السبت 23 نوفمبر 2024

الجريمة

حكم نهائي تاريخي ينتصر للمرأة ويضع حدًا لتحرش الشوارع

  • 3-7-2021 | 11:59

المستشار معتز خفاجى

طباعة
  • حسام زكريا

 قضت المحكمة الإدارية العليا فحص فى الطعن رقم 57813 لسنة 60 ق عليا بإجماع الاَراء برفض الطعن المقام من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للتأمين الصحي، وأيدت الحكم التاريخي الصادر من محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بإلغاء قرار التأمين الصحي بكفر الشيخ بعدم تمكين سيدة عاملة بسيطة بالتأمين الصحي لاستكمال عملها تعرضت للتحرش الجنسي البشع من مجموعة من الشباب فى شارع عبد السلام عارف بكفر الشيخ وهتك عرضها بحجة أن تمكينها من دخول المستشفى يحرج زميلاتها في العمل.

وأمرت التأمين الصحي بتمكين السيدة العاملة البسيطة من استلام عملها وقررت منح المُتحرش بها إجازة حتى تتعافى عصبيًا ونفسيًا من أثار التحرش دون عائق أو قيد، وأكدت المحكمة برئاسة القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة على (10) مبادئ فى حيثيات حكمها التاريخي فى عمق ظاهرة التحرش الجنسى بالشوارع :

1- أن التحرش بالنساء فى الشوارع إهانة لكرامة المرأة , وناشدت عام 2014 رئيس الجمهورية المؤقت بتغليظ العقوبة بعد إصداره قراراً بقانون بثلاثة أسابيع قبل النطق بحكمها وقبل تكوين البرلمان .

2- كما ناشدت بإلغاء السلطة التقديرية الممنوحة للقاضى ليختار بين عقوبة الحبس أو الغرامة لتكون العقوبتان وجوبية معاً , وتخيير القاضى يضعف من الأثر الرادع لعقوبة التحرش .

3-التحرش الجنسى ينتهك البناء الاجتماعى والسلطة التقديرية للقاضى تنتج التفاوت فى العقوبة لمن يرتكبون الجريمة ذاتها مع تماثل ظروفها العينية والظروف الشخصية للجناة , ومن يساهمون فى ارتكابها .

4- فتاوى غير المتخصصين بإباحة اغتصاب الزوجة حماية للنفس من الأسباب النفسية المؤدية للتحرش بالنساء .

5- التصور الخاطئ لدعاة التشدد الدينى ضد المرأة بأنها كائن بيولوجى مثير ومصدر الفتنة والغواية أعاق قدراتها وامكانياتها نحو التقدم والازدهار.

6- قيام رئيس الدولة بالاعتذار لسيدة التحرير عام 2014 موقف نبيل يجب أن ينهى عصر التوجيهات ويطلق عهد المبادرات.

7- المحافظون مسئولون عن الأمن والأخلاق والقيم بالمحافظات بالتعاون مع مديرى الأمن وعليهم اتخاذ تدابير لحماية المرأة.

8- على التلفزيون والقنوات الفضائية والسينما والمسرح ووسائل الإعلام تغيير النظرة للمرأة بما يتلاءم مع عطائها واستعادة القيم الإسلامية الرفيعة تجاهها.

9- العاملة البسيطة ناضلت وحيدة فريدة منذ 2009 حتى 2021 دون أن يساندها المجلس القومى للمرأة فى أية مرحلة من مراحل التقاضى مما يقتضى المتابعة الميدانية عن طرق فروعه بالمحافظات .

10- حماية المرأة من التحرش مسئولية مجتمعية وليست مسئولية الدولة وحدها حتى يتم استعادة القيم النبيلة التى زين الإسلام بها المرأة.

وترجع القصة الأليمة للعاملة البسيطة فى وقائع القضية إلى مايو 2009 حينما غادرت عملها بمستشفى التأمين الصحى بشارع عبد السلام عارف بكفر الشيخ متجهة إلى منزلها وفوجئت بمجموعة من الشباب يحاولون التحرش بها فاستنجدت بالمارة فلم يغثها أحد وتحرشوا بها في كل جسدها بلا هوادة وفى أماكن العفة بلا رحمة وهتكوا عرضها، وأصيبت السيدة بصدمة عصبية سيئة لازمتها عامين، وحينما ذهبت لعملها فوجئت بمدير مستشفى التأمين الصحى يرفض دخولها بحجة أن وجودها يسبب حرج لزميلاتها بسبب ما تعرضت له من تحرش ثم قررت العاملة فى أكتوبر 2012 بعد تعافيها من الصدمة العصبية اللجوء إلى المحكمة العمالية بكفر الشيخ طالبة تمكينها من دخول العمل وظلت قضيتها تتداول سنتين , وفى عام 2014 حكمت المحكمة العمالية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وأحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ .

وعلى الفور حدد لها القاضى الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة جلسة عاجلة وقرر الجلسة سرية لسماعها إلا أنها انهارت فى البكاء الهستيرى فهدأ القاضى الإنسان من روعها ومنح هيئة التأمين الصحى أسبوعين فقط لبيان أسباب امتناعها عن تمكين السيدة من العودة لعملها , فتقدمت هيئة التأمين الصحى بمذكرة طلبت فيها برفض القضية بحجة أن وجودها سوف يسبب حرجا لباقى السيدات بالتأمين الصحى , فقرر القاضى على الفور حجز الدعوى للحكم ونطق بأحقية السيدة باستلام عملها بالتأمين الصحى بكفر الشيخ فورا دون عائق أو قيد واعتبار المدة السابقة إجازة حتى تتعافى واستقبلت نطق القاضى بالبكاء أيضا لكنه بكاء الفرحة بعد الصبر .

ولم تدم فرحة السيدة المسكينة طويلاً بعد أن أنصفها القاضى الإنسان الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى ولم تسلم من ملاحقة هيئة التأمين الصحى لها بعد انصافها فأقامت هيئة التأمين الصحى طعنها رقم 57813 لسنة 60 ق عليا أمام المحكمة الإدارية العليا فى أغسطس عام 2014 فى الحكم الصادر لصالح العاملة , واستمرت المحكمة الإدارية العليا فى نظر الطعن حتى قضتت فى 2021 بإجماع الأراء برفض الطعن وتأييد حكم القضاء الإدارى بكفر الشيخ بكامل حيثياته وأصبح حكماُ نهائيا وباتا .

وقالت محكمة القضاء الإداري بكفر الشيخ برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة فى حكمها النهائى المستنير أن العنف ضد النساء خاصة التحرش الجنسى بهن ينطلق من تصور خاطئ لدعاة التطرف غير المقبول والتشدد الدينى غير المعقول, فتاويهم الضالة وهم غير متخصصين فى غيبة من مؤسسات الدولة الدينية بإباحة اغتصاب الزوجة حماية للنفس من أهم الأسباب النفسية المؤدية للتحرش بالنساء , وقولهم المغلوط بأن المراة مجرد حلية فى المنزل وكائن بيولوجى مثير ومصدراً للفتنة والغواية وزعمهم الباطل بأنها فى حاجة لمن يرشدها ويستحكم العقل فيها حتى لا تكون سببا فى فضح الأسر وتصورهم المدلس بأن مشاركة المرأة للرجل يسلبه دوره الحقيقى فى الحياة هو تصور خاطئ يتجافى مع الفهم الحقيقى للدين ينال من قدرتها على المشاركة والانتاج والمساهمة فى إدارة شئون المجتمع , وهو ما أعاق المرأة كثيرا فى اظها.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة