لابد أن نفهم ونعى ونعمل ونكافح ونصبر ونتحلى بروح التحدى والمشاركة فى تحمل المسئولية.. وامتلاك إرادة الإصلاح.. من هنا نبلغ أهدافنا فى النجاح والتقدم.. وتحسين جودة الحياة فى وطن قوى وقادر على تلبية تطلعاتنا وآمالنا.. هناك الكثير والكثير من الظواهر السلبية التى يجب علينا كشعب أن نتصدى لها.. ونتوقف أمامها.. فالنجاح والتقدم شراكة بين القيادة والشعب. لابد أن نقضى على سلبياتنا.. ونتحلى بالوعى والعمل والتضحية
بلوغ النجاح والتقدم والتفوق عملية صعبة، وليست هينة.. وأحياناً قاسية، تحتاج مواصفات خاصة فيمن ينشد القمة والاستقرار.. وتحتاج أيضاً كفاحاً ومثابرة وصلابة وقدرة على التحدى واستعداداً للتضحية.. فعلى مستوى الأشخاص الأمر ليس سهل المنال، ولكن يتطلب حتى حرمان النفس.. فمن يطلب العلا يسهر الليالي، ومَن يطلب الثراء عليه أن يتحمل قسوة الحياة فى بداية المشوار.. تضحية وعمل وكفاح و«معافرة» .. وقوة إرادة وتحدٍ وأولويات طبقاً لكل مرحلة.. ومصارحة وصدق مع النفس وتفكير مختلف.. هذه مواصفات بلوغ النجاح والتقدم.
فالأثرياء أو الأغنياء أو رجال المال والأعمال إذا تصفحت بداياتهم تجد صعوبة وقسوة الرحلة.. وأن ما تحقق لديهم من ثروات لم يأت صدفة.. فلابد أن تضع لنفسك مجموعة من الأهداف.. وحتى تستطيع تحقيقها لابد أن تكابد، وربما تحرم نفسك من أشياء كثيرة.. وتضحى بما ترغب فيه النفس.
فعلى سبيل المثال.. تفوق الطالب وحصوله على درجات عالية.. لا يأتى من فراغ، بل نتاج سهر وتعب وشقاء وعناء، وعدم الاستجابة للنفس فى الإفراط فى ضياع الوقت فى أمور مسيئة.. وحرص على المذاكرة والاطلاع.. إذن دعونا نتفق أن النجاح أو بلوغ التقدم يحتاج منا مجموعة من الإجراءات والخطوات والمواصفات والقرارات أيضاً، لأن النجاح لا يأتى صدفة، أو بشكل عشوائي.. فهذه سُنَّة الحياة.. والأخذ بالأسباب أمر مهم، وحتمى حتى تستطيع أن تعيش الحياة الكريمة، وتكون فى زمرة الناجحين والمتفوقين والمتميزين، وتعيش حياة آمنة مستقرة، وتنال احترام النفس، وتحظى بالقوة والقدرة والمكانة بين جموع الناس. وإذا الشعب يوماً أراد النجاح والتقدم والحياة الكريمة، فلابد أن يكون شريكاً فاعلاً وواعياً وصابراً ومضحياً مع الدولة والقيادة، حتى نصل إلى أهدافنا فى تحقيق المزيد من الإنجازات والنجاحات، وإصلاح أحوال البلاد والعباد، حتى نقف على أرض صلبة وقوية لمواجهة أعاصير التحديات والتهديدات والمخاطر.. ونبلغ الحياة الكريمة بلا أزمات أو مشاكل.. وتستطيع من خلالها أن توفر الدولة أرقى أنواع الخدمات لمواطنيها لبناء إنسان يضيف للمجتمع والدولة.. وليس عالة عليها.. إنسان يحيا حياة صحية وتعليمية ونفسية ويتمتع بالأمن والاستقرار والكرامة.. والفهم والوعى الحقيقى والعمل والسكن الكريم.. فى وطن قوى ومتقدم.
إذا الشعب يوماً أراد الحياة الكريمة عليه أن يفهم ويعى ويدرك أهمية إصلاح كوارث وأخطاء الماضي، التى نالت من حياة الإنسان المصرى وسببت له معاناة قاسية.. وجعلت البعض من أهالينا يعيش حياة «العدم» حياة لا آدمية فى العشوائيات.. لأمراض.. لفقر.. لجهل.. ولأزمات مزمنة وصولاً إلى إنسان ضعيف ووطن غير قادر، معرض لهزات وعواصف.. وأزمات واحتقان شعبي.. وسوء وانهيار فى الخدمات، وعدم رضا يضعف الولاء والانتماء، ويفرز التطرف والتشدد والتعصب واليأس والإرهاب.
إذا الشعب يوماً أراد أن يعيش حياة كريمة ولائقة.. فى وطن متقدم، عليه أن يدرك أهمية الإصلاح والتضحية والصبر، وأن ذلك هو الطريق الوحيد والسبيل الأمثل.. لبناء الإنسان والوطن على أسس صحيحة.. وعليه أيضاً أن يعى أن الدولة لديها موارد وإمكانات وقدرات مهما عظمت، فهى محدودة ويجب أن تكون ملائمة.. وتستطيع توفير احتياجات شعبها.. وتحقيق آماله وتطلعاته وطموحاته.
دأبنا خلال العقود الماضية أن نلوم الدولة والحكومة.. ونغفل عن محاسبة أنفسنا أو مصارحتها بالحقيقة.. ونتجاهل دورنا وماذا فعلنا أو قدمنا.. وربما نتسبب فى وضع قيود وعراقيل وصعاب أمام الدولة نحو بلوغ أهدافنا.. من خلال تصرفات وسلوكيات و«اتكالية» وتواكل ونعتقد أن الدولة أو الحكومة هى بابا وماما وننسى تخاذلنا.. واستباحتنا أموال وأملاك وموارد الدولة.. وإهدارها فى محاولة علاج الأخطاء التى نرتكبها أو زيادة التحميل عليها.
وإذا أراد الشعب بلوغ التقدم والتفوق وتحقيق وتوفير الحياة الكريمة لابد من تغيير بعض قواعد التعامل والسلوكيات وأسلوب الحياة والتصدى للآفات والسلبيات التى تنهش فى مسيرتنا نحو التقدم. وتهدر طاقاتنا وتفسد مساعينا نحو حل أزماتنا وإصلاح أخطاء الماضي. فلا يعقل أن نعيش فى دولة تواصل الليل بالنهار وتعمل على مدار الساعة وتسابق الزمن لتوفير الحياة الكريمة لنا كشعب.. وبناء الوطن.. وإذا بنا نفعل ونتصرف بلا مسئولية أو حسابات دقيقة.. فالدولة تبذل جُل جهودها لزيادة مواردها وفتح آفاق جديدة للدخل والاستثمارات وتنشيط الاقتصاد لسد احتياجاتنا.. لكننا فى نفس الوقت نسرف فى الإنجاب.. ونجعل من الزيادة السكانية العشوائية والمنفلتة كابوساً يأكل الأخضر واليابس، ويهدر كل جهودنا فى توفير الصحة الجيدة.. والسكن الكريم. والتعليم المواكب للتطور فى العالم، وحل الأزمات وتخفيف المعاناة.. وتوفير فرص العمل وتوفير الخدمات تحت هدف واحد هو توفير الحياة الكريمة للمواطن المصري.. لكن مع استمرار كثرة الإنجاب والزيادة السكانية المنفلتة، فإن أهدافنا لن تتحقق وسوف تزيد الطين بلة، وستجعل من الأزمات التى تسهر الدولة لحلها أكثر تعقيداً أو مشاكلنا أكثر تفاقماً.. فكيف يتأتى لنا أن يتعلم أولادنا فى فصول مناسبة الكثافة، فبدلاً من 75 تلميذاً أو 120 تلميذاً، لماذا لا يكون لدينا إذا ضبطنا الزيادة السكانية مع تسارع جهود الدولة ومشروعاتها إلى العدد 40 تلميذاً فى كل فصل؟!.. ولماذا لا نواكب بوعينا جهود الدولة فى الارتقاء بالخدمة الصحية والطبية ونحتاج مع الزيادة السكانية مئات المستشفيات وآلاف الأطباء والممرضين والإداريين.
بلوغ التقدم والحياة الكريمة فى أيدينا.. وعقولنا ووعينا وإذا لم ننتبه إلى الفجوة والخلل بين كثرة الإنجاب.. وموارد الدولة المحدودة فإن الأمر والمعاناة لن تنتهي.. وسوف تتفاقم أزماتنا.. ويصعب علينا بلوغ أهدافنا.. ونخرج أجيالاً من الضعفاء وأنصاف الإنسان والمشوهين نفسياً واجتماعياً ونرسخ حالة الحرمان والاحتقان عند أبنائنا.
لماذا لا نتصالح مع أنفسنا كشعب.. ونفهم حقيقة أزماتنا ومشاكلنا.. فإذا افترضت أن رب الأسرة لديه من الأراضى الزراعية 10 أفدنة.. ولديه 10 أبناء سوف يكون نصيب كل منهم فداناً واحداً، لكن ما بالنا إذا كان رب الأسرة لديه طفلان.. سيكون نصيب كل واحد منهما 5 أفدنة.. أيهما أفضل؟.. وقس على ذلك فى كل الخدمات والإمكانات والموارد التى تمتلكها وتوفرها الدولة ولا نستطيع أن نلومها، فهذه قدراتها ومواردها.. وماذا تفعل أكثر من ذلك؟.. لذلك الوعى والقضاء على الأفكار والموروثات المغلوطة والمشوشة هو أمر مهم وحتمي.. القسمة على 10 تختلف تماماً عن القسمة على اثنين.. والمنطق لا ينطبق على الشخص فقط، ولكن أيضاً على الدولة.. فلا يكلف اللَّه نفساً إلا وسعها.
إذا الشعب أراد الحياة الكريمة والقضاء على المعاناة والأزمات المزمنة فعليه أيضاً أن يدرك أهمية إصلاح أخطاء الماضي.. وتكون لديه شجاعة التصدى للأزمات ومشاكلنا.. فلا يمكن أن نستبيح أموال وأملاك وموارد الدولة بالباطل ودون وجه حق.. فكيف تستطيع الدولة.. وكيف تسمح إمكاناتها ومواردها بتوفير رغيف عيش ذى جودة عالية يباع بخمسة قروس فى حين تكلفته الواقعية والحقيقية 65 قرشاً، يستفيد منه أكثر من 70 مليون مواطن.. ويبقى على نفس السعر منذ عقود فى نفس الوقت الذى تتزايد فيه أعداد المستفيدين.. ومع كثرة الإنجاب والزيادة السكانية المنفلتة بطبيعة الحال تزيد دائرة الفقر والاحتياج والعوز.. وبالتالى فإن أعداد المستفيدين سوف تتضاعف مع ثبات أو عدم الاتساق مع موارد وإمكانات الدولة.. وهنا يحدث الخلل، لذلك لابد أن نفهم أهمية الإصلاح وإعلاء المصلحة العامة.. ولا ننظر إلى ذواتنا وأنفسنا بشكل مبالغ فيه.. فلا سبيل إلا أن نقول الحق.. ونفعل الصواب.
أيضاً.. هناك مظاهر سلبية كثيرة.. فإذا كانت الدولة تنفق المليارات على توفير الخدمات الحديثة فى جميع المجالات والقطاعات، فلماذا نتلف ونشوه وننشر القبح فى هذه الخدمات التى توفر لنا الراحة وتخفف عنا المعاناة.. فعلى سبيل المثال مترو الأنفاق.. خدمة حضارية لائقة، فلماذا نكتب على حوائط المترو أو ننزع جلد المقاعد.. ولماذا أيضاً نلقى بقايا الطعام وزجاجات المياه الفارغة وعبوات العصير والحاجة الساقعة فى الشارع.. لماذا ننتظر الآخرون لإزالتها وتجميل الشارع نستطيع أن نحافظ عليها كما بدأت جميلة، وفى أزهى صورة.. لماذا يقول البعض منا «وانا مالى».. ولا ينظر إلا لملكيته الشخصية.. أما أملاك الدولة التى تخدم الملايين.. فتتعرض للإهمال والتخريب ونشر القبح.
هل يليق بنا أن نتلف أشياء مهمة وجمالية فى وسائل النقل العام كالأتوبيسات والقطارات أو نعبث فى أشياء تشكل خطورة على حياة الناس.. هذه الأمور مرفوضة وتحتاج إعادة نظر من بعض الناس.
ولنا فى الإصلاح الاقتصادى الشامل الذى طبقته مصر مثال.. وكان البعض يتخوف منه، ولكن بالوعى والمشاركة بين القيادة والشعب.. وبإجراءات محسومة بدقة، نجح الإصلاح بشكل مبهر.. ونُلنا احترام وتقدير العالم. وانعكس هذا النجاح على حياتنا بتحسين جودة الحياة وحل العديد من الأزمات.. ومقاومة الكثير من الصدمات والجوائح.
علينا كشعب أن نتحمل مسئوليتنا فى علاج وإصلاح كوارث الماضي، وأيضاً المشاركة فى بناء هذا الوطن، وألا تكون نظرتنا للأمور قاصرة.. فاستشراف المستقبل هو أساس تقدم الدول ورفاهية الشعوب.. فهذا الإجراء الصعب ربما تشتد آثاره الصعبة لمرحلة أو لتوقيت معين.. ولكن فوائده وعوائده تكون مستمرة ومتواصلة فى بناء المستقبل الأفضل وتوفير حياة كريمة للناس.. وحل العديد والعديد من المشاكل.
الوعى الحقيقى والفهم والإدراك والصبر والتحمل والإرادة وروح المشاركة فى بناء الوطن بإصلاح الأخطاء وإعادة تجديد دماء منظومات الخدمات لتصبح أكثر رُقيِّـاً وجودة هو السبيل الأمثل لبلوغ النجاح والتقدم.