الثلاثاء 7 مايو 2024

ثلاثية‭ ‬حماية‭ ‬الإنسان‭ ‬والأوطان

مقالات16-8-2021 | 20:17

‮«‬بصحيح‭ ‬الدين‭.. ‬ والضمائر‭ ‬الحية‭ . ‬والوعى‭ ‬الحقيقى» ‬‭ ‬نُصلح‭ ‬الحياة‭ ‬والأحوال‭ ‬ونقتلع‭ ‬جذور‭ ‬الآفات‭ ‬والأزمات‭.. ‬لنرتقى‭ ‬بالمجتمعات‭ ‬والبلاد‭ ‬والعباد‭.‬

عندما‭ ‬يجلس‭ ‬الإنسان‭ ‬مع‭ ‬نفسه‭ ‬ويتدبر‭ ‬أمور‭ ‬وأحوال‭ ‬ومشاكل‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وقائع‭ ‬ومشاهدات‭ ‬يومية‭.. ‬يجد‭ ‬ان‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬والتراجع‭ ‬ينبع‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬التصور‭ ‬الصحيح‭ ‬لجوهر‭ ‬ومقاصد‭ ‬الأديان‭ ‬وانحراف‭ ‬الإنسان‭ ‬لفهمها‭ ‬أو‭ ‬ازدواجية‭ ‬تطبيق‭ ‬تعاليمها‭.. ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬يتشدد‭ ‬ويتشدد‭ ‬فى‭ ‬بعض‭ ‬الأمور‭ ‬التى‭ ‬قد‭ ‬تبدو‭ ‬غير‭ ‬جوهرية‭ ‬وغير‭ ‬أساسية‭ ‬مثل‭ ‬اطلاق‭ ‬اللحى‭ ‬أو‭ ‬ارتداء‭ ‬زى‭ ‬معين‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬قصر‭ ‬هذا‭ ‬الزي‭.. ‬أقصد‭ ‬التدين‭ ‬الظاهرى‭ ‬والمظهري‭.. ‬وليس‭ ‬النابع‭ ‬من‭ ‬الداخل‭.‬


الأخطر‭ ‬من‭ ‬التدين‭ ‬الظاهرى‭ ‬هو‭ ‬الفهم‭ ‬الخاطئ‭ ‬أو‭ ‬المتطرف‭ ‬لنصوص‭ ‬الدين‭ ‬أو‭ ‬الاستناد‭ ‬إلى‭ ‬الآراء‭ ‬والفتاوى‭ ‬المتشددة‭ ‬والصادرة‭ ‬والمأخوذة‭ ‬من‭ ‬أشباه‭ ‬العلماء‭ ‬والمشايخ‭.. ‬والذى‭ ‬يقودنا‭ ‬إلى‭ ‬خطر‭ ‬حقيقى‭ ‬يهدد‭ ‬المجتمع‭ ‬فما‭ ‬نراه‭ ‬من‭ ‬عنف‭ ‬وتطرف‭ ‬وتشدد‭ ‬وإرهاب‭ ‬هو‭ ‬ناتج‭ ‬عن‭ ‬الفهم‭ ‬الخاطئ‭ ‬للدين‭.. ‬والتفاسير‭ ‬المحرفة‭ ‬والخاطئة‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أهل‭ ‬العلم‭ ‬والتخصص‭ ‬والفتوى‭ ‬والذكر‭.‬


على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬هناك‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬يدعون‭ ‬أنهم‭ ‬علماء‭ ‬ومشايخ‭ ‬والحقيقة‭ ‬انهم‭ ‬ضمن‭ ‬أنصاف‭ ‬وأرباع‭ ‬المتعلمين‭ ‬يخرجون‭ ‬على‭ ‬الناس‭ ‬بفتاوى‭ ‬غريبة‭ ‬وشاذة‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬كثرة‭ ‬الإنجاب‭ ‬مع‭ ‬الفقر‭ ‬المدقع‭.. ‬وتسببوا‭ ‬بآرائهم‭ ‬فى‭ ‬وجود‭ ‬إنسان‭ ‬مشوه‭ ‬ضعيف‭ ‬وزيادة‭ ‬معدلات‭ ‬الفقر‭ ‬والمرض‭ ‬والجهل‭.. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يرفضه‭ ‬أهل‭ ‬الذكر‭ ‬والعلم‭ ‬والمتخصصون‭ ‬فى‭ ‬الإفتاء‭ ‬وليس‭ ‬المدسوسين‭ ‬والمحسوبين‭ ‬زورا‭ ‬على‭ ‬الدين‭ ‬والذين‭ ‬خدعوا‭ ‬الناس‭ ‬وزيفوا‭ ‬وعيهم‭.‬ هناك‭ ‬مشاهد‭ ‬سلبية‭ ‬تسيء‭ ‬إلى‭ ‬الدين‭ ‬فكيف‭ ‬لموظف‭ ‬تبدو‭ ‬عليه‭ ‬ملامح‭ ‬التدين‭ ‬الظاهرى‭ ‬ويقوم‭ ‬إلى‭ ‬الصلاة‭ ‬عندما‭ ‬يؤذن‭ ‬المؤذن‭ ‬وتضبط‭ ‬عليه‭ ‬الساعة‭ ‬فى‭ ‬مواقيتها‭ ‬وهذا‭ ‬جيد‭.. ‬لكن‭ ‬السيئ‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬نفس‭ ‬الموظف‭ ‬بتعطيل‭ ‬مصالح‭ ‬الناس‭ ‬والتفنن‭ ‬فى‭ ‬إصابتهم‭ ‬بالمعاناة‭.. ‬والأدهى‭ ‬والأمر‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬القانون‭ ‬ويمنح‭ ‬البعض‭ ‬مخالفات‭ ‬تجلب‭ ‬كوارث‭ ‬ومصائب‭ ‬للمجتمع‭.. ‬وهذا‭ ‬بالطبع‭ ‬نظير‭ ‬مقابل‭ ‬مادى‭ ‬أو‭ ‬عينى‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬درج‭ ‬المكتب‭ ‬لاستقبال‭ ‬الرشاوى‭ ‬فهل‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬الدين‭.‬


الدين‭ ‬الصحيح‭ ‬يقول‭ ‬أن‭ ‬نراعى‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬أعمالنا‭ ‬وأموالنا‭.. ‬ولا‭ ‬نتجاوز‭ ‬حدوده‭ ‬وتعاليمه‭ ‬ولا‭ ‬نلجأ‭ ‬إلى‭ ‬الحرام‭.. ‬ولا‭ ‬نطعم‭ ‬الأبناء‭ ‬من‭ ‬حرام‭.. ‬ونتحلى‭ ‬بالخلق‭ ‬الحسن‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬قضاء‭ ‬مصالح‭ ‬الناس‭ ‬فى‭ ‬حدود‭ ‬القانون‭ ‬واللوائح‭.. ‬ولا‭ ‬نأخذ‭ ‬غير‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مسموح‭ ‬وقانونى‭ ‬ولا‭ ‬نعطى‭ ‬أنفسنا‭ ‬ما‭ ‬ليس‭ ‬حقا‭ ‬لنا‭.. ‬هذه‭ ‬هى‭ ‬آفات‭ ‬المجتمع‭ ‬ودعاة‭ ‬التدين‭ ‬الظاهرى‭ ‬والمظهري‭.. ‬فلابد‭ ‬أن‭ ‬يتسق‭ ‬التدين‭ ‬مع‭ ‬الأفعال‭ ‬والسلوكيات‭ ‬والممارسات‭ ‬وتطبيق‭ ‬حازم‭ ‬لمبادئ‭ ‬الحلال‭ ‬والحرام‭.‬


أيضا‭.. ‬كيف‭ ‬يستحل‭ ‬الإنسان‭ ‬لنفسه‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ليس‭ ‬حقه‭.. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭.. ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يلجأ‭ ‬إلى‭ ‬أساليب‭ ‬ملتوية‭ ‬وحرام‭ ‬فى‭ ‬تقديم‭ ‬مستندات‭ ‬وبيانات‭ ‬مزورة‭ ‬حتى‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬أو‭ ‬رغيف‭ ‬عيش‭ ‬لا‭ ‬يستحقه‭ ‬وهو‭ ‬مخصص‭ ‬للفقير‭ ‬ومحدود‭ ‬الدخل‭ ‬أو‭ ‬الأكثر‭ ‬احتياجا‭.. ‬فمثلا‭ ‬كثرت‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬استمارة‭ ‬بيانات‭ ‬ومفردات‭ ‬المرتب‭ ‬نجدها‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬المبلغ‭ ‬المحدد‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬المطلوب‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬1500‭ ‬جنيه‭ ‬شهريا‭.. ‬ويتقدم‭ ‬شخص‭ ‬راتبه‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬الخمسة‭ ‬آلاف‭ ‬بمفردات‭ ‬مرتب‭ ‬‮«‬مضروبة‮»‬‭ ‬ومزورة‭ ‬بأقل‭ ‬من‭ ‬1500‭ ‬جنيه‭ ‬ويحصل‭ ‬على‭ ‬الدعم‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يستحقه‭.. ‬فهل‭ ‬هذا‭ ‬من‭ ‬الدين‭.. ‬أليس‭ ‬هذا‭ ‬الرغيف‭ ‬الذى‭ ‬حصلت‭ ‬عليه‭ ‬دون‭ ‬وجه‭ ‬حق‭ ‬هو‭ ‬سحت‭ ‬وحرام‭ ‬تطعمه‭ ‬لأولادك؟‭ ‬وما‭ ‬نتيجة‭ ‬أكل‭ ‬الحرام‭ ‬على‭ ‬هؤلاء‭ ‬الأبناء‭ ‬وماذا‭ ‬تنتظر‭ ‬لهم‭ ‬فى‭ ‬المستقبل‭.. ‬فما‭ ‬نبت‭ ‬من‭ ‬حرام‭ ‬فالنار‭ ‬أولى‭ ‬به‭.‬


أمور‭ ‬كثيرة‭ ‬تغيب‭ ‬عنا‭ ‬فى‭ ‬أمورنا‭ ‬الحياتية‭.. ‬فقد‭ ‬حكى‭ ‬لى‭ ‬أحد‭ ‬الأصدقاء‭ ‬انه‭ ‬كان‭ ‬ينتظر‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬عيش‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬مخابز‭ ‬التجمع‭ ‬الخامس‭.. ‬ووقف‭ ‬فى‭ ‬الطابور‭.. ‬وإذا‭ ‬بسيدة‭ ‬تأتى‭ ‬بخادمتها‭ ‬لتقف‭ ‬بدلا‭ ‬منها‭ ‬فى‭ ‬الطابور‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬الخبز‭ ‬المدعوم‭.. ‬والسؤال‭ ‬هنا‭ ‬كيف؟‭ ‬سيدة‭ ‬تسكن‭ ‬فى‭ ‬التجمع‭ ‬ولديها‭ ‬خادمة‭ ‬تمنحها‭ ‬مرتبا‭ ‬شهريا‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬الألفى‭ ‬جنيه‭ ‬شهريا‭ ‬فكيف‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬خبز‭ ‬الفقراء‭ ‬المدعوم‭ ‬والذى‭ ‬يكلف‭ ‬الدولة‭ ‬عشرات‭ ‬المليارات‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬حلال‭ ‬أم‭ ‬حرام؟‭ ‬هل‭ ‬هذا‭ ‬حق‭ ‬أم‭  ‬باطل؟‭ ‬فلماذا‭ ‬نضحك‭ ‬على‭ ‬أنفسنا؟‭ ‬هل‭ ‬يحق‭ ‬لمواطن‭ ‬يمتلك‭ ‬14‭ ‬فدانا‭ ‬زراعيا‭ ‬ولديه‭ ‬تجارة‭ ‬فى‭ ‬تربية‭ ‬المواشى‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬الخبز‭ ‬المدعوم؟‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬لدينا‭ ‬ظواهر‭ ‬غريبة‭ ‬وسلبية‭ ‬تخالف‭ ‬الحق‭ ‬والدين‭ ‬والضمير‭ ‬والوعي‭.. ‬فهناك‭ ‬مواطنون‭ ‬لديهم‭ ‬ثروة‭ ‬وأملاك‭ ‬ويحصلون‭ ‬على‭ ‬رغيف‭ ‬العيش‭ ‬المدعوم‭.‬


نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬نظر‭ ‬وتقييم‭ ‬للمنظومة‭ ‬بأكملها‭ ‬سواء‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالسعر‭ ‬العادل‭ ‬والمعقول‭.. ‬فكيف‭ ‬ندفع‭ ‬فى‭ ‬الرغيف‭ ‬الواحد‭ ‬خمسة‭ ‬قروش‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬تكلفته‭ ‬الحقيقية‭ ‬65‭ ‬قرشا‭ ‬لتوفيره‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬70‭ ‬مليون‭ ‬مواطن‭ ‬وهل‭ ‬الـ‭ ‬70‭ ‬مليون‭ ‬مواطن‭ ‬يستحقون‭ ‬هذا‭ ‬الدعم‭ ‬أم‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬حيلا‭ ‬وألاعيب‭ ‬وتصرفات‭ ‬وسلوكيات‭ ‬تخالف‭ ‬الدين‭ ‬والعدالة‭ ‬والقانون‭ ‬والضمير‭ ‬الحي‭.. ‬لذلك‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نرسخ‭ ‬فى‭ ‬الناس‭ ‬والمجتمع‭ ‬مباديء‭ ‬الحلال‭ ‬والحرام‭.. ‬ونتائج‭ ‬الحصول‭ ‬أو‭ ‬فعل‭ ‬الحرام‭ ‬على‭ ‬الشخص‭ ‬نفسه‭ ‬وأسرته‭ ‬وأبنائه‭.. ‬وكيف‭ ‬نعالج‭ ‬مرض‭ ‬الأزدواج‭ ‬النفسى‭ ‬والخلل‭ ‬الدينى‭ ‬والانفصام‭ ‬الذى‭ ‬يعانى‭ ‬منه‭ ‬البعض‭.. ‬فنرى‭ ‬منهم‭ ‬من‭ ‬تبدو‭ ‬صورته‭ ‬بالتدين‭ ‬والذى‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬الصلوات‭ ‬والفروض‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتخيل‭ ‬أنه‭ ‬يجهل‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬الحلال‭ ‬والحرام‭.. ‬والتدين‭ ‬الحقيقى‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬جيد‭ ‬ومطلوب‭ ‬والالتزام‭ ‬بالعبادات‭ ‬والخوف‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬أمر‭ ‬يصلح‭ ‬أحوال‭ ‬المجتمعات‭ ‬لكن‭ ‬الخطر‭ ‬الحقيقى‭ ‬هو‭ ‬التدين‭ ‬فى‭ ‬المظهر‭.. ‬واقتراف‭ ‬الذنوب‭ ‬والسلوكيات‭ ‬المنحرفة‭ ‬مثل‭ ‬الرشاوى‭ ‬والفساد‭ ‬وأكل‭ ‬السحت‭ ‬والحرام‭ ‬واستحلال‭ ‬حقوق‭ ‬الناس‭.‬

على‭ ‬رجال‭ ‬الدين‭ ‬وفى‭ ‬خطبة‭ ‬الجمعة‭ ‬ودروس‭ ‬العلم‭.. ‬والإعلام‭ ‬أن‭ ‬يركزوا‭ ‬فى‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭.. ‬كيف‭ ‬يعرف‭ ‬الناس‭ ‬الفارق‭ ‬بين‭ ‬الحلال‭ ‬والحرام‭.. ‬وما‭ ‬هو‭ ‬عقاب‭ ‬المولى‭ ‬عز‭ ‬وجل‭ ‬للمفسدين‭ ‬والمرتشين‭ ‬وأكلة‭ ‬السحت‭ ‬والحرام‭.. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ليس‭ ‬حقك‭.. ‬وتكون‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬متدينا‭ ‬وملتزما،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬ننمى‭ ‬ونربى‭ ‬فى‭ ‬الناس‭ ‬وأبنائنا‭ ‬أهمية‭ ‬الضمير‭ ‬الحى‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬ينتظر‭ ‬التفتيش‭ ‬أو‭ ‬الرقابة‭ ‬ولكن‭ ‬التصرف‭ ‬والسلوك‭ ‬ناتج‭ ‬من‭ ‬ضمير‭ ‬حى‭ ‬مستند‭ ‬على‭ ‬صحيح‭ ‬الدين‭ ‬وسلامة‭ ‬التدين‭ ‬أما‭ ‬هذه‭ ‬الازدواجية‭ ‬والانفصام‭ ‬فسوف‭ ‬يجلب‭ ‬للمجتمع‭ ‬مآسى‭ ‬وظواهر‭ ‬خطيرة‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬سلامته‭ ‬وتضر‭ ‬بالوطن‭ ‬والمواطن‭.. ‬وتخل‭ ‬بالتوزيع‭ ‬العادل‭ ‬للحقوق‭.. ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬الدولة‭ ‬تنفق‭ ‬بسخاء‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬البسطاء‭ ‬والفقراء‭ ‬من‭ ‬الفقر‭ ‬والعوز‭ ‬لكن‭ ‬فى‭ ‬النهاية‭ ‬لدينا‭ ‬فئة‭ ‬تفهم‭ ‬الدين‭ ‬بشكل‭ ‬خاطئ‭ ‬ولا‭ ‬تفرق‭ ‬بين‭ ‬الحلال‭ ‬والحرام‭ ‬وتستحل‭ ‬لنفسها‭ ‬أن‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬الأكثر‭ ‬احتياجا‭ ‬والأولى‭ ‬بالرعاية‭ ‬والفقراء‭ ‬والبسطاء‭.‬

ما‭ ‬بين‭ ‬صحيح‭ ‬الدين‭.. ‬والضمير‭ ‬الحى‭ ‬والوعى‭ ‬الحقيقي‭.. ‬تكمن‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬مشاكلنا‭ ‬وأزماتنا‭.. ‬ونحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ثورة‭ ‬أخلاقية‭ ‬لتصحيح‭ ‬المفاهيم‭.. ‬ونشر‭ ‬التدين‭ ‬الصحيح‭ ‬وإيقاظ‭ ‬الضمائر‭.. ‬وتربيتها‭ ‬فى‭ ‬الأجيال‭ ‬الحالية‭ ‬والقادمة‭.. ‬نريد‭ ‬إنسانا‭ ‬يرفض‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬نفسه‭ ‬وبضميره‭ ‬اليقظ‭ ‬والحى‭ ‬أن‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬شيء‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬ساعتها‭ ‬لن‭ ‬نجهد‭ ‬أجهزة‭ ‬التفتيش‭ ‬والرقابة‭ ‬والضبط‭.‬


توعية‭ ‬الناس‭ ‬بالدين‭ ‬الصحيح‭.. ‬وتربية‭ ‬الضمائر‭ ‬الحية‭ ‬والنقية‭ ‬والسليمة‭ ‬هى‭ ‬الطريق‭ ‬الأمثل‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الآفات‭ ‬التى‭ ‬ترسخت‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬وعلى‭ ‬المؤسسات‭ ‬الدينية‭ ‬والإعلام‭ ‬دور‭ ‬كبير‭ ‬للغاية‭ ‬ومسئولية‭ ‬جسيمة‭ ‬فى‭ ‬تنمية‭ ‬وبناء‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬بالدين‭ ‬الصحيح‭ ‬والتدين‭ ‬السليم‭.. ‬ومبادئ‭ ‬الحلال‭ ‬والحرام‭ ‬وما‭ ‬هو‭ ‬حقك‭ ‬وما‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬حقك‭.. ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نعلم‭ ‬الناس‭ ‬ونرسخ‭ ‬فيهم‭ ‬ان‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مال‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬الحكومة‭ ‬بدون‭ ‬وجه‭ ‬حق‭ ‬حرام‭.. ‬فمال‭ ‬الدولة‭ ‬هو‭ ‬مال‭ ‬الشعب‭ ‬وليس‭ ‬مستباحا‭.. ‬لقد‭ ‬تركت‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬الناس‭ ‬أسرى‭ ‬للتدين‭ ‬المظهرى‭ ‬والظاهري‭.. ‬وفريسة‭ ‬للأفكار‭ ‬الفتاكة‭ ‬والمتشددة‭ ‬والمتطرفة‭ ‬واستباحة‭ ‬حقوق‭ ‬وأموال‭ ‬الدولة‭ ‬والناس‭.. ‬مشايخ‭ ‬مشوهون‭ ‬خلفيتهم‭ ‬أنهم‭ ‬من‭ ‬المسجلين‭ ‬خطر‭ ‬والمجرمين‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬انصاف‭ ‬المتعلمين‭.. ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬النظر‭ ‬فى‭ ‬حياتنا‭ ‬وثقافة‭ ‬وأفكار‭ ‬مجتمعنا‭ ‬حتى‭ ‬تستقيم‭ ‬كل‭ ‬أمورنا‭.. ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬نترك‭ ‬مساحات‭ ‬أو‭ ‬فراعات‭ ‬للأفكار‭ ‬البالية‭ ‬أو‭ ‬للتسطح‭ ‬الدينى‭ ‬وانعدام‭ ‬الضمائر‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬الحياة‭ ‬للضمائر‭ ‬الميتة‭.‬


لابد‭ ‬أن‭ ‬تعلـــم‭ ‬ابنـــك‭ ‬إذا‭ ‬أتى‭ ‬لك‭ ‬بشــــىء‭ ‬جــديد‭ ‬أو‭ ‬ثمين‭ ‬أو‭ ‬غريب‭ ‬لم‭ ‬تعرفه‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬لك‭ ‬هذا؟‭ ‬وتعلمه‭ ‬الصح‭ ‬وتربيه‭ ‬على‭ ‬الفرق‭ ‬بين‭ ‬الحلال‭ ‬والحرام‭.. ‬وما‭ ‬هو‭ ‬حق‭ ‬له‭ ‬وما‭ ‬ليس‭ ‬حقا‭ ‬له‭.. ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قدوة‭ ‬أمام‭ ‬ابنك‭ ‬الطفل‭.. ‬فلا‭ ‬تمد‭ ‬يدك‭ ‬على‭ ‬فاكهـــــة‭ ‬البائــــع‭ ‬وأنت‭ ‬تشـــترى‭ ‬منه‭.. ‬ولا‭ ‬تأكل‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬موجود‭ ‬على‭ ‬الفرش‭.. ‬لأنه‭ ‬خارج‭ ‬الميزان‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬حقك‭.. ‬لابد‭ ‬إذا‭ ‬اخطأت‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬الحق‭ ‬لأصحابه‭ ‬أمام‭ ‬ابنك‭ ‬أو‭ ‬طفلك‭.. ‬إذا‭ ‬وجدت‭ ‬شيئا‭ ‬تسأل‭ ‬عن‭ ‬صاحبه‭ ‬وتعيده‭ ‬إليه‭.. ‬تعلم‭ ‬ابنك‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬حقه‭ ‬وهذا‭ ‬ليس‭ ‬حقه‭.. ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمضى‭ ‬الأمور‭ ‬بلا‭ ‬اهتمام‭ ‬بتربية‭ ‬الأبناء‭ ‬وتعظيم‭ ‬الأخلاص‭ ‬وإيقاظ‭ ‬واحياء‭ ‬الضمير‭ ‬لديهم‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬يخلق‭ ‬لديهم‭ ‬وعيا‭ ‬حقيقيا‭ ‬هو‭ ‬ثروة‭ ‬وكنز‭ ‬يحمى‭ ‬الأسرة‭ ‬والمجتمع‭ ‬والوطن‭.‬


إن‭ ‬تعانق‭ ‬صحيح‭ ‬الدين‭ ‬مع‭ ‬الضمائر‭ ‬الحية‭ ‬وبالتالى‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬الوحيد‭ ‬لتصحيح‭ ‬حياتنا‭ ‬وفهم‭ ‬قراراتنا‭ ‬تجاه‭ ‬الإصلاح‭ ‬ولابد‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬صياغة‭ ‬المنظومات‭ ‬القديمة‭ ‬التى‭ ‬خلفتها‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬وتجذر‭ ‬فيها‭ ‬الفساد‭ ‬وغابت‭ ‬عنها‭ ‬الضمائر‭ ‬الحية‭ ‬وشهدت‭ ‬استحلال‭ ‬حقوق‭ ‬الناس،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نبذل‭ ‬جهودا‭ ‬أكثر‭ ‬فى‭ ‬تنقية‭ ‬قواعد‭ ‬البيانات‭ ‬لنعرف‭ ‬من‭ ‬يستحق‭ ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬واستحل‭ ‬الحرام‭  ‬وربى‭ ‬عليه‭ ‬أبناءه‭ ‬وجعل‭ ‬منه‭ ‬طعامهم‭ ‬ولا‭ ‬يدرى‭ ‬أنه‭ ‬أطعمهم‭ ‬نارا‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ننتج‭ ‬إنسانا‭ ‬أو‭ ‬ابنا‭ ‬صالحا‭.. ‬فلا‭ ‬عجب‭ ‬ان‭ ‬رأيت‭ ‬الابن‭ ‬يقتل‭ ‬أباه‭ ‬أو‭ ‬يتطاول‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬يقتل‭ ‬أمه‭ ‬أو‭ ‬يضعها‭ ‬فى‭ ‬دار‭ ‬مسنين‭ ‬لأنهما‭ ‬باختصار‭ ‬أطعموهم‭ ‬من‭ ‬حرام‭.‬


هل‭ ‬يعرف‭ ‬المواطنون‭ ‬ان‭ ‬من‭ ‬يخالف‭ ‬القانون‭ ‬واللوائح‭ ‬التى‭ ‬تنظم‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭ ‬وتوزع‭ ‬الحقوق‭ ‬والواجبات‭ ‬وترسخ‭ ‬من‭ ‬يستحق‭ ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬انها‭ ‬من‭ ‬الدين‭ ‬والشرع‭.. ‬فمثلا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬شروط‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬رغيف‭ ‬الخبز‭ ‬المدعوم‭ ‬تقول‭ ‬انه‭ ‬حق‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يتجاوز‭ ‬راتبه‭ ‬ألفى‭ ‬جنيه‭ ‬مثلا‭ ‬وأنا‭ ‬لا‭ ‬أعلم‭.. ‬فإذا‭ ‬حصل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الخبز‭ ‬أو‭ ‬الحق‭ ‬من‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬راتب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألفى‭ ‬جنيه‭ ‬فهو‭ ‬حرام‭ ‬لأنه‭ ‬احتال‭ ‬والتف‭ ‬على‭ ‬القانون‭ ‬واللوائح‭ ‬وحصل‭ ‬على‭ ‬حق‭ ‬غيره‭ ‬والساكت‭ ‬على‭ ‬الحق‭ ‬شيطان‭ ‬أخرس‭.‬ هل‭ ‬يقبل‭ ‬المواطن‭ ‬أن‭ ‬يشترى‭ ‬سلعة‭ ‬تكلفتها‭ ‬خمسة‭ ‬قروش‭ ‬وتباع‭ ‬له‭ ‬بـ‭ ‬65‭ ‬قرشا‭ ‬أى‭ ‬‮١٣‬‭ ‬ضعف‭ ‬التكلفة‭.. ‬هنا‭ ‬سيغلق‭ ‬التاجر‭ ‬أو‭ ‬البائع‭ ‬تجارته‭ ‬وسوف‭ ‬يتعرض‭ ‬للإفلاس‭ ‬وسوف‭ ‬يعجز‭ ‬عن‭ ‬الوفاء‭ ‬بالإنتاج‭ ‬وأجور‭ ‬العمال‭ ‬والتصنيع‭.. ‬لذلك‭ ‬فما‭ ‬لا‭ ‬تقبله‭ ‬على‭ ‬نفسك‭ ‬لا‭ ‬تقبله‭ ‬على‭ ‬الدولة‭ ‬لأن‭ ‬القياس‭ ‬والسياق‭ ‬الحقيقى‭ ‬والصحيح‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬الشخص‭ ‬والدولة‭ ‬وسوف‭ ‬تؤدى‭ ‬إلى‭ ‬انهيار‭ ‬الكيان‭ ‬أو‭ ‬المنظومة‭ ‬وتسبب‭ ‬العجز‭ ‬عن‭ ‬الوفاء‭ ‬بباقى‭ ‬المتطلبات‭ ‬والخدمات‭ ‬والاحتياجات‭ ‬الأساسية‭ ‬الأخرى‭ ‬لباقى‭ ‬الناس‭ ‬أو‭ ‬الشعب‭.‬
نحتاج‭ ‬منظومة‭ ‬أخلاقية‭ ‬جديدة‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬صحيح‭ ‬الدين‭ ‬والتدين‭ ‬والضمائر‭ ‬الحية‭ ‬وبالتالى‭ ‬الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬فما‭ ‬لا‭ ‬ترضاه‭ ‬على‭ ‬نفسك‭ ‬لا‭ ‬ترضاه‭ ‬على‭ ‬غيرك‭.. ‬والضمير‭ ‬الحى‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬عشرات‭ ‬القوانين‭ ‬والأجهزة‭ ‬الرقابية‭ ‬ومراقبة‭ ‬الله‭ ‬والخوف‭ ‬منه‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬البشر‭.. ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يتقى‭ ‬الله‭ ‬فى‭ ‬عمله‭ ‬ويؤدى‭ ‬واجبه‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه‭ ‬حتى‭ ‬يجعل‭ ‬ما‭ ‬يدخل‭ ‬فى‭ ‬أفواه‭ ‬أبنائه‭ ‬حلالا‭ ‬حلالا‭.. ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يدرى‭ ‬أو‭ ‬يدرى‭ ‬أن‭ ‬تقصيره‭ ‬وتخاذله‭ ‬وفساده‭ ‬سيجعل‭ ‬من‭ ‬راتبه‭ ‬وأمواله‭ ‬حراما‭ ‬فى‭ ‬حرام‭ ‬وسوف‭ ‬يؤثر‭ ‬على‭ ‬الأبناء‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يحاسبه‭ ‬رب‭ ‬الأبناء‭.‬


لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتصور‭ ‬أن‭ ‬تقصيرك‭ ‬فى‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬إفساد‭ ‬منظومة‭ ‬العمـل‭ ‬أو‭ ‬الحصـــول‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬ليس‭ ‬حقــك‭ ‬أو‭ ‬تزييف‭ ‬وعى‭ ‬الناس‭ ‬بالباطل‭ ‬انه‭ ‬حلال‭.. ‬فإذا‭ ‬كنت‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تخدع‭ ‬البشر‭.. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تخدع‭ ‬المولى‭ ‬عز‭ ‬وجل ‬‮«‬ولا‭ ‬تحسبن‭ ‬الله‭ ‬غافلا‭ ‬عما‭ ‬يعمل‭ ‬الظالمون»‬‭.‬.

 

Egypt Air