الثلاثاء 4 يونيو 2024

إذا الشعب يومًا أراد «حياة كريمة»

مقالات20-8-2021 | 20:23

   لابد‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬ونعى‭ ‬ونعمل‭ ‬ونكافح‭ ‬ونصبر‭ ‬ونتحلى‭ ‬بروح‭ ‬التحدى‭ ‬والمشاركة ‭ ‬فى‭ ‬تحمل‭ ‬المسئولية‭.. ‬وامتلاك‭ ‬إرادة‭ ‬الإصلاح‭.. ‬من‭ ‬هنا‭ ‬نبلغ‭ ‬أهدافنا‭ ‬فى‭ ‬النجاح‭ ‬والتقدم‭.. ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬فى‭ ‬وطن‭ ‬قوى‭ ‬وقادر‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬تطلعاتنا‭ ‬وآمالنا‭..‬ ‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الظواهر‭ ‬السلبية‭ ‬التى‭ ‬يجب‭ ‬علينا‭ ‬كشعب‭ ‬أن‭ ‬نتصدى‭ ‬لها‭..‬ ‭ ‬ونتوقف‭ ‬أمامها‭.. ‬فالنجاح‭ ‬والتقدم‭ ‬شراكة‭ ‬بين‭ ‬القيادة‭ ‬والشعب‭.‬  لابد‭ ‬أن‭ ‬نقضى‭ ‬على‭ ‬سلبياتنا‭.. ‬ونتحلى‭ ‬بالوعى‭ ‬والعمل‭ ‬والتضحية 

بلوغ‭ ‬النجاح‭ ‬والتقدم‭ ‬والتفوق‭ ‬عملية‭ ‬صعبة،‭ ‬وليست‭ ‬هينة‭.. ‬وأحياناً‭ ‬قاسية،‭ ‬تحتاج‭ ‬مواصفات‭ ‬خاصة‭ ‬فيمن‭ ‬ينشد‭ ‬القمة‭ ‬والاستقرار‭.. ‬وتحتاج‭ ‬أيضاً‭ ‬كفاحاً‭ ‬ومثابرة‭ ‬وصلابة‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬التحدى‭ ‬واستعداداً‭ ‬للتضحية‭.. ‬فعلى‭ ‬مستوى‭ ‬الأشخاص‭ ‬الأمر‭ ‬ليس‭ ‬سهل‭ ‬المنال،‭ ‬ولكن‭ ‬يتطلب‭ ‬حتى‭ ‬حرمان‭ ‬النفس‭.. ‬فمن‭ ‬يطلب‭ ‬العلا‭ ‬يسهر‭ ‬الليالي،‭ ‬ومَن‭ ‬يطلب‭ ‬الثراء‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتحمل‭ ‬قسوة‭ ‬الحياة‭ ‬فى‭ ‬بداية‭ ‬المشوار‭.. ‬تضحية‭ ‬وعمل‭ ‬وكفاح‭ ‬و«معافرة‮» ‬‭.. ‬وقوة‭ ‬إرادة‭ ‬وتحدٍ‭ ‬وأولويات‭ ‬طبقاً‭ ‬لكل‭ ‬مرحلة‭.. ‬ومصارحة‭ ‬وصدق‭ ‬مع‭ ‬النفس‭ ‬وتفكير‭ ‬مختلف‭.. ‬هذه‭ ‬مواصفات‭ ‬بلوغ‭ ‬النجاح‭ ‬والتقدم‭.‬


فالأثرياء‭ ‬أو‭ ‬الأغنياء‭ ‬أو‭ ‬رجال‭ ‬المال‭ ‬والأعمال‭ ‬إذا‭ ‬تصفحت‭ ‬بداياتهم‭ ‬تجد‭ ‬صعوبة‭ ‬وقسوة‭ ‬الرحلة‭.. ‬وأن‭ ‬ما‭ ‬تحقق‭ ‬لديهم‭ ‬من‭ ‬ثروات‭ ‬لم‭ ‬يأت‭ ‬صدفة‭.. ‬فلابد‭ ‬أن‭ ‬تضع‭ ‬لنفسك‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأهداف‭.. ‬وحتى‭ ‬تستطيع‭ ‬تحقيقها‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تكابد،‭ ‬وربما‭ ‬تحرم‭ ‬نفسك‭ ‬من‭ ‬أشياء‭ ‬كثيرة‭.. ‬وتضحى‭ ‬بما‭ ‬ترغب‭ ‬فيه‭ ‬النفس‭.‬


فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭.. ‬تفوق‭ ‬الطالب‭ ‬وحصوله‭ ‬على‭ ‬درجات‭ ‬عالية‭.. ‬لا‭ ‬يأتى‭ ‬من‭ ‬فراغ،‭ ‬بل‭ ‬نتاج‭ ‬سهر‭ ‬وتعب‭ ‬وشقاء‭ ‬وعناء،‭ ‬وعدم‭ ‬الاستجابة‭ ‬للنفس‭ ‬فى‭ ‬الإفراط‭ ‬فى‭ ‬ضياع‭ ‬الوقت‭ ‬فى‭ ‬أمور‭ ‬مسيئة‭.. ‬وحرص‭ ‬على‭ ‬المذاكرة‭ ‬والاطلاع‭.. ‬إذن‭ ‬دعونا‭ ‬نتفق‭ ‬أن‭ ‬النجاح‭ ‬أو‭ ‬بلوغ‭ ‬التقدم‭ ‬يحتاج‭ ‬منا‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬والخطوات‭ ‬والمواصفات‭ ‬والقرارات‭ ‬أيضاً،‭ ‬لأن‭ ‬النجاح‭ ‬لا‭ ‬يأتى‭ ‬صدفة،‭ ‬أو‭ ‬بشكل‭ ‬عشوائي‭.. ‬فهذه‭ ‬سُنَّة‭ ‬الحياة‭.. ‬والأخذ‭ ‬بالأسباب‭ ‬أمر‭ ‬مهم،‭ ‬وحتمى‭ ‬حتى‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة،‭ ‬وتكون‭ ‬فى‭ ‬زمرة‭ ‬الناجحين‭ ‬والمتفوقين‭ ‬والمتميزين،‭ ‬وتعيش‭ ‬حياة‭ ‬آمنة‭ ‬مستقرة،‭ ‬وتنال‭ ‬احترام‭ ‬النفس،‭ ‬وتحظى‭ ‬بالقوة‭ ‬والقدرة‭ ‬والمكانة‭ ‬بين‭ ‬جموع‭ ‬الناس‭.‬ وإذا‭ ‬الشعب‭ ‬يوماً‭ ‬أراد‭ ‬النجاح‭ ‬والتقدم‭ ‬والحياة‭ ‬الكريمة،‭ ‬فلابد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬شريكاً‭ ‬فاعلاً‭ ‬وواعياً‭ ‬وصابراً‭ ‬ومضحياً‭ ‬مع‭ ‬الدولة‭ ‬والقيادة،‭ ‬حتى‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬أهدافنا‭ ‬فى‭ ‬تحقيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإنجازات‭ ‬والنجاحات،‭ ‬وإصلاح‭ ‬أحوال‭ ‬البلاد‭ ‬والعباد،‭ ‬حتى‭ ‬نقف‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬صلبة‭ ‬وقوية‭ ‬لمواجهة‭ ‬أعاصير‭ ‬التحديات‭ ‬والتهديدات‭ ‬والمخاطر‭.. ‬ونبلغ‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬بلا‭ ‬أزمات‭ ‬أو‭ ‬مشاكل‭.. ‬وتستطيع‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أن‭ ‬توفر‭ ‬الدولة‭ ‬أرقى‭ ‬أنواع‭ ‬الخدمات‭ ‬لمواطنيها‭ ‬لبناء‭ ‬إنسان‭ ‬يضيف‭ ‬للمجتمع‭ ‬والدولة‭.. ‬وليس‭ ‬عالة‭ ‬عليها‭.. ‬إنسان‭ ‬يحيا‭ ‬حياة‭ ‬صحية‭ ‬وتعليمية‭ ‬ونفسية‭ ‬ويتمتع‭ ‬بالأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬والكرامة‭.. ‬والفهم‭ ‬والوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬والعمل‭ ‬والسكن‭ ‬الكريم‭.. ‬فى‭ ‬وطن‭ ‬قوى‭ ‬ومتقدم‭.‬


