الانشغال بهموم الوطن وتحدياته أمر محمود؛ لكن المبالغة فى القلق ربما يعني عدم الثقة فى قدرة الوطن على الحفاظ على أمنه وحقوقه.. من المهم أن تعرف من أنت حتى لا يساورك شك فى قدرتك.
ما قاله الرئيس السيسى بأنه لا يليق بنا أن نقلق له معنى ومدلول ورسائل أكثر شمولية وأكبر من تعنت ومراوغة، ولكنه عقيدة وأسلوب حياة ومنهج ثابت وراسخ فى مواجهة كل التحديات والتهديدات.
المعنى الشامل والأكثر عمقًا
عندما تأملت وتدبرت فى عبارة قالها الرئيس عبدالفتاح السيسى فــى ستاد القاهرة خلال احتفالية «حياة كريمة» بإطلاق مشروع تطوير وتنمية الريف المصرى وهى «لا يليق بنا أن نقلق».. ربما كنت أعتقد فى الأيــام الأولى التى تلت قول الرئيس بأنها تتعلق فقط بقضية سد النهضة الإثيوبي، وألا يليق بنا أن نقلق نحن المصريين على مياه النيل، ولكننى وجدت أن العبارة تحمل معانى ودلالات ورسائل أكثر عمقاً وشمولية ولا تقتصر على قضية أو تحد أو تهديد بعينه ولكنها تنطبق على كل ما يواجه المصريين من تحديات.
لا يليق بنا أن نقلق نحن المصريين لأننا ندرك أن هــذا الــوطــن يمتلك مــن التاريخ والجغرافيا والحضارة والقوة والقدرة ما يجعل أى تهديد هو عارض مؤقت سرعان ما يزول وينتهي.
نعم ينطبق قول الرئيس لا يليق بنا أن نقلق على محاولات المساس بحقوق مصر المائية فيما يتعلق بالتعنت الإثيوبى ومراوغاته وهروبه من توقيع اتفاق قانونى ملزم حــول مــلء وتشغيل سد النهضة، وأيضاً فى ظل محاولات فرض الأمر الواقع ولكن أيضا المعنى أكثر شمولاً وينطبق على كل ما يواجه مصر من تحديات وتهديدات؛ فمصر مــرت بالكثير والكثير من المخاطر والتحديات والمــؤامــرات والمخططات ســواء على مــدار تاريخها الضارب فى جذور الزمن أو من خلال التحديات والتهديدات والمخاطر غير المسبوقة التى نجحت مصر- السيسى فى عبورها وتجاوزها، وانتصرت دون قتال، ودمرت كل محاولات المساس بأمن مصر القومي، وأجهضت العديد من المؤامرات.
لا يليق بنا أن نقلق؛ فنحن المصريون أمة عظيمة واجهت على مدار تاريخها أكبر قوى وعلى الشر والاستعمار والهيمنة وانتصرت، حسب القول الشعبي: «ياما دقت ع الراس طــبــول»، لذلك على هــذه الأجــيــال من المصريين أن يثقوا فى قدراتهم وقوتهم حتى لا تهزهم ريح الأقزام.
«لا يليق بنا أن نقلق»؛ فإذا كانت مصر قوة تاريخية لها مكانتها الدولية والإقليمية؛ ففى نفس الوقت خلال 7 سنوات أضاف لها الرئيس السيسى، قوة وقــدرة سواء على الصعيد السياسى والاقتصادى أو العسكرى، ما جعلها أن تكون القوة الإقليمية الأولــى، وأيضاً دولــة تحظى بمكانة وثقل دولي.
مصر دولــة كبيرة وعظيمة ولديها مؤسسات عريقة وذات سمعة وقـــدرة وقـــوة؛ فالجيش المــصــرى العظيم هــو أقــوى جيش فــى المنطقة وأفريقيا ومن الأقوى فى العالم، ومصر أيضاً لديها مؤسسة وطنية هى واحدة من الأفضل والأعظم فــى العالم جهاز المــخــابــرات العامة المصرية، وأيضاً تمتلك مؤسسة عريقة ولها تاريخ كبير ومشرف هى مؤسسة الدبلوماسية المصرية، كل ذلك بقيادة رئيس يتمتع بأعلى درجات الحكمة والرؤية والقدرة على اتخاذ القرار المناسب الذى لديه لتحقيق مصلحة مصر وأهــدافــهــا، وأيـضا قدرة فائقة على استشراف المستقبل لذلك بنى دولــة تتمتع بــقــدرات هائلة لمجابهة صراعات وأطماع وتحديات وتهديدات فى منطقة تموج بالاضطرابات والقلق عندما يتجاوز حــدوده ويصل إلى حد المبالغة يتحول إلى ضعف وعدم ثقة فى النفس، والقوى عندما ينظر إلى نفسه وما بداخله من قوة وقدرة لا يجب أن يقلق لأنها كثيرة، وخيارات وفيرة، ويمتلك أوراق وبدائل وقدرة على التحرك والتأثير وتستطيع أن تتحرك سياسياً على رقع الجغرافيا بما يوجع ويؤلم ويــردع وهى مفتاح المــرور لمصالح الدول والقوى الكبرى، وهى الطريقة الأقوى والأبرز فى معادلة المنطقة، وهى بوابة العالم؛ فلا يمكن أن تتجاهل أى دولة كبرى فى العالم أن فى علاقات الاحترام المتبادل والتعاون والمصالح المشتركة، يجب الاطمئنان على مصالح هذه الدول.
لا يليق بك أن تقلق أيها المصرى العظيم ليس لأنــك تملك جيشاً وطنياً قوياً صلباً فحسب ولكن لأنــك فــى وطــن يملك القوة والقدرة للحفاظ على أمنه وحقوقه، لا تنزعج عندما تعلو حولك أصــوات الفئران؛ فسرعان ما تفزع وتدخل الجحور مرة أخــرى، ولا يمكن أن تقلق أو تهزك غوغائية الأقــزام؛ فأنت المارد العملاق، لكن تذكر دائماً أن الكبير يترفع لكن عليك أن تدرك معنى غضب الحليم إذا تعرضت مصالحه أو مست كرامته؛ فإن الرد سيكون موجعًا ومؤلمًا ويفوق أى توقع، إذا قارن المصريون بين التهديد لأمننا المائى المتمثل فى السد الإثيوبي، فإننا واجهنا تهديدات أخطر على مدار التاريخ أو خلال سنوات الماضية، وكــان جــزء كبير من العالم وقوى كبرى تقف ضدنا وتتآمر علينا وتسخر إمكانيات وأجهزة مخابرات وتنظيمات إرهابية للنيل من الدولة المصرية، ولكننا انتصرنا فلا تدع القلق ينل منك؛ لذلك فإن ما قاله الرئيس السيسى بأنه لا يليق بنا أن نقلق ينطبق على كل ما يواجهنا من تحديات وتهديدات ومخاطر.
مصر ليست هينة أو ضعيفة أو مستأنسة لا يمكن أن يعتقد أحد ذلك على الإطلاق، وأن الهدوء والثبات والصبر والثقة لا تعنى أبداً الضعف لأن هناك فى الكواليس وربما فى داخل بيوت الأعــداء ولا تراه أو ربما تراه تجد قوة مصر الباترة والرادعة وبلا ضجيج؛ فالعبرة بالنتائج وليست «بالجعجعة».
«لا يليق بنا أن نقلق.. عيشوا حياتكم» هى دعوة لتدرك قيمة وقدر وقوة وقدرة وطنك وأن حقك أبداً لن يضيع، ولن تنل منك تفاهات الأوباش، لا يليق بنا أن نقلق هى دعوة قائد عظيم لشعبه أن يطمئن تماماً فالرئيس يعرف ما لــدى هذا الوطن من وسائل متاحة وخــيــارات مفتوحة وقدرات هائلة، لا يليق بنا أن نقلق هى دعــوة رئاسية أيضاً لمزيد مــن العمل ثــم العمل لمزيد مــن القوة والــقــدرة حتى نصل إلــى أعلى درجــات الثقة والاطمئنان أنه لا توجد قوة تستطيع الاقتراب مــن أمننا القومى أو حقوقنا، طــول مــا أنت محدش يقدر يقرب من حاجتك، تجسيد قوى لاستراتيجية «العفى محدش يقدر يأكل لقمته.. ولا يأخذ ميته».. اتعب أكثر.. واشتغل أكثر.. وابنى أكثر.. فلن يعرف القلق طريقه إليك أبداً.