ذُكرت الأضحية في الأديان السماوية الثلاثة، الإسلام، وقبله المسيحية واليهودية، إلا أن لكل ديانة لها معتقداتها التي تؤمن بها فيما يتعلق بالهدف من تقديم الأضحية، وذلك على الرغم من أن أصل تقديم الأضحية واحد، وهو قصة رؤيا سيدنا إبراهيم، عليه السلام.
الأضحية في الإسلام
طبقا للمعتقدات الإسلامية، فإن الأضاحي، هي تقرب لله سبحانه وتعالى، وإحياء لإيمان نبي الله إبراهيم، عليه السلام، حين أراد تنفيذ رؤيا، شاهد فيها نفسه وهو يذبحه ابنه.
وذكر القرآن الكريم قصة النبي إبراهيم، عليه السلام، فقال الله تعالي: "وَقَالَ إِنِّى ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّى سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِى مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْى قَالَ يَابُنَى إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ(102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ (105)إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ(106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِى الْآخِرِينَ (108) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ(109) كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ(110)"، سورة الصافات.
ويوافق عيد الأضحى لدى المسلمين، يوم العاشر من شهر ذي الحجة من كل عام، وهو يوم النحر، الذي تذبح في الأضاحي، وتوزع على الفقراء، وأقارب، وجيران المضحي، وفق ما أوضحت السنة النبوية الشريفة.
ويضحى المسلمون، من بعد صلاة العيد، وحتى عصر ثالث أيام التشريق، وهو رابع أيام العيد، وتكون الأضحية بإحدى البهائم: "الأغنام، البقر، الإبل"، ومن ثم يوزع المضحى لحم الأضحية على الأقارب والفقراء وأهل بيته، وقال الله تعالي: "إنا أعطيناك الكوثر، فصلّ لربك وانحر"، سورةالكوثر.
الأضحية في المسيحية
لا يختلف ذكر قصة رؤيا النبي إبراهيم، عليه السلام، التي شاهد فيها نفسه وهو يذبح ولده، عما ذكر في الإسلام، إلا أن المسيحية، ومعها اليهودية، تشير إلى أن من تعرض للذبح من ولد إبراهيم عليه السلام، هو نبي الله إسحاق عليه السلام، وليس إسماعيل، كما يعتقد المسلمون".
وفي المعتقد المسيحي، فإن الذبح والأضحية، لا يكون إلا للوفاء البنذور، لأن المسيحيين يعتقدون أن السيد المسيح، افتدى خطايا جميع البشر، بعد صلبه في الجمعة العظيمة، ويؤمنون بأنه خلص البشرية من خطية آدم وحواء الأولى، وبالتالي فلا يوجد لديهم فكرة تقديم الأضحية لغفران الذنوب.
ويستند المسيحيون في ذلك إلى قول المسيح في سفر أنجيل يوحنا: "أنَا هُوَ الْقِيَامَةُ وَالْحَيَاةُ، مَنْ آمَنَ بِى وَلَوْ مَاتَ فَسَيَحْيَا"، فكان ذلك بمثابة الدليل على شمولية عمله، وأيضا على اكتماله.
الأضاحي لدى اليهودية
أما في اليهودية، فتقدم الأضاحي، خلال عيد رأس السنة العبرية، «روش هشانا»، وهو يأتي بعد انتهاء أيلول العبري، ويعتقد اليهود أن ذلك اليوم هو ذكرى التضحية بالنبي إسحاق بناء على رؤيا والده النبي إبراهيم عليهما السلام.
ويذكر كتاب العهد القديم، في سفر التكوين: "خُذِ ابْنَكَ وَحِيدَكَ، الَّذِى تُحِبُّهُ، إِسْحَاقَ، وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ الْمُرِيَّا، وَأَصْعِدْهُ هُنَاكَ مُحْرَقَةً عَلَى أَحَدِ الْجِبَالِ الَّذِى أَقُولُ لَكَ".
وينفخ اليهود في قرن الخروف، أو ما يطلق عليه «الشوفار»، الذي يرمزون من خلاله لكبش الفداء، الذي منّ به الله على سيدنا إبراهيم عليه السلام، الذي خضع لأوامر الله عز وجل، وكان سيذبح ابنه إسحاق، بحسب روايتهم، وتلك الحادثة في رأس السنة العبرية، بحسب العقيدة اليهودية.
وتقدم شعائر اليهود أو "الأضاحي"، في ذلك اليوم، عند هيكل سليمان، الذي يزعم اليهود أنه أسفل المسجد الأقصى، كما في "التلمود"، كتاب تعاليم الدين اليهودي.
ويتناول اليهود شرائح التفاح المغموس بالعسل في عيد «روش هشانا»، على أمل أن تكون السنة الجديدة أفضل من التي سبقتها، كما أن لديهم تقليدا ثانيا وهو الذهاب إلى مصدر مياه، كالبحر أو أحد الأنهار، أو الينابيع، ومن ثم يتم تلاوة الآيات، ويلقون على أثرها قطعا من الخبز في الماء، ليدل ذلك على أنهم ألقوا كل ذنوبهم، وما ارتكبه الإنسان من خطايا خلال العام المنقضي.