تنطلق الانتخابات الرئاسية الإيرانية بعد غد الخميس، في دورتها الثانية عشرة، وتجرى هذه الانتخابات بالتوازي مع انتخابات المجالس البلدية والقروية، والانتخابات التكميلية لمجلس الشورى الإسلامي.
يتنافس في الانتخابات الرئاسية ستة مرشحين، وافق عليهم مجلس صيانة الدستور، يتوزعون مناصفة على التيارين المحافظ والإصلاحيين، وهم حسن روحاني، الرئيس الحالي الذي يسعى للفوز بولاية ثانية (حزب الاعتدال والتنمية)، وإبراهيم رئيسي رجل الدين المحافظ ورئيس مؤسسة أسنان قدس رضوى، وهي تدير ضريح الرضا المقدس الأمام الشيعي الثامن في إيران، ومحمد باقر قاليباف عمدة طهران المحافظ ورئيس جمعية التقدم والعدالة لإيران الإسلامية، والإصلاحي إسحاق جهانجيري النائب الأول لرئيس الجمهورية (مرشح حزب كوادر البناء)، ومصطفى هاشمي طبا، وزير الصناعة والتعدين السابق، ومصطفى مير، وزير الثقافة والإرشاد الإسلامي الأسبق، المنتمي لتيار المحافظ المتشدد (مرشح حزب المؤتلفة الإسلامي).
وتبدأ اليوم فترة الصمت الانتخابي، وتنتهي الحملات الانتخابية للمرشحين والتي استمرت قرابة الشهر (21 أبريل الماضي).
وتركزت على ملف الاقتصاد، وخلالها اتسمت المناظرة الأخيرة التي جرت بين المتنافسين الستة بتوجيه انتقادات حادة للرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني من منافسيه المتشددين بسبب فشله في إنعاش الاقتصاد خاصة بعد الاتفاق النووي الذي وقعته إدارته مع القوى الكبرى، رغم إدراكهم جيدا أن فترة رئاسته كانت صعبة، إلا أن فشله في خفض معدلات البطالة وتحسين الاقتصاد جعله موضع انتقاد.
"رهانات حاسمة"
تبدو من خلالها نتيجة الانتخابات في ظاهرها محسومة، فمع بدء الصمت الانتخابي أعلن كل من إسحاق جهانجيرى ومحمد باقر قاليباف الانسحاب من السباق الرئاسي.
كما أعلن مصطفى مير المقيد رهن الإقامة الجبرية منذ عام 2011 عزمه التصويت لصالح روحاني، إلا أن حسابات الوضع القائم على الأرض تؤكد أن هناك منافسة حقيقية بين الإصلاحى حسن روحاني والمرشح المحافظ إبراهيم رئيسي، القاضي السابق في لجان الإعدام.
وينظر المراقبون إلى أن روحاني - الذي انتخب رئيسا لإيران في عام 2013 بأغلبية كاسحة - يخوض معركة وجود ومصير بصورة تفوق كل التوقعات أمام منافس شرس وعنيد يحظى بأكبر غطاء ديني متمثلا في المرشد الأعلى للدولة، الأمر الذي قد يحطم آمال روحانى في تجديد ولايته لفترة تالية، ومن ثم الحفاظ على مكتسبات الاتفاق النووي التاريخي (2015)، الذي قد يتحطم على صخرة فوز منافسة إبراهيم رئيسى الطامح إلى استرداد السلطة من الإصلاحيين، خاصة بعد رفض ترشح الرئيس السابق أحمدى نجاد بأوامر من المرشد الأعلى أية الله على خامنئي.
لا تحمل المؤشرات الأولية تفاؤلا لترجيح كفة روحاني والإصلاحيين، إذا ما قورنت بكفة مرشح المحافظين رئيسي المعتمد على مساندة ودعم المرشد بما تتضمنه من تأثير نوعي، وتهافته على استقطاب أصوات أهل السنة وحشدها في صفه للإطاحة بالرئيس روحاني المكتفي بالرهان على إنجازه النووي ومحاولاته المجتهدة لكسر الحصار الاقتصادي الدولي.
"كفتا ميزان قد تكون متعادلتين"، والناخب الإيراني وعبر الانتخابات سيفرز في النهاية المرشح المناسب من وجهة نظره لمنصب الرئيس، فعلى الرغم من التوقعات التي تدعم المحافظ إبراهيم رئيسي إلا إن هناك العديد من المؤشرات التي تدل على دعم المرشد الأعلى للثورة لفوز روحاني بفترة ثانية إذ أن حكم الرؤساء لفترتين في إيران يمثل اتجاها رئيسيا في السياسة الإيرانية، في الوقت الذي تتعدى فيه طموح رئيسي كرسي الرئاسة لحلم خلافة ولاية الفقيه، حيث يجرى أعداده لهذا الدور المقدس.
ويعد النظام الإيراني شكلا غير معتاد لأنظمة الحكم، فرئيس الجمهورية ليس الرجل الأول ،ولا هو رأس السلطة، الأمر الذي جعل المراقبون يؤكدون أن نتائج الانتخابات لن تغير من الأمر كثيرا لأن الرئيس يملك فقط هامش تحرك والسلطة الأساسية والقرارات الكبرى تقع في يد المرشد الأعلى للجمهورية.
ويرأس رئيس الجمهورية - بحكم الدستور في إيران - السلطة التنفيذية، وينتخب لمدة أربع سنوات، ولا يجوز إعادة انتخابه لأكثر من دورتين متتاليتين، ولكن يمكن أن يترشح من جديد بعد مرور فترة واحدة بعد الفترتين، والسلطة التنفيذية والمؤسسات التشريعية والقضائية لها دور مؤسساتي فقط في اتخاذ القرار، إلا أن القرار الاستراتيجي يصدر بإشراف المرشد الأعلى هناك، حيث يتمركز قلب النظام السياسي الإيراني حول مفهوم "ولاية الفقيه"، الذي يمثله المرشد الأعلى.
وتنص المادة 57 من الدستور الإيراني على أن السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية يشرف عليها المرشد والإمام المختص بهم حاليا هو على خامنئي ، كما ينص الدستور المعدل لعام 1989، على أن صلاحيات رئيس الجمهورية هي توقيع المعاهدات والاتفاقيات، كما كما يعنى المرشد بمباشرة بعض أعمال السلطة التنفيذية خاصة ما يتعلق بالقيادة العليا للدولة، والعمل على تنفيذ مواد الدستور، ومباشرة أمور التخطيط والميزانية والشئون الإدارية والتوظيفية للبلاد بشكل مباشر أو عن طريق شخص أخر.