الثلاثاء 28 مايو 2024

هل تؤدي الصدمات للإصابة بالتبلد والجمود العاطفي؟.. أطباء يجيبون

التبلد والجمود العاطفي

تحقيقات22-8-2021 | 23:10

دينا ممدوح

كثيرا ما يمر الإنسان بصدمات قوية، تجعله يشعر أنه غير موجود أو أنه في عالم آخر مُعزل عما حوله، لا يشعر بوجود شيء حوله، وكثيرًا ما يتطور الأمر ليصبح الإنسان أنه غير قادر على التعبير عما بداخله، ويعيش بوجه خالٍ من أي تعبيرات، مع أنه يشعر وكأن بُركان بِداخله، ولكنه في الخارج لا يظهر عليه أي تعبيرات تُعبر عن الغضب، وأيضًا إذا كان مسرورا، لا يظهر على وجهه أي تعبيرات تُعبر عن سعادته، فهناك أشخاص يعيشون حولنا بِالفعل مُصابون بِمرض التبلد العاطفي.

الشخص المُصاب بالتبلد العاطفي يُشبه لاعب القُمار

وفي هذا الإطار، قال الدكتور هاشم بحري أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر، إن مخ الإنسان مسئول عن مشاعره، وهذه المشاعر تكون مُتعددة، فهناك مشاعر سعادة وسرور ومشاعر حزن ومشاعر أخرى تُسمى التبلد العاطفي وهذا مِن أسوأ أنواع المشاعر.

وأضاف بحري في تصريح خاص لبوابة  "دار الهلال"، أن الشخص المُصاب بالتبلد العاطفي هو شخص صعب التعامل معه، لأن لديه غموض في مشاعره، وعدم القدرة على التواصل معه، أو حديثه عن أي شيء، وخاصًة أن الشعب المصري شعب عاطفي بطبعه، ويتعامل بِمشاعره وأحاسيسه ويُقدر جدًا المشاعر، فالمجتمع المصري يجد صعوبة في التعامل مع هذا المرض.

وأشار إلى أن الشخص المُصاب بهذا المرض يُشبه لاعب القُمار، في أنه لا يظهر على وجهه أي شيء، فوجهه خالٍ مِن التعبيرات، وغير قادر على التعبير عن أي مشاعر، فهو يمتلك ملامح جامدة خالية من التعبيرات، وليس لديه أي رغبة في التواصل مع الآخرين، وهو شِبه مُنعزِل عن العالم، ويُشبه الشخص المتوفي في عدم ظهور أي تعبيرات على وجهه.

وأكد أن الشخص المُصاب بهذا المرض، قد يمُر بهذه الحالة رغبة في ذلك، ورغبته في الاِنعزال عن الآخرين وعدم التحدُث معهم، أو قد يكون هذا بِسبب مرض نفسي وهو الاِكتئاب، أو قد يكون شخص اِنطوائي بطبعه، وليس لديه رغبة في الاِختلاط بالآخرين.

وأضاف أن مِن أعراض هذا المرض: الحركة القليلة، وفُقدان الشهية، وعدم الرغبة في تناول الطعام، وعدم القدرة على العمل، وأداء وظيفته، وأنه يكون غير مُهتم بنفسه، ولم يتواصل مع أحد بِشكل أو بِآخر، مشيرا إلى أن هذا المرض يُصيب النساء في مُنتصف عُمرهم.

وأشار بحري إلى أن علاج هذا المرض يتمثل في: تغيير روتين الحياة وعمل أشياء جديدة وتغيير نشاط اليوم، والبحث عن علاقات جديدة ومعارف جديدة، والتواصل معهم بِشكل مُستمِر، وأيضًا الحصول على قسط كافٍ مِن النوم والراحة، ومُحاولة البعد عن أي شيء يُسبب التوتر والقلق والاِنزعاج.

اِضطراب ما بعد الصدمة سبب الإصابة بِالخمول العاطفي

ومن جانبه، قال الدكتور وليد هندي اِستشاري الصحة النفسية، إن الخمول العاطفي هو عدم القدرة على التعبير عن المشاعر، والعواطف بِشكل أو بآخر، حتى لا يُمكن التعبير عن العواطف من خلال الكتابة، ومهما أثاره الشخص الذي أمامه لا يرد عليه أبدًا، وأنه غير قادر على التعبير بأي شكل مِن الأشكال، وأن مهارات التعبير لديه تكاد تكون مُنعدمة تمامًا.

وأضاف هندي في تصريح خاص لبوابة "دار الهلال"، أن الخمول العاطفي مُنفصِل تمامًا عن اللامُبالاة، ويجب ألا نخلِط بينهما، وأن الشخص المُصاب باللامُبالاة هو شخص فارغ العواطف، فهو في الأساس لا يوجد لديه عاطفة، لكي يُعبِر عنها، أما الشخص الذي لديه خمول عاطفي هو شخص لديه عواطف ومشاعر ولكن غير قادر على التعبير عنها، بأي شكل مِن الأشكال.

وأكد أن أسباب هذا المرض النفسي هي مرور الشخص بِمرحلة اِكتئاب حادة، تجعله مُنعزِلا عن الأشخاص حوله ولا يتفاعل معها، وأن تناول العقاقير والأدوية بِكثرة خاصًة أدوية الاِكتئاب تجعل الشخص مُتجمِد عاطفيًا، وأن هُناك دراسة أكدت أن هناك نِسبة تتراوح بين 46% إلى 71% من الذين يتناولون أدوية اِكتئاب يُصابون بالخمول العاطفي، وأن تعرض الشخص للاِضطراب ما بعد الصدمة وهو مرض يتم إصابة الإنسان به نتيجة تعرضه لصدمة قوية مِثل: وفاة أحد الوالدين، أو وفاة أحد الأبناء، أو الفشل في الدراسة أو الشغل أو الفشل العاطفي  فكل هذه الأمور تجعل الشخص لديه خمول عاطفي.

وأضاف سبب آخر وهو أنه إذا كان الشخص يتعاطى المُخدرات؛ ففي هذه الحالة يُصاب الشخص بِالبلادة الحسية، وهو عدم تأثره بالأشياء حوله مِثل: عدم تأثره بأي مُصيبة تحدث له في حياته، وأنه يكون مُنفصِل عن الواقع، وأن مرض اِضطراب تبدُد الشخصية سبب في الإصابة بالمرض، وهو أن الشخص يعيش حالة مِن الغربة وغير واعي للواقع الذي يعيش فيه، ويشعر وكأنه في حلم وليس في أرض الواقع، وكأنه شخص في سينما مُتفرج فقط ولا يتفاعل مع الأحداث حوله، وقد يكون سبب هذا المرض هو أن الشخص يكون مُنعزلا واِنطوائيا بطبعه، وخاصًة إذ كان مُصابا بِمرض التوحد فهذه هى أكثر فِئة مُعرضة للإصابة بِهذا المرض.

وأشار إلى أن أعراض هذا المرض تتمثل في فُقدان الشهية، وعدم تناول الطعام في كثير من الأوقات، وإذ أكل فإن أكله يكون قليل جدًا، فقدانه الإحساس بالموسيقى والمشاعر العاطفية، ويكون عادة هذا الشخص غير قادر على شعوره بالحنين للماضي ولذكرياته، وعادًة ما يكون غير قادر على التعبير عن الحُزن والسعادة والبكاء والضحك، فقدان التركيز تمامُا ويسأل عن الأشياء وقد تكون هذه الأشياء التي يسأل عليها معه وفي يده.

وأضاف أن هؤلاء الأشخاص لابد أن يتم عرضهم على أطباء نفسيين مُتخصصين، ويتم علاجهم على أعلى مستوى، وأن يتم تغيير نمط حياتهم التقليدي، وجعلهم يقومون بأنشطة جديدة، وخلق مواقف جديدة لكي يتأثرون  بِها، مشيرا إلى أن فترة علاجهم تتراوح بين ثلاث إلى ستة أشهر، وأن أكثر فِئة مُصابة بِه هى الأشخاص المُتقدمين في العمر، وأن النساء يُمكِن أن تُصاب به في سن من 35 إلى 45 وأن الرجال يصابون بِهذا المرض في عمر الأربعين وما فوق.