إذا‭ ‬الشعب‭ ‬يوماً‭ ‬أراد‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬ويعى‭ ‬ويدرك‭ ‬أهمية‭ ‬إصلاح‭ ‬كوارث‭ ‬وأخطاء‭ ‬الماضي،‭ ‬التى‭ ‬نالت‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬المصرى‭ ‬وسببت‭ ‬له‭ ‬معاناة‭ ‬قاسية‭.. ‬وجعلت‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬أهالينا‭ ‬يعيش‭ ‬حياة‭ ‬‮«‬العدم‮»‬‭ ‬حياة‭ ‬لا‭ ‬آدمية‭ ‬فى‭ ‬العشوائيات‭.. ‬لأمراض‭.. ‬لفقر‭.. ‬لجهل‭.. ‬ولأزمات‭ ‬مزمنة‭ ‬وصولاً‭ ‬إلى‭ ‬إنسان‭ ‬ضعيف‭ ‬ووطن‭ ‬غير‭ ‬قادر،‭ ‬معرض‭ ‬لهزات‭ ‬وعواصف‭.. ‬وأزمات‭ ‬واحتقان‭ ‬شعبي‭.. ‬وسوء‭ ‬وانهيار‭ ‬فى‭ ‬الخدمات،‭ ‬وعدم‭ ‬رضا‭ ‬يضعف‭ ‬الولاء‭ ‬والانتماء،‭ ‬ويفرز‭ ‬التطرف‭ ‬والتشدد‭ ‬والتعصب‭ ‬واليأس‭ ‬والإرهاب‭.‬


إذا‭ ‬الشعب‭ ‬يوماً‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬ولائقة‭.. ‬فى‭ ‬وطن‭ ‬متقدم،‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬أهمية‭ ‬الإصلاح‭ ‬والتضحية‭ ‬والصبر،‭ ‬وأن‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬الطريق‭ ‬الوحيد‭ ‬والسبيل‭ ‬الأمثل‭.. ‬لبناء‭ ‬الإنسان‭ ‬والوطن‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬صحيحة‭.. ‬وعليه‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬يعى‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬لديها‭ ‬موارد‭ ‬وإمكانات‭ ‬وقدرات‭ ‬مهما‭ ‬عظمت،‭ ‬فهى‭ ‬محدودة‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ملائمة‭.. ‬وتستطيع‭ ‬توفير‭ ‬احتياجات‭ ‬شعبها‭.. ‬وتحقيق‭ ‬آماله‭ ‬وتطلعاته‭ ‬وطموحاته‭.‬


دأبنا‭ ‬خلال‭ ‬العقود‭ ‬الماضية‭ ‬أن‭ ‬نلوم‭ ‬الدولة‭ ‬والحكومة‭.. ‬ونغفل‭ ‬عن‭ ‬محاسبة‭ ‬أنفسنا‭ ‬أو‭ ‬مصارحتها‭ ‬بالحقيقة‭.. ‬ونتجاهل‭ ‬دورنا‭ ‬وماذا‭ ‬فعلنا‭ ‬أو‭ ‬قدمنا‭.. ‬وربما‭ ‬نتسبب‭ ‬فى‭ ‬وضع‭ ‬قيود‭ ‬وعراقيل‭ ‬وصعاب‭ ‬أمام‭ ‬الدولة‭ ‬نحو‭ ‬بلوغ‭ ‬أهدافنا‭.. ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تصرفات‭ ‬وسلوكيات‭ ‬و«اتكالية‮»‬‭ ‬وتواكل‭ ‬ونعتقد‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬الحكومة‭ ‬هى‭ ‬بابا‭ ‬وماما‭ ‬وننسى‭ ‬تخاذلنا‭.. ‬واستباحتنا‭ ‬أموال‭ ‬وأملاك‭ ‬وموارد‭ ‬الدولة‭.. ‬وإهدارها‭ ‬فى‭ ‬محاولة‭ ‬علاج‭ ‬الأخطاء‭ ‬التى‭ ‬نرتكبها‭ ‬أو‭ ‬زيادة‭ ‬التحميل‭ ‬عليها‭.‬


