أريج أحمد حسن - شاعرة سورية
الحدود
مستلقية
أعلى قدمي
حمامة
ترف بجناحين ناقصين
وحنجرة ضامرة
...
البارحة ولدت أنثى الغول صبية
فجرتها اليوم دمية كانت في أنابيب الصرف الصحي
تركها خلفه كهل يلم قمامة الحرب عن حائط الحدود
في الاستشهاد الأول:
نيروز
الخصب والولادة؛ تخصيب الموت في البقاع الآمنة كأن تشد وثاق مطيتك على عمود الكهرباء وتترك رقبتها عزلاء ـ حرة ـ ثم تتواكل على نفسك "اعقلها وتوكل" تجر ساقيك الخشبيتين غارقا في الوحل، تسقط وتنهض، ترتمي في حضن حبيبتك العائدة من فرز الهبات، فتركلك مثل كومة من الخردة وتقهقه في وسط الليل:
الأطفال نائمون
صدري مطرز بالرصاص
رائحتك بلون النارنج
أصابعك تعضني
فتفقأ عين أمي
الصورة لزجة، أنظر إلى كتفيك المنزلقتين نحو وجه الأرض، أراقب سلسلة عظامك، لا أذكر أنك فقدت عمودك الفقري ولا أنك أصبحت أطول بكثير من أنف "بونوكيو" السلاميات المشرعة في الهواء عندما تشير إلى الحارس الذي في الأعلى تشبه الإسكندرية، خليج يقعر نفسه ليحتمي من بطش السلطان فيختاره السلطان بيتا لنسائه العذراوات ويسدل الستائر لمئة عام قادمة.
الاستشهاد الثاني:
الجنود يغيرون موضع الحائط، يجرونه بضعة كيلومترات مرة إلى الأمام وأخريات إلى الخلف، يتبدلون في النوبات وإجازات الزواج والفرار المتعمد وساعات الاستحمام الثماني والأربعين، الدفن الجماعي تحت الحائط، إن فقدت أحد ذويك تعال وانبش هنا، فحص DNA يثبت لك أي شعرة يسمح لك بأخذها لتنضم إلى مقبرة العائلة.
عندها تتربع الأمهات الحاسرات فوق الفيضان، ليمنعن بيتك وبيته من الهبوب وسط العاطفة ويتحاشين أن يبكين كي لا يغرق البحر في نشيج أصواتهن وتخر المدن الباقيات وينقصم ظهر البعير
الأمهات دائما مترنحات في المطبخ أو على منشر الغسيل وربما تحت الأسرة يلملمن ما بقي منكم من دخان عالق في المفاصل الرئيسة ليعدن تدخينه ممجوجا بالمرارة.
يا
آلهة الحرب
عليكم لعنة الممددين تحت ألواح الإسمنت في بطن الأرض.
عليكم البقاء أكثر؛ احترقوا لتصير دمشق صفراء فاقعة ويسيل من فمها العبير.
***
كل منا الآخر
سنصير عجينة
نلتصق ببعضنا
ويطهو كل منا الآخر
على ذات واحدة
وستشع من تحتي
نار هائجة
وأقبل على الاحتراق مسلوبة الجلد
عظمي ذائب وكلي يرفض كلي
ما النار إلا حاجة اليابسة للنور؟
ورغبة الحطب بالتوهج؟
وما أنا غير بئر مثقوبة ترشح فوق السطح
الماء المتشكل فوق صورتي المنقلبة كماء الرحم
عندما كنت أسبح دونما اتجاه
ألحق مسرى نقطة
ألتصق بالجدار
ثم أستريح تحت
قبل أن أهبط إلى التلال
وأزرع شجرتي الملونة
كنت أسمع أصواتا وأخالني أدق أجراس بيتنا
وأحبو بين قدمين عاريتين، أتسلق الساق الباردة
عند الركبة تلتقطني يدان رحيمتان لأصير فوق
فوق مستوى الرأس وأطير لنخلة
وكنت أعلم آنذاك أن وجهي أخضر
وصدري بستان قمح
وأن القطاف مؤجل لبعد الهبوب
حينما ضمتني إليك عثرات الولادة
انتفخت رئتي
وتوسع طريق الحب
إلى الهاوية.