سجل سعر صرف العملة اليمنية اليوم الثلاثاء هبوطا قياسيا جديدا أمام الدولار الأمريكي والعملات الأجنبية مقتربا من حاجز الألف ريال للدولار، وسط موجة غير مسبوقة من الغلاء وزيادة حادة في أسعار السلع الغذائية في عدن ومحافظات الجنوب بما ينذر بكارثة اقتصادية على البلاد.
وقال متعاملون في عدن لرويترز إن سعر الريال اليمني واصل تراجعه "المخيف" ليسجل لأول مرة في تاريخه هبوطا غير مسبوق في تداولات سوق الصرف مساء الثلاثاء بوصوله إلى 961 ريالا للدولار للشراء و967 ريالا للبيع بعد أن كان قبل يومين عند 950 ريالا للدولار، وذلك في أسوأ انهيار منذ بدء الحرب في البلاد قبل أكثر من ست سنوات.
لكن أسعار صرف الريال في العاصمة صنعاء وشمال البلاد لا تزال ثابتة ومستقرة عند 600 ريال للدولار، وفقا لمصادر مصرفية.
جاء الانخفاض الجديد على الرغم من الإجراءات والقيود المؤقتة المفروضة من البنك المركزي اليمني على قطاع الصرافة بالعملات الأجنبية لوضع حد لتدهور حاد مستمر في العملة المحلية المتداعية.
ويأتي انهيار الريال متزامنا مع أول يوم لتنفيذ قرار جمعية الصرافين في عدن بجنوب اليمن بإيقاف كافة عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية في سوق الصرف في محافظات الجنوب المحررة.
وقال شاهد لرويترز إن شركات ومحلات الصرافة في عدن امتنعت عن بيع العملات الأجنبية، خاصة الدولار والريال السعودي، لكنها استمرت في شراء العملات الأجنبية من عملائها رغم قرار منع البيع والشراء.
وفي وقت سابق اليوم الثلاثاء، أخطرت جمعية الصرافين في عدن شبكات التحويل المالية المحلية بإيقاف عمليات البيع والشراء للعملات الأجنبية بين الصرافين.
ووجه التعميم الصادر من الجمعية بمواصلة عمليات البيع دون الشراء للعملات الأجنبية للتجار لتلبية احتياجات الاستيراد، كما منع شراء العملات الأجنبية بما يتجاوز ألفي ريال سعودي وغيرها من العملات المرجعية.
وخسر الريال اليمني أكثر من ثلاثة أرباع قيمته مقابل الدولار الأمريكي منذ اندلاع الحرب مطلع 2015، وتسبب في زيادات حادة للأسعار وسط عجز الكثير من اليمنيين عن شراء بعض السلع الأساسية لتزيد الأوضاع المعيشية للمواطنين تفاقما، خصوصا مع توقف صرف مرتبات الموظفين الحكوميين منذ أكثر من 4 سنوات في المناطق التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين في شمال اليمن.
ووفقا لمراكز اقتصادية، فقد انخفض الريال اليمني بنسبة تزيد على 300 بالمئة عما كان عليه قبل الحرب، عندما كان سعر الصرف مستقرا عند 214 ريالا أمام الدولار في أواخر العام 2014.
ويتوقع مراقبون أن تواصل العملة اليمنية انهيارها لتبلغ 1000 ريال مقابل الدولار قبل نهاية العام 2021 .
ويقولون إن إيقاف المضاربة على العملة في السوق وإحالة عمليات الشراء الكبرى إلى البنك المركزي سيعمل على تعزيز وجود العملة الأجنبية في البنك من أجل إحداث حالة من الإستقرار في السوق المصرفي والسيطرة على "إنهيار جنوني متسارع" للريال اليمني.
تحذيرات من الانهيار
يأتي تسارع انخفاض العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، مع استمرار البنك المركزي اليمني في انتهاج سياسة إمداد السوق بأموال مطبوعة في روسيا حديثا، في وقت تصاعدت فيه حدة تحذيرات خبراء اقتصاديين واختصاصيين من أن استمرار الحكومة والبنك المركزي في طبع النقود وضخها في السوق بدون معايير وضوابط يساهم في ارتفاع معدلات التضخم، فضلا عن التأثير المباشر على تدهور الريال في ظل غياب الرقابة وسياسات نقدية صحيحة، مما يؤدي إلى استمرار انهيار العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية في سوق الصرف.
وحذر هؤلاء من أن استمرار انهيار سعر العملة المحلية أمام الدولار سينتج عنه "كارثة اقتصادية" تلقي بظلالها على الحركة التجارية في البلاد مما يمثل عبئا كبيرا على اليمنيين.
ويواجه اليمن، الذي يعاني أسوأ أزمة إنسانية في العالم وفقا للأمم المتحدة، ضغوطا وصعوبات مالية واقتصادية غير مسبوقة بسبب تراجع إيرادات النفط، التي تشكل 70 بالمئة من إيرادات البلاد، وكذلك توقف جميع المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وعائدات السياحة.
وحذرت منظمات إغاثة دولية ووكالات تابعة للأمم المتحدة من أن الاقتصاد اليمني يقف على حافة الإنهيار.