .
الغريب في الأمر أن من تبنوا خطاب العنف ونظروا له كانوا أول المتباكين ( زورا وبهتانا ) لتناميه بل والمطالبين بضرورة نفيه والتبرؤ منه من قبل القوى المدنية وهو ما تكذبه الوقائع التالية :
ـ واقعة ضبط ١٥ شخصاً بكمين ( السلام) بمنطقة المرج أثناء توجههم إلى ميدان ( رابعة العدوية ) بمدينة نصر وبحوزتهم أسلحة نارية وذخائر بدون ترخيص فعثر معهم على (٣) طبنجات صوت معدلة لإطلاق الذخيرة الحية وطبنجة صوت و (١٢٤ ) طلقة بلى و (١٦) طلقة خرطوش حيث كشفت التحريات أن المتهمين ينتمون لحزبي الحرية والعدالة والبناء والتنمية كما تم ضبط أكثر من ألف استمارة تجرد بحوزتهم أثناء استقلالهم الأتوبيس متجهين إلى ميدان رابعة العدوية لتأييد الرئيس مرسى .
ـ قيام الأجهزة الأمنية المصرية فى مدينة رفح بسيناء بضبط سيارة بداخلها خمسة صواريخ جراد وقنابل يدوية وألغام أرضية وأسلحة آلية حيث اشتبهت الدورية الأمنية فى سيارتين كانتا متواجدتين بمنطقة الأحراش بالقرب من مناطق الأنفاق والشريط الحدودى مع قطاع غزة .
ـ إعلان اللواء حاتم عثمان مدير أمن الغربية خلال مداخلة هاتفية لبرنامج (القاهرة اليوم ) أن قوات الأمن تمكنت من ضبط أكثر من ( ٢٦ ) خوذة و ( ٦٦ ) صديرى واقيًا من الرصاص وكمية من ( البلى والزلط ) بصالة ألعاب قوى بطنطا يمتلكها شخص ينتمى لحزب الحرية والعدالة .
ـ ألقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة القبض على ( ٦ ) طلاب من جامعة الأزهر هم محمود محمد أحمد ( ٢١ سنة ) ومصطفى محمد حسن ( ٢٣ سنة ) وأحمد عامر عبدالحافظ ( ٢٢ سنة ) وعمرو حسن عمر ( ٢٢ سنة ) وعمرو عبدالحكيم إبراهيم (٢٠ سنة ) وعلى قاعود على ( ٢١ سنة) أثناء تواجدهم بأماكن إقامتهم وبحوزتهم مجموعة من الأسلحة البيضاء عبارة عن (٤) عصا خشبية مغطاة بالجلد و (٢) خوذة رأس وفرامنش حديد وعصا حديدية ومشرط حديدى وصديرى فسفورى مغطى بالإسفنح وبمواجهتهم اعترفوا بحيازتهم المضبوطات بقصد الدفاع عن النفس أثناء تواجدهم لتأمين تجمعات التيارات الإسلامية بميدان رابعة العدوية وتحرر المحضر رقم ٤٠٧٦ جنح .
ـ ضبط القيادى الإخوانى محمد أحمد ميهوب أحد قيادات حزب الحرية والعدالة ببنى سويف بناء على التحقيقات التى قام بها المستشار محمد بسيونى مدير نيابة بنى سويف والتى دلت على اتهام العشرات من متظاهرى حركة تمرد له خلال اليومين السابقين بإطلاق النار على المتظاهرين وأكد أكثر من شاهد قيامه بإطلاق أعيرة نارية تجاههم أثناء مرورهم من أمام مقر الحزب بحى الأباصيرى كما اتهمه أحد أصحاب المحلات التجارية الكبرى ببنى سويف فى البلاغ رقم (٣٩٤١) إداري بنى سويف بالسطو على المحل وتحطيم واجهته وأثاثاته .
ـ القبض علي ( ٤ ) فلسطينيين ومصرى متهمين بإطلاق النار على المتظاهرين أمام مكتب الإرشاد وهم مصطفى عبدالعظيم فهمى من مواليد ٢٨ فبراير ١٩٨٤ ومقيم بالزاوية الحمراء موظف بهيئة البريد والثانى محمد على حسين عياد مواليد ٧ يوليو ١٩٨٤ يحمل جواز سفر فلسطينى رقم ٢٤١٢٦٢٤ وضياء الدين على حسين عياد مواليد ١٢ سبتمبر ١٩٨١ جواز سفر فلسطينى وجمعة نعيم جمعة حجاج مواليد ٢ يونيو ١٩٨٨ جواز سفر فلسطينى رقم ٦٢٤/٢٩٧ وفرج حمد سالم حجاج مواليد ٢٨ فبراير ١٩٦٦ جواز سفر فلسطينى رقم ٢٤١٢٦١٧.