وإذا‭ ‬أراد‭ ‬الشعب‭ ‬بلوغ‭ ‬التقدم‭ ‬والتفوق‭ ‬وتحقيق‭ ‬وتوفير‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تغيير‭ ‬بعض‭ ‬قواعد‭ ‬التعامل‭ ‬والسلوكيات‭ ‬وأسلوب‭ ‬الحياة‭ ‬والتصدى‭ ‬للآفات‭ ‬والسلبيات‭ ‬التى‭ ‬تنهش‭ ‬فى‭ ‬مسيرتنا‭ ‬نحو‭ ‬التقدم‭. ‬وتهدر‭ ‬طاقاتنا‭ ‬وتفسد‭ ‬مساعينا‭ ‬نحو‭ ‬حل‭ ‬أزماتنا‭ ‬وإصلاح‭ ‬أخطاء‭ ‬الماضي‭.‬ فلا‭ ‬يعقل‭ ‬أن‭ ‬نعيش‭ ‬فى‭ ‬دولة‭ ‬تواصل‭ ‬الليل‭ ‬بالنهار‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭ ‬وتسابق‭ ‬الزمن‭ ‬لتوفير‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬لنا‭ ‬كشعب‭.. ‬وبناء‭ ‬الوطن‭.. ‬وإذا‭ ‬بنا‭ ‬نفعل‭ ‬ونتصرف‭ ‬بلا‭ ‬مسئولية‭ ‬أو‭ ‬حسابات‭ ‬دقيقة‭.. ‬فالدولة‭ ‬تبذل‭ ‬جُل‭ ‬جهودها‭ ‬لزيادة‭ ‬مواردها‭ ‬وفتح‭ ‬آفاق‭ ‬جديدة‭ ‬للدخل‭ ‬والاستثمارات‭ ‬وتنشيط‭ ‬الاقتصاد‭ ‬لسد‭ ‬احتياجاتنا‭.. ‬لكننا‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬نسرف‭ ‬فى‭ ‬الإنجاب‭.. ‬ونجعل‭ ‬من‭ ‬الزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬العشوائية‭ ‬والمنفلتة‭ ‬كابوساً‭ ‬يأكل‭ ‬الأخضر‭ ‬واليابس،‭ ‬ويهدر‭ ‬كل‭ ‬جهودنا‭ ‬فى‭ ‬توفير‭ ‬الصحة‭ ‬الجيدة‭.. ‬والسكن‭ ‬الكريم‭. ‬والتعليم‭ ‬المواكب‭ ‬للتطور‭ ‬فى‭ ‬العالم،‭ ‬وحل‭ ‬الأزمات‭ ‬وتخفيف‭ ‬المعاناة‭.. ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬وتوفير‭ ‬الخدمات‭ ‬تحت‭ ‬هدف‭ ‬واحد‭ ‬هو‭ ‬توفير‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬للمواطن‭ ‬المصري‭.. ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬كثرة‭ ‬الإنجاب‭ ‬والزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬المنفلتة،‭ ‬فإن‭ ‬أهدافنا‭ ‬لن‭ ‬تتحقق‭ ‬وسوف‭ ‬تزيد‭ ‬الطين‭ ‬بلة،‭ ‬وستجعل‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭ ‬التى‭ ‬تسهر‭ ‬الدولة‭ ‬لحلها‭ ‬أكثر‭ ‬تعقيداً‭ ‬أو‭ ‬مشاكلنا‭ ‬أكثر‭ ‬تفاقماً‭.. ‬فكيف‭ ‬يتأتى‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬يتعلم‭ ‬أولادنا‭ ‬فى‭ ‬فصول‭ ‬مناسبة‭ ‬الكثافة،‭ ‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬75‭ ‬تلميذاً‭ ‬أو‭ ‬120‭ ‬تلميذاً،‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬لدينا‭ ‬إذا‭ ‬ضبطنا‭ ‬الزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬مع‭ ‬تسارع‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬ومشروعاتها‭ ‬إلى‭ ‬العدد‭ ‬40‭ ‬تلميذاً‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬فصل؟‭!.. ‬ولماذا‭ ‬لا‭ ‬نواكب‭ ‬بوعينا‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬فى‭ ‬الارتقاء‭ ‬بالخدمة‭ ‬الصحية‭ ‬والطبية‭ ‬ونحتاج‭ ‬مع‭ ‬الزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬مئات‭ ‬المستشفيات‭ ‬وآلاف‭ ‬الأطباء‭ ‬والممرضين‭ ‬والإداريين‭.‬


بلوغ‭ ‬التقدم‭ ‬والحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬فى‭ ‬أيدينا‭.. ‬وعقولنا‭ ‬ووعينا‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬ننتبه‭ ‬إلى‭ ‬الفجوة‭ ‬والخلل‭ ‬بين‭ ‬كثرة‭ ‬الإنجاب‭.. ‬وموارد‭ ‬الدولة‭ ‬المحدودة‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬والمعاناة‭ ‬لن‭ ‬تنتهي‭.. ‬وسوف‭ ‬تتفاقم‭ ‬أزماتنا‭.. ‬ويصعب‭ ‬علينا‭ ‬بلوغ‭ ‬أهدافنا‭.. ‬ونخرج‭ ‬أجيالاً‭ ‬من‭ ‬الضعفاء‭ ‬وأنصاف‭ ‬الإنسان‭ ‬والمشوهين‭ ‬نفسياً‭ ‬واجتماعياً‭ ‬ونرسخ‭ ‬حالة‭ ‬الحرمان‭ ‬والاحتقان‭ ‬عند‭ ‬أبنائنا‭.‬


لماذا‭ ‬لا‭ ‬نتصالح‭ ‬مع‭ ‬أنفسنا‭ ‬كشعب‭.. ‬ونفهم‭ ‬حقيقة‭ ‬أزماتنا‭ ‬ومشاكلنا‭.. ‬فإذا‭ ‬افترضت‭ ‬أن‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬لديه‭ ‬من‭ ‬الأراضى‭ ‬الزراعية‭ ‬10‭ ‬أفدنة‭.. ‬ولديه‭ ‬10‭ ‬أبناء‭ ‬سوف‭ ‬يكون‭ ‬نصيب‭ ‬كل‭ ‬منهم‭ ‬فداناً‭ ‬واحداً،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬بالنا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬لديه‭ ‬طفلان‭.. ‬سيكون‭ ‬نصيب‭ ‬كل‭ ‬واحد‭ ‬منهما‭ ‬5‭ ‬أفدنة‭.. ‬أيهما‭ ‬أفضل؟‭.. ‬وقس‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬الخدمات‭ ‬والإمكانات‭ ‬والموارد‭ ‬التى‭ ‬تمتلكها‭ ‬وتوفرها‭ ‬الدولة‭ ‬ولا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نلومها،‭ ‬فهذه‭ ‬قدراتها‭ ‬ومواردها‭.. ‬وماذا‭ ‬تفعل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك؟‭.. ‬لذلك‭ ‬الوعى‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬الأفكار‭ ‬والموروثات‭ ‬المغلوطة‭ ‬والمشوشة‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭ ‬وحتمي‭.. ‬القسمة‭ ‬على‭ ‬10‭ ‬تختلف‭ ‬تماماً‭ ‬عن‭ ‬القسمة‭ ‬على‭ ‬اثنين‭.. ‬والمنطق‭ ‬لا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬الشخص‭ ‬فقط،‭ ‬ولكن‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬الدولة‭.. ‬فلا‭ ‬يكلف‭ ‬اللَّه‭ ‬نفساً‭ ‬إلا‭ ‬وسعها‭.‬


إذا‭ ‬الشعب‭ ‬أراد‭ ‬الحياة‭ ‬الكريمة‭ ‬والقضاء‭ ‬على‭ ‬المعاناة‭ ‬والأزمات‭ ‬المزمنة‭ ‬فعليه‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬يدرك‭ ‬أهمية‭ ‬إصلاح‭ ‬أخطاء‭ ‬الماضي‭.. ‬وتكون‭ ‬لديه‭ ‬شجاعة‭ ‬التصدى‭ ‬للأزمات‭ ‬ومشاكلنا‭.. ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نستبيح‭ ‬أموال‭ ‬وأملاك‭ ‬وموارد‭ ‬الدولة‭ ‬بالباطل‭ ‬ودون‭ ‬وجه‭ ‬حق‭.. ‬فكيف‭ ‬تستطيع‭ ‬الدولة‭.. ‬وكيف‭ ‬تسمح‭ ‬إمكاناتها‭ ‬ومواردها‭ ‬بتوفير‭ ‬رغيف‭ ‬عيش‭ ‬ذى‭ ‬جودة‭ ‬عالية‭ ‬يباع‭ ‬بخمسة‭ ‬قروس‭ ‬فى‭ ‬حين‭ ‬تكلفته‭ ‬الواقعية‭ ‬والحقيقية‭ ‬65‭ ‬قرشاً،‭ ‬يستفيد‭ ‬منه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬70‭ ‬مليون‭ ‬مواطن‭.. ‬ويبقى‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬السعر‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬فى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬الذى‭ ‬تتزايد‭ ‬فيه‭ ‬أعداد‭ ‬المستفيدين‭.. ‬ومع‭ ‬كثرة‭ ‬الإنجاب‭ ‬والزيادة‭ ‬السكانية‭ ‬المنفلتة‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬تزيد‭ ‬دائرة‭ ‬الفقر‭ ‬والاحتياج‭ ‬والعوز‭.. ‬وبالتالى‭ ‬فإن‭ ‬أعداد‭ ‬المستفيدين‭ ‬سوف‭ ‬تتضاعف‭ ‬مع‭ ‬ثبات‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬الاتساق‭ ‬مع‭ ‬موارد‭ ‬وإمكانات‭ ‬الدولة‭.. ‬وهنا‭ ‬يحدث‭ ‬الخلل،‭ ‬لذلك‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نفهم‭ ‬أهمية‭ ‬الإصلاح‭ ‬وإعلاء‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭.. ‬ولا‭ ‬ننظر‭ ‬إلى‭ ‬ذواتنا‭ ‬وأنفسنا‭ ‬بشكل‭ ‬مبالغ‭ ‬فيه‭.. ‬فلا‭ ‬سبيل‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬الحق‭.. ‬ونفعل‭ ‬الصواب‭.‬


أيضاً‭.. ‬هناك‭ ‬مظاهر‭ ‬سلبية‭ ‬كثيرة‭.. ‬فإذا‭ ‬كانت‭ ‬الدولة‭ ‬تنفق‭ ‬المليارات‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الخدمات‭ ‬الحديثة‭ ‬فى‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬والقطاعات،‭ ‬فلماذا‭ ‬نتلف‭ ‬ونشوه‭ ‬وننشر‭ ‬القبح‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الخدمات‭ ‬التى‭ ‬توفر‭ ‬لنا‭ ‬الراحة‭ ‬وتخفف‭ ‬عنا‭ ‬المعاناة‭.. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬مترو‭ ‬الأنفاق‭.. ‬خدمة‭ ‬حضارية‭ ‬لائقة،‭ ‬فلماذا‭ ‬نكتب‭ ‬على‭ ‬حوائط‭ ‬المترو‭ ‬أو‭ ‬ننزع‭ ‬جلد‭ ‬المقاعد‭.. ‬ولماذا‭ ‬أيضاً‭ ‬نلقى‭ ‬بقايا‭ ‬الطعام‭ ‬وزجاجات‭ ‬المياه‭ ‬الفارغة‭ ‬وعبوات‭ ‬العصير‭ ‬والحاجة‭ ‬الساقعة‭ ‬فى‭ ‬الشارع‭.. ‬لماذا‭ ‬ننتظر‭ ‬الآخرون‭ ‬لإزالتها‭ ‬وتجميل‭ ‬الشارع‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نحافظ‭ ‬عليها‭ ‬كما‭ ‬بدأت‭ ‬جميلة،‭ ‬وفى‭ ‬أزهى‭ ‬صورة‭.. ‬لماذا‭ ‬يقول‭ ‬البعض‭ ‬منا‭ ‬‮«‬وانا‭ ‬مالى‮»‬‭.. ‬ولا‭ ‬ينظر‭ ‬إلا‭ ‬لملكيته‭ ‬الشخصية‭.. ‬أما‭ ‬أملاك‭ ‬الدولة‭ ‬التى‭ ‬تخدم‭ ‬الملايين‭.. ‬فتتعرض‭ ‬للإهمال‭ ‬والتخريب‭ ‬ونشر‭ ‬القبح‭.‬


هل‭ ‬يليق‭ ‬بنا‭ ‬أن‭ ‬نتلف‭ ‬أشياء‭ ‬مهمة‭ ‬وجمالية‭ ‬فى‭ ‬وسائل‭ ‬النقل‭ ‬العام‭ ‬كالأتوبيسات‭ ‬والقطارات‭ ‬أو‭ ‬نعبث‭ ‬فى‭ ‬أشياء‭ ‬تشكل‭ ‬خطورة‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬الناس‭.. ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬مرفوضة‭ ‬وتحتاج‭ ‬إعادة‭ ‬نظر‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الناس‭.‬


ولنا‭ ‬فى‭ ‬الإصلاح‭ ‬الاقتصادى‭ ‬الشامل‭ ‬الذى‭ ‬طبقته‭ ‬مصر‭ ‬مثال‭.. ‬وكان‭ ‬البعض‭ ‬يتخوف‭ ‬منه،‭ ‬ولكن‭ ‬بالوعى‭ ‬والمشاركة‭ ‬بين‭ ‬القيادة‭ ‬والشعب‭.. ‬وبإجراءات‭ ‬محسومة‭ ‬بدقة،‭ ‬نجح‭ ‬الإصلاح‭ ‬بشكل‭ ‬مبهر‭.. ‬ونُلنا‭ ‬احترام‭ ‬وتقدير‭ ‬العالم‭. ‬وانعكس‭ ‬هذا‭ ‬النجاح‭ ‬على‭ ‬حياتنا‭ ‬بتحسين‭ ‬جودة‭ ‬الحياة‭ ‬وحل‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأزمات‭.. ‬ومقاومة‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الصدمات‭ ‬والجوائح‭.‬


علينا‭ ‬كشعب‭ ‬أن‭ ‬نتحمل‭ ‬مسئوليتنا‭ ‬فى‭ ‬علاج‭ ‬وإصلاح‭ ‬كوارث‭ ‬الماضي،‭ ‬وأيضاً‭ ‬المشاركة‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬هذا‭ ‬الوطن،‭ ‬وألا‭ ‬تكون‭ ‬نظرتنا‭ ‬للأمور‭ ‬قاصرة‭.. ‬فاستشراف‭ ‬المستقبل‭ ‬هو‭ ‬أساس‭ ‬تقدم‭ ‬الدول‭ ‬ورفاهية‭ ‬الشعوب‭.. ‬فهذا‭ ‬الإجراء‭ ‬الصعب‭ ‬ربما‭ ‬تشتد‭ ‬آثاره‭ ‬الصعبة‭ ‬لمرحلة‭ ‬أو‭ ‬لتوقيت‭ ‬معين‭.. ‬ولكن‭ ‬فوائده‭ ‬وعوائده‭ ‬تكون‭ ‬مستمرة‭ ‬ومتواصلة‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬المستقبل‭ ‬الأفضل‭ ‬وتوفير‭ ‬حياة‭ ‬كريمة‭ ‬للناس‭.. ‬وحل‭ ‬العديد‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭.‬


الوعى‭ ‬الحقيقى‭ ‬والفهم‭ ‬والإدراك‭ ‬والصبر‭ ‬والتحمل‭ ‬والإرادة‭ ‬وروح‭ ‬المشاركة‭ ‬فى‭ ‬بناء‭ ‬الوطن‭ ‬بإصلاح‭ ‬الأخطاء‭ ‬وإعادة‭ ‬تجديد‭ ‬دماء‭ ‬منظومات‭ ‬الخدمات‭ ‬لتصبح‭ ‬أكثر‭ ‬رُقيِّـاً‭ ‬وجودة‭ ‬هو‭ ‬السبيل‭ ‬الأمثل‭ ‬لبلوغ‭ ‬النجاح‭ ‬والتقدم‭.‬