صدرت عن الدار المصرية اللبنانية رواية "صاحب السر" للكاتب عمار علي حسن، والتي تعد تجربة جديدة في مشروعه الروائي، من حيث موضوعها، وكذلك شكلها، ومراوحتها بين ما هو واقعي مألوف وبين الغريب، الذي يخلط بين السحر والخوف والأمل.
يعيش بطل هذه الرواية، التي تأتي ضمن الإصدارات الجديدة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الحالية، أياما عصيبة بعد أن دفنه كبار القرية حيا لتموت معه أسرارهم، حيث كان قد أتيح له وحده معرفة الكثير عن انحلال نسائهم، وسرقاتهم التي لا تتوقف، وتجارتهم الحرام، وأفعالهم المشينة، فهو دارس للقانون ما مكنه من أن يكون مرجعا لأهل القرية في كل ما يكتبونه من أوراق ثبوتية فصار مستودع أسرارهم، كما أن أباه يعمل خياطا بسيطا وكل نساء القرية تأتي إليه، وتثرثر أمامه بالكثير من الأسرار التي وصلت إلى مسامع الابن.
في المقبرة يكلم البطل، واسمه "مرزوق الحر"، الراقدين حوله من الموتى، فيعرف منهم أسرارا أكثر، تجعله راغبا في الخروج إلى الحياة، فيكافح بلا انقطاع وهو محاط بالرعب والفزع، والكوابيس التي تداهمه وهو مفتوح العينين، ويغالب الروائح الكريهة، وعلامات النهاية التي تهاجمه كل لحظة.
وحسب ما جاء على ظهر غلاف الرواية: "نحن هنا لسنا أمام رواية رعب إنما حالة فنية مشوقة لها أبعاد اجتماعية ونفسية غارقة في الخوف، ولا تخلو من مغزى فلسفي وسياسي عن الإنسان الذي عليه أن يصارع طويلا في سبيل الخروج من الضيق إلى البراح".
تبدو الرواية غاية في الغرابة من حيث المكان، فهي تدور بأكملها تقريبا داخل قبر متسع يسميه الراوي "منامة"، حيث يفيق بطلها من غيبوبة الكبد ليجد نفسه مكفنا ومدفونا، وهو هنا يمر بمجموعة من الخيالات، ويسمع أصوات الموتى ويحدثهم ويسامرونه، ويقابل حبيبته التي فارقت الحياة قبل سنوات.
وقالت دار النشر في تقريرها عن الرواية إنها "تتميز بأسلوب سرد جذاب شاعري مبطن بأبعاد ثقافية تراثية وحديثة، فيما جاءت الجمل مشدودة ومتوترة كأنها أسطر من قصائد.. وعلى الرغم من ثبات الحدث الدرامي على مدار أغلبها فإن صوت الراوي نجح تماما في ملء هذا الفراغ باستدعاء الذكريات والحركة والاكتشاف في المكان المحدود الذي تدور فيه وهو المقبرة، فيما يكشف السرد عن عالم القرية المعقد بتشابكاته وعلاقاته الغريبة، وهو أمر مهم زاد من حيوية الحكي".
ووصف التقرير البناء الفني للرواية بأنه "بسيط ومحكم كما أن التبادل بين الحكي الآني للراوي والأفعال القليلة التي يقوم بها في تلك المساحة الضيقة تم تصميمه بشكل جيد".
وتابع التقرير: "لا يمكن إغفال ذكر الدور الأساسي لخيال المؤلف الخلاق في نسج تلك التجربة الصعبة والمقبضة بطريقة حيوية تجبر القارئ على الاسترسال معها لاكتشاف خباياها"، مؤكدا أن عالم الرواية "يتميز بالفرادة، ويصنع تجربة إبداعية جديدة بالفعل".
وتعد "صاحب السر" هي الرواية الثانية عشر للكاتب، فضلا عن سبع مجموعات قصصية، وديوان شعر، وسيرة ذاتية سردية، ومتتاليتان قصصيتان، وقصة للأطفال، وستة وعشرون كتابا في الثقافة والاجتماع السياسي والتصوف.