٣٠ يونيو يوم الشعب
إزاء كل ما سبق تحول ٣٠ يونيو من مجرد مظهر احتجاجي على سياسات ممثل الجماعة بالقصر الرئاسي إلى تاريخ مصيري فارق ليعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة في صيغة أقرب للإنذار إمهال الجميع ( أسبوعا) للتوافق وتحديد مسار تصحيحي للخروج من المأزق وهو ما استغلته حركة تمرد التي استبقت موعدها بيوم واحد من ٣٠ يونيو لتعقد مؤتمرا صحفيا أكدت خلاله حصولهم على ٢٢ مليونا ١٣٤ ألفا ٤٦٥ توقيع لسحب الثقة من الرئيس وهو نجاح بالغ للحملة التي بدأت وهي تستهدف الوصول لعدد (١٥ ) مليون توقيع فقط على أن تمرد كانت تدرك جيدا أن قيمة الورقة لا تكتمل إلا بمشاركة الموقعين عليها في موجة المد الثوري الثانية فأكد محمود بدر مؤسس حملة تمرد خلال المؤتمر أن الاستمارات بغير مظاهرات وعصيان مدنى يحميها لن يكون لها قيمة وأن ( هذه الأرقام النهائية لتمرد جاءت بعد سحب ١٠٠ ألف ورقة مكررة وأكثر من ٥٦ ورقة ليست مكتملة البيانات ) .
وفي استجابة شعبية رائعة جاء ٣٠ يونيو ليشهد خروج الشارع المصرى عبر ( ٣٣٦ ) تظاهرة احتجاجية ضمن التظاهرات المطالبة بإسقاط النظام شارك فيها قرابة (٣٢) مليون متظاهر ليس لديهم سوى مطلب واحد فقط ألا وهو إسقاط نظام الإخوان .
فشهدت الموجة الثورية قيام الأهالى والمواطنين بالتعاون مع النشطاء ومختلف القوى الثورية بتنظيم (٢٨٧) احتجاجا شعبيا فى حين خرج المحامون فى (١٠) مظاهر احتجاجية أما الموظفين بالقطاع الحكومى فقد نظموا (٩) احتجاجات ونواب مجلس الشورى (٩) احتجاجات والعمال (٦) والعاملون بالقطاع الأمنى (٥) والعاملون بالقطاع السياحى (٣) فى حين شارك كل من العاملون بالقطاع الطبى والتعليمى والقضاة والأدباء والفنانون والإعلاميون والصوفيون والفلاحون فى مظهر احتجاجى واحد .
توزيع الاحتجاجات على المحافظات
لتعاود القوات المسلحة إصدار بيان جديد وحاسم تدعو فيه لتلبية مطالب الشعب وتمهل الجميــع (٤٨) ساعة كفرصة أخيرة لتحمل أعباء الظرف التاريخي الذى يمر به الوطن الذى لن يتسامح أو يغفر لأي قوى تقصر فى تحمل مسئولياتها إضافة إلى أنه إذا لم تتحقق مطالب الشعب خلال المهلة المحددة فسوف يكون لزاماً عليها استنادا لمسئوليتها الوطنية والتاريخية واحتراما لمطالب شعب مصر العظيم أن تعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها وبمشاركة جميع الأطياف والاتجاهات الوطنية المخلصة بما فيها الشباب الذى كان ولا يزال مفجراً لثورته المجيدة ودون ( إقصاء أو استبعاد لأحد )، وهو ما رأته القوى السياسية نهاية لعهد مرسي بينما رأى فيه الإخوان تحذير لمعارضي الرئيس لتنقضي المدة الثانية بمزيد من العناد والتمسك بما سماه مرسي عبر خطابه الليلي بـ ( الشرعية) ليجتمع المجلس الأعلى للقوات المسلحة ويتخذ قراره النهائي بعزل رئيس أمهل الفرصة تلو الفرصة للتراجع عن قرارات أثارت غضبا شعبيا واتخاذ قرارات أخرى تصحح واقعا مغلوطا أو الدعوة لاستفتاء شعبي على استمراره في موقعه تمثل دعما لمواقفه الجدلية أو ختاما الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة .
ويدعو المجلس الأعلى للقوات المسلحة لاجتماع جديد بالمشاركة مع القوي السياسية لوضع خارطة المستقبل وهو الاجتماع الذي رفض حزب الحرية والعدالة المشاركة فيه والذي شهد الإعلان الشعبي عن عزل مرسي والخطوات التالية ضمن خارطة المستقبل لإدارة الفترة الانتقالية وبناء الدولة المصرية الجديدة.
لقد تصرّف الإخوان المسلمين عبر مندوبهم في القصر الرئاسي أو كحزب أغلبيّة يحاول أن يوطّد مواقعه في الحكم بعد الانتخابات ومع أنّ هذا السلوك مشروع ديمقراطيا إلا أنّه سلوك غير مسئول وطنيًّا في مرحلة انتقاليّة لبناء الديمقراطية على أساس توافقات فوجود حزب أغلبيّة تواجهه معارضة ترفض كلّ ما يقوم به هو من مميزات مرحلة الديمقراطية وليس مرحلة الانتقال إلى الديمقراطية ففي هذه المرحلة تتطلّب المسؤوليّة الوطنيّة أن تتشارك التيارات الرئيسة المجتمعيّة والسياسيّة في بناء الديمقراطية وإنجاح المرحلة الانتقاليّة والتوافق على دستورٍ ديمقراطي هو أحد معالم هذا النجاح فيما لا يعدّ تمرير دستورٍ بأغلبيّة حزبيّة أو إقصائية نجاحًا فالأغلبيّة الدستوريّة ليست هي الأغلبيّة السياسية بل يجب أن تكون أوسع منها بكثير.
نشر في الهلال عدد يناير 